الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصمت رضوان إنسانا ومبدعا أزهريا

صبري فوزي أبوحسين

2024 / 3 / 9
الادب والفن


عندما يعيش الباحث مع شخصية مُنتجة غزيرةَ الإنتاج، وشخصية مبدعة متنوعةَ الإبداع، شخصية تنجز كل يوم جديدًا وطريفًا، يقف حائرًا أمامها، ويقف دَهِشًا، منبهرًا، مُجِلاًّ، تجاهها، متسائلاً: من أين أبدأ سرديتي معه؟ أ من إنسانيته؟ أو من شاعريته؟ أو من ثقافته أو من أزهريته؟ من هذا الذي يحضر في عالمنا المثالي فريدًا بارزًا بشخصه وطبعه وموهبته ولسانه وقلمه؟ هل سأظل أتساءل؟ كلا! لابد من الدخول إلى عالمه، قصة حياته التي لم تنته بعدُ، ولن تنتهي في نظري إلا بمزيد إبداع وإبهاج، وحضور وحبور، وتعمير وتثمير، إن شاء الله تعالى، وتتبع خط سير حياته حتى الآن يبشر بذلك ويوحي به ويدل عليه، ففي سيرته الذاتية بقلمه ما يقرر أنه عصمت محمد أحمد رضوان، إنسان مصري سوهاجي أزهري، قارب خمسين عامًا، كلها إنجاز وتميز وفرادة وإبداع، جمع بين عدة فنون ومؤهلات قلما تجتمع في شخص، إنه شاعر، وكاتب، وناقد أدبي، وأستاذ جامعي مصري، وداعية وخطيب. كما أنه إداري ناجح، عمل رئيس قسم الأدب والنقد في كلية اللغة العربية بجرجا سنة 2018 م ، ثم هو الآن وكيل هذه الكلية للدراسات العليا والبحوث، منذ سنة 2019م، وله حضور في منتديات الثقافة بمصرنا؛ فهو عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، وعضو نادي الكتاب بمؤسسة الأهرام الصحفية، وعضو نادي الأدب المركزي بقصر ثقافة سوهاج. فما الذي جعله بهذه الشخصية الحاضرة المتفردة أدبيًّا وثقافيًّا ودعويًّا؟
في قراءة سيرته الحياتية ما يجيب على هذا السؤال؛ فسيرته ناطقة بجملة مُكوِّنات متنوعة بيئيًّا واجتماعيًّا وعقليًّا، فـ(المُكوِّن البيئي) يتمثل في كونه ولد في قرية جزيرة أولاد حمزة التابعة لمركز العسيرات بمحافظة سوهاج، تلك البيئة الطبيعية الجميلة التي عُرفت بها هذه القرية حيث الحقول الخضراء، والنيل الرقراق، والمشاهد الطبيعية المؤثرة، فجعلت منه إنسانًا رومانسيًّا كأنه مهجري أو أبولِّلي! وقد ولد يوم السبت الموافق 6 من شهر ربيع الأول لسنة 1396 من الهجرة، السادس من شهر آزار (مارس) لسنة 1976من الميلاد، أي أنه صعيدي النشأة، وقد بلغ من العمر ثمانية وأربعين عامًا حتى الآن، وإن إنسانًا يعيش في بيئة الصعيد هذا العمر كله لإنسان أصيل نبيل صاف، جلد صبور، مجاهد مكافح، مُعمِّر بنَّاء!
أما عن (المُكوِّن الاجتماعي) فهو-كما يقرر مخالطوه وعارفو أصله- ينتمي إلى أسرة معروفة بالصلاح والتقوى؛ فقد كان والده مضرب المثل بين أهل القرية في ورعه وعفته وحرصه على الحلال في مأكله ومشربه وكل شئون حياته، وقد كان حريصًا على تعليم أبنائه القرآن الكريم وتعاليم الدين، وغرس القيم الإسلامية في نفوسهم منذ نعومة أظافرهم.
أما عن (المُكوِّن الثقافي) فقد حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وأظهر تفوقًا ونبوغًا في مراحل الدراسة المختلفة؛ فكان من العشرة الأوائل على مستوى جمهورية مصر العربية في الشهادتين: الإعدادية، والثانوية، بالأزهر الشريف، ثم التحق بكلية اللغة العربية بجرجا، وتخرج منها سنة 1999م، بتقدير (ممتاز مع مرتبة الشرف) بعد حصوله على تقدير ممتاز طوال سنوات الدراسة، وعين معيدًا بالكلية، ثم حصل على تمهيدي الماجستير في الأدب والنقد بامتياز سنة 2001م، ثم حصل على درجة الماجستير بامتياز مع التوصية بطبع الرسالة وتداولها بين الجامعات سنة 2003م عن موضوعه (الاتجاه الإسلامي في شعر محمد مصطفى حمام ومحمود أبى الوفا: دراسة تحليلية وفنية وموازنة)، وحصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى والتوصية بطبع الرسالة وتداولها بين الجامعات سنة 2006م، عن موضوعه: (أصداء الحرمان في الشعر المصري المعاصر في ضوء النقد الحديث). ثم ترقى إلى درجة أستاذ مساعد سنة 2011م، وإلى درجة أستاذ سنة 2018 م. وما زال بعد الأستاذية يمارس الإبداع الأدبي والدعوي بفنونه المتنوعة شعرًا ومقالاً وبحثًا، وخطابة ومحاضرة ومناقشة!
ومن ثم نرى أنه قد توفر للدكتور عصمت رضوان عدد من الروافد التي أمدت عطاءه الإبداعي وأعانت على تكوِّن شخصيته المبدعة من الموهبة والاستعداد الفطري، ومن دراسته في الأزهر الشريف جامعًا وجامعة، ومن التحاقه بكلية اللغة العربية، وإلمامه بقواعد اللغة، ودراسته الشعر والأدب، ومن تخصصه بالدراسات العليا في مجال الأدب والنقد، ومن حبه الكلمة الطيبة شعرًا ونثرًا، وقراءته الكثير من الدواوين في القديم والحديث، هذا فضلاً عن إتقانه للغة الإنجليزية واطلاعه على عدد من الأعمال الأدبية المكتوبة بها، بل ونظمه أحيانًا الشعر باللغة الإنجليزية. كما ما رزقه الله طبعًا نبيلًا، وقدرة فاعلة على الإبداع والإنتاج، والسمت الذاتي الخاص؛ قلت عن ذلك وصورته في خاطرة لي بعد صحبته، أربعة أيام بلياليها في عاصمة الأصالة والصفاء: الأقصر، وجاءت معنونة بـ (الإنسان المائي)، ونصها: أن ترى إنسانًا هينًا لينًا لطيفًا صموتًا حييًّا، يسمع أكثر مما يتكلم، ويتكلم بحساب وتقدير، ويتكلم بإيجاز حسب المطلوب فقط، لا ينال من أحد ولا ينال منه أحد، أن تجد إنسانًا صافيًا في كل شيء: في شكله، في لسانه، في عقله، في قلمه، في علاقته بالحياة والأحياء، سالمًا في نفسه ومع نفسه ومع الآخرين، مهما اختلفت توجهاتهم وأيدولوجياتهم! إنسانًا شكله مصري أصيل، ينتمي إلى الصعيد الجُوَّاني، ذلك الجنوب المصري العتيق، بسمرته الجميلة الصفية، وابتسامته النقية، وقوامه الفرعوني المميز! أن تجد إنسانًا شاعرًا في كل شيء: في قلبه، في عقله، في شكله، في لسانه، في سلوكياته، إنسانًا هو (الماء) رقة وصفاء وأثرًا، لن يكون هذا الإنسان إلا (عصمت رضوان)، الطيب الهادئ الرزين العاقل المتواضع الخدوم الثقة، تعرفه من شخصه، كما تعرفه من قلمه! كما تعرفه من شعره المطبوع السلس المتدفق المنطلق الحاضر مع كل حادث مستجد، فيخرج شعره دفقة شعورية وعقلية واحدة، بلا تزيُّد أو تعمُّل أو تكلُّف أو إعنات، إن أتته الصورة أو الفكرة أو الخاطرة تراها تخرج منه وأخرجها، وإلا فلا يتكلف إخراجها! إنه-فقط-عصمت رضوان، وله من اسمه كل نصيب، فهو محفوظ قدريًّا وتنشئة من كل سوء، فيما أعلم، وصحبته وقراءته والتلقي له (عصمة)، وهو من بني الرضوان، دنيا وآخرة، أحسبه كذلك والله حسيبه...
وهذه المكونات مما أثر-بلا ريب- في شخصية عصمت رضوان، وجعلها أصيلة فاعلة حاضرة في محيطها الأزهري، ووطنها المصري، وعالمها العربي، وأرجو أن يأتي يوم فأرى عصمت رضوان حاضرًا في رحاب أمتنا الفسيحة داعية منيرًا ومُثَقِّفًا مشيرًا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??