الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمضان من غير (أغاني وأغاني).. انتصر التطرف وانهزمت الوسطية!!

محمد الصادق

2024 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في آخر سنة للإنقاذ طالعنا ذات يوم خبرا باحدي الصحف:

[رئيس الجمهورية يكشف: رفضت طلباً لإيقاف برنامج (أغاني وأغاني)

انتقد رئيس الجمهورية جهات قال إنها تمارس التضييق على الشباب، مستشهداً بأن بعض المتشددين قدموا إليه لإيقاف برنامج (أغاني وأغاني)، مبيناً أنه أبلغهم أن البرنامج يحافظ على الإرث السوداني وأشاد به وأبلغهم أن يتركوا قرار الإيقاف أو الإلغاء للمشاهد،
وتابع: حتى إذا تم إيقاف (أغاني وأغاني) فإن الشباب سوف يذهبون لمشاهدة قنوات أخرى ...
وحرص الرئيس على الإشادة بالبرنامج وربط الشباب بالغناء السوداني والمحافظة على الموروثات]
انتهي الخبر.

برنامج (اغاني واغاني) الذي بدأه الشاعر الراحل السر قدور قبل ١٨ عاما ظل يواجه معارضة شديدة من بعض المتشددين لأن البرنامج كان واسع الانتشار وصار من معالم رمضان في السودان، ويُتابع في الداخل والخارج، من الكبار والصغار، النساء والرجال.

هذا التصريح الخطير لأكبر مسؤول في الدولة له دلالات هامة يمكن قراءتها بين السطور:
فالرئيس بقوله انه رفض هذا الطلب يشير الي انه ربما قبل طلبات اخري لأولئك المتشددين، والناس يذكرون واقعة الغاء حفل غنائي للفنانة شيرين عبد الوهاب التي يعشق اغانيها معظم السودانيين، بسبب معارضة احد البرلمانيين المتشددين.

وحدث آخر، هو ان الحكومة غضّت الطرف عن قيام قوة نظامية بحلاقة شعر الشباب في الطرقات وجلدهم بسبب ارتدائهم لملابس ضيقة!!!

ومثال آخر، هو قيام السلطات -في السنوات الأخيرة للإنقاذ- بإقفال بعض السينمات مثل سينما قصر الشباب والأطفال وسينما قاعة الصداقة اللتان ظلتا تعملان لسنوات عديدة بعد ان تم اقفال سينمات: كلوزيوم والحلفايا وبانت والعرضة والوطنية وامدرمان والوحدة والثورة وغيرها، مع بداية ثورة الإنقاذ.

ومثال اخير، هو التضايق من الرأي الآخر حتي في المساجد التي اصبحت تفتح وتغلق قبيل وبعيد الصلوات مباشرة، مع ان المساجد اصلا لا تقفل، فإقفالها منع من ان يذكر فيها اسم الله، وهذا من أشد انواع الظلم، ولا يوجد الا فتوي للامام النووي تجيز اقفال المسجد لخوف السرقات الليلية، وهذا بالطبع مجرد اجتهاد!!
كان القصد من الاغلاق منع الدروس العلمية كما في مسجد امدرمان الكبير الذي كان يعج بحلقات العلم في الفقه والتفسير والسيرة، ففي العام ٢٠٠٨ بعد صيانة المسجد أُتي بافراد من النظام العام لطرد الناس من المسجد عقيب الصلوات، وبلا شك كان الهدف هو تحجيم الرأي المخالف، لأجل ان تسود مدرسة فقهية معينة، هي تلك المدرسة التي تخلت عنها الآن المملكة العربية السعودية نفسها، فالمملكة بعد عقود من التشدد ها هي تخلع تلك العباءة السوداء، وتدخل بكل عنفوان في انفتاح لم تشهده قط في تاريخها القديم أو الحديث، باستقبالها عشرات المطربين والفنانين في شتي انواع الفنون والرياضات، وتنظيمها لعروض سينمائية وحفلات وجوائز ومسابقات، واستضافتها لنجوم هوليود وبوليود ومشاهير الموسيقي والغناء والمصارعة وكرة القدم ... الخ.
والذين لا يرون ابعد من أنوفهم يظنون ان البلاد انحرفت عن دينها واخلاقها، ولا يعلمون ان المملكة - قبل مجيء العاهل الحالي- انهارت فيها الاخلاق حتي صارت الاولي من حيث انتشار المخدرات في الشرق الاوسط والثالثة في العالم اجمع، وما خفي اعظم.
ان المتشددين لا يدرون ان هيئة الترفيه السعودية لم تفعل سوي تحويل الحفلات والليالي الخاصة الي عامة، تحت سمع وبصر الجميع.

عبارة الرئيس المخلوع كانت حق:
(..فإن الشباب سوف يذهبون لمشاهدة قنوات أخرى..)
والرئيس بالطبع يجتمع مع مستشارين متخصصين يعطونه زبدة الكلام -الزيت- الذي يناقش في القاعات العلمية والاوراق البحثية.

المتشددون كان يرون برنامج (أغاني وأغاني) من "لهو الحديث"، وهم لا يدرون ماذا يشاهد الشباب علي هواتفهم، ولا يدرون انهم بعض اغلاق السينما يتجمعون اولاد وبنات ويؤجرون مزرعة بالجبل غرب او سوبا جنوب او الجريف شرق او بحري شمال، ليشاهدوا ما يريدون ويفعلوا ما يرغبون، بعيدا عن الرقابة.
ولقد جاء في تقرير لاحدي مؤسسات رصد الشبكة العنكبوتية ان السودان من اكثر الدول مشاهدة للقنوات الاباحية، رغم الرقابة المفروضة من هيئة الاتصالات.

لقد بدأت الإنقاذ بحركة اسلامية تجديدية وانتهت بحركة متشددة، والكل يذكر مساهمة زعيم الحركة في تحرير المرأة من التقاليد الراكدة، ودفعها للخروج للعلم والعمل، في وقت كان المتشددون يروّجون ل (خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله) وان خروجها انما لبيت الزوج او القبر، ودونكم الخطاب شديد اللهجة الذي وجهه له مفتي السعودية في بداية التسعينات، ويذكر الناس سخرية المتشددين من قوله: (الموسيقي في السودان تابت الي الله) ويذكر الناس الإنقلاب عليه في ٩٩ وسجنه ومحاولة محاكمته بالردة في ٢٠٠٦ من بعض علماء التطرف، ويذكر الناس القرضاوي -احد كتاب الحركة الأم- وكتابه (الحلال والحرام في الإسلام) الذي اتهمه فيه المتشددون بالتساهل وسموا الكتاب: (الحلال والحلال في الإسلام) ويذكرون فتوي القرضاوي في الغناء: أنه مما عمت به البلوي، وأن حسنه حسن وقبيحه قبيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد