الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العراق : ما اضيق العيش لولا فسحة الامل
علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات
(Alaaddin Al-dhahir)
2024 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية
مع ان اخبار العراق ليست سارة بل مؤلمة لست من المتشائمين بل ادعو الجميع الى تبادل الافكار حل كيفية الخروج من هذا الوضع الردئ. انا ادرك ان الحل ليس سهلا والتعامل مع عقول يسيطر عليها الدين. تعاملت مثلا مع لبناني يقيم في اوربا ويحمل شهادة دكتوراه فرنسية لكنه في جوهره اصولي إن لم يكن داعشي يمنع حتى زوجته من مصافحة الرجال فما بالك واوضاع الجهل والتجهيل ماضيةٌ على قدمٍ وساق في العراق. ايضا اصبح الولاء العشائري في العراق امر معقد جدا ولا يخلو من مخاطر. دعني اعطي وصفا لبعض من ما اتصوره من ما يمثله هذان من تهديدات لكيان الدولة العراقية.
اعتمد النظام الملكي في العراق على ثلاثة اعمدة للبقاء في السلطة وهي بريطانيا والجيش والعشائر. ما يهمني في هذا النقاش هنا هو العشائر التي سنّ النظام الملكي لها (قانون دعاوى العشائر) واعطاها الحق في حل الصراعات والجرائم العشائرية. عندها اصبح هناك قانونان في العراق لمعالجة الجريمة، قانون للمواطن العراقي وقانون لأبناء العشائر يقوم بتنفيذه شيوخ العشائر وضحيته في الغالب الفلاح المعدم والمقموع اصلا. لذلك تم إلغاء هذا القانون بعد ثورة 14 تموز.
بعد انقلاب 18 تشرين ثاني 1963 اعتمد عبدالسلام عارف على العشيرة لدعم نظام حكمه، ومن المفارقات ان ضباط هذه العشيرة تآمروا مع البعثيين وأسقطوا نظام شقيقه عبدالرحمن الذي تولى السلطة بعد وفاة عبدالسلام في حادث سقوط طائرة.
كان سرا مفتوحا ان نظام احمد حسن البكر وسلفه صدام حسين التكريتي اعتمد على العشيرة والعائلة للبقاء في السلطة رغم ان حزب البعث كان يتولى السلطة رسميا. بدأ صدام التكريتي بالتدريج يعيد للعشائر بعضا من سطوتها خصوصا بعد انتفاضة 1991 كي يجعل منها اذرعا اضافية لأجهزة قمعه الامنية. رحب شيوخ العشائر بهذه السطوة أملا بعودة ما فقدوه بعد ثورة 14 تموز. بعد سقوط نظام صدام التكريتي رسّخت العشائر هذه السطوة سواءً من خلال دعمها للارهاب او محاربتها له وتقلب بعضها بين الموقفين وغالبا ما اعتمد هذا على من الذي يدفع اكثر. بسبب ضعف الحكومة وضعف الجيش قامت القوات الاميركية والحكومة العراقية بتسليح العشائر لمساعدتها في محاربة الارهاب، جهدٌ مشكور بلا شك لكن عواقبه اصبحت اليوم تهدد كيان الدولة العراقية.
اثناء حكومة نوري المالكي، إن لم تخني الذاكرة، تم مناقشة قانون جديد للعشائر في البرلمان العراقي. تصورت خطأً ان قانونا بهذا الشأن على غرار قانون النظام الملكي قد صدر. اشكر السيدة ميسون الدملوجي على تصحيح فكرتي الخاطئة هذه. رغم النقاش البرلماني ذاك فإن هذا القانون لم يصدر. وبغض النظر سواء ان قانونا جديدا للعشائر قد صدر ام لا فإن الممارسات مثل الدكة العشائرية او تعويض مالي لجرائم القتل او تزويج بنت (في العادة قاصرة) من عشيرة القاتل لرجل من عشيرة المقتول تثير الاشمئزاز. ما ذنب هذه الصبية؟ هل يجوز ان تحل جرائم القتل بهذه الطريقة ونحن في منتصف العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين؟ اين الدولة من كل هذا؟ هناك في القانون الحق الخاص والحق العام. اذا تنازل فرد عن الحق الخاص فإن الدولة ملزمة بملاحقة الفاعل ومعاقبته. هذا هو وبكل بساطة الحق العام. الاسوأ ان معارك تندلع بين الفينة والاخرى بين العشائر تُستخدم فيها الاسلحة التي زودتها الحكومة للعشائر يسقط فيها العديد من القتلى لأسباب تافهة مثل صراع على معزة والدولة تبقى متفرجة. هذا يعني تكوّن دويلات داخل الدولة ومخاطر هذا يجب ان لا تخفى على احد.
المصيبة ان العشيرة ليست دولة وليس هناك من تبرير للولاء لها. العشيرة لا تمتلك نظام تعليمي تربوي او تبني المدارس ولا تمتلك نظاما صحيا وتبني المستشفيات ولا تملك اي شئ من مقومات الدولة الحديثة سوى (عائلة شيخ) تنتقل منه رئاسة العشيرة بالوراثة. ولكي نضع هذا الوضع في المنظور اذكر ان القبائل الجرمانية (تسمى ايضا بالبربرية) هاجمت الدولة الرومانية، اي قبل 2000 عام. قبيلة الساكسونيين، احدى هذه القبائل، انتقلت في القرن الخامس والسادس الى انكلترا وإندمجت بسكانها الذين يعرفون الآن بالأنغلوساكسونيين. هل هناك اعتراض إذا وصفت النظام العشائري بأنه يعود للقرن الصفر؟
يجب ان لا يكون لأحد اي مشكلة مع المعتقدات الدينية او غيرها. إذا كانت المعتقدات الدينية قد اقنعت شخصا بأن الغناء (حرام) فهذا شأنه وليستمع الى تجويد القرآن إذا رغب. هذه ليست المشكلة. عندما يمنعك هذا الشخص او النظام الديني من الاستماع الى الاغاني تصبح هناك مشكلة بل مشكلة كبيرة. النظام الديني نظام شمولي لا يختلف عن النظام الشيوعي او نظام صدام حسين التكريتي، نفس النظام الذي عانى منه افراد الاحزاب الدينية التي تمسك الآن بزمام السلطة في العراق. بل اقول ان النظام الديني اخطر من اي نظام شمولي آخر لأنه يدعي انه يستمد سلطة من الله، سلطة لا يمكن التشكيك بها والويل كل الويل لمن يشكك حتى بإدعاءات رجال الدين. النظام الديني خطرٌ لا يمكن الاستهانة به لأنه يفرض عليك معتقداته شئت ام أبيت.
السؤال كيف يمكن الوصول وتنوير العقول لمن يصوتون لهذا الاحزاب الدينية؟ لا اعتقد ان الكراهية او معاداة الدين هو الحل. المهمة الكبرى التي تقع على عاتقنا هي في اقناع العقول ان النظام العلماني الديمقراطي لا يعادي الدين وإن ممارسة الشعائر والطقوس الدينية هي من اسس النظام الديمقراطي بل إن هذا النظام السياسي الحالي افسد الدين ولم يصلح السياسة.
والباب مفتوح للجميع للرد او تصحيح ما كتبته.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات تخلف 17 شهيدا بينهم أطفال
.. الجزيرة تحصل على صور أقمار صناعية تظهر بعض المواقع العسكرية
.. بالشموع.. مظاهرات كوريا الجنوبية تتصاعد مع قرب التصويت على ع
.. لماذا تعد حمص مفتاح السيطرة في سوريا؟
.. المعارضة السورية المسلحة: سيطرنا على آخر قرية على تخوم مدينة