الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد شيخو...فنان ثورة وعاشق وطن

عبدالرحمن محمد محمد

2024 / 3 / 11
الادب والفن


لعب الفن والادب في تاريخ الكرد دورا رياديا منذ وجودهم على ظهر البسيطة، وكان للفن الكردي والغناء بشكل خاص دوره البارز، فالموسيقا الكردية والغناء كانت سمة بارزة في هوية الكردي واحد أركان ثقافته التي حافظ بها على الكثير من أدبه وفنه وشفاهيا حتى عقود قريبة، ليصار فيما بعد إلى توثيق ما أمكن حفاظا على الإرث الكردي من الضياع والزوال.
في هذا المجتمع العاشق للإصالة وكل ما يمت للعراقة والأصالة والأخلاق الفاضلة والانفة والشموخ الكردي العنيد والثائر رغم كل الظروف، كان الغناء يحتل دورة البارز، الكردي يحفظ أسماء مغنين وفنانين عمالقة بقدر ما يحفظ أسماء قادة ورجالات سياسة وعظماء في المجتمع.
محمد شيخو، اسم كان وما يزال يحرك وترا في الوجدان، ويعزف له القلب لحن وفاء كما كان هو، ويردد المرء في سره آيات العرفان، لرجل أفنى سنين عمره في سبيل اعلاء شأن قومه، وإيجاد السبل لينال قسطا اكبر من الحرية.
قد لا تختلف ولادته ونشأته عن بدايات الكثيرين وهو المولود في قرية خجوكة بريف قامشلو عام 1948، وكثير منا يعلم تفاصيل نشأته وما كان يعانيه من مشاكل في العينين، وعمله في الزراعة، والحالة المادية للأسرة، لكن شيخو لم يكن طفلاً عاديا، كان موهوباً، أتجه نحو سماع الموسيقا، وعشق الغناء، وبقي هذا الشغف الموسيقي لديه، وهو ما جعله يكمل دراسته للموسيقا حينما سنحت له الفرصة ببيروت لاحقاً، ليجد لنفسهطريقا نحو التميز والتفرد، فكان محمد شيخو الفنان الثائر، والكردي المتمرد على الخنوع، في أوقات كانت "الكردية" أشبه ما تكون بالجريمة، ما جعله فنانا من الطراز الأول بفنه الأصيل، ومدرسة في الفن الثوري والالتزام الأخلاقي بالمبادئ، والمثل العليا، ليخلد اسمه وفنه بين أسماء العظماء في الساحة الكردية ، بل والعالمية.
محمد شيخو و بعد ان أطلق اغنياته التي كانت صرخات تدعوا للاستيقاظ من غفوة الاستكانة، والثورة على الواقع المروهو صاحب أغنيات قل ان تجد مثلات لها من قبل، كأغنيات (eman dilo - hebs û zindan- rabe ji xew) التي رددتها آلاف الحناجر وغنتها القلوب.
التي انطلقت كالنار في الهشيم بأسلوبها المميز، وبكلماتها المنتقاة بعناية وبصوته العذب، الذي استحق لاحقا لقب "البلبل الحزين".
لم يستكن محمد شيخو ولم تفتر عزيمته، فسافر من قامشلو إلى لبنان، ثم إلى العراق فإقليم كردستان، ومنها إلى روجهلات كردستان، ومن مسارح بيروت إلى راديو بغداد، مرورا بحضوره الآسر في جبال كردستان وغنائه للبيشمركة.
الأطفال كانت لهم حصة في فنه واهتمامه، فقام بتشكيل فرقة فنية للأطفال ليعلمهم الأناشيد الوطنية دلالة على وفائه، فكان بحق من المخلصين والحريصين جدا على تطوير الاغنية والموسيقا الكردية، والاهتمام بالقضايا القومية والوطنية والإنسانية.
كل القضايا النبيلة التي حملها محمد شيخو على عاتقه وسخر لها حياته وفنه جعلته ملاحقاً من قبل الظلاميين والشوفينيين، لأنه أراد لشعبه ان يبصر الحقيقة وأن يتلمس طريقه للنور، فلاحقته واعتقلته ونال الكثير من الاعتقالات والتعذيب والنفي، ناهيك عن محاولات الترغيب والترهيب، لكن الفنان الأصيل والملتزم بقضايا امته بقي على عهده.
لعب محمد شيخو ومن خلال اغنياته الرائعة وفنه الملتزم الثوري دورا رياديا في نمو الوعي الوطني، حيث كان يسمعه كل شعبه، ومن كافة النخب والفئات والشرائح العمرية والمجتمعية، فقد غنى للورد، والحب، والعشق كما غنى للوطن، والجمال، والإنسانية، فملك قلوب الملايين بصوته الشجي، والثائر في الوقت ذاته.
الميزة الأخرى التي كانت ظاهرة وخلدت محمد شيخو في القلوب إضافة لفنه الثوري الملتزم انه كان فنانا شاملا، وبارعا في انتقاء قصائد لكبار الشعراء، الحان لملحنين عباقرة، رغم حساسية الفترة وتناقضاتها، حيث كان تقسيم الوطن الكردي والتناحر الحزبي والسياسي سائدا والحس الوطني والقومي شبه غائب.
محمد شيخو، جمع بين رقة الفنان، وصلابة الثوري، وبلاغة الشعر واللحن، وصاغ من آلام شعبه ومجتمعه اغنيات رددتها وما تزال حناجر الكرد وتمتم بها وترددها شفاه الثائر والعاشق، وترسم البسمة على شفاه المحبين وتشد اليد على بنادق الثوار والمدافعين عن الحق والحرية.
رحل الفنان محمد شيخو عن محبيه وعن كردستان التي طالما تجول في وديانها وسهولها وجبالها، يوم التاسع من آذار عام 1989، وخلف الكثير الكثير من الأعمال والآمال، ليبقى الراحل أسطورة الأغنية الكردية، وأيقونة مضيئة في تاريخ النضال الوطني، ونغمة خالدة في تاريخ الفن الموسيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس