الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الهوية الثقافية للدولة

نجاة تميم

2024 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


"ظلت الهوية (الثقافية) – الوطنية محسوسة لفترة طويلة ولكنها ليست قابلة للتحديد"، جاك لوغوف.

عنوان مركب من عدة مفاهيم؛ هي في الحقيقة مفاهيم مترابطة ومثيرة للجدل. كُتب الكثير عنها من منطلقات فكرية مختلفة ومتعددة. في هذه المقالة، سنحاول معرفة ماهية الهوية ومقاربتها بالهوية الاجتماعية - الثقافية وهوية الأمة - الدولة.
فكيف يا ترى تحدد الهوية الثقافية للأمة والدولة؟ وما العلاقة بينهما وهل يمكن حصر الهوية الثقافية /للدولة في هوية ثقافية واحدة أم هي متعددة؟ وهل بالإمكان تحديد الهوية الثقافية - الوطنية للدولة؟
قبل التطرق إلى موضوع الهوية الثقافية، فهل نحن نعاني، حقا، من أزمة هوياتية؟ ومشغولون فردا وجماعة، بمن أنا؟ من نحن؟ ومن الآخر؟
يعترف دافيد هيوم بأن مسألة الهوية الفردية تشكل متاهة. فبحسبه، الـ"أنا" ليست حقيقة مستقلة، بل هي نتيجة لتنظيم العالم الاجتماعي (1). إذا فالهوية تنشأ من الاعتراف المتبادل بالذات وبالآخر ومن خلال عميلة صراع يتم فيه تكوين التفاعلات الفردية والممارسات الاجتماعية الموضوعية والذاتية. وبهذا يجب أن نعتبر هويتنا كسيرورة، كما نفعل ذلك مع الزمن. لأن الهوية ليست جوهرا بقدر ما هي استمرارية للتغيرات.

الهويات الثقافية - الاجتماعية

إننا لا نستطيع ذكر مصطلح الثقافة دون ربطه بالهوية. فالفرنسي اليساري إدغار موران (1921-) يتفق مع جيل دولوز وبيير فليكس غتاري في كتابيهما، عن الهوية، الموسوم "الجذمور" (1976Rhizome)، على أن لكل فرد هوية واحدة ومتعددة.
وبحسب دينس كوش، أن مفهومي "ثقافة" وهوية ثقافية" مترابطان إلى حد كبير. وذلك لأن الثقافة يمكنها أن تكون من دون وعي هوياتي، ويمكن أن تخضع إلى حد كبير لصيرورات لا واعية. أما الهوية فتحيل إلى معيار انتماء واع، مبني على تناقضات رمزية (2). ويضيف أن مسألة الهوية الثقافية تحيل منطقيا أولا على مسألة أكثر اتساعا وهي مسألة الهوية الاجتماعية.
ولأن هناك مجموعات اجتماعية متعددة، هناك أيضا أنواع من الهويات الاجتماعية، قد تكون ذات طابع اجتماعي كالاختلاف الطبقي، أو فزيائي- بيولوجي كالاختلاف الجنسي (المظهر الجسدي أو التفضيل الجنسي) أو ذات طابع ثقافي (اللغة، والدين والتاريخ) أو الاختلاف الإثني(3).
إن الهوية الاجتماعية لا يمكن ببساطة اعتبارها، بديهيا، إيجابية. فالشعور بالانتماء مهم جدا، وتقدم الهوية الاجتماعية إجابة لسؤال "من أنا؟ ومن نحن؟". قد يكون لهذه الهوية الاجتماعية جانب مظلم؛ لأن الإجابة عن هذا السؤال تكون ضمن الحدود التي رسمتها الجماعة. وقد تُبنى هذه الهوية في كثير من الأحيان على حساب الآخر، وربما على إقصائه.
تتطور هذه الهويات الاجتماعية في سياق العلاقات والهياكل الاجتماعية، وقد تتغذى على النمطية المعكوسة بين المجموعات أو على العلاقات المتوترة بين المهيمن والمهيمن عليه، وأيضا من خلال تداخل المجموعات أو الاحتكاك بالآخر. كما أن الهوية يمكن أن تبُنى "إيجابيا أو سلبيا"(4).
لكن يا ترى إلى مدى تتداخل الهويات الاجتماعية وما هي الجوانب المظلمة لظاهرة الهوية الاجتماعية؟
نلاحظ أن في بلد واحد هناك أنواع مختلفة ومتعددة من الحدود الاجتماعية التي تتداخل المجموعات داخلها. فالحدود بين الرجال والنساء تتقاطع مع تلك الموجودة بين الأبيض والأسود أو مع تلك الموجودة بين الطبقات الاجتماعية العليا والدنيا(5). فيمكن للمرء أن يكون عضوا في عدة مجموعات اجتماعية في الوقت نفسه. وتكون بذلك له هويات اجتماعية متعددة. على سبيل المثال، سيدة سوداء، مسلمة، أمازيغية، مغربية، افريقية، نسوية، حقوقية، لاعبة تنس... إلى غير ذلك من الانتماءات والهويات الاجتماعية التي يمكنها ترتيب أولوياتها والإمكانات التي يتم تنشيطها أو لا يتم تنشيطها، وذلك حسب الزمان والمكان والقناعات. وهذا أيضا يعتمد على السياق الثقافي والوضع الاجتماعي.
إن تجربة الهوية الشخصية لا تعد دائما تجربة إيجابية، لأنها ترتبط بما هو ذاتي وأيضا بالوسط الاجتماعي والسياسي وبثقافة الطبقة المهيمنة. فأحيانا المجموعات المهيمن عليها تتبنى النظرة السلبية التي تكونها عنهم الطبقة المهيمنة. ونرى ذلك، على سبيل المثال، عند النساء التقليديات اللواتي ينظرن إلى أنفسهن على أنهن ضعيفات أو النظرة الدونية التي تشعر بها مجموعات من السود. وبذلك يتبنون، بدون وعي، نظرة الآخر السلبية عنهم. وهذا يحدث أيضا عندما نقارن أنفسنا بالغرب، فنقع في فخ المشاعر الجياشة والنزوع إلى الدفاع عن أنفسنا. لكن مع هذا، فامتلاك هويات مختلفة في الوقت نفسه يطرح مشاكل أقل مما قد يعتقده المرء.


الثقافة - الحضارة

إن أصل كلمة الثقافة من الكلمة اللاتينية culture ، التي بدورها تنحدر من كلمة Colere وتعني عند الرومان الاشتغال بالأرض؛ الزراعة. وقد استعمل سيسيرو Cicero عام 45 قبل الميلاد هذا المصطلح culture، في "مناقشة توسولكوم"، وذلك ليشرح لطلابه بأن الفلسفة هي التي تتعامل مع العقل؛"Cultura Animi, filosofia est". وأصبح الآن هذا المصطلح مفهوما يملك أكثر من169 تأويلا وتعريفا، جمعه، عام 1952، الأنثروبولوجيان ألفريد كروبير وكليد كلوكهون وتوصلا إلى التعريف التالي: " الثقافة هي كل ما يتم تدريسه أو نقله في مجتمع معين والطريقة التي يتم بها تنفيذ هذا التعلم والنقل"(6).
ولأن أساس كلا من مفهومي الثقافة والهوية غير ثابت وفي تغيير مستمر، ولا يوجد شكل أو نمط واحد ونهائي لهما، فإنهما يلعبان دورا مهما في عملية التطور والمثاقفة في العالم الاجتماعي. وهذا يعني، على حد تعبير كوش، "أنهما كائنات حية، تولد وتنمو وتتطور، تُبنى ويعادُ بناؤها باستمرار داخل التبادلات الاجتماعية(7).
وعندما يقصد بيير بورديو معالجة الثقافة في معناها الانثروبولوجي الثقافي، فإنه يلجأ إلى مفهوم آخر؛ الهابتوس. وهو انساق من الاستعدادات المستدامة والقابلة للنقل، وقابلة، مسبقا، للاشتغال بوصفها بُنى مبنية، أي باعتبارها مبادئ مولدة ومنظمة لممارسات وتمثلات يمكن لها، موضوعيا، أن تتأقلم مع هدفها، من دون افتراض رؤية واعية للغايات والتحكم الصريح في العمليات الضرورية من أجل بلوغها(8).
يقول كوش أن الثقافات لا توجد بمعزل عن العلاقات الاجتماعية. ولأن هذه العلاقات غير متساوية فإن تراتبا فعليا سينتج من هذا التراتب الاجتماعي(9.( ويصنفها بثقافات شعبية، وثقافات جماهيرية وثقافات الطبقة والثقافة العمالية والثقافة البرجوازية. وقبل كل الثقافات، هناك بحسب إرنست رينان، ثقافة إنسانية(10). أما ماركس، الذي انتقد مثالية فلسفة هيغل، خلال إقامته بباريس عام 1843، والتي تعتبر ان الثقافة (مثل الأفكار) هي العامل الرئيس في حياة أي مجتمع، دون تطرقه للعوامل السياسية والاقتصادية، أما ماركس فقد ذكر أن "المجتمع هو الذي ينتج الثقافة وليست الثقافة هي المسؤولة عن إنتاج المجتمع"(11).

في سياق القرن الثامن عشر، ظهر أيضا مصطلح ينافس مصطلح الثقافة وهو كلمة "حضارة"؛ مشتقة من اللاتينية civis ، و تعني مواطن، أما كلمة civilis فتعني ما يخص المواطن. وكلمة حضارة تشير إلى المجتمع المديني وأصبحت تعني الموقف والسلوك المناسبين تجاه المواطن(12). ويفضل يوهان هُيْزِنخا Huizinga، الأنثروبولوجي الهولندي ومؤسس التاريخ الثقافي باللغة الهولندية وتاريخ العقلية، الحديث عن الثقافة باعتبارها حضارة تربط بين التفكير والتأمل والخبرة والعمل. وبالحضارة نعني المدنية الإنسانية والتي تشمل كل ما نشير إليه اليوم بالثقافة، ولا سيما السياسة والمواطنة والسعي المرتبط بالسلوك المنظم والمشاركة السياسية والأخلاق الحميدة التي يمكن أن يتوقعها المواطنون من بعضهم البعض. والغرض من الحضارة بهذا المعنى هو: "التطور الأخلاقي والفكري للإنسان"(13).
إلى ستينيات القرن الماضي، كانت الكلمتان "ثقافة" و"حضارة" تُستخدم، أحيانا، من دون تمييز(14). لكن هناك أيضا تفسير آخر يقول أن الثقافة تخص التطور الفردي اما الحضارة فتشمل التطور الجماعي. وأحد مفاهيم الثقافة هو اعتبارها مكونة من أربعة عناصر "تنتقل من جيل إلى آخر بالتعلم وهي القيم، والقواعد - المعايير، والمؤسسات والمصنوعات اليدوية"(15). ويمكن لمفهوم الثقافة أن يستوعب مفهوم الحضارة وذلك لأن الثقافة هي أيضا "تصميم نمط الحياة"، بحسب الأنثروبولوجي الهولندي تنيكاJ.Tennekes . كما أن التفكير الفلسفي في ثقافتنا ليس مجرد نشاط نظري، ولكنه يهدف إلى رسم سياسة عامة تجاه المستقبل. فالثقافة دينامية، يشارك الافراد، كل على طريقته، في دينامية تغييرها. ويعني هذا الانعكاس الفلسفي للثقافة أننا منخرطون في "استراتيجية الثقافة" أو كما يقول أستاذ فلسفة السياسة الهولندي هِنك وولدين Henk Woldring أن "الثقافة أسلوب حياة المجتمع"(16). وبحسب تعبير الباحث الاقتصادي صالح ياسر، فإن "الأيديولوجيا لا تكمن في الأفكار فحسب، بل تتسع لتشمل العادات والتقاليد، (نمط الحياة) لتشكيلة ما، تجسد ممارسات التشكيلة الاجتماعية"(17). أما كوش فيستشهد، بقول جورج باستيد، بأن لا وجود لثقافات نقية، وثقافات خليط. فكل الثقافات وبفعل ظاهرة التفاعل الثقافي الكوني، هي ثقافات مزيج بدرجات متباينة تصنعها الاستمراريات والتقاطعات [...] وما يؤكد عليه باستيد أن استمرارية ثقافية معينة غالبا ما تخضع للإيديولوجيا أكثر مما تخضع للواقع(18). وهذا يذكرنا بما جاء في " بيان الحزب الشيوعي" الذي أكد على أن الأفكار والآراء السائدة في عهد من العهود لم تكن سوى أفكار الطبقة السائدة"(19)؛ طبقة مهيمنة تستخدم السلطة السياسية لفرض أيديولوجية (دغمائية) معينة، من خلال أجهزة الدولة ومؤسساتها، وذلك بهدف إخضاع المجتمع لسيطرتها وإعادة انتاج ايديولوجياتها المسيطرة.
وبحسب إرنست غيلنر، يجب الحفاظ على الثقافة كثقافة. وليس باعتبارها ناقلة لمعتقد ولو بطريقة خفية. كما يمكن للمجتمع أن يعيد ثقافته الخاصة بشكل مباشر وليس من خلال الوسط الغامض للدين، على حد قول دوركايم(20).

الأمة - الدولة

ساهم عصر التنوير في بروز مفهوم جديد وذلك منذ تأسيس مبدأ حق الأمم في تقرير مصيرها. وبرزت القومية السلافية والقومية العربية والقومية الإفريقية (21) ومن ثم ارتبطت كلمة "أمة" برغبة الشعوب في تنمية هويتها الخاصة وانجاز الاستقلال التام. وعندما أصبحت فكرة الجنسية شائعة جدا في القرنين التاسع عشر والعشرين، طالبت الشعوب بمكانتها من خلال حروب التحرير وذلك لتأسيس الدولة الحديثة المستقلة.
وصف إرنست رينان الأمة على أنها مجموعة أفراد يجمعهم الماضي والمصالح المشتركة. ووصفها أيضا فولتير "بجماعة تجمعهم مصالح".
ونعرف الاختلاف بين النظرية الفرنسية الكونية لتكوين الأمة، من خلال مفهوم الثقافة، culture الذي يعتمد قواعد كونية، تولي أهمية كبيرة لقيمة وكرامة الإنسان وتؤمن بمساواة البشر وحقوقه، وبين النظرية الألمانية المحلية Kultur التي تقوم على المفهوم الجرماني المستند على مفاهيم الإثنية واللغة والذي يحيل على تحديد التباينات القومية والعمل على تثبيتها.
تعمقت دراسة التاريخ لجذور الأمة. وحدث هذا منذ عام 1830 في دولة بلجيكا الفتية، وفي اليونان خلال حرب التحرير في 1821-1829 ضد الإمبراطورية العثمانية، وظهور الدولة الإيطالية الموحدة، ودول حررت نفسها من الحكم النمساوي وعملية توحيد الأراضي الألمانية ودول أخرى غيرها. وبدأ البحث التاريخي المكثف في كل مكان من أجل تحديد ملامح هوية الأمة من خلال الكشف عن جذورها في الماضي والحصول على جواب لسؤال من نحن؟ وتميز القرن التاسع عشر بولادة فكرة الأمة - الدولة و بعدها بظهور الفكرة القومية، التي ركزت على الأسس التاريخية لتوجه الشعوب نحو الاستقلال(22). وفي البداية، تأسست القومية لوضع حدود سياسية تحمل هوية ثقافية جماعية. أما حاليا فاليمين المتطرف يقابل الأمة - الدولة بمفهوم الدولة - الأمة ، المتجانسة ثقافيا والمبنية على الإقصاء(23). وتصبح بذلك بدل الأمة "باني الدولة"، على حد قول فالح عبد الجبار، تصير الدولة "حامل الأمة"(24).
لقد أسس القوميون مثل بول دي لاغارد(25) وأدولف هتلر تعريفاتهم للأمة من خلال علم الأحياء وجادلوا بأن الدول الموجودة في كيانات في العالم كانت موجودة منذ زمن سحيق. كان لاغارد، الذي عاش فترة توحيد ألمانيا، في نهاية القرن التاسع عشر، يعتبر أن فترة حكم بسمارك فترة انحطاط ثقافي بسبب التحديث والليبرالية. كما أنه كان مؤمنا بمؤامرة اليهود الذين أتوا بأفكار التنوير حول الديمقراطية والاشتراكية، بحسب قوله. أما آخرون فقد رأوا أن أساس الأمة يكمن في ثقافة تقليدية لم تتغير أبدًا. وهذه النظريات وغيرها كانت مبررًا للنزعة القومية العدوانية في أوروبا في أوائل القرن العشرين، والتي هُزم ممثلوها بسقوط النازية والفاشية في عام 1945.
ونتيجة التحديث والليبرالية، اقترح غيلنر، وهو منظر مهم للقومية، أنه ينبغي النظر إلى الإسلاموية الحديثة (الإسلام السياسي) بنفس منظور تأثير التحديث السريع والأزمة الهوياتية الذي تأسست من خلاله، كرد فعل، القومية. فالإسلامويون مثلهم مثل القوميين يتظاهرون بالالتزام بالقواعد الديمقراطية ولكن لديهم ميول غير "ليبرالية" (بمعنى غير ديموقراطية ومعادية للحرية الفردية) محتملة بسبب رغبتهم في الوحدة والهيمنة على المجتمع(26).
أما مفهوم الدولة، بحسب تعريف ماكس فيبر الشهير، فهي ذلك الجسم داخل المجتمع الذي يحتكر القوة المشروعة، ولا يجوز استعمال العنف إلا من خلال السلطة السياسية المركزية؛ فهي هيئة ذي قوة خاصة. وهذه الهيئة أو الهيئات هي الدولة. لكن، بحسب غيلنر، هناك مؤسسات لا تحتكر الاستخدام القانوني للقوة في المنطقة التي تتواجد فيها. فمثلا الدولة العراقية، التي كانت تحت الانتداب البريطاني، كانت تتسامح مع النهب الذي يحدث بين القبائل، وكان اللصوص يقدمون تقاريرا بأمانة إلى أقرب مركز شرطة قبل وبعد عملية النهب، مع سجل بيروقراطي أنيق للضحايا والغنائم(27). مع ذلك فمبدأ فيبر الأساسي يبدو منطقيا. الدولة هي تطور مذهل للغاية للتقسيم الاجتماعي للعمل؛ ومن وظائفها التركيز على تطبيق القانون.
ووفقا للمفهوم الماركسي، فإن الدولة هي أيضا نتاج الحياة الاجتماعية، تظهر فقط في مرحلة لاحقة من التطور الاجتماعي. وغالبا ما تظهر من خلال صراع مع مجموعات أخرى. ولا تحافظ على بقائها إلا بعد أن تؤدي التنمية الاقتصادية إلى المزيد من تقسيم العمل و اكتساب الملكية الخاصة دورا هاما في الحياة الاجتماعية(28).
لقد كان ينظر، منذ هيغل، إلى الدولة القومية أو بما يسميه الآن اليمين المتطرف الدولة - الأمة، باعتبارها الحل الاسمى لتحقيق السيادة والحرية والتنمية، حتى في النظم الشمولية. أما "ماركس فقد بنى نظريته في التحرر الإنساني على فرضية تلاشي الدولةْ الحتمي أو اضمحلالها أو إحلال إدارة الأشياء محل إدارة البشر (السياسة)، أي مجتمع يقود شؤونه وينظمها بنفسه(29)، ويقترح فالح عبد الجبار أنه بالإمكان أن نستخدم مصطلح "تشكيل الدولة" للدلالة على ضم الجماعات الإثنية والدينية والثقافية المختلفة في دولة موحدة عبر مؤسسات تتيح المشاركة السياسية والاقتصادية والثقافية للشرائح والطبقات على قاعدة تمثيل حر مفتوح (30).

الهوية الوطنية – الثقافية للدولة

الهوية الثقافية أو "الهوية الوطنية" كما يسميها فرانسيس فوكوياما في كتابه الموسوم "الهوية"، هي في الواقع بناء تاريخي. وقد يُرمز لها بأدوات رمزية كالعلم والنشيد الوطني وتتجسد أيضا في الإجراءات الإدارية والحدود المادية وكل أنواع الفنون. ويقول رينان في مقالته الموسومة "ما هي الأمة؟" التي ألقاها في السوربون عام 1882، إذا حددنا هويتنا الوطنية اعتمادا على ما هي عليه أو على ما يجب أن تكون عليه، فهي بالتأكيد بناء وليس وهما(31 (. وفي هذا المجال، تقول نتالي هاينك أيضا، أن الهوية ليست حقيقة موضوعية، لكنها ليست مجرد وهم (32).
هل يمكننا، فعلا، التعبير عن هوية ثقافية لأمة أو دولة. فالفاعلون الاجتماعيون والأمة والدولة هي مفاهيم تتعلق بظواهر مختلفة. يمكن للدولة أن تشمل أشخاصا ينتمون إلى شعوب مختلفة. يمكن أيضا لشعب أن يعيش في دول متعددة. والهوية الثقافية هي التي تشكل شخصيتهم الثقافية و تساهم في التعرف عليهم. والشعب هو جماعة اجتماعية ثقافية يدرك أعضاؤها أنهم ينتمون إليها. وقد يوجد هذا الشعب في سياق سياسي، ولكن يمكن أن يتشتت في دول مختلفة. وإذا كان لهذا الشعب وعي سياسي في ما يخص هويته ويريد تكوين وحدته السياسية الخاصة، فإننا يمكن ان نتحدث عن وعي تشكيل أمة. والأمة، وفقا للغة الكلاسيكية، هي جماعة من الشعوب نمت إلى حد كبير وكونت وحدة في عملية تاريخية، بأخلاقها وعاداتها ولغتها الخاصة ووعيها السياسي. والأمة هي حالة معينة من العلاقات بين الثقافي والسياسي. وهذا ما حدث بعد الثورة الفرنسية؛ إذ ظهرت صورة موجزة للأمة. إذ بنيت بفرض اللغة الفرنسية كلغة رسيمة للبلد. لكن الأمة ليست مجرد كيان ما قبل سياسي تم إنشاؤه تاريخيا، بل هو مجتمع ديمقراطي من المواطنين بهوية سياسية. وعلى حد قول هابرماس، لا توجد هوية الأمة في القواسم المشتركة الإثنية والثقافية، ولكن في تسلق جبال الديمقراطية والمشاركة والتواصل. أما رينان، الذي قال قبل قرن، أن وجود الأمة هو "استفتاء يومي" وجوهر الأمم أن يتقاسموا أشياء كثيرة وينسون أشياء أخرى.
وفي النقاشات السياسية، فإن الهوية غالبا هي الهوية الوطنية، وقد تشير إلى روح الدولة القومية وحضارتها. لكن هاينك تطرح أن الهوية الوطنية ليست سوى واحدة من عدة هويات يمكن من خلالها تصور هويتنا ( تماما كما ترتبط كلمة "قيمة" تلقائيا بالأخلاق، في حين أنها ليست سوى جانب واحد منها). وتضيف أن من المستحيل أن نعتبر قضية الهوية الوطنية يسارا أو يمينا؛ فالعامل المحدد هو السياق الذي يغذي القضية، وفوق كل شيء المجموعة المرجعية التي ستكون على المحك وتكون هويتها في خطر(33). لكننا نلاحظ أيضا أن الدولة الحديثة تنزع إلى أحادية الهوية الثقافية. فنجدها تصدر بطاقات الهوية الوطنية تفرض هوية على حاملها؛ ففي تركيا مثلا، فإن البهائيين واليزيديين وبعض المجموعات المسيحية كالبروتستانت غير معترف بهم رسميا. وتصنف الدولة التركية الأفراد المنتمين لهذه المجموعات على أنهم مسلمون وتثبتها بذلك على بطاقات الهوية الوطنية (34).
تشير الهوية الثقافية، أيضا، إلى تحديد أو الشعور بالانتماء إلى مجموعة معينة. لكن الهوية، بحسب قول كوش هي ليس معطى وإنما هي مُبنى. وفي هذه الحالة، يمكن لوسائل بناء هذه الهوية الثقافية أن تساهم في السيطرة على أفراد المجتمع. وهذا ما انتقده أدورنو وهوركهايمر (مدرسة فرانكفورت)، بعد عودتهما من المهجر (أمريكا) إلى ألمانيا. فمن وجهة نظرهما، فإن وسائل الإعلام الجماهيرية التي تمولها الأنظمة الدكتاتورية وحتى الأنظمة التي تبدو ديمقراطية (أمريكا) هي وسائل هيمنة اجتماعية، تجعل الافراد ينساقون وراءها(35).
وبما أن الهوية الثقافية - الوطنية معقدة ومتعددة الأبعاد؛ يشرح رينان العناصر الهوياتية الممكنة لتكوين الأمة. فيبدأ بالإثنية الموحدة. ويعطي أمثلة عن شعوب فرنسا وألمانيا وإيطاليا والجزر البريطانية التي كانت خليطا من دماء متعددة، لكنها، مع هذا، استطاعت أن تبني أمما حديثة. ويضيف أن نجعل السياسة ترتكز على التحليل "العرقي" فإننا سنبنيها على وهم؛ لسبب بسيط هو في الحقيقة، لا يوجد عرق خالص، كما لا توجد تراتبية عرقية بحسب المفكر الألماني يوهان غوتفريد فون هردر (1744-1803)، مؤسس القومية الإثنية الأوروبية؛ وذلك لأن كل البشر من عرق واحد وربما من أصول إثنية مختلفة(36). أما العنصر الثاني المحتمل لتكوين الهوية الثقافية للدولة، فهو اللغة. لكن في الولايات المتحدة وبريطانيا يتحدثون نفس اللغة لكنهم لا يكونون أمة. وكذلك حال اللغة الاسبانية في أمريكا اللاتينية واسبانيا. أما الدين، كعنصر ثالث، فلا يستطيع أن يوفر أساسا كافيا لتأسيس الجنسية الحديثة. ففي دول عديدة، هناك تعدد الديانات والمذاهب. أما المصالح فهي أيضا مهمة جدا لتكوين علاقات قوية بين الناس. لكن هل تكفي لخلق أمة وهوية ثقافية. وهناك أيضا العامل الجغرافي وبما نسميه الحدود الطبيعية التي هي بالطبع تلعب دورا مهما في تقسيم الأمم وكعنصر تاريخي أساسي. وبحسب رينان، ليست الأرض أكثر أهمية من الإثنية في صنع أمة، فلإنسان هو كل شيء في تكوين هذا الشيء المقدس الذي يسمى شعبا. الأمة مبدأ روحي، يشكله عنصران، أحدهما في الماضي والثاني في الحاضر؛ الأول يحيل إلى حيازة مشتركة لإرث غني من الذكريات والآخر هو الموافقة الحالية والرغبة في العيش معا والإرادة لمواصلة تحقيق الميراث التي تلقيناه معا(37).
ففي كندا مثلا، يتحدثون عن "أمة واحدة، لغتان وثقافات متعددة". لكن السؤال؛ هل القوميون الفرنكفوريون يقبلون بذلك؟ يبدو، بالأحرى، أن كندا دولة تتكون من أمم، ولغتين وثقافات متعددة. يقول العالم السياسي بيير مانيت، أن معظم الديمقراطيات كان لها إحساس متطور بالهوية الوطنية التي حددت سيادتها. لكن هذه الدول لم تظهر للوجود ديموقراطيا، كفرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا. لقد أُسست بعد نضال سياسي طويل وعنيف من أجل الأرض والثقافة في ظل أنظمة غير ديمقراطية. لكن عندما فتحوا السياسة على الخيار الديمقراطي لم يجادلوا حول السكان الأصليين أو الحاليين. وتشكلت فيما بعد دول وفدراليات التي يسميها جان- جاك شُفَليي الدولة – الأمة.
إن الهوية الوطنية يمكن أن تبنى على أسس سياسية ليبرالية ديمقراطية (بمفهوم الحرية، حقوق سياسية وعدالة اجتماعية) وعلى الخبرات المشتركة التي من خلالها يمكن للمجتمعات أن تزدهر. ولأننا نعلم أن الشعور بالهوية الوطنية أمر حاسم للحفاظ على نظام سياسي حديث، يجب أن تتوفر، بحسب فوكوياما، ست عناصر؛ أولا، الأمن المادي. فالشعور بالهوية الوطنية السلبية الضعيفة، سيدفع إلى تفكك الدولة وإلى حروب أهلية. ثانيا، يؤكد على أهمية قيادة حكيمة ونزيهة وانخفاض الفساد الإداري والمالي؛ عادة يُحوِّل السياسيون البيروقراطيون الموارد العامة إلى مجموعتهم الإثنية أو منطقتهم أو عشيرتهم أو أسرتهم أو حزبهم السياسي. فهم يفضلون مصلحتهم الخاصة على المصلحة العامة. وثالثا، أهمية التنمية الاقتصادية في بلورة الهوية الوطنية. فمثال على ذلك، الهويات الوطنية القوية في اليابان وكوريا الجنوبية التي أنجبت نخبا، انصب اهتمامها على التنمية الاقتصادية، في تلك البلدان، أكثر من تركيزها على الثراء الذاتي. والعنصر الرابع يكمن في تعزيز واسع للثقة. وتعمل هذه الأخيرة على تسهيل التبادل الاقتصادي والمشاركة السياسية. وهذه الثقة ترتكز على رأس المال الاجتماعي، الذي أكد عليه رينان أيضا في تكوين الأمة. أما العنصر الخامس، فيتجلى في الحفاظ على شبكة أمان اجتماعية قوية تساهم في العدالة الاجتماعية وتقلص الفوارق الطبقية. وأخيرا يمكن للهوية الوطنية-الثقافية أن تجعل الديمقراطية الليبرالية ممكنة التطبيق. وهذه الديمقراطية الليبرالية تكمن في إبرام عقد بين المواطن والسلطة وبين المواطنين أنفسهم(38). نظريا، لا غبار على هذه الشروط لبناء هوية ثقافية وطنية للدولة، لكن ما نلاحظه ان هذه الليبرالية التي مهدت الطريق للتطور الديمقراطي، لم تأخذ في الحسبان الحقوق الأخرى غير السياسية؛ الاجتماعية والاقتصادية(39). وجعلت الفرد يتحمل تبعات فشله في تأمين حياته. كما أنها لم تؤمن عدالة اجتماعية التي تشدد النظرية الماركسية على أن المواطنة أي المساواة السياسية، لا تكتمل إلا بالمساواة الاجتماعية، أي المساواة في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
وبما أن للعملة وجهان؛ فإن مصطلح الهوية الوطنية أخذ، أيضا، سمة سلبية وذلك لأنه اقترن بإحساس تضامني إثني (وطائفي)، الذي عرف بالإثنية القومية. وهذا ما نلاحظه أيضا في الدولة الطائفية. ففي هذا الشكل من الهوية يتم إقصاء من لا ينتمي إلى هذه المجموعة. والمشكلة لا تكمن في الهوية الوطنية في حد ذاتها ولكن الطريقة العنيفة، القائمة على التعصب وعدم تقبل الآخر من خلال تهميشه أو إقصائه.
لا شك أن الهوية الثقافية للدولة تساهم في الشعور بالانتماء وتخلق صماما آمنا سليما داخل العالم الاجتماعي. ومفهوم الهوية له بُعد أيديولوجي أكثر منه علمي. ونرى أن نيكولا ساركوزي استخدم هذه الثيمة، في عام 2007، الهوية الوطنية – الثقافية (المبنية على اللغة الفرنسية منذ الثورة الفرنسية)، وجعلها موضوعا بارزا في حملته الانتخابية. كما أنشأ لاحقا وزارة الهوية الوطنية. وفي عام 1981، قام نقاد سينمائيون فرنسيون بتشكيل "لجنة الهوية الوطنية" وذلك للتصدي للتأثير الثقافي الأمريكي؛ فيما يخص صناعة السينما وتأثير اللغة الإنجليزية المتزايد. وسبقهم أيضا الحزب الاشتراكي الفرنسي عندما أدرج ثيمة الهوية الوطنية (الثقافية) في سبعينيات القرن الماضي.
لكن ماذا عن ثقافة الدولة؟ يقول هُيْزِنخا، أننا منذ الحرب العالمية الأولى، نرى عملية جارية في العالم وهي "غرق الثقافة" في السياسة، بحسب تعبيره، والتي يتم من خلالها اعتبار الثقافة، مسبقا، وعن وعي أسمى من الثقافة السياسية. وهكذا فإننا بالكاد يمكننا أن نرى الثقافة كعظمة مثالية منفصلة عن ارتباطها بدولة معينة. كما أن مفهوم الثقافة كفكرة، بحد ذاتها، تتغير بشكل لاإرادي بالنسبة لنا، متجلية في مفهوم الدولة للثقافة. فعندما توسع الدولة نطاق نشاطها أكثر فأكثر، وتلتف بذلك وبشكل متزايد حول الثقافة، من خلال امتلاك الصلاحيات واستغلال القوى الثقافية لمصالحها، فإن الرجحان السياسي على الثقافة يمكن أن يشكل خسارة وخطرا على الإنسانية. آنذاك، بحسب بيير بورديو، تصبح الهوية الثقافية للدولة هي "ثقافة الطبقة المهيمنة". والسؤال المطروح، هل يمكن للسياسي أن يحل محل الحكمة والتصرف النبيل؛ المبدأ التوجيهي الوحيد للثقافة الذي يرتقي بالمجتمع إلى الأفضل(40).
وختاما، اثمن وصف بول فاليري للإنسان (الأوروبي) كون هويته الثقافية لا تحدد بإثنية أو لغة أو تقاليد وإنما تحدد بالرغبات وسعة الإرادة، وأضم صوتي لخلاصة كوش، بأن لا وجود لهوية ثقافية (للدولة) في ذاتها، قابلة للتعريف بصفة نهائية(41)، وأنها معركة أبدية، مليئة بالصراع، ولن تحصل على إجماع، بحسب لوغوف(42).
وذلك لأن الهوية الثقافية هي بناء اجتماعي مستمر، ورأسمال اجتماعي، تقوم عليه فكرة وطنية، بحسب رينان، ومقتنعة كذلك بإمكانية الدولة أن تكون حيادية في معاملتها للمواطنين على قدم المساواة فيما يتعلق بهويتهم والطريقة التي يعبرون بها عنها.
نشر في مجلة الثقافة الجديدة، أيلول 2023، العدد 439.
المصادر:
1- Franck Salaün, Hume et l’identité personnelle, Paris, PUF, 2003, p.83.
2- دنيس كوش، مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2007، ص148.
-3Joost Tinnekes, Identiteit: een sociaal -wetenschappelijke beschouwing, In “De mens die je bent”, kampen, Kok Agora, 1995, pp.37-47.
4- Ibidem.
5- Ibidem.
6- Jos van Remudt, Inleiding Identiteit en burgerschap, Amsterdam, Boom, 2018, p.19.
7 - كوش، ص.154
8- Pierre Bourdieu, Le sens pratique, Paris, Minuit, 1980, p.88.
9- كوش، ص 120.
10- Ernst Renan, Discours et conférences de l’Académie française et de l’Académie des in-script-ions et Belles-lettres, Paris, Calmann Lévy- Ëditeur, 1887, p.301.
11- ديفيد إنغليز وجون هيوسن، مدخل إلى سوسيولوجيا الثقافة، ترجمة لما نصير، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013، ص39.
12- H. E.S. Woldring, Cultuur en nationalisme in de spiegel van de vreemdeling, In “De mens die je bent over identiteit”, Kok Agora, Kampen, 1995, pp.49-77.
13- Johan Huizinga, Geschonden wereld. Een beschouwing over de kansen op herstel van onze beschaving. Haarlem, H.D. Tjeenk Willink. 1945, p.7-26, p.74-76.
14 -كوش، ص 43.
15- Techno-science.net

16- H.E.S. Woldring, p. 50-51.
17- صالح ياسر، الدولة، السلطة، الطبقات الاجتماعية، بغداد، بيت الكتاب السومري، 2019، ص 47.
18- كوش، ص. 115.
19- ماركس، انجلز، بيان الحزب الشيوعي، موسكو، دار التقدم، 1974، ص 65. نقلا عن صالح ياسر، ص47.
-20 Ernst Gellner, Naties en nationalisme, Amsterdam, Wereldbibliotheek, 1994, p.181.
21-Mario Albertini, L’Idée de la nation, in Institut international de philosophie politique, annales de philosophie politique, nr. 8, Université de Paris,1969, p.5.
22 -Harry van den Eerenbeemt, Geschiedenis en identiteitsbesef, lokaal, regionaal, nationaal en Europees niveau, In “Cultuur en Identiteit”, Tilburg, Tilburg University Press, 1995, p. 39.
-23Thierry Baudet, De Aanval op de Natiestaat, Amsterdam, Prometheus, 2016. أنظر كتاب تييري بودي زعيم حزب المنتدى الديمقراطي المتطرف، الموسوم "الهجوم على الأمة-الدولة".
24- فالح عبد الجبار، دولة الخلافة. التقدم إلى الماضي ("داعش" والمجتمع المحلي في العراق)، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017، ص 39.
-25 Francis Fukuyama, Identiteit, Waardigheid, Ressentiment en Identiteitspolitiek, Amsterdam / Antwerpen, Atlas contact, 2018, p. 89.
26- Ibid., p.96.
27- Ibid., p.12.
28-Valkhoff, J., De marxistische opvattingen over recht en staat, Nijmegen, Socialistische uitgeverij, 1976, p. 3.
2929- ياسر، ص 13.
30- عبد الجبار، ص37.
31- Ernest Renan, op. cit., pp.277-310.
32- Nathalie Heinich, Wat onze identiteit niet is, Amsterdam, Prometheus, 2020, p.14.
33- Ibid,. p.31.
34 -عبد الله أحمد النعيم، الإسلام وعلمانية الدولة، القاهرة، دار ميريت، 2010، ص274.
-35 إنغليز وهيرسون، ص67.
36- Colette Guillaumine, L’idéologie raciste: Genèse et langage actuel, La Haye, Mouton, 1972, p.2.
37- Ernst Renan, op. cit., p.277-310.
38- Fukuyama, op. cit., pp.161-178.
39 -عبد الإله بلقزيز، في الماركسية، مراجعات أولية، في: النهضة (مجلة فكرية)، العدد 27، شتاء-ربيع، 2019، ص62.
40- J. Huizinga, op.cit., p.104.
41- كوش، ص 170.
42 -https://cutt.us/oJMvL NRC Handelblad صحيفة هولندية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تنمية الانتماء الوطني هو الهوية الثقافية للدولة
د. لبيب سلطان ( 2024 / 3 / 7 - 11:22 )
تحية وشكر للاستاذة نجاة تميم على هذه المقالة الغنية الثرية لمفاهيم هامة لمحتمعاتنا التي اصبحت قضية الهوية الوطنية ضحية للهويات الجانبية ( العرق والدين والطائفة والعشيرة وحتى المحافظة والمحلة) وهذه نتيجة بلاشك لغياب دور الدولة في تنمية الانتماء الوطني والثقافة المشتركة وعدا غيابها اليوم بالامس القريب كان بسبب ادلجة الدولة مثلا ان كل العراقيين بعثيين ...اي صبغ المجتمع بلون واحد ليصبح ثقافته وهويته الزائفة للهيمنة السياسية ..ومنه يأتي امران اولهما ان الدولة هي غير السلطة والحكومة ..الدولة تكون محايدة تجاه عقائد مواطنيها اولا وثانيا ان تتكون من مؤسسات وطنية فوق السلطة لتراقبها وتشرف عليها ..وهذا مانجده في بنية الدول الناجحة المعاصرة اليوم.الدولة لا تخضع لعقيدة معينة ولاتنحاز على حساب اخرى بل اساسا لاعقيدة لها الا الوطنية ومساواة المواطنين وتنمية المشترك الثقافي الوطني بتنوعه ( بمعنى مايجمع كل ثقافات المجتمع في ثقافة عامة كون ان وطنهم هو بيتهم لهم جميعا ) ....ان فصل الدولة عن العقائد السياسية هو كفصل الدولة عن الدين في دعوة العلمانية الكلاسيكية ويمكن دعوتها العلمانية المعاصرة
الشكر مجددا

اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو