الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السويد مملكة الموز الاسكندنافية

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2024 / 3 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


يوحي أتفاق التعاون العسكري الذي ابرم مؤخرا بين السويد والولايات المتحدة، لمن يطلع عليه انه ليس أتفاقاً بين طرفين متكافئين، أنما هو شبيه بوثيقة استسلام فرضها طرف منتصر في حرب هو الطرف الأمريكي على طرف خاسر هو السويد، رغم أن البلدين لم يحاربا بعضهما.
هذه هي الصورة التّي رسمها مقال نشرته صحيفة أفتون بلادت السويدية في الخامس والعشرين من شباط - فبراير الماضي للكاتب الصحفي السويدي اليساري يان غويليو، وفي ما يلي ترجمة للمقال:

تبدو السويد وكانّها كانت في حالة حرب خسرتها مع الولايات المتحدة. هذا ما تحس به ، على الأقل، عندما تقرأ أحدث اتفاقية دفاع بين حكومتنا والولايات المتحدة. السيادة الأمريكية تطبق على السويد.
لكن ليست هذه الصورة التي تعرضها وسائل الإعلام عن الأتفاق.
من تغطية التقرير الذي رأيته ، أتذكر فقط صور وزير دفاع سويدي صغير سعيد، ووزير دفاع أمريكي عملاق في إنتاج الزبدة عندما وقعا على الاتفاقية السرية ، كما لو كانت مجرد اتفاقية روتينية أخرى.ولكنها في الواقع ليست كذلك.
إنها فريدة من نوعها في تاريخنا، ولها عواقب بعيدة المدى...
انها اتفاقية خضوع السويد كامل من جانب السويد للولايات المتحدة .

في مقدمتة نص الاتفاق على ان الولايات المتحدة الأمريكية ( ستحصل على حق الوصول إلى المعسكرات والمناطق السويدية المتفق عليها واستخدامها بلا معوقات ).

حسنا ، وماهي هذه المعسكرات والمناطق؟ الصفحة 37 من الاتفاق تكشف عن انها جميع المطارات التابعة للأسطول الجوي وجميع معسكرات الجيش الكبيرة. وتم ذكر 17 منها .. وفي التطبيق العملي سيكون للولايات المتحدة سلطات غير محدودة ( وبلا معوقات ) في جميع مناطق دفاعات السويد.

وفي معسكرات الدفاع التي لم يجر ذكرها بالتفصيل، ستكون هناك مناطق يحق للقوات الأمريكية فقط الوصول اليها واستخدامها ، وتسري فيها القوانين الحقوقية الامريكي . ولم يكتفى بذلك، حيث نص الاتفاق على أن للولايات المتحدة ستتمكن من الوصول إلى واستخدام الأراضي بما فيها من طرق وموانئ ومطارات وممتلكات خاصة واستخدامها "بطلب".

وتحصل الولايات المتحدة الأمريكية أيضا على الحق في حرية بناء ( مناطق ومعسكرات ) لخزن الاسلحة ومستلزمات الدفاع. ولم يتم استثناء أية أسلحة، وحتى الاسلحة النووية ( المادة 14 ) .ويمكن للطرفين ( التشاور حول المسألة المذكورة أعلاه ، قدر الامكان ، اذا مست الحاجة لذلك.
وأفردت بنود عديدة في الأتفاق للامتيازات التي سيتمتع بها العسكريون الامريكان الذين سيحلون في السويد.
ومنها أنهم وكذلك الموظفون المدنيون وعوائلهم لن يحتاجوا إلى الحصول على جوازات وفيز للدخول إلى السويد ، إذ يستعاض عنها بالهوية العسكرية الأمريكية. ولا يحق لجهاز الأمن السويدي مراقبة ورصد اي موظف امريكي، وستزود جميع السيارات والاليات التي يستخدمها الامريكان أثناء الخدمة، بلوحات أرقام سويدية ،ولكن غير قابلة للتتبع، وسيعفى الامريكان من ضريبة الدخل ومن ضرائب القيمة المضافة على مشترياتهم، وسيعفون من جميع ضرائب الجمارك على البضائع التي يدخلونها إلى البلاد أو يخرجونها من السويد، ويشمل ذلك دخول وخروج العملة، بلا حدود. وسيكون بإمكان الطيران الأمريكي استخدام المجال الجوي السويدي والمياه الإقليمية بكامل الحرية ..

لا يسمح للسلطات السويدية تفتيش الطائرات والبواخر الحربية الأمريكية ، وفقا لقائمة طويلة من البنود ..

علاوة على ذلك، "تتنازل السويد بموجب ذلك عن ممارسة الولاية القضائية الجنائية" (المادة 12) على الأفراد العسكريين الأمريكيين وأفراد أسرهم والموظفين المدنيين. وعلى نحو متناقض إلى حد ما، تنص المادة نفسها (المادة 12:3) على أنه "إذا تمت مقاضاة أحد أفراد القوات الأمريكية أو أحد أقاربه من قبل السلطات السويدية، فإن المحكمة السويدية هي التي تمارس الولاية القضائية".

يبدو ذلك معقولا. ولكن: "لا يجوز مقاضاته غيابيا (12:4) وإذا دامت الإجراءات القانونية لأكثر من عام، فسيبطل مفعولها. نظرا لأن الشرطة السويدية لا يمكنها إحضار الأمريكيين المشتبه في ارتكابهم جرائم من القواعد التي يتواجدون فيها، وهذا يعني عمليا أن الجنود الأمريكيين، يتمتعون بالحصانة من العقاب. مثلما هو الأمر مع رئيس الدولة في السويد .

لا يجوز توجيه دعاوى مدنية ضد الموظفين الأمريكيين (المادة 15)، وهكذا يتم في الاتفاقية تعداد كثير من الأشياء حتى يصل الأمر إلى أشياء صغيرة مثل الإعفاء من أية رسوم تلفزيونية (المادة 17) ، والحق في استخدام الطوابع الأمريكية، ولكن ينبغي الالتزام بدفع رسوم عبور الجسو ر واستخدام العبارات. وأخيرا ، هناك قرار، غير مفاجئ، ينص على ان القواعد والحقوق النقابية السويدية ليست سارية المفعول. في الصفحة 36.

يبدو أن المفاوضين الأمريكيين- ليس هناك اثر للمفاوضين من الجانب السويدي - قد فكروا في كل شيء. استناداً إلى خبراتهم الواسعة التي راكموها من احتلال كثير من البلدان. ربما قاموا فقط بمد ايديهم إلى الرف، وإنزلوا آتفاق إستسلام العراق، على سبيل المثال ، وأدخلوا عليه بعض التغييرات الطفيفة.

لقد فكروا حتى في الحق في التصرف في المناطق المعفاة من الضرائب الخاصة بهم، في مجالات الترفيه والتسوق ومربيات الهامبرغر والمشروبات الروحية المعفاة من الضرائب. (المادة 21).

هذا الخضوع السويدي لقوة عظمى ليس فريدا تماما من الناحية التاريخية. ولكن عليك أن تعود إلى النصف الثاني من القرن ال18 للعثور على شيء مماثل. آنذاك كانت روسيا هي التي قررت لبعض الوقت السياسة الخارجية السويدية.

أن هذه الاتفاقية الجديدة طوعية ولا علاقة لها بحلف الناتو، فالعقد بين الولايات المتحدة والسويد فقط.
وقد يتضح في خريف هذا العام ، أن حكومة كريستيرسون وضعت القوات المسلحة السويدية في يد الرئيس دونالد ترامب، لأنه قد يسحب الولايات المتحدة من الناتو.

هذه ليست مجرد فضيحة.
من غير المفهوم كيف يمكن أن يحدث هذا سرا، دون أدنى نقاش مع المعارضة السياسية في لجنة الشؤون الخارجية. هذا هو ما يمكن أن يكون قد حدث فعلا . هل كانت احزاب الديمقراطي الأجتماعي واليسار والبيئة والوسط الى جانب الاتفاقية واغلقت فمها؟ وكيف فكرت الحكومة ؟ وهل "القوميون" في حزب " ديمقراطيي السويد " يوافقون حقا على بيع استقلال السويد و يصمتون أيضا؟ من هم الذين يريدون في الواقع جعل السويد الهدف الأساسي المطلق لروسيا في أوروبا فيما إذا قامت الحرب؟؟
هناك حوالي 126 سؤالا إضافيا يجب طرحها حول هذه الفضيحة التي هي واحدة من أكبر الفضائح السياسية التي شاهدتها في حياتي.
أنا أترك هذه الوظيفة لزملائي الأصغر سنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