الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقالة دونالد رامسفيلد: نهاية مجرم حرب

خالد الفيشاوي

2006 / 12 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


من المفارقات أن استقالة دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي جاءت في نفس الأسبوع الذي صدر فيه حكم الإعدام علي صدام حسين!!
شاءت الأقدار أن يصعد الرجلان معا، يدعمان بعضهما البعض، ويتواجهان، ويرحلان معا من المسرح.
حكم بالإعدام علي صدام علي جرائمه في مذبحة الأنفال التي وقعت قبل أكثر من عام، من أول لقاء له في بغداد مع رامسفيلد في ديسمبر1983.
كانت زيارة رامسفيلد المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط آنذاك، الخطوة الأولي للإدارة الأمريكية لتوطيد العلاقات، واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين، بعد أقل من عام من زيارة رامسفيلد الأولي، ولقائه مع الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين . بعدها مباشرة حصلت أمريكا علي معلومات استخباراتية عن إيران من العراق، وحصلت العراق علي صفقات مواد غذائية أمريكية قيمتها 2 بليون دولار، وطلب رامسفيلد من وزارة الخارجية عدم انتقاد صدام حسين في تقاريرها عن حقوق الإنسان، واتهامه بإدارة دولة بوليسية في العراق، وباعت الإدارة الأمريكية لبغداد 45 طائرة هليوكوبتر عام 1984، زعموا أنها للاستخدامات المدنية، لكن صدام استخدمها في إلقاء الغازات السامة علي الأكراد عام .1988
الضحية.. رامسفيلد
وشاءت الأقدار أن يتواجه الرجلان في الحرب الأمريكية علي العراق، والتي انتهت باحتلاله والقبض علي صدام ومحاكمته، الذي اعتبرته الإدارة الأمريكية، ورامسفيلد بشكل خاص أنه انتصار كبير له.. ولكن بعد أقل من اسبوع من الحكم بإعدام صدام، وفور الإعلان عن هزيمة الجمهوريين (التاريخية) في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، راح رامسفيلد ضحية الفشل الأمريكي في العراق.
وضحي بوش بوزير دفاعه، وحمله مسئولية الفشل في العراق وأفغانستان، أملا في امتصاص الغضب الشعبي داخل أمريكا، والحصول علي دعم الديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي، للمضي قدما في حرب أكثر شراسة ودموية ضد العراقيين.
فور إعلان نتائج الانتخابات، عقد الرئيس بوش مؤتمرا صحفيا في البيت الأبيض، قال فيه : "اعترف أن كثيرا ًمن الأمريكيين صوتوا بالأمس معربين عن عدم ارتياحهم للتعثر في العراق " ..
علي الدرب
وفي مراسم قبول استقالة رامسفيلد وإحلال روبرت جيتس المدير السابق للمخابرات المركزية الأمريكية محله، لم يدع "بوش" مجالا للشك في إمكانية إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق، فأكد استمرار السياسة الأمريكية علي حالها، وأن أمريكا "ستستمر في الحرب" .
وأكد "جيتس" نفس الكلمات : أمريكا تحارب في العراق وأفغانستان.. وتحارب الإرهاب في كل مكان في العالم.
وامتدحه "بوش»، قائلا : إنه يدرك التحديات التي نواجهها في أفغانستان، ونجح في عصر ريجان، وقت أن كان نائبا لمدير المخابرات الأمريكية، في طرد القوات السوفيتية من أفغانستان".
هذا المدح من جانب بوش، إشارة إلي العلاقات الحميمية لجيتس والمخابرات المركزية الأمريكية مع أسامة بن لادن ونظام طالبان وجماعة القاعدة، خلال الحرب ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وفي دعم الإرهابيين الذين قاموا فيما بعد بهجمات 11 سبتمبر.
في الإطار نفسه، ارتبط تاريخ جيتس بعملية (إيران- كونترا) في الثمانينيات، التي تم بمقتضاها بيع أسلحة أمريكية لإيران سرا، ذهبت أموالها لتمويل الحرب ضد الكونترا في نيكاراجوا. كما ارتبط اسمه بالعمليات السرية في منتصف الثمانينيات لمد النظام العراقي بأسلحة لدعم حربه ضد إيران.
الديمقراطيون يتوعدون
إذا كانت نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس جاءت لصالح الديمقراطيين، إلا أنها لا تعني سوي رفض غالبية الشعب الأمريكي لسياسات الجمهوريين وإدارة بوش، والرفض الكاسح للحرب في العراق. لكن هذا الرفض لن يغير بعد من سياسة الحزب الديمقراطي، الذي دعم غزو العراق وأيد كل الاحتياجات المالية لتغطية نفقات الحرب، التي تبلغ 2 بليون دولار أسبوعيا، وأيد كل القوانين المقيدة للحريات التي ابتدعتها إدارة بوش.
وحتي لا يتصور الأمريكيون أن الاحتلال علي وشك الانتهاء، وأن الجيش الأمريكي في العراق يستعد للرحيل، خرجت المتحدثة الرسمية القادمة باسم الديمقراطيين في الكونجرس نانسي ببلوسي لتؤكد "أن الديمقراطيين سوف يواصلون الشراكة مع إدارة بوش والجمهوريين في الكونجرس".
وأكد السيناتور جون ماكين، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2008، أن تعيين "جيتس" فرصة مواتية لتغيير الأوضاع في العراق، تمكن من تعاون أكبر بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لتحقيق انتصار مشترك في العراق، وتوفير القوات الأمريكية اللازمة لهزيمة المتمردين وفرض الاستقرار في العراق".
كما رحب الديمقراطيون بإحلال "جيتس" محل رامسفيلد وأعلن قادتهم البارزون أنها خطوة في الاتجاه الصحيح. وتعهدوا بالتعاون مع البيت الأبيض لتحقيق النصر في العراق.
الكارثة المقبلة للديمقراطيين
التعاون الديمقراطي - الجمهوري (لتحقيق النصر في العراق) لا يعني سوي المزيد من المذابح والدمار، حيث ينتمي روبرت جيتس وزير الدفاع الجديد، لمجموعة عمل مشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري برئاسة وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر، تتولي دراسة الأوضاع في العراق وتقديم السياسات اللازم اتباعها، وأعلنت هذه المجموعة مرارا عن رفضها الإدعاءات الأمريكية برعاية الديمقراطية في العراق، وتفضيلها إقامة ديكتاتورية عسكرية في العراق.
وهو الخيار الذي أشارت الصحافة الأمريكية مؤخرا، عن أنه قد أصبح مفضلا لدي الإدارة الأمريكية، التي قد تسعي للإطاحة بالحكومة العراقية الراهنة عبر انقلاب عسكري بقيادة شخصية دموية يقال إن رئيس الوزراء المؤقت السابق إياد علاوي هو الأنسب للقيام بذلك.
علي أية حال ، قرأ الديمقراطيون نتائج الانتخابات النصفية خطأ، واعتبروا أن الشعب الأمريكي فوضهم في التصرف بشأن العراق، ولم يدركوا أنها لا تعني سوي الرفض الكاسح للحرب في العراق، ولكن الديمقراطيين سيفضلون التواطؤ مع الجمهوريين من أجل المزيد من الكوارث الدموية في العراق، وأيضا في أفغانستان، التي تتعثر فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها بنفس القدر.
وفي النهاية، إذا كان قدر رامسفيلد ارتبط بصعود وأفول صدام حسين، فأي مصير سيواجه جيتس الذي ارتبط صعوده برعاية بن لادن وطالبان في أفغانستان، وأيضا بالإطاحة بالرئيس أورتيجا في نيكاراجوا ،والذي عاد مؤخرا للرئاسة مرة أخري؟!


15 نوفمبر 2006.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأمريكي يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح


.. طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول




.. سيفا الأمير عبد القادر المسروقان يعرقلان المصالحة بين الجزائ


.. صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تشعر بالإحباط الشديد إزاء وقف واشطن




.. مظاهرة مرتقبة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي بمدينة ما