الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرواح الليل

نشوان عزيز عمانوئيل
Nashwan Aziz

2024 / 3 / 9
الادب والفن


أرواح الليل...
الإهداء
إليها..!!
نشوان عزيز عمانوئيل
ستوكهولم
شتاء 2024



أيتها النُسَيمة الرقيقة في دياجير الليل،
كيف عبرتِ أروقة ذكرياتي وأشواقي،
كيف لكِ أن تتواري
دون أن تلامسي النور المتوهج في عمق أوجاعي،
دون أن تتنفسي عبير أحلامي المترعة بالأمل،
أو تراقبي رقص الأمنيات المنسابة على مرآة روحي؟

أيتها الظلال الطارقة في وقت الغسق،
على أبواب وحدتي وحزني،
كيف لكِ أن ترحلي
دون أن تذوقي السحر المغموس بأحلامي،
دون أن تغتسلي في نهر أدمعي الشفاف،
أو تسمعي همس النجوم المنعكس في صدى أفكاري؟

من أين لكِ بمفتاح أبواب الفجر،
حينما غابت عنكِ ألغاز الليل وأقمارها البعيدة،
لم تعانقي الظلال التي رسمتها أنامل الأحلام على جدران روحي،
ولم تسبري غور الأغاني الهائمة في بحر حنيني العميق؟

أيتها الغريبة العابرة لدروبي الضائعة،
لم تذوقي عبق الوجود في خباياي،
ولا همس الليل في وريدي،
لم تتجولي في ممرات قلبي، حيث تسكن الأوهام العذبة.

فكيف إذًا تطلبين مني أن أفسر لكِ معنى
الألوان التي لم ترها عيناكِ في لوحات أحلامي،
أو النغمات التي لم تعزفها أوتار قلبي في سكون الليل،
أو كيف أرشدكِ إلى بحر لم تعكر صفوه الأمنيات المحبوسة في صدري؟

أين كانت نظراتكِ حينما رقصت الأحرف على وقع نبضاتي،
وغفت الألوان في ليل أحلامي المبعثرة؟

أيتها الباحثة عن ضياء في مدن الظلال،
لم تشربي من ينابيع أفراحي الخفية،
ولا تذوقتِ الأسى في كؤوس آهاتي المريرة،
لم تلمسي قسوة الغياب في مواكب سرابي المتعبة.

كيف لكِ أن تري الفجر في عيوني المغلقة،
أو تجدي الدفء في قلب متاهات ذكرياتي الباردة،
أيتها الرفيقة الغائبة في لحظة احتياجي،
كيف لكِ أن تفهمي اللغة التي لم تُولد من صمتي بعد؟

أنتِ لم ترقصي مع الأرواح التي تجوب مسارح أحلامي الخفية،
ولم تستنشقي عبير الأسرار المخبوءة تحت طيات وسادتي.

يا طيفًا يعانق أرواح الليل،
من خلال ستائر آهاتي وترحالي،
متى لكِ أن تستقري
دون أن ترسمي الوجد على جدران قلبي
أو تنثري عطر الذكريات في أرجاء معبدي الخاوي؟

أيتها الأنفاس المتلاشية في هواء الصباح الباكر،
يا من تبحثين عن مأوى في ركن قلبي الدافئ،
كيف لكِ أن تستكيني
دون أن تغوصي في محيط أفكاري الصاخبة،
دون أن تستلهمي روح الحياة من بين ضلوعي،
أو تسافري عبر الأزمان في مكتبة ذكرياتي المترامية؟

أيتها الخيوط الذهبية المنسوجة في نسيج الفجر،
في انتظار أول شعاع شمس يداعب خدر الظلمة،
كيف لكِ أن تنسجي
دون أن تعكسي بريق الأمل على سطح بحيرة وجداني،
دون أن ترتشفي من قدح الصبر مرارة الانتظار،
أو تتأملي في مرآة الزمن أحداثًا تجدد ذاتي؟

من أي مدد تستمدين القوة،
عندما تختبئ خلف سحابة أحزاني العابرة،
لم تشهدي على ولادة الأحاسيس الأولى في فصول حياتي،
ولم تكوني شاهدة على مراسم تجلي الحب في عروقي؟

أيتها السائحة بين غيوم أمنياتي العالية،
لم تعانقي سماء أفراحي،
ولا تحتضني نجوم تطلعاتي في ليالي القلق،
لم تخوضي في بحار الشك، حيث تتحطم أمواج اليقين.

فكيف إذًا تسأليني عن موانئ الأمان التي لم ترسو عليها سفنكِ،
أو الدروب التي لم تطأها أقدامكِ في رحلة بحثكِ،
أو كيف أهديكِ مفاتيح بوابات السرور التي لم تعبريها بعد؟

أين كانت خطواتكِ حينما نسجت القدر خيوطه حول مصائرنا،
وتعانقت الأرواح في عالم الأحلام السرمدي؟

يا من تبحثين عن معنى في ركام الصمت،
لم ترتشفي الندى من أوراق حكاياتي المبللة بالدموع،
ولا تذوقتِ حلاوة اللقاء في محطات فراقي الأبدية،
لم تعانقي الفرح في زمن الأسى الطويل.

كيف لكِ أن تدركي الأشواق في صدري المكتوم،
أو تلمسي النور في غابات ظلماتي الكثيفة،
أيتها النجمة البعيدة في سماء توقي،
كيف لكِ أن تترجمي الصمت الذي تكلم به وجداني الصاخب؟

لم تشاركي القمر تأملاته في ليالي وحدتي المقمرة،
ولم تستمعي إلى أغنيات الريح التي تحفر قصائد الحنين على نوافذ غرفتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب