الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسويةٌ حتى القضاء على التمييز ضد النساء

إلزا ساسين

2024 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها


كل دول الشرق الأوسط و دول شمال أفريقيا الناطقة بالعربية ، سجلت تحفظها على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، المعروفة اختصارا باسم سيداو (cedaw) ، وذلك بناء على أن الاتفاقية تتعارض في عدة بنود منها مع أحكام الشريعة الإسلامية . على أنها جميعا تحفظت على المادة 16المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية وضمان تساوي المرأة و الرجل في الحقوق والمسؤوليات ؛ بما في ذلك الحق في الدخول في الزواج وفي اختيار الزوج ، وفي المساواة في الحقوق والمسؤوليات اثناء الزواج وعند فسخه ، والمساواة في الحقوق والمسؤوليات كوالدين في ما يخص الأطفال ، مع عدم قانونية خطبة وزواج الأطفال . فمنها من تحفظت على كل المادة ، ومنها من تحفظت عليها جزئيا ؛ ما دفع اللجنة الأممية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ، إلى إصدار بيان أكدت فيه على أن المادة 16 أساسية في ما يتعلق بالاتفاقية وغرضها ، و لا يمكن للمارسات التقليدية أو الدينية أو الثقافية أن تبرر خرق الاتفاقية ، و أنّ اللجنة مقتنعة بأن التحفظات على المادة 16 ، سواء تم إبداؤها لأسباب وطنية أم تقليدية أم دينية أم ثقافية ، لا تتماشى مع الاتفاقية ، ولذا فهي غير مسموح بها ويجب مراجعتها وتعديلها أو سحبها .

وفي بيانها علقت اللجنة على التحفظات بقولها : « لاحظت اللجنة بانزعاج كثرة الدول التي تحفظت على المادة 16 كلها أو جزء منها ، ولا سيما عند قيامها أيضا بالتحفظ على المادة 2 ، مدعية أنّ الامتثال يمكن أن يتعارض مع رؤية عامة للأسرة تنبني ضمن جملة أمور على المعتقدات الثقافية أو الدينية ...
وينبغي للدول الاطراف ان تنبذ بحزم أية أفكا تدعو إلى عدم مساواة المرأة بالرجل ، وتقرها القوانين أو الشرائع الدينية أو الأعراف وأن تسعى إلى الوصول إلى مرحلة تسحب فيها التخفظات و بخاصة على المادة 16» .
https://www.amnesty.org/ar/wp-content/uploads/sites/9/2021/06/ior510092004ar.pdf

وتستند تحفظات الدول الناطقة بالعربية والدول الإسلامية ، على أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، تدعو في بنودها إلى المساواة التامة بين المرأة والرجل ، بالتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية ، في عدة أمور دينية ، كحق ولاية الرجل و قوامته على المرأة و التعدد في الزواج و رعاية الأطفال ..

و الحق أنه في غياب فصل الدين عن الدولة ، لا يمكن بحال أن تتوافق النسوية ، مع ما قرره الإسلام من أحكام ثابتة غير قابلة للتعديل فيما يخص مكانة المرأة و كرامتها و حقوقها كإنسان .

إن حقوق المرأة تندرج ضمن الإطار العام لمجموعة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، فهي تشمل أنواع الحقوق والحريات الأساسية كافة ، مما لا يمكن أن يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ، و من ذلك على سبيل المثال ، أنه يحق للزوج ، في الشريعة الإسلامية ، إنهاء علاقة الزوجية بإرادته المنفردة ، وله أن يعيد الزوجة المطلقة لعصمته بإرادته المنفردة أيضا ، غيابيا ودون علمها ، وفقا لأحكام الطلاق الرجعى .

و لأن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، تتخذ من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان مرجعيتها الأساس ، فهي تتناقض مع الشريعة الإسلامية ، فيما يتعلق بحقوق المرأة و كرامتها كإنسان ؛ ذلك أن تقرير الحقوق و الكرامة الإنسانية ، في الاتفاقية - كما في كل الاتفاقيات والعهود الدولية ذات الصلة - منعقد بالتساوي للمرأة والرجل ، بما يتناقض تماما مع تقرير حق ضرب الزوج المسلم لزوجته في الشريعة (على سبيل المثال لا الحصر) . و من الثوابت في الشريعة ، أن للرجل ، حصرا دون المرأة ، حق التعدد في الزواج ، و حق فسخ عقد الزواج غيابيا ، و حق الزواج بغير المسلمة .

و لأن النسوية كرؤية نظرية (فلسفية) ، هي فكر يناهض التمييز ضد المرأة على أساس الجنس . و لأنها كحركة تحرر اجتماعي / إنساني ، هي ممارسة نضالية ضد جميع أشكال اضطهاد المرأة ، وصولا إلى رفع الهيمنة الذكورية عن النساء ، مع المساواة التامة (الناجزة) بين المرأة و الرجل ، حقوقيا و اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا وثقافيا ؛ فإنه لا مجال للجمع بين النسوية و التمسك بأحكام الشريعة الإسلامية .

و بصراحة تتطلبها المصداقية ، ففي النسوية نحترم حق المرأة المسلمة في التمسك بعقيدتها ، و نقرّ لها بحقها التام في ممارسة شعائرها الدينية كمسلمة ملتزمة بدينها . لكن بالمقابل ، نتوقع منها احترام حقنا في الاختلاف وحرية الاعتقاد والتعبير ، عندما نذهب إلى القول بأن الجمع بين النسوية و التمسك بالثوابت الإسلامية ، في ما يسمى بالنسوية الإسلامية ، ليس سوى هرطقة و لغو و انتحال للصفة .

إن هدف الحركة النسوية هو خدمة قضية التحرر النسوي ، بمنظور أنه لا تحرر حقيقيا لأي مجتمع ، إلا بتحرر المرأة من أغلالها التاريخية . فإذا تحررت المرأة عقليا و فكريا و ثقافيا .. تحرر المجتمع ، و إلا ظل على تخلفه ، يعيد إنتاج نفسه جيلا بعد جيل . و في النسوية ندرك بوعي تام ، أن المجتمع الذكوري ، يستخدم المرأة في عملية إعادة إنتاج ثقافة التخلف ، استثمارا في دورها التربوي كأم ؛ بعد أن يكون قد صبها في قالب نمطي ، ينتزعها من خصوصيتها ، و يعبئها بثقافته الذكورية التسلطية ، و هي ثقافة دوغمائية منحازة ضد النساء ، تستمد تأثيرها النفسي و الفكري من الموروث الديني ؛ الأمر الذي يستوجب نقدا عقلانيا للفكر الديني ، بتبيان عواره ، و كشف المسكوت عنه من تاريخه الظلامي غير المشرّف ، مثل : سبي النساء و اغتصابهن بحق ملك يمين ، و الاتجار بالجواري بيعا و شراء - كالبهائم - في أسواق النخاسة ، عملا بأحكام الشريعة .

وإنه ليس افتئاتا على الفكر الديني ، عندما نقول بأن أحكام الشريعة الإسلامية ، لا تتفق مع حقوق الإنسان للمرأة ، المقررة للنساء في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، كما في غيرها من الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة . فتلك حقيقة لا سبيل لإنكارها . والخيار هو بين نقيضين ، فإما ثقافة الحياة والحرية والمساواة ، وإما ثقافة العدمية والعبودية وقوامة الرجال على النساء .

وخيارنا هو : نسويةٌ ، حتى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خيارنا:القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
ليندا كبرييل ( 2024 / 3 / 9 - 13:47 )
الأستاذة إلزا ساسين المحترمة
تحية وسلاما

يسعدني هذا الحضور القوي والصوت الجريء
كسبنا قلماً متميّزاً وأرجو لك دوام النجاح
عفواً: هل حضرتك الكاتبة المعلِّقة ( إلسا. س)؟
أرجو أن تكوني هي.. كنت دوما أسأل نفسي أين ذهبت هذه المعلقة القديرة

تفضلي احترامي


2 - أستاذتنا الكاتبة القديرة ليندا كبرييل
إلزا ساسين ( 2024 / 3 / 9 - 14:51 )
أستاذتنا الكاتبة الأديبة ليندا كبرييل المحترمة
سلاما ومحبة

أسعدتني كثيرا كلماتك . أعتز بشهادتك ، وأشكرك على التشجيع والدعم
جوابا على سؤالك : نعم .. وبكل التواضع
أدهشتني ذاكرتك القوية .. ولا عجب ، فدمتِ لنا مبدعة كبيرة متألقة

ومع كل الامتنان لكرم لطفك
تفضلي بقبول فائق تقديري واحترامي


3 - ماراثون النساء انفتاح منحرف يُفقد العفة والشرف1
ليندا كبرييل ( 2024 / 3 / 10 - 15:58 )
محبة للمعلِّقة القديرة إلسا. س
واعتزازا بالأستاذة إلزا ساسين الفاضلة

وأنا أيضا أسعدتني عودتك المتألقة. لا شك أن تعليقاتك البارعة(على قلّتها) تدل على عقل مستنير وشخصية مثقفة وهذا ما ترك أثرا قويا في نفسي لأتذكر اسمك الكريم في كل مراجعة لأرشيف التعليقات
افتقدت حضورك فيما بعد،ثم نسيت الأمر مع تزاحم الأحداث لكن اسمك الكريم ظل عالقا في
ذاكرتي
فيا أهلا ومرحبا بك يا عزيزتي. كنت أريد ذات مرة أن أدعم رأيا تفضلت به في صفحة كاتبة فاضلة، لكني وجدت أني لن آتي بأفضل مما كتبتِه أنت.
التسلّط والظلم والقهر والأذى الذي تتعرض له المرأة الشرقية يجعلني أنفض يدي من مسألة(القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة)
نحن في عصر الفضاء والأكوان البعيدة، اقتحمته المرأة الغربية بكل جدارة، ونحن.. نحن العرب أهل الخيبة والخراب نتبارى في إصدار فتوى تلو الفتوى لتهميش النساء وتذويبهن وإغراقهن في السكوت والإذعان
إليك هذا المقال الذي قرأته قبل يومين في(بي بي سي)
لماذا تُمنع النساء من الجري في العراق؟
https://www.bbc.com/arabic/articles/cpv0wdykgrzo

رجال الدين وزعماء العشائر يطالبون السلطات بإلغاء(ماراثون البصرة)
يتبع لطفا


4 - رقم 13 وهو عدد الكيلومترات في السباق رقم ماسوني!
ليندا كبرييل ( 2024 / 3 / 10 - 16:01 )
واحد خرفان بعيد عنكم قال إن الماراثون قد يؤدي إلى فقدان العفة والشرف
وأخ الخرفان وصف المشاركة النسائية في الماراثون بالانفتاح المنحرِف
وعضو آخر في لجنة الثرثارين المهيِّصين قال إن الرقم 13، وهو عدد الكيلومترات التي يجب على المتسابقين أن يركضوها، هو -رقم ماسوني-
وخبصها المهذار تماما عندما شكك بدوافع النساء للمشاركة في الماراثون
بسبب -خصائص أجسادهن المختلفة عن الرجال
وتحوّل الأمر مع هذه التصريحات إلى التهديد بقتل المشاركات أو التحرش بهن

كان لنا أمل في نضال الإيرانيات فقضوا على بوادر الثورة وسحقوها
كله إلا العفة والشرف فهذا مما لا يرضي الله ورسوله والأنبياء والشيوخ ورجال الدين
ورؤساء القبائل والطوائف والعشائر رضي الله سبحانه وتعالى عنهم أجمعين فكل همّهم شرف المرأة الذي مثل عود الكبريت

تحياتي عزيزتي وآمل أن تتابعي حضورك الجميل
وشكرا


5 - وتظل عشتار هي الأقوى
إلزا ساسين ( 2024 / 3 / 10 - 22:06 )
تحياتي العطرة لأستاذتنا ليندا كبرييل المحترمة

حقا لا أراني آتية بأفضل مما تفضلت به من توصيف للحالة البائسة التي تعيشها مجتمعاتنا موتا ذليلا في حياة دودية مدموغة بختم التأسلم ، انتكاسا بالزمن إلى القرن السابع ؛ حيث المرأة ضلع أعوج ، وعورة ، وناقصة عقل ، وفتنة ، ومقترنة بالنجاسة ، وغير جديرة بالثقة ، وصديقة حميمة للشيطان شخصيا .
والمفارقة الغريبة والمؤسفة ، أن أغلبية النساء - في البلدان الناطقة بالعربية - صرن يتبنين عن جنسهن رؤية ظلامية تنتزعهن من كينونتهن الإنسانية ، إرتكاسا ماضويا إلى أزمنة الحريم وانحطاطا ثقافويا إلى مفهوم إماء الله . جراء الزحف الظلامي التأسلمي المتلفز والمدعوم بالبترودولار .
أدرك جيدا أن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، هو غاية ليست في المتناول .. في المدى المنظور ، حتى في أكثر بلاد العالم تقدما وانفتاحا ؛ لكني أومن بأن النضال النسوي اليوم ، يؤسس لغد أفضل للنساء سيتحقق ذات يوم قادم . وشخصيا أرى أن أنجع علاج هو المواجهة والعلاج بالصدمة ، وأعي حجم التحديات ، وأن الحقوق تنتزع و لا توهب .
فائق الاحترام والاعتزاز .. أستاذتي الفاضلة
وعلى وعد الحرية نلتقي

اخر الافلام

.. بوتين في -عيد النصر-: لن نسمح لأحد بتهديدنا والقوات النووية


.. رحلات إنسانية.. الإمارات تنفذ عمليات إجلاء للأطفال المصابين




.. خيانة و قتل من أجل الحب


.. سموتريتش: يجب أن تستمر الحرب حتى القضاء على حماس بشكل كامل




.. استهداف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحام قباطية