الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معادلة (همس)١+١=٣

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)

2024 / 3 / 10
الادب والفن


همس هو عنوان العرض المغربي الذي تم عرضه ضمن فاعليات الدورة الثامنة من المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب بمحافظة قنا بصعيد مصر،إذ يشير هذا العنوان إلي كل خفي من كلام ونحوه،ومن هذا المعني ينطلق كريم بطرون مخرج،ومؤلف،ومؤدي لشخصية "عادل"في هذا العرض من فرضية رياضية،تسعي لحل إشكالية فعلية،وواقعية بالمجتمع المغربي حتي يثبت أن المعادلة الرياضية ١+١= ٣،إذ يرصد إذدياد حالات الطلاق في المجتمع المغربي إبان ٢٠١٦،محاولا مناقشة الأسباب التي أدت لها،ورافضاً للقناعات المنطقية التي تقر أن ناتج المعادلة الرياضية ١+١=٢،حتي يتمكن المتلقي من البحث عن الشئ الذي كمُن خلف المشكلة التي يناقش العرض قضيتها اليومية المطردة،لذا عمد مؤلف نص "همس" إلي أن يستهل نصه بالراوي الموثوق"يوسف" الذي ادي دوره في العرض الممثل زياد الأدريسي،او الأبن الذي يروي لنا قصة زوج،وزوجة تحت ضغوط الحياة الإقتصادية،والهيمنة السياسية،وقيد الحريات،واختلاف الأيدلوجيات بينهما،فالزوج "عادل" الذي كان في عمر الخامسة والأربعين كانت زوجته ماريا" التي قامت بإداء دورها سماح بوسلام،لا تعمل،وكان يمتعض كثيراً من غيرتها،وإتهامها له بالخيانة،وانفاق المال علي نزواته النسائية،فحين تأزم الوضع الإقتصادي لعادل ،كانت هي من تنفق مالياً عليه الي أن أصبحت معاقة بكف البصر،وهذا جعله كذكر يدرس العلاقة بينهما ،ويدخل في حالة التوتر،والقلق،ثم الإكتئاب،والسأم الذي يعد سبب رئيس للطلاق والإنفصال بين الأزواج،ويقدم لنا الراوي الموثوق نموذج لشخصية "ماريا" بدون إعاقة،إذ كانت تعمل سكرتيرة،لعادل زوجها الذي كان يعمل استاذ جامعي،اي أن المستوي الإقتصادي والثقافي للزوج الذكر يختلف عن النموذج الأول الذي عرض ماريا وهي كفيفة،ورغم ذلك كانت النتيجة واحدة،إذ أن الفردية التي اتسمت بها الشخصيات في كل نموذج لم تعد تؤتي ثمارها في العلاقة الزوجية،فنجاح العلاقة الزوجية يكمن في زيادة درجة التفاهم،والإنسجام المشترك بين الزوجين،إذ أن ليس كل مبصر يبصر،فالبصيرة في القلب بالحب،ويعاود الراوي أن يعرض لنا نموذج لغيرة الزوج من "يوسف"ابن خالة زوجته ليبرز لنا أن مفهوم العلاقة الزوجية للذكر في مجتمع شرقي هو مفهوم متجذر فيه حب التملك للأنثي،لكن حين يدرك كل طرف من أطراف العلاقة الزوجية أن الإنسجام المشترك بينهما هو أساس نجاح هاته العلاقة،فإن المسلمات (التفاحة)التي أخرجت الزوجين آدم وحواء من الجنة مذ بدء الخليقة،وباعدت بينهما، كانت سبباً في تجميع وانسجام عادل وماريا،وإذدياد التفاهم بينهما،وهذا مايشير الي رفض القناعات المنطقية في عملية البحث عن حلول لقضية العرض
-الحوار الدرامي انقسم الي حوار سردي توثيقي هو حوار الراوي الذي تعددت وظيفته بين التعليق،والتوثيق،والتعقيب علي الحدث الدرامي، والمشاركة في تشخيصه،كما انقسم الحوار الي حوار استرجاعي يجتر الماضي ويصور للمتلقي الجدلية والإختلاف عبر الأزمنة المتشظية،وغير التراتبية في سياق العرض،وفضائه الإفتراضي علي الخشبة .
- لقد استطاعت نورا اسماعيل مصممة السينوجرافيا أن تصور منزل عادل،وماريا،فقسمت المسرح الي منطقتين الأولي،وهي عبارة عن تخت النوم،والذي كان في منتصف عمق المسرح يحده يميناً،ويساراً شريطان من القماش الأبيض تم استخدامهما كشاشة عرض سينمائي،اما المنطقة الثانية فكانت لطاولة الطعام،والتي كان يحدها مقعدين،وكانت في مقدمة يسار المسرح،وهذا أتاح مساحات شاسعة للمخرج لتصميم الميزانسين،والتعبيرعن مايعتل الشخصيات من مشاعر،واحاسيس،فضلاً عن أن الشريطين اللذين علي يمين ويسار تخت النوم،وقد تم استخدامهما كشاشة للعرض السينمائي في محاولة لإزالة الحدود بين مايجري في فضاء العرض ،وبين المتلقي،من خلال تفكيك الفضاء التقليدي،فإستثمرها المخرج في إبراز حالة الإنقسام والتباعد فيما بين الزوجين.
-انتهج المخرج المنهج البريختي في قطع الحدث الدرامي،وتجميد المشهد الصوري،وكسر الإيهام في الحوار الإسترجاعي بين الزوجين،لكنه لم يعمد الي نقل التمثيل الي صالة المتفرجين،لذا عمد المخرج الي التشظي في الأداء التمثيلي، بحيث جاء كل مشهد بطريقة ادائية مختلفة،ومتعددة ثم جمع هذه المشاهد في مشهد واحد يمزج التعددية،ويهجنها،مما ساعد علي الإدراك الحسي للمتلقي،الذي تحركت سواكنه مع العرض الذي لبي رغباته الفنية والحسية فكانت مجازاته لمؤديه بالتصفيق،والإعجاب،او بإطلاق تنهدات الحسرة،والألم،في بعض اللحظات نتيجة مشاركته الفاعلة بوضع نفسه مفكرا في موقف الشخصيات علي الخشبة لبلوغ الغايات الدلالية من العرض.
-استطاع المخرج الإنتقال عبر الأزمنة المختلفة في العرض بسلاسة وجمالية تجلت في الإنتقال عبر الإضاءة من المساء الي الصباح،وكذا في دقات عقارب الساعة أثناء رش الطحين من كلا الزوجين علي بعضهما، ليشعل الرأس شيباً في إشارة للتقدم في العمر .
- اننا سنلاحظ في معادلة كريم بطرون أن معادلة الزوج + الزوجة = الجدلية،والصراع إن كانت الفرادنية هي المحفز الخفي الذي يهمس لكل طرف من أطراف المعادلة ليصير الناتج منطقي كالمعادلة الرياضية ١+١=٢
لكن إن كانت المعادلة محفزها هو الحب،والتفاهم، فإن قوة الزوج +قوة الزوجة،هو مجموع القوتين الناتجة عن التعاون المشترك في حمل اثقال الحياة،لذا فإن مشهد التفاحة الذي صوره المخرج جمالياً ودلالياً مشيراً إلي الحب والتوافق الفكري بين الزوجين والذي كان نتاجه أن يضع الزوج التفاحة علي بطن الزوجة،فتظهر عليها اعراض الحمل في إشارة للتعاون المشترك الذي يحقق فرضية بطرون في البحث عن الخلود والإستمرارية،والتكاثر
التي كان محفزها الحب،والتعاون المشترك .
لتصير معادلة "همس" في وجود محفز هو التعاون المشترك هي الزوج + الزوجة = الأبن+ الحب+ الحياة الأبدية، اي أن ١+١=٣ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب