الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضمير اليساري ليهود الجزائر: قصبة العاصمة من بيبي لوموكو إلى قطة الحاخام..

عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر

(Issam Bencheikh)

2024 / 3 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أد/ عصام بن الشيخ

توشّحت غوغل الجزائر يوم 04 مارس بصورة السيدة ماري لويس آيت العمروش المدعوة طاوس عمروش Taos Amrouche (04 مارس 1913 – 02 أفريل 1976) أول روائية جزائرية ولدت في تونس، وشقيقها جان عمروش المذيع الشهير الذي يروي النكت والقصص الخرافية عبر الراديو في أربعينيات القرن الماضي. سأتحدث عن طاوس لكن من زاوية دقيقة، حين تحدثت الدبلوماسية والمؤرخة والباحثة الأنثروبولوجية اليهودية آني Annie Cohen-Solal (المولودة عام 1948 بالجزائر)، المتخصصة في فكر جون بول سارتر وقامت بتدريسه في أكثر من جامعة عبر العالم مثل جامعة باريس أو الجامعة العبرية وجامعة نيويورك. تقول آني كوهين سورال أنّها رفضت في أثناء مكوثها في نيويورك تزييف سرد تاريخي بأنّ مدينة تاوس في ولاية نيومكسيكو والمعروفة بالأبراج، تعود أصولها إلى كلمة تاوس من لغة الهنود الحمر، إذ حاججت سولال كمؤرخة أنثروبولوجية أنّ الأمازيغ اليهود الذين هاجروا إلى الأراضي الأمريكية بعد غزو كريستوف كولومبوس للأراضي الأمريكية، مطلع القرن 16، هو دليل تسمية عدة مدن بالأسماء الجزائرية، مثل تسمية مدينة طاوس المعروفة بصناعة أساور معصم النساء والتي تعرف بها مدينة تاوس بنيومكسيكو(1)، وأصلها تقليد جزائري صرف في صناعة الحليّ والفضّة، وكذلك مدينة بسكرة في تكساس والتي تم تسميتها بهذا الإسم بعد نقل نخيل تمور دقلة نور الجزائرية الفاخرة من بسكرة الجزائرية إلى مدينة بسكرة في تكساس. وكذلك قبيلة البرازل الاباضية التي هاجرت إلى الأندلس وصولا إلى البرازيل. أو مدينة قادر الأمريكية التي سميت على إسم الأمير عبد القادر الجزائري.
يبدو أن غنغرينا الحقبة الاستعمارية الفرنسية للجزائر قد وصلت إلى مرحلة البتر، خاصة وأنّ عددا كبيرا من يهود الجزائر الذين كان عددهم 40 ألفا عام 1962 تم ترحيلهم إلى الأراضي الفرنسية، يعانون هم وأبناؤهم وأحفادهم من فرض اللغة الفرنسية عليهم إلى يومنا هذا، لمحو اللهجة الجزائرية والعادات والتقاليد الراسخة في حياتهم بسبب قسوة اللوئح والقوانين الفرنسية، بداية من النصوص القانونية المعروفة بقانون الأهالي كريميو la loi Crémieux (04 أكتوبر 1870)، يحاجج اليهود البرجوازيون الدين يشيد بهم جاك آتالي أنّهم يفتخرون بالثقافة الجزائرية التي يحملونها، وأنّهم عانوا من الفرنسة الاجبارية التي سعت إلى محو هويتهم تمهيدا لترحيلهم إلى الأراضي الإسرائيلية بعد تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948. تعترف آني كوهين سولال أنّ الرعب كان يتملك يهود فرنسا حين كانت السلطات الاستعمارية تصرّ على محو هويتهم الجزائرية، واعترفت أنّ عمها الفيلسوف الشهير جاك دريدا Jacques Derrida (15 جويلية 1930 – 09 أكتوبر 2004) المولود بالأبيار بالعاصمة الجزائرية، كان يشكر ابنة أخيه على تنظيم لقاءات بين الإطارات اليهودية مواليد الجزائر وقسنطينة ووهران وورقلة وعنابة، إذ تحدثت آن كوهين سوال عن يهود هذه المدن، والذين أصبحوا مؤثرين في الطبقة البرجوازية اليهودية الفرنسية، وأسسوا لوبيينغ مؤثر عالميا، لكنهم فشلوا في وقف النزعة الفرنسية لمسح الهوية العربية والقبايلية الجزائرية من يهود الجزائر. تحدثت آن كوهين سولال عن رفض والدها الحديث عن ما وقع عليهم من تهديد سلطوي فرنسيّ للتغطية على هويتهم الجزائرية، وقالت أن الإشادة بدور جون بول سارتر، هو واجب عليها، لأنّ سارتر هو من استقطب الكتاب الأنجلوساكسون للدفاع عن حق الجزائر في تقرير مصيرها، ويمكن لمثل هذا النهج أن يتكرّر اليوم، بعد الفضيحة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة اليوم.
في الجزائر، كانت قصبة العاصمة تخط صور ملحمة حقيقية خلال الفترة (1945-1954-1962) كما تفعل غزة اليوم، ضدّ أقوى قوة استعمارية في عصرنا، ففي الجزائر كما غزة الآن، تم تجريب استخدام الهيلكوبتر وطائرات النابالم وقنابل الفوسفور لإحراق قرى بأكلمها تحت مسمى "سياسة الأرض المحروقة"، لرفض التافوض مع الجزائريين. لكن المدهش، وهو غضب الجزائريين من الكذب الفرنسي بخصوص نزاهة الانتخابات التشريعية التي أفضت إلى فوز المترشحين من المستوطنين الكولون، فوصف المناضل الراحل حسين آيت أحمد ما وقع بقوله: "عندما انتهت سياسة الجزرة، بدأت العصا"، وهو تماما ما يردّده الشعب الفلسطيني اليوم، بأنّ اتفاق أوسلو للسلام، والذي يدوس عليه رئيس الوزراء العبري بينايمين نتن ياهو بعد 30 عاما تحت مبرّر نجاح مسار افتقاقيات أبراهام للتطبيع، يجبر الشعب الفلسطيني على حمل السلاح، لإنقاذ ما تبقى من عدالة القضية الفلسطينية، بالقتال المسلح.
قام نشطاء في جامعة كمبريدج البارحة بتلويث وتمزيق لوحة للورد بلفور المسؤول عن وعد بلفور عام 1917، لكنهم نسوا أن يمزقوا صورة ترامب الذي تقدم في الذكرى المائة لوعد بلفور، بتقديمه اتفاقات أبراهام للتطبيع 2017. هذا هو تماما ما حدث للجزائريين قبل قرن تقريبا، ففي عام 1930 فقد الشيخ العلامة عبد الرحمان بن سماية عقله، بسبب احياء الفرنسيين الذكرى 100 لاحتلال الجزائر عام 1830.
أشيد برواية كتبها الروائي الجزائري عز الدين ميهوبي، يختمها في الأخير، بقيام ابن بطلة رواية "سيرة الأفعى" وتسمى ريناد، حيث يقوم ابنها بالتبول على قبر اللورد بلفور انتقاما من مسؤوليته التاريخية للمتاجرة بمصير فلسطين المحتلة بعد رحيل الانتداب البريطاني. وقد استبق الأستاذ ميهوبي بالفعل، وعبر سلاح القلم، ما فعله النشطاء البارحة في كمبريدج، والآن سيصبح الباب مفتوحا لكل من يريد الانتقام من بلفور أو ترامب، بكل الرمزيات الممكن استخدامها.
كنت سأكتب مقارنة بين أثر اختطاف البحارة الجزائريين للكاتب الإسباني ميغيل دو سيرفانتيس Miguel de Cervantes (1547 – 1616)، واختطاف الإيطاليين لليون الإفريقي Léon L Africain حسن الوزان (1494 – 1555) من تمبوكتو، واختطاف مافيا العبيد للإمام السنغالي أيوب سليمان ديالو Ayuba Sulaiman Diallo (1701 – 1773) ونقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فوجدت قصص المختطفين بالعشات، تنفجر الواحدة بعد الأخرى، لتكشف أسرار حقبة عصر الاسترقاق والنخاسة، وأثره في انفجار الإبداع الإنسانيّ أنذاك ضدّ عصور الظلام والفكر القروسطيّ. والمسألة معقدة جدا ويصفها البعض بمعركة ضدّ حبال وتدافع مستمر، رافضين استخدمها كصراع حضارات أو ثقافات، لأنها تدخل ضمن مسيرة عجلة التاريخ بكل الأحوال.

قصبة العاصمة الجزائرية... من بيبي لوموكو إلى قطة الحاخام
رغم تنديد الفرنسيين بالحقبة العثمانية في الجزائر، إلاّ انهم استخدموا قصبة الجزائر كعمران عثمانيّ تركيّ لتأسيس تجربتهم السينمائية الهجينة التي تدمج المنظورات الاستشراقية على نفس نهج هوليوود في فيلم لورنس العرب. ففي عام 1937 كان الفرنسيون أسبق في استخدام المدن الجزائرية لتصوير أفلامهم مثل فيلم الفيلم الدرامي بيبي لوموكو Pépé le Moko (بالأبيض والأسود)(2)، والذي يتحدث عن مغامرة المفتش سليمان في التحقيق حول جرائم زعيم المافيا بيبي لوموكو الذي يختبىء في القصبة، ويقع في تجربة خاصة لعلاقة فريدة مع الفتاة غابي، ويصبح إلقاء القبض على لوموكو إلى عمل درامي شهير وكوميديا شيقة، ويمكن ملاحظة تفاصيل القصبة في حلة أبهى مما عليه اليوم، بعدما مرت بسنوات الثورة التحريرية (1954 – 1962) التي يسميها الفرنسيون حرب الجزائر.
من الواضح أنني سأفتح قوسا حول فيلم معركة الجزائر La battaglia di Algeri والذي تم تصويره عام 1966 لتوثيق الحقبة الاستعمارية ضدّ المجاهدين في قصبة الجزائر الذين يخوضون معارك شوارع نموذجية لما يسمى الحرب اللاتماثلية. كتب المجاهد الراحل ياسف سعدي تفاصيل تفجير منزل كان يختبىء فيه المجاهدون الشهداء الثلاثة الطفل عمار ياسف وعلي لابوانت وحسيبة بن بوعلي، وقدمه كرائعة درامية حقيقية لتعرية آلة الاستعمار المسلح الذي قتل قبل سنوات 45 ألف جزائري احتفلوا بنهاية الحرب العالمية الثانية في (08 ماي 1945). ويتكرّر التاريخ اليوم في قطاع غزة الذي استشهد فيها ما يزيد عن 30 ألف شهيد و70 ألف جريح وأزيد من مليوني مهجرّ نازح، في أقل من 150 يوما من اندلاع حرب غزة (أكتوبر 2023) ردا على طوفان الأقصى.
بدأ انقسم الشعب الصهيوني يظهر جليا على إثر أزمة رهائن واقعة طوفان الأقصى (07 أكتوبر 2023) كما ينقسم اليهود الجزائريون من السفرديم الذين طردهم الغسبان من الأندلس عام 1492م نحو الأراضي الجزائرية، واستقبلهم المسلمون الجزائريون بكلّ ودّ. وأنا متأكّد أنّ هذه المسألة ستتعمق مستقبلا وبشكل أكثر جلاء ووضوحا في الأوساط الأكاديمية، تمهيدا لطرحها في وسائل الإعلام. وأنا معجب بكتاب الباحث الفرنسي بيار فيليو Pierre Filiu الذي كتب في ملخص كتابه عن تاريخ غزة، أنّها قطعة الأرض التي ترفضها إسرائيل ومصر، والتي هزمت الإسكندر المقدوني عام 323 قبل الميلاد وهزمت نابليون بونابرت عام 1792م. فتاريخ أنفاق غزة يعود لعدة قرون خلت، ولا يمكن الادعاء بأنّ هاته الأنفاق قد أسستها إيران مثلا، لمجرد البحث عن ذريعة لتوريط غزة في حسابات إقليمية أدت إلى تدخل يمني تاريخي لأنصار الله الحوثي نصرة لغزة، وبدأ تاريخ اليهود يظهر في كلّ مكان من واشنطن إلى غزة إلىى صنعاء وسيفتح ملفاته في كل مكان من أنقرة على طهران إلى كييف... لماذا لا يتمكن اليهود من العيش بسلام وفق سلام الأعراق؟.
سأعود إلى السلسلة الكرتونية قطة الحاخام Le Chat du rabbin، وهي في الأصل سلسلة كتب هزلية كتبها ورسمها جون سفر Joann Sfar (يهودي من أصل جزائري ينحدر من ولاية سطيف)، ولونتها بريجيت فينداكلي Brigitte Findakly (يهودية من أصل عراقي)، يقول صاحبها جون سفر أنه دونها خوفا من اختفاء جيل يهود السفرديم مواليد الجزائر(3)، سلسلسة كرتونية استعرض فيها سفر موهبته الخطيرة التي قول أنه ورثها عن أمه الأوكرانية من أصول أشكينازية، يتخيل فيها قطة تلتهم غرابا فتصبح ثرثارة وتتحدث مع الحاخام وتنبهه وتصحح له المفاهيم، وتدور حلقات الأحداث المختلفة لهذه القصة التي تم تصويرها في كرتون حقق مشاهدات عالمية بعد ترجمته إلى اللغات الإنجليزية والعبرية والاسبانية والعربية، تدور حول حياة يهود الجزائر في القصبة العثمانية، وتتناول مواقف مختلفة تعكس احترافية ودهاء الكاتب.
عندما تحدث مؤلف قصة "قطة الحاخام" التي عرضت قبل 20 عاما في التلفزيونات الأوروبية، برّر هواجسه بأنّ جدته أخبرته سرا بقصص تحمل أسرارا جمّة شكّلت مادة خام لمسلسله، لأنّ والده كان يرفض الحديث عنها، ليشاطر رأي المؤرخة آنا كوهين سولال، التي اتهمت والدها بإغلاق ملف حقبة الجزائر بعنف، حين أمر ألا يفتح أحد تاريخ العائلة في الجزائر، وإلى الأبد. قالت آني هوين سولال أنّها تختلف عن جون سفر الذي لم يزر الجزائر في يوم من الأيام، ودعته إلى زيارة الجزائر كما فعلت هي. ولا يخفي جون سفر المه على الجزائر، كما عبّر عنه مرارا المغني الفرنسي/الإسرائيلي من أصل جزائري، أونريكو ماسيسا Enrico Macias (مواليد عام 1938 في قسنطينة)، والذي طرده وزير الخارجية الجزائري السابق عبد العزيز بلخادم، الذيترأس لجنة جبهة التحرير الوطني لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
في الجزائر، كانت المحامية الراحلة جيزيل حليمي Gisèle Halimi (1917 – 2020) وهي (يهودية جزائرية من مواليد تونس) تدافع عن المجاهدات الجزائريات أمثال زهرة ظريف (أرملة المجاهد رابح بيطاط)، ومريم بوباشا (المجاهدة الشابة التي رسم لها بيكاسو بورتريه عالمي). وضربت جيزيل حليمي مثالا عن يهود الجزائر الذين يرفضون التهجير ويقاومون الاستعمار ويرفضون المنطق الذرائعي لتأسيس دولة الكيان الصهيوني، ولو كانت جيزيل حليمي على قيد الحياة، لانبرت دفاعا عن غزة اليوم، تنديدا بالصمت العربي المخزي.
أنا لا أتحدث عن الموضوع بعاطفة، فلدينا اليوم خلاف حاد بين الرئاسة الجزائرية والفرنسية حول استرجاع الوثائق الجزائرية للحقبة الكولونيالية، خاصة أرشيف الدولة العثمانية المنهوب إلى المكتبة الوطنية الفرنسية ومراكز الأرشيف الفرنسي. فلقد رفع المؤرخ بنجامان ستورا Benjamin Stora (يهودي من مواليد قسنطينة، ولد في 02 ديسمبر 1950)، رفع تقريره للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويوصي فيه بإعادة متعلقات حياة الأمير عبد القادر الجزائري، وكان له كتاب عنوانه "غرغرينا" يدعوا فيه إلى طيّ صفقة الماضي الاستعماري؟. تقدّم ينجامان ستورا بمقترحه وهو يعلم أنّ خصومه من أرمادة المؤرخين الجزائريين يتحضرون جيدا للعبور بمراحل التوبة الكولنيالية من (الاعتراف بجرائم الكولونيالية، الاعتذار عن جرائم الاستعمار، التعويض عن جرائم الاستعمار، التعهد بعدم تكرار حماقات الاحتلال الاستيطاني، ثم التدوين الصحيح لتاريخ الاستعمار). كما يصرّ المؤرخون الجزائريون أمثال محمد قورصو أن يتم فتح ملف التفجيرات النووية الفرنسية لتعويض سطان المنطقة وأسر الضحايا، ردا على عنف السلطات الفرنسية خاصة بعد صدور مرسوم (23 فبراير 2005) حول تمجيد الاستعمار، والذي صدر في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، والذي تطور السكوت عليه، وصولا إلى منع وزير التربية المثلي غابريال عطال، منع العباية في المدارس الفرنسية، استجابة لضغوط اليمين المتطرّف، وكأنه تكرار لحكومة المتطرفين بن غفير وسموتريش في الحكومة الصهيونية الحالية التي يقودها المجرم نتن ياهو.

قضية فلسطين لا تقبل المساومة...
هناك جبهة من اليهود المناصرين لقضية فلسطين ويتظاهرون كل يوم في كل عواصم العالم، خلال 150 يوما من قصف قطاع غزة، ويجب تمكينهم من تأسيس لوبي يساعد صناع القرار على التحرر من ضغط شوفينيات الفاشيين والنازيين الجدد، الذين دعموا المتطرف فلوديمير زيلينسكي للتآمر على روسيا، وفرض 10 آلاف عقوبة ضد موسكو، ولولا ما يحدث الآن من إبادة Génocide وقتل بالتجويع هولودومور Holodomor وتهجير Exedos في قطاع غزة، لما عرفنا حقيقة الفارق الشاسع بين الحصار الجائر والعقوبات على القوى المستضعفة من الجنوب العالمي والشمال المتقدم.
إنّ الشوفينيين العنصريين الصهاينة أمثال جاك أتالي أو برنارد لويس أو برنار هنري ليفي أو توماس فريدمان وجورج سوروس وإيريك زمور وغيرهم، هم يهود رأسماليون يرفضون سردية الضمير اليساري اليهوديّ الحرّ، ويجدون راحة في مطالبة المسلمين بالتحول إلى برجوازية في فرنسا وكلّ الدول الغربية الأخرى مثلما فعل اليهود، وإلا كان مصيرهم الطرد كما حدث عام 1492م حين طرد الصليبيون اليهود ثم المسلمين من الأندلس.
