الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق مهربة من أقبية سرية 6

نور العذاري

2006 / 12 / 2
الادب والفن


( وقفة على.. أطلال شاعر.. )
" حين يوشك شاعر على الموت.. تصبح الدنيا مظلمة من حجم الألم... فإليك صديقتي وحبيبتي القادمة من أرض الجبال البيضاء... أهدي ألمي... "
* * *
صديقتي القديمة..
سبعة شهور مرّت كأنها السنين العجاف..
لم يغمض لي فيها جفن ولم يذق جسدي فيها طعم الراحة..
أيتها الحبيبة التي أفرّ إليها كسجين يحاول الهروب من المعتقل..
حبيبتي وصديقتي الأقدم..
أيتها القادمة إليّ من الأزمنة السحيقة الموغلة في القدم..
يا زهرة الجبل العالي بلبنان..
أرجوك استمعي إلي باهتمام وعناية..
أيتها الصديقة التي وجدت معها أحلامي عن وطن لا ينهش جسده الدود.. ولا تمشي على أرضه سباع بشرية تنهش لحومنا باسم الدين.. باسم الوطن الذي لم يعطنا بقدر ما أعطيناه من عمر ضائع.. شباب محطم.. ودموع تسيل في غور الليل من عيون أمهاتنا وحبيباتنا..
رأيت معك الأمل... وعشت معك الحلم عن بلاد لا تبيع بنيها كعاهر بغيض تبيع شرفها لأول مارق في الزقاق..
ليتك ترجعين إليّ حبيبتي... لتري حجم الألم الذي أشعر به لفراقك...
وسامحيني..
أعرف أنني ربما تسببت لك بألم لا يمحى أثره أو يزول...
لكنه ألم نابع من قلبي..
ألمٌ تعرفين مصدره... وتعلمين مكانه من قلبي...
بل وتعلمين حجم الجرح الذي خلفه أولئك المعتوهون الذين سرقوا بسمتي وحبيبتي وبضع آمال رسمتها على أرض لا تغرد فيها البلابل ولا تزهر فيها شجيرات الليمون..
أولئك يدعون معرفة السماء.. فهل حقاً يعرفونها.. وأي سماء ترضى بهذا الظلم، تلك التي يعرفون!!..
* * *
* * *

يا رفاق الحانة والمقهى والطرقات المظلمة..
أيها الصحاب الذين افتقدهم واحداً وحداً...
وأشعر أنني أحوج ما أكون إليهم من أي وقت مضى..
يا من تركتموني وحيداً هنا.. في هذه الدنيا التي لم يعد فيها إلا لون الدم.. ورحلتم في عربة المجاهيل إلى ما وراء الشمس الدامية كلون بلادي...
استمعوا إليّ جميعكم..
هل سمعتم بشاعر يغتال قصيده.. ينكأ جرحه.. يغتال عمره ويقتل زهرة شبابه التي أصابها القحط باكراً..
هلا رأيتموني.. نظرتم إليّ وأنا أعالج الروح..
عودوا إليّ جميعكم وخذوني معكم يا أيها الرفاق.. إلى ما وراء الغيب..
علّنا نجد سعادتنا في تلك المجاهيل التي لا نعرف عنها شيئاً...
عودي إليّ حبيبتي لتخطي معي شاهد قبري... فقد آن أوان الرحيل..
كل شيء قد ضاع..
وانتهت سنوات العمر التي قضيتها مع الخارجين عن القانون...
أحلم ببلد تنتشر فيه الحدائق بدل المزابل..
والمصانع بدل المستنقعات الآسنة..
أحلم بوطن أطفاله يعرفون معنى الحلم.. وكيف يحلمون!!...
ومعنى البسمة.. وكيف يبسمون!!...
ونساءٍ يدمنّ العشق كمن يدمن شاي الصباح..
وشعب يعرف معنى الحرف.. ومعنى الثورة.. ومعنى التضحية..
شعب يعرف كيف يصرخ من الألم.. ويقاوم الجوع.. ولا ينحني ليطأطئ رأسه على حذاء قيصر القياصرة...
وأفقت من حلمي الذي كنت أعيش فيه على بلد لا نعرفه ولا يمت إلينا بصلة ولا نمت له باتصال...
أصبح البلد دويلات دويلات...
وسقط الصنم.. فصار أصناماً لا نعرف من أين أتت.. وهل تجلب لنا نفعاً مقابل ضرّها الجسيم؟...
وعمائم مشبعة من دماءنا.. وساسة وحكام أقذر من مقاعد المراحيض...
وشعب لا يعرف لمن يعطي صوته ودمه...
ارجعي إليّ حبيبتي فهذه لحظات الوداع..
و دَعيني أرى أيقونة عينيك علّي أرى غداً جديداً في هاتين العينين اللتين أبدع الرب صنعهما..
ارجعي إليّ حبيبتي فقد أوشك شاعر على الموت.. واغتيلت قصيدة السماء.. وحانت القيامة لشعب يسفك دمه ويجهض حمله بيديه كفتاة أخطأت في لحظة ضعف..
لقد أوشك شاعر على الرحيل حبيبتي.. وها هو حاوي الجنائز يقترب معلناً بداية النهاية..
أنه يقترب سريعاً.. يقترب.. يقترب.. يقترب..
إنه ينتزع قلبي........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول