الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسعى الولايات المتحدة إلى الحد من العنف في الشرق الأوسط، وفي هذا المسعى فإن إيران هي (نوع من) -الحليف-

ماجد علاوي

2024 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اليستر كروك/ ستراتيجيك كلتشر
ترجمة: ماجد علاوي

26 شباط 2024
تسعى المقاومة إلى الحفاظ على سيطرتها المنضبطة لاستنزاف إسرائيل، في حين تريد إسرائيل الانتقال مباشرة إلى "رؤية يوم القيامة".

إن استراتيجية إسرائيل المزدوجة للبنان هي ممارسة الضغط من خلال الغارات المباشرة لبث الخوف بين السكان على نطاق أوسع، مع تعبئة الضغط الدبلوماسي لتطهير - ليس الحدود فقط، ولكن المناطق الواقعة وراء نهر الليطاني (حوالي 23 كيلومترا إلى الشمال) من وجود حزب الله.
حزب الله وحده فقط لا يتزحزح.
فهو لا يزال مصرا: لن يهجّر من أوطانه التاريخية في الجنوب، ويرفض مناقشة الأمر على الإطلاق.
يصر الوزراء الإسرائيليون مرارا وتكرارا "إذا لم يتم إزالة هذا التهديد دبلوماسيا، فلن نتردد في القيام بعمل عسكري". وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية (بالعبرية) أن 71 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أن على إسرائيل شن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد لبنان لإبعاد حزب الله عن الحدود. ومرة أخرى، تقبل الولايات المتحدة ما تقوله القيادة الإسرائيلية – أن إسرائيل بحاجة إلى شن عملية عسكرية في لبنان.
وفي الوقت الذي شدد فيه المنسق الأمريكي الخاص، عاموس هوكستين، على الحاجة المطلقة لعودة السكان الإسرائيليين إلى ديارهم في شمال إسرائيل، فهو يقول إن الولايات المتحدة تسعى مع ذلك إلى إبقاء الصراع في لبنان عند أدنى مستوى ممكن. وأوجز ما يلي:
"ما كنا نحاول القيام به هو التأكد من أنه يمكننا احتواء القتال إلى أدنى مستوى ممكن والعمل على إيجاد حلول دائمة يمكن أن تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية. سيتعين علينا القيام بالكثير من أجل بناء الجيش اللبناني. وعلينا أن نبني الاقتصاد في جنوب لبنان. سيتطلب ذلك تحالفا دوليا للدعم، وليس جهود الولايات المتحدة فقط".
ببساطة: أنشأ حزب الله "منطقة نار" عازلة داخل إسرائيل، تمتد على طول أكثر من 100 كيلومتر من الحدود وتتغلغ بعمق 5-10 كيلومترات. وتريد إسرائيل استعادة هذا الحاجز وتصر الآن على وجود منطقة عازلة خاصة بها في عمق لبنان - "لطمأنة" سكانها الحدوديين العائدين بأنهم سيكونون آمنين.
حزب الله يرفض التنازل قيد أنملة ما دامت الحرب مستمرة في غزة - وبالتالي يدمج القضيتين معا.
ولكن نتنياهو أوضح أن الحرب في غزة لابد أن تستمر وهي عملية طويلة إلى أن تتحقق كل أهداف إسرائيل (غير القابلة للتحقيق على الأرجح). لكن قضية المدنيين الإسرائيليين النازحين أصبحت قضية آنية. فالتوتر في جميع أنحاء المنطقة مرتفع ويتصاعد مع اقتراب شهر رمضان المشحون، وتوغل إسرائيلي في رفح يلوح في الأفق.
تقول تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية:
يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق من أن يصبح رمضان "عاصفة كاملة"، مما يؤدي إلى انفجار إقليمي. إن استسلام نتنياهو لشركائه في الائتلاف اليميني المتطرف فيما يتعلق بوصول عرب إسرائيل إلى السجد الأقصى خلال شهر رمضان قد أثار قلق المسؤولين الأمريكيين ، وعلى الرغم من أن هذا مجرد واحد من العديد من العوامل التي تثير القلق من أن سلسلة من الاتجاهات المقلقة يمكن أن تتجمع وتتسبب في انتشار التوترات في الشرق الأوسط خلال الأسبوعين المقبلين.
حاليا، هناك "مهلة" قصيرة بينما يجتمع مفاوضو الرهائن في القاهرة، والولايات المتحدة "تسحب كل ما في وسعها من خيوط" للحصول على وقف جوهري لإطلاق النار.
ولكن عاجلا أم آجلا ستبدأ إسرائيل عملية عسكرية في لبنان (وهذا ما يجري الاعداد له على قدم وساق). وتشعر الحكومة الإسرائيلية بأنها مضطرة لإيجاد طريقة لاستعادة الردع. وقال الوزير سموتريتش إن هذا الهدف، في التحليل النهائي، يتفوق حتى على إعادة الرهائن.
وعندما تقرر إسرائيل مهاجمة لبنان، فقد تعيد المقاومة الأخرى (بصرف النظر ما سيفعله حزب الله) التحكم في طبيعة ردودها عبر عدة طرق ممكنة: قد يستأنف الحلفاء في المقاومة العراقية الضربات على القواعد الأمريكية، وقد تتولى سوريا دورا أكثر بروزا، وقد ترفع قوات الحوثيين مستوى الهجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وهنا تكمن المفارقة: إن "الحل" الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة لإبقاء العنف منخفضا – أي "الردع" الأمريكي - لم يعد رادعا. لقد جرى تحول جذري في مفهوم قوى المقاومة عن "الردع" الأمريكي - وهو تحول في التكتيكات لم يتم توثيقه بشكل كاف في الوعي الغربي، هذا إن وجد مثل هذا الوعي به.
لقد وصف المؤرخ العسكري سيرجي ويت، اللغز بإيجاز:
"للبدء ، يجب على المرء أن يفهم منطق الانتشار الاستراتيجي الأمريكي. لقد استخدمت أمريكا (وحلف شمال الأطلسي) بإفراط "أداة" الردع المعروفة بالعامية باسم قوة أسلاك التعثر (أي وجود عسكري صغير لا يمكن عدم ملاحظته). وهذا يمثل قوة صغيرة الحجم منتشرة في الأمام تقع في مناطق الصراع المحتملة - مع التركيز على ردع الحرب من خلال الإشارة إلى الالتزام الأمريكي بالرد".
ومع ذلك ، يمكن أن تكون أسلاك التعثر ذات حدين. إذ على الرغم من أن هذه القوة هي من حيث المفهوم قوة ردع، إلا أنها تتحول في أيدي صقور المواجهة مع إيران في إسرائيل وأمريكا، من ردع إلى "طُعم" مصمم لجذب هجمات انقضاض من بعض "النسور" (التي يزعم أنها مرتبطة بإيران). وعندئذ ترتفع صرخة الساحر الذي يفاجئ المشاهدين بسحره، فقد حصل صقور السياسة على حربهم على إيران التي طال انتظارها. وهذا هو السبب الأساسي لبقاء القوات الأمريكية في سوريا والعراق، وحتى أن "محاربة داعش" كانت تسمى في الأساس ho-ee [كلمة احترام وترحيب تستعمل في جزر هاواي عند الوصول إلى الجزيرة أو للترحيب بين بعضهم البعض! م.ع].
إن أحجية – وفي الواقع حدود عمليات الانتشار الأمامية الهيكلية هذه - هي أنها أصغر من أن تردع الهجوم بشكل موثوق، ولكنها كبيرة بما يكفي لتشجيعه (والاحتمال أن يكون الهجوم من قبل قوات الميليشيات العراقية المحنقة والمغتاضة من مذابح غزة).
ويخبرنا هوكستين أن خطة الولايات المتحدة هي: "إدارة" الصراعات (غزة والضفة الغربية ولبنان) والوصول بها إلى أدنى مستوى ممكن. ومع ذلك، وبصراحة، فإن الضربات الانتقامية على الميليشيات، وهي الرد القياسي في صندوق الأدوات الأميركي، هي عديمة الفائدة نسبيا لاحتواء العنف. إنها تثير التحريض بدلا من الردع. وكما يخلص ويت:
"نرى الآن الديناميكيات التالية تجري في الشرق الأوسط ، حيث قد يجبر تدهور قوة الردع الأمريكية الولايات المتحدة قريبا، على اتخاذ تدابير أكثر عدوانية. هذا هو السبب في أن تلك الأصوات التي تدعو إلى الحرب مع إيران، على الرغم من كونها مختلة وخطيرة، هي في الواقع مرتبطة بجانب حاسم من الحسابات الاستراتيجية الأمريكية، حيث لم تعد التدابير المحدودة كافية للتخويف، مما قد لا يترك شيئا يمكن عمله سوى اللجوء إلى أقصى المديات".
وهنا تلعب إيران والمقاومة دورهما المتناقض. الولايات المتحدة (على الرغم من المتعصبين من المحافظين الجدد) لا تريد حربا كبيرة. ولا إيران تريدها. ومع ذلك، يبدو أن إيران تعتقد أن هجمات الميليشيات العراقية على القواعد الأمريكية قد تضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من العراق، ولكن على العكس من ذلك فإن هذه الضربات توفر أيضا للمحافظين الجدد ذريعة (أن إيران هي "رأس الأفعى") للضغط من أجل شن حرب شاملة للغاية عليها.
إن مصلحة إيران والمحور ذات شقين: أولا، الاحتفاظ بالقدرة على التحكم بحدة الصراع بعناية؛ وثانيا، بقاء الهيمنة على قرار التصعيد في أيديهم. وكما تلاحظ صحيفة الأخبار:
" ليست المقاومة بكل فروعها على وشك الرضوخ للشروط الإسرائيلية، وهي ستفتح الطريق لتغيير كبير في المعادلة التي تحمي لبنان. أي اتفاق لاحق سيعتمد على الموقع الذي تختاره المقاومة للحفاظ على قدراتها الرادعة والدفاعية".
وبالتالي، فإن قائد فيلق القدس داخل الحرس الثوري الإيراني عندما كان في العراق، نصح قوات الميليشيات العراقية بوقف إطلاق النار في الوقت الحالي. (وهذا على أي حال يخدم مصلحة الحكومة العراقية التي تسعى إلى خروج جميع القوات الأمريكية من العراق)..
إن صندوق أدوات "سلك التعثر" في الغرب هو مثال كلاسيكي على المفارقة الاستراتيجية. إن الميزة المتبخرة للردع تخاطر بإجبار الولايات المتحدة على الذهاب إلى مواجهة عسكرية ضخمة (حتى عندما لا ترغب في القيام بذلك). وهكذا ، تواجه أمريكا وضعية كش ملك في رقعة الشطرنج. إن قطعة الشطرنج الخاصة بها عالقة في مربع واحد ("مربع الملك" الصهيوني) ، لكن كل خطوة محتملة بعد ذلك ستزيد وضع اللعبة الأولي سوءا.
علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة مقيدة بتحجر الأدراك المتمثل في عدم قدرتها على استيعاب "التحول في مفهوم الردع" الذي أحدثه الجنرال قاسم سليماني وتمت تجربته خلال حرب إسرائيل ضد حزب الله عام 2006.
لطالما تمتعت إسرائيل، مثل الولايات المتحدة، بالتفوق الجوي. ولكن كيف كان قرار المقاومة للإجابة على هذا التفوق؟ ثبت أن أحد عناصر الإجابة هو دفن القوات والصواريخ وجميع الأصول الاستراتيجية على اعماق لا تستطيع حتى القنابل الخارقة للتحصينات الوصول إليها. ويمكن أن تخرج قاذفات الصواريخ من الأعماق وتطلق النار وتعود إلى مدافنها في غضون 90 ثانية.
والعنصر الثاني هو كوكبة من المقاتلين الذين تم تشكيلهم في وحدات مستقلة والذين تم إعدادهم للقتال المستمر وفقا لخطة محددة مسبقا ، لمدة تصل إلى عام أو عامين - حتى لو تم قطع جميع الاتصالات مع المقر الرئيسي تماما.
وفي عام 2006، أدرك حزب الله أن السكان المدنيين في إسرائيل لديهم قدرة محدودة للغاية على تحمل قصف صاروخي مركز يوميا، وعلى العكس من ذلك لم يكن لدى إسرائيل الذخائر اللازمة لشن هجوم جوي طويل. وفي تلك الحرب، واصل حزب الله إطلاق الصواريخ والقذائف بشكل مستمر لمدة 33 يوما. وكان ذلك كافيا، كي تسعى إسرائيل إلى إنهاء الحرب.
الدرس المستفاد هو أن حروب اليوم هي حروب استنزاف (مثل حرب أوكرانيا)، وليست "هجمات بالسهام". وهكذا، تسعى المقاومة إلى الحفاظ على سيطرتها المنضبطة لغرض استنزاف إسرائيل، في حين أن مجلس الوزراء الإسرائيلي يريد الانتقال مباشرة إلى "رؤية يوم االقيامة".
بعض هذا العجز عن استيعاب الآثار المترتبة على هذه الحرب، حرب الجنرال سليماني الجديدة غير المتناظرة - (والغطرسة تلعب دورا كبيرا في عدم الاستيعاب هذا) - يفسر السبب الذي يجعل من الولايات المتحدة واثقة للغاية من الوجهة التي سيتخذها سير المخاطر التي تواجهها هي وإسرائيل – وهي مخاطر تبدو واضحة للآخرين. وببساطة، لا يمكن للضباط المدربين في حلف شمال الأطلسي إلا أن يعتقدوا أن نتيجة أية مواجهة بين قوة عسكرية بمثل قوة الجيش الإسرائيلي وبين قوات الميليشيات (حزب الله والحوثيين) لن تكون سوى النصر لتلك القوة العسكرية، كما لا يمكنهم حساب كيف يمكن لرجال القبائل الحفاة أن ينتصروا في مواجهة حرب بحرية كبرى.
وما علينا سوى استرجاع آراء جميع "الخبراء" الذين توقعوا أن يتم سحق حماس - في غضون أيام - من قبل الآلة العسكرية الإسرائيلية الأكثر ثقلا بلا حدود ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من