أتذكر جيدا حين كنت أعد جزء من موسوعة (اليسار العربي والدين) 2015، بعنوان: "اليسار الجزائري والدين"، تحت إشراف بوفيسور جيلبير أشقر، أنّني نعيت المناضلة اليهودية ديدار روسانو (وهي يهودية جزائرية من أصول مصرية) ناضلت دفاعا عن الجزائر ضد الكولونيالية الفرنسية، كانت تحب نصوص المناضل الراحل فرانز فانون حول العنف الثوري، والتي علّق عليها جون بول سارتر في حينه، كما كانت واقعة رفض الجنود الجزائريين اطلاق النار على جماعة الزعيم الشيوعي روجيه غارودي أثناء انقلاب الجزائر putsch d Alger (21 أفريل 19691)، في سجن الجلفة، لأنهم عزّل، وتسبّب هذه الواقعة في اعتناق غارودي الإسلام، يبرّر عندي إلى حدّ كبير، قيام الجزائريين بإحراق كتب جون بول سارتر، لما بدأت مقالات سارتر تميل إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني. وهنا كان شعار عدم اكتمال تحرير الجزائر إلا بتحرير فلسطين، حقيقة واقعية في الجزائر آنذاك 1961، كما هو اليوم 2024، حين يقوم اليمنيون بالتضامن مع قطاع غزة، عن طريق قصف سفن الكيان الصهيوني وأعوانه في مضيق باب المندب، انتقاما من تجريع قطاع غزة وتعريضه للقصف والتدمير، دون تفكير.
هناك سر فضحه موقع تاريخي بريطاني يخصّ مسيرة الزعيم الشيوعي الفرنسي المصري هنري كوريال Henri Curiel (1941- 1978) والد الصحفي آلان غريش Alain Gresh مدير موقع أوريان 21 (المحرر السابق في لوموند ديبلوماتيك عربية)، ويتعلق بتفاصيل اغتيال الموساد الصهيوني لهنري كوريال خلال نفس الفترة وبنفس الطريقة التي تم بها اغتيال المناضل الجزائري محمد بودية Mohamed Boudia (1932 – 1973) قبله ب05 سنوات، لكن هنري كوريال كان فارا من الشرطة الفرنسية وعرض نفسه للاعتقال ليدخل سجن باريس ويلتقي زعماء الثورة الجزائرية التي اختطفت في (22 أكتوبر 1956)، ويصبح أحد داعمي الثورة الجزائرية ممن يسمون "حملة الحقائب". كان الجزائريون يحترمون نضال هنري كوريال، الذي أهدى منزله الفخم بالزمالك للدولة الجزائرية، لكن حين دعم حق الكيان الصهيوني في التأسيس، ردّ عليه الجزائريون بفتح سفارة فلسطينية في شارع حسيبة بن بوعلي. لذلك، لا يمكن الاختفاء خلف الستار حول هذا الموضوع لممارسة أيّ ابتزاز كان، فالحقيقة ستظهر في النهاية، ولا يصحّ إلا الصحيح. وما يقوم به المهرولون نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني اليوم، يشبه تماما ما قام سارتر وكوريال وهنري ليفي وماسياس...وغيرهم. لا يمكن للجزائر أن تتقبل تعاطكم مع الشعب الجزائري إذا كنتم تنكرون حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتحرير الأنفس والعقول والأوطان والأبدان التي يبعثرها الصهاينة وأعوانهم بكلّ الطرق الممكنة.



المصادر:
(1)- Les juifs d’Algérie, du décret Crémieux à l’exil Algérie-France—9 avril 2018 (youtube.com), MUCEM-FR, Stable URL:
≤https://www.youtube.com/watch?v=YHlQyvfdF4E≥

(2)- Pépé le Moko - 1937, Stable URL:
≤https://ok.ru/video/837711104522≥

(3)- Le Chat du Rabbin - Bande annonce Finale HD (youtube.com) , Stable URL:
≤https://www.youtube.com/watch?v=nX7I2YLt73w&t=33s≥








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز