الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية مقتطفات 88

آرام كربيت

2024 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الرأسمالية دون تاريخ، وستحول العالم إلى لا تاريخ
لا تاريخ للرأسمالية، لأنها ليست حضارة، أنها نظام أهليلجي غير مقيد بحدود أو قانون محد، يدورد ضمن نفسه، يعيد إنتاج نفسه بنفسه مثل صخرة سيزيف، يتغير ضمن نفسه، عبر تطورها الذاتي.
قوانينها منها وفيها، هي التي تفرض القوانين التي تراه ويخدم تحولاتها.
تاريخها هو اللحظة، هو تراكم إنجازاتها، لا تلتفت إلى الوراء، وليس لها مرجع محدد تنتمي له.
إنها في حالة نشاط دائم، تبلع كل من يقف في طريقها، تدمر كل من يقف في مجراها، ترميه في مخرطتها، وتحوله إلى سلعة مهضومة لإنتاج فضلات من السلع.
في هذا التسليع، يتحول الإنسان إلى طبقة اجتماعية آلية يلبي طلباتها، أي أنه تحت طلبها متى أشارت إليه.
لا يوجد نظام اقتصادي غير الرأسمالية إلى هذه اللحظة؟
إنه نظام شامل، عالمي، حيوي، نشيط، يبلع كل من يقف في طريقه، سريع الحركة، قمة في النشاط.
أما الاقتصادات القديمة فهي شبه ميت بالمقارنة مع الرأسمالية.
فقد وفرت لنا كل شيء تقريبًا، واخرجتنا من العزلة التاريخية وجعلتنا نعرف ونتعلم بسرعة هائلة. لا اعرف ما هو البديل القادم. وليس لدي تصور عن النظام الاقتصادي الاجتماعي السياسي القادم.
إن هذا النظام اغترابي، مفكك للعلاقات الاجتماعية، إنه يستثمر الإنسان يسخره لخدمته ثم يبصقه ويحوله إلى شيء، سلعة قابلة للاستهلاك.
إنه عالم سوق، بيع وشراء القيم والذمم، والأخلاق، باختصار أنه مكنة، آلة لإنتاج آلة.
ستلغى الدولة في الزمن القادم، هذا أكثر من منطقي، لكن ما هو البديل، هذا في عالم النسيان.
إن إلغاء الدولة لن يكون كما توقعه كارل ماركس، أنما العكس تمامًا، فبعض الشركات العابرة للقارات أصبحت هي الدولة، الناتج الأجمالي لها أعلى قيمة مالية وقوة ومكانة وسلطة من الولايات المتحدة.
هذا النوع من الشركات أصبحت دولة داخل دولة، بل أن الدولة تعمل تحت سيادتها وأمرتها.
عندما قلنا قبل عشر سنوات أن الدولة تموت وتضمحل لم نكن نتخيل أو نحلم، أنما هو واقع حقيقي وعملي.
لننظر إلى الأحزاب، بلمحة سريعة يمكننا أن نقيمهم، أنهم أشبه بأحجار الشطرنج يتحركون بإنعدام قيمة أو وزن، يعملون في داخل دول هشة ضعيفة منقسمة على نفسها على أجنحة وأهداف وغايات متناقضة، يجرون أنفسهم لتأكيد حضورهم.
الدولة عم تذوب أمام أعيننا يومًا بعد يوم، لكن البديل لم يولد، ولا ملامح له، ولا نعرف أين سيذهب عالمنا.
الدولة شاهد زور، مشجب مدقوق في الجدار، كل واحد يعلق عليه أوساخه وأحماله ويترك لنفسه خط الرجعة على أمل العودة.
هل سنرى نهاية هذه الدولة في عصرنا الحالي، القرن الواحد والعشرين، بتقديري، نعم، ستنتهي الدولة، لكن مواصفات القادم الجديد ربما سيكون مثل رواية فرانكشتاين، على الأرجح سيكون مسخ.
ماذا سيكون وضع البشرية وقتها؟ هل سيذوبون، هل يضمحلون، هل سيبقون، وما هو شكل بقاءهم، هذا في علم الغيب؟
نحن، الإنسان، عبارة عن كائنات انتقالية، محضرة لغايات قذرة على يد ناس قذرين.
العلماء والفلاسفة والمفكرين، عملوا وتعبوا وفكروا وبحثوا، بيد أن كل أعمالهم ذهب عبر تحالف بين التكنولوجية والهمجية.

ثنائية الخير والشر، هذا هو العقل الوهمي
العقل الديني مسكون بثنائية من ليس معنا ضدنا، هذا ينسحب على كل شيء في حياتنا، في مباراة كرة القدم، وشرب المتة والنياكة وغيره.
الرقيب الموجود داخل كل واحد منّا، هو نتاج العقد والأمراض النفسية، ونتاج التغلغل المريع في الذات المعقدة المتورمة، ينقله إلى الأخر أثناء أي خلاف سواء كان سياسيًا او امرأة أو مطرب او أغنية أو أكلة شاورما.
نحن مبرمجين كآلة، نقرأ الأخر وفق مواصفات نضعها ونقدرها وفق مزاجنا المذبذب، الذي يتغير بين دقيقة وأخرى، بمعنى لا عقلانية ولا موضوعية في ذلك:
هذا خائن وذاك عميل، هذا مخبر وذاك رفيق رائع.
مواصفات مجانية فارغة، خو نتاج الأنا المتضخمة، المركبة من النقص والدونية.
كنّا في حزب سياسي، الحزب الشيوعي ـ المكتب السياسي، طرحنا برنامجًا سياسيًا في نهاية السبعينات، برنامج متقدم في توقيته وزمانه على الأحزاب الشيوعية الأوروبية، طرحنا برنامج تداولي للسلطة، ولم نخضع لضغوط الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية، وتم طردنا من الحركة الشيوعية العالمية، لاعتبارهم لنا أننا محرفي الماركسية، وتم لعننا من على المنابر الماركسية في كل مكان من هذا العالم.
وقد وقع حافظ الأسد على قرار اعتقالنا، حملة اعتقالات، في الخامس من اكتوبر تشرين الأول 1980 أثناء صعوده الطائرة وهو على أرض دمشق، متجهًا إلى الاتحاد السوفييتي، لتوقيع معاهدة الصداقة والتعاون لمدة عشرين سنة، بمعنى، قدم اعتقالنا للزعماء السوفييت كهدية.
بقينا في السجن مدة عشرين سنة، من أجل تأكيد استقلالنا السياسي وحريتنا ونهجنا.
تحملنا الذبل والقهر والسجن، من أجل حرية بلدنا واحترام لأنفسنا.
عندما نكتب يا أبطال، لا نجامل أحد، ولا نأخذ أي ثمن لمواقفنا من أي طرف. رؤوسنا مرفوعة، وضميرنا مرتاح.
عندما نقيم أي ظاهرة سياسية تطرأ على عالمنا، نتأثر ونؤثر، ننطلق في الكتابة من قرار فردي، قناعة فردية دون أن نطلب من أي واحد أن يطبطب على ظهرنا، ولا ننتظر من أحد أن يقولنا لنا كلمة شكرًا.
لا يعنيني موقف أي إنسان ولا رأيه، ولا يهمني أين يضع قدمه. كل واحد يكتب كما يرى ويقتنع، رأيه محترم وموقفه محترم، وما يفعله هذا شأنه، وما أفعله أنا هذا شأني.
لا تطلب مني أن أكون نسخة عنك، ولن أطلب منك أن تكون نسخة عني، الخلاف في الرأي هو الطريق إلى التغيير والتقدم والتطور.

جيل السبعينات
في سبعينات القرن العشرين، في الحارة الوسطى بالقامشلي، كنّا مجموعة من الشباب والبنات نجلس في زاويا الشارع الذي نقطن فيه ، نلتم على بعضنا، كل واحد منّا كان في يده كتابه تحت أضواء النيون، نقرأ وأحيانا نتكلم أو نضحك أو نلقي النكات.
وأحيانًا نتعاون في فترة تحضير وتجهيز السليقة. سليقة القمح.
وكانت الحدود بين الشباب والبنات مفتوحة على بعضها، نتكلم مع بعضنا في مختلف المجالات، أو نغني مع بعضنا لفيروز أو لجورجيت صايغ أو ملحم بركات، بيد أن المشكلة كانت ذاتية، كنّا خاضعين للمحرمات والقيود والقواعد الأخلاقية القابعة في عقولنا، تمنعنا من التواصل والانفتاح الحقيقي مع بعضنا.
كان الحب مسافرًا إلى مكان بعيد، ليس إلينا وفينا ولأجلنا، كنّا نتعامل معه كنكرة، كان موجودًا وغير موجود، يتوارى خلف ظلنا الكاذب، نخضع او نمتثل لإرادة الأخر، القابع في أعماق الذاكرة المريضة:
ـ من أجل سمعتنا يا ولدي لا تقترب من الفتاة، السمعة العطرة الفواحة الكاذبة.
مات الحب قبل أن ينطلق إلى الحياة، أكاد أقول أن الشرق كله لا يعرف الحب، ولم يذقه، ولن يذوقه مهما عاش.
في الحب، هذا الهالة الجميلة التي تلون حياتنا، كنّا نخجل من التصريح به خوفًا من الرجم، من العيب المزيف:
ـ إن يقول فلان أحب فلانة أو حرصًا على السمعة البراقة أو احترامًا لأخو البنت أو خوفًا من رفضها أو التشهير به.
لم نملك الجرأة، وخضعنا لكل ما هو مرسوم لنّا، لكل المراسيم العفنة
خسرنا أنفسنا الحقيقية كثيرًا. وعشنا مزيفين، ولم نعش الحب. بقيت حياتنا عرجاء، فقيرة
انتصر الخجل والعادات والتقاليد والدين المسيحي الحنيف والإسلامي الأحنف.
وخسرنا تجاربنا في الحياة. ولم نطرق أي جدار صادق.
كنا ننظر إلى الفتاة على أنها جزء من الكل من الحرم الذي لا يمس:
العائلة أو الأخ أو الأب أو العائلة والشارع والحارة والمجتمع المقدس، وأن لا يمس في إلا في إطار مؤسساتي.
في كل واحد منّا كان هناك كائنين، كائن يرضي الأخر في الخلف واليمين والشمال، وكائن يرضي الأخر في الجنوب والشمال وعلى الجوانب، ويرضي الكذب القابع في داخله.
ويهمل الشاب صاحب العلاقة ويوضع خلف المرآة كأنه شيء نافل، كأنه ميت الإرادة والدافع والرغبة
وبقينّا لوحة بيضاء مسودة كما أرادها الفنان الأعلى أو الأدنى.

أوروبا المستلبة العاجزة سياسيًا
الدول الأوروبية اليوم ينؤون تحت أثقال هائلة ومتعددة، أولها لم تعد مسيطرة على اقتصادها وأمنها. لقد أصبحت جزءًا من المفوضية الأوروبية، والأمن والتعاون الأوربي، حلف الناتو، وتتحمل أكلاف قضية اللجوء والبيئة والحروب والثورات والحركات الاجتماعية في العالم، الدعم المالي والسياسي لدول كثيرة وشعوب وقضايا المرأة والدعم المالي للدول وللأمم المتحدة في أغلب منظماتها.
بالإضافة إلى العامل الذاتي، كانحسار مفهوم الوطن، الدولة، وهروب المجتمع من المشاركة في الفعاليات الوطنية، وتحول الأحزاب إلى مازات طعام، وغياب البرامج التي تمس مواطني هذه الدول، لغياب الدولة عن السيطرة على مجالها الحيوي.
بالإضافة إلى هيمنة دولة قوية، موحدة عليها، الولايات لمتحدة، وهذه الأخيرة تستغل هذا الضعف وتبتزها وتسرقها وتضعها في مواقع سيئة جدًا.
هذا الضغط الهائل جعل أوروبا مفككة ضعيفة وهامشية ولا قدرة لها على الرسو على قرار واحد.
وهذا يعرض أمنها ونظامها القائم إلى الانهيار.
وجاءت هذه الحرب لتزيد الأعباء عليها، الاقتصادي والسياسي والأمني واللجوء ودفع تكاليف السلاح والحرب، بينما الحليف القوي يستغلها ابشع استغلال.
أوروبا ما قبل الحرب لن تكون أوروبا بعد الحرب، انها على مفترق الطريق، ستبحث عن نفسها بعيدًا عن الولايات المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال