الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة لينين (الجزء الثامن والأخير)

مرتضى العبيدي

2024 / 3 / 7
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


سنواته الأخيرة

على الرغم من أن أكتوبر 1922 كان التاريخ الذي تم فيه تحرير أراضي الجمهورية السوفيتية الناشئة من وجود الجيوش الغازية، إلا أنه في أوائل عام 1920 أظهر توزيع القوات في المجال العسكري أن الدولة السوفيتية قد فازت بالنصر. وفي 8 فيفري من نفس العام، كتب لينين في صحيفة "برافدا" السطور التالية: "لقد أنهينا بنجاح الحرب الدموية التي فرضها علينا المستغلون. في عامين تعلمنا الفوز وفزنا. الآن سنبدأ حربًا أخرى، ليست حربًا دموية، بل حربا ضد الجوع، ضد البرد، والمرض، والبؤس، والفوضى، والظلامية... لقد عرف العمال والفلاحون كيف يخلقون، بدون رأسماليين، الجيش الأحمر وهزم المستغلين. وسيعرفون أيضًا كيفية إنشاء جيش أحمر للعمل وتحقيق السعادة مرة أخرى من خلال استعادة الزراعة والصناعة. »(1)
لقد تأثر اقتصاد البلاد بشكل رهيب خلال الحرب وتزايد السخط خاصة بين الفلاحين الذين رأوا أن كل ما انتظروه من الثورة لم يتحقق. فخلال سنوات التدخل العسكري الأجنبي، كان على الدولة أن تضع سياسات صارمة لضمان التزوّد بالمنتجات، ونظام الحصص الذي تضمن الاستيلاء على كل فائض الإنتاج من الفلاحين لتلبية الاحتياجات الدفاعية للبلاد، وهو ما قبلوه. لكن بمجرد انتهاء الحرب، لم يعد هناك سبب لمواصلة هذه السياسة (المعروفة بشيوعية الحرب) التي، كما قال لينين، كانت تمسّ بمصالح الفلاحين.
فالوضع الجديد يتطلب توجّها جديدًا، لذلك قرر مؤتمر الحزب العاشر (مارس 1921) الانتقال إلى السياسة الاقتصادية الجديدة (NEP). «كانت شيوعية الحرب عبارة عن محاولة للهجوم المباشر على قوة العناصر الرأسمالية في المدينة والريف. وفي هذا الهجوم، كان الحزب قد تقدم بعيداً جداً، معرضاً نفسه لخطر فقدان الاتصال بقاعدته الشعبية. ثم اقترح لينين إجراء تراجع طفيف، والانسحاب مؤقتًا للاقتراب من المؤخرة، والتحول من القتال عبر الهجوم المستمر إلى طريقة تطويق القلعة، لتجميع القوات ثم تجديد الهجوم. (2). في نوفمبر 1922، تم تقييم. السنوات الخمس من وجود السلطة السوفييتية، فأعرب لينين عن قناعته بأن «روسيا الاشتراكية ستخرج من روسيا التي تنفذ السياسة الاقتصادية الجديدة».
أدى العمل المكثف وعواقب الهجوم المسلح في عام 1918 إلى تدهور صحة رئيس دولة العمال والفلاحين الناشئة. ففي ديسمبر 1920، في اجتماع للكتلة البلشفية للمؤتمر الثامن للسوفييتات، اعترف لينين علنًا لأول مرة بأنه مريض. بعد شهر من الراحة القسرية في غوركي، عاد إلى موسكو. شارك في المؤتمر العاشر للحزب والمؤتمر الثالث للأممية الشيوعية (جويلية /يوليو 1921). وفي الأيام الأولى من شهر ديسمبر من نفس العام، اضطر إلى أخذ استراحة جديدة، حيث شعر "بالتعب الشديد"، لكنه عاد إلى موسكو لحضور اجتماع اللجنة المركزية للحزب وتقديم تقريره إلى المؤتمر التاسع للسوفييتات.
وبعد إجراء عملية جراحية لإزالة الرصاصة التي استقرت في كتفه في مايو 1922، أمره الأطباء بالتوقف عن العمل والراحة، فانتقل مجددا الى غوركي. وبعد يومين من وصوله، أصيب بنوبة شلل دماغي أثرت على ساقه اليمنى وذراعه اليمنى. وبحلول شهر أكتوبر، شعر بأنه في حالة جيدة بما يكفي للعودة إلى العمل، وعاد مرة أخرى إلى موسكو. هناك، تجاهل لينين أوامر الأطباء بعدم العمل أكثر من خمس ساعات في اليوم. وفي 31 أكتوبر 1922، ظهر علنًا لأول مرة وألقى خطابًا في جلسة اللجنة التنفيذية للسوفييت. وفي 13 نوفمبر، خلال المؤتمر الرابع للأممية الشيوعية، قام بتقييم السنوات الخمس للثورة الروسية ووصف آفاق الثورة العالمية القادمة. وكان آخر ظهور علني له في 19 نوفمبر، في الجلسة العامة لمجلس سوفييت موسكو.
في مارس 1923، تعرض لينين لهجوم ثانٍ أثر عليه بشكل خطير. فتم نقله مرة أخرى إلى غوركي، حيث عاش لمدة ثمانية أشهر أخرى، حتى وفاته، ضحية هجوم ثالث عند الغسق في 21 جانفي/ يناير 1924. وقد وصف جيرار والتر في كتابه حول سيرة لينين مراسم توديع القائد العظيم للثورة البروليتارية العالمية كما يلي:
"تم عرض جثته، التي تم نقلها إلى موسكو في الثالث والعشرين، في القاعة الكبيرة بمجلس النقابات. وقد أقيمت منصة في المنتصف، وكانت الجدران مغطاة بأعلام حمراء، وحجاب طويل أحمر وأسود يغطي الأعمدة البيضاء الجميلة ". تم لف المصابيح المضاءة بشعارات، ووضع التابوت، المكشوف، على المنصة يحيط به حرس الشرف. بدأ موكب الناس، الذين يأتون بشكل جماعي في صفوف من أربعة، يدخل الرجال والنساء والأطفال إلى القاعة، يدورون حول التابوت ويغادرون، رؤوسهم منحنيه في صمت. يمر الرجال المسنين والموكب لا ينتهي أبدا، ومن كل مكان يأتي الفقراء والبسطاء الذين ينتظرون ساعات في الخارج، أقدامهم في الثلج دورهم للدخول.
واستمر الموكب ثلاثة أيام. وفي يوم 26، حوالي الساعة 11 مساءً، صدر الأمر باحتواء النهر البشري الذي كان من المستحيل التنبؤ بنهايته. وعند منتصف الليل، تفتح أبواب القاعة الكبرى مرة أخرى، ويدخل مؤتمر السوفييتات، المنعقد منذ 18 جانفي/يناير والذي أقام للتو مراسم الجنازة، برئاسة اللجنة المركزية للحزب. كان هناك 2000 شخص، أتوا من جميع أنحاء روسيا، ممثلون لجميع مقاطعاتها، وجميع مدنها الكبيرة والصغيرة. إن الجمهورية السوفييتية بأكملها هي التي تنحني أمام رفات مؤسسها.
في اليوم التالي، في الساعة التاسعة صباحا، تم نقل التابوت إلى الساحة الحمراء. في الساعة الرابعة بعد الظهر سمعنا عواء صفارات الإنذار البطيء في جميع مصانع موسكو. على أصوات المدافع والمسيرة الجنائزية، هكذا دخل لينين مثواه الأخير، حيث سيراقب، برأسه المتجه إلى الأبد نحو السماء، العالم الجديد الذي خلقته إرادته".
الهوامش
(1) جيرار والتر لينين (السيرة الذاتية)
(2) تاريخ الحزب الشيوعي البلشفي لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. الصفحة 370








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد