الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التبشير والتصوف في رسائل ماسنيون للكرملي

قيس كاظم الجنابي

2024 / 3 / 11
الادب والفن


-1-
في رسائل المستشرق الفرنسي (لويس ماسنيون)، المولود سنة 1883م، الى الاب انستاس ماري الكرملي، المولود سنة 1866م، ثمة نزعة تنصيرية واضحة ورغبة حقيقية في استثمار الفكر الصوفي، بوصفه واحداً من المؤثرات الأوربية على الثقافة العربية الإسلامية ؛ ففي سنة 1907م، كلفه الجنرال (دوبيلي) للقيام بمهة التنقيب عن الآثار في جنوب بغداد ، فلما وصل بغداد اختار أن تكون مهمته عن قصر الاخيضر(قرب كربلاء) وهي المهمة ذاتها التي كانت تتحرك عليها المس بيل، كما ذكرت في رحلتها ، كما سنرى في عرضها، لاعتقاده بأن قصر الاخيضر هو واحد من قصور المناذرة في الحية(الخورنق أو السدير)، بدوافع دينية مسيحية ربما، وان القصرين كانا بأسماء فارسية، ولكن برؤى نصرانية ، ولكنه اكتشف في رحلته هذه التصوف الإسلامي، وأغرم بفكر وحياة الحلاج وسلوكه وشعره، فراح يجاهد لاثبات مسيحية الحلاج، ولهذا صلب كما صلب السيد المسيح ببغداد لانه خالف السائد في الثقافة الدينية، فادعى لنفسه توصيفاً لم يكن مألوفاً أو مقبولاً،وكذلك كان حال السهروردي المقتول.
أما الطريقة التي حقق بها رسائل ماسنيون الى الاب الكرملي، وتعليقاته ومقدماته عنه، تثير الكثير من الأسئلة وتدعونا لدراسة شخصية استشراقية متهمة بالتجسس، ولهذا سجن من قبل الحكومة العثماني في بغداد لولا شفاعة الشيخ محمود شكري الآلوسي لنفذ فيه حكم الإعدام.
يعتقد أن اكثر الرواد المترجمين من الفرنسية كانوا من المسيحيين لانهم درسوا اللغة الفرنسية بمدارس التبشير ولعل الموصل كانت خير مكان لهذه الترجمات لانها أكثر صلة بحلب لكثرة الاديرة والكنائس فيها وبروز الصراع بين البعثات التبشيرية مما جعل نشاط التمثيل ونشر الفرنسية يتسع في هذه المدينة.[القصة في العراق ، جذورها وتطورها:د. يوسف عز الدين، معهد البحوث والدراسات العربية – المنظمة العربية للتربية والعلوم (القاهرة، 1974م)،ص24-25]
-2-
لابدَّ من ملاحظة النزعة التبشيرية التنصيرية لديه، وطبيعة التمسك بالمسيحية لدى ماسنيون، وارتباطاته بالدوائر الفرنسية الاستعمارية، مع انه كان طالب علم وأكمل دراسته عن التصوف الإسلامي عن (الحلاج)؛ ولا انه تبدو من خلال أسلوب التبجيل والاحترام الفائق للاب انستاس ماري الكرملي، وأهدافه الخفية في البحث عن المؤثرات المسيحية في الحضارة العربية الإسلامية، فهو في مستهل وختام رسائله، يكيل الميح الفائق للاب الكرملي فيخاطبه بقوله:" ابتي المبجل وصديقي الى قرابينك وصلواتك".[رسائل المستشرق لويس ماسنيون للاب الكرملي، ترجمة علي بدر، منشورات الجمل(كولونيا – بغداد، 2005م)،ص291. بحيث تبدو مهمة الاب الكرملي في دراسة اللغة العربية والاهتمام باللهجات المحلية والموروث الشفاهي والاثني جزءاً من منظومة فكرية استشراقية هدفها تقويض الثوابت العربية والانطلاق نحو المشروع الكبير للمنظومة الاستعمارية ، في احتلال بلدان الشرق الأوسط، وحتى وصول الأول الى بغداد، لدراسة حصن الاخيضر ، كانت مشحونة بنزعة مسيحية واضحة لاحياء الموروث المسيحي في العراق ،والكشف عن المؤثرات الثقافية ،وخصوصاً وانه يروج لفكرة أن هذا القصر هو واحد من قصور ملوك الحيرة، مع ان الشائع عنه انه عمارة من العصر العباسي، أنشأ لصد غزوات القبائل البدوية عن بلاد ما بين النهرين كما كان له دور امني ، فكان يخاطب الكرملي بقوله:
" إن اطروحتك حول الاخيضر = سدير جذابة للغاية، وإنّي لم أتبناها فقد أشرت اليها في كتابي الذي لم أعط بعد مسودته للطباعة".[ص176]
فكان ماسنيون يتتبع هذه الخطى ذات التوجهات الدينية ويتبادل الرسائل حول الرؤى المشتركة بينه وبين الكرملي، لان توجهاتهما الاستشراقية متقاربة نوعاً ما؛ مهما قيل عن اختلافهما في بعض الآراء، لقد كان اهتمام ماسنيون بالجوانب الدينية والمنسية وبحثه عنها، يتمحور ، بشكل رئيسي، حول ايمانه العميق بأنها المحرك الأساس للاسلام، كما جاء ذلك في رسالة الى الكرملي بتاريخ20/12/1909م، من القاهرة حول (شعر المنخل اليشكري)،والشاعر(المتلمس) الذي قتله أمير اليمامة بأمر من الملك اللخمي عمرو بن هند سنة 575م، وكان نصرانياً، واسم المتلمس جرير بن عبد المسيح، وهو خال الشاعر طرفة بن العبد أحد شعراء المعلقات المشاهير، وهو صاحب الصحيفة،والذي قال عن شعره طرفة بن العبد(استنوق الجمل) فأرسلها مثلاً، فغضب ونظر الى طرفة[ص176/ أمثال العرب: المفضل الضبي، دار الرائد العربي، ط2(بيروت،1403هـ/1983م).]
وقد عثر على كتاب للمستشرق الألماني كارل فولرس (1857-1909م) عنوانه (حرب المتلمس )،واشاراته الى ابياته عن الخورنق والسدير في قول المنخل:
فاذا سكرت فأنا رب الخورنق والسدير واذا صحوت فأنا رب الشويهة والبعير
وحول هذا الموضوع يقول ماسنيون:
"أما الابيات الشعرية الأولى التي قرأتها على عجلة – فقد عدت اليها ثانية فيما بعد، إن ترجمة فولرس لم تعجبني ولا ترجمتك، حيث أنك نقطت (التغلبية) بـ(الثعلبية) ولذا فان شكي بها ثابت".[ص172] والثعلبية مكان، بفتح أولها: من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشفوف وقيل الخريمية.[معجم البلدان، 2/78]
وهو يريد بها التغلبية لان تغلب كانوا نصارى، فنواياه منذ الرسالة الأولى المرسلة من باريس في 14/7/ 1908م واضحة حين يقول له:
" أيمكنك ان تذهب الى كنيسة سان برو الإيفانجيلية؟ انها اكثر الكنائس في باريس شباباً، تقع في مونمارتر ،وهي عزيزة علينا لان البراويز السفلية للمحراب والاعمدة والاروقة كان قد نحتها والدي".[ص137] في إشارة الى مهنة والده وشغفه في النحت وجذوره الكنسية العريقة. وفي رسالة تالية له مؤرخة في 22/7/1908م، يشير الى "أن أمر الكاتدرائية لا يستحق نقاش مؤلفها ،ولكن كاتدرائية (القديس لدونيس) ربما تعجبك أكثر".[ص138] ومن المحتمل ان يكون اهتمام ماسنيون بالعمارة الدينية المسيحية له علاقة بعمل والده المعماري والفنان الذي بنى العديد من الأمكنة والمرافق الدينية ، فكانت جزءاً من اعتزازه بتراث والده، فكانت يتأمل الأمكنة المثيرة والمهمة ،ومنها حصن الاخيضر ،وهذا ربما قاده الى الاهتمام بسير القديسين، مثل اهتمامه بسيرة "حياة" القديسة الشابة المكتوبة بيدها ،وان والدته من الممكن ان تقرأها وهي "جالسة" قربه، وهو يرى بأن ما جاء في سورة النور﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾[سورة النور/الآية35]. بأنها إحالة الى (شجرة الصليب)،وربما شجرة ميلاد السيد المسيح، حين يقول:" كان بإمكاننا أن نرى شجرة الصليب من خلال ترجمة للآية من الرسالة الثانية لبطرس الرسول التي تستحق القراءة".[ص145]
وفي رسالة لاحقة مؤرخة في 15/أيلول/1908م، يقول :
"ان النص الوحيد في الاناجيل المختلفة الذي يقترب من سورة النور هو صلاة الستة التي تطلب من الملائكة حارسة عدن زيتاً من شجرة الرحمة لدهن جسد آدم".[ص146]
وفي هذه الرسالة يرى بأن الكنيسة هجرها لا يزعزع ،و"القربان المقدس ابدي لا يتوقف"، كجزء من نزعته الكنسية وأهدافه المسيحية في دراسة الاثار، لهذا يخاطب الكرملي في رسالة مؤرخة في 22/10/1908م، يقول:" أرفقت لك صورة الصليب الذي وضعته على الشاطئ الصخري لروسيتا على شرف نوتردام"، حيث "الحج الشهير في فرنسا في زمن الحروب الصليبية. إنّه مستوحى من ثلاثة فرنسا للقديس جون قتلوا في عسقلان، في العام 1131".[ص150. راجع، ص 224-226] حيث برزت الأهداف الصليبية لدى ماسنيون وطريقة بحثه عن الآثار كغطاء للبحث عن الصراع الصليبي الإسلامي، لهذا يقول في رسالة له مؤرخة في 24/10/1908م، الى الكرملي:
" أوحد صلواتي الى صلوات أهلك في عيد القديس روفائيل الارشيدوق ،ورحمة القديس أريدوس (حارث ورفاقه الثلاثمائة والأربعين ، شهداء نجران العرب في اليمن).
لنبق موحدين بالصلاة في القلب الاقدس".[ص152] وكذلك بحثه عن كتاب للبستاني (الديارات)؛وهو ليس للبستاني وانما للشابشتي، كما يشير الى موقفه ورايه في اتباع الكنيسة ،في ان نظامها والاهداف التبشيرية لمهمته بالشرق ،وصراع الدولة العثمانية مع أوربا النصرانية، فيتمنى في صراع إيطاليا مع الدولة العثمانية، ان يكون النجاح للغرب.
وفي رسالة له مؤرخة في 23/2/1914م، يشير الى (دوسن)،وهو مستشرق فرنسي ،واستاذ في جامعة بروكسل، متخصص في الاكدية واللغات السامية ،شارك في بعض الحفريات ،فيرى بأن عقله متميز وراق ،"وهو رجل مؤيد للكنيسة بيد ان صحبته سيئة"، فتثبت هذه الاحالات البسيطة التعصب الديني لدى ماسنيون وأهدافه التبشيرية في الشرق العرب خصوصاً.
-3-
نقطة مهمة يسعى اليها ماسنيون، من خلال دراساته وبحوثه للفكر الصوفي ،هي انها حصلت بتأثيرات مسيحية، من خلال الرهبنة والعزلة والتقشف والاكتفاء بما يقيم الاود، ولهذا كان الحلاج هو مرتكزه الأساسي ، لهذا كتب اطروحته عنه، حين جمع ديوانه، وتعمق في حياته وسلوكه الصوفي، فوصل الى قناعه ان الحلاج كان مسيحياً، وكان قبل ذلك قد أجرى مسحاً عن المؤثرات المسيحية على ثلة من الشخصيات الصوفية ، كما حصل حول سهل التستري، ومن خلال الاحسان في التضرع والطاعة دون شرط، أما بشأن الحلاج فان ما قاله من شعر ربما يحيل الى معنى آخر، في قوله:
الا أبلغ أحبائي بأني ركبتُ البحر وانكسر السفينهْ
على دين الصليب يكون موتي ولا البطحا أريد ولا المدينهْ
وقد عدها المحقق من الشطحات، وقد أزال إشكالها الصوفي الاندلسي الاسكندري ،أبو العباس المرسي(عبدالله بن أبي جمرة،ت1278م) في ان مراده ان يموت على دين نفسه ،وانه هو الصليب ،وكأنه قال: أنا اموت على دين الإسلام ،وأشار الى انه يموت مصلوبا.[ديوان الحلاج، تح كامل مصطفى الشيبي(بغداد، د.ت)، ص60].
وكذلك اهتم بالعلاقة بين النصرانية وابن عربي، حين عثر على رسالة لابن عربي عنوانها (مسامرات) يصف فيها حصراً ملابس المسيح"المرقعة" بطرائق بيض وسود لفقت وجعلت من يرتديها يشبه الغراب الابقع،وهو بالضبط رداء الكرمليين الذين وصلوا باريس في العام 1259م ،وفي نصوص شعرية للمخزومي الواسطي(ت 1480م) صاحب كتاب (بيان أحق أهل الصوفية)والذي يقول:
ليس التصوف ان يلاقيك الفتى وعليه من نسيج النحوس مرقع
مع أبيات كشط عنها اسم السيد المسيح، لهذا يعقب في رسالة له بتاريخ 15/17/1911م قائلاً:" وهكذا اختفى ذكر اسم المسيح،وأصبحت اطروحتي أكثر زعزعة".[ص220-221]
الموضوع الأهم في مراسلات ماسنيون، هو علاقة الحلاج بالمسيحية ،وقد جعل علاقة التصوف بالمسيحية؛ بمثابة مقدمات ترتفع به الى مصاف الاطروحة والاكتشاف الفاعل في حركة الثقافة العربية الإسلامية وتأصيلاتها غير الإسلامية وغير العربية، وهو من خلال عمله بتحقيق ديوان الحلاج، يقول في رسالة له بتاريخ 15/أيلول/1908م الى الاب الكرملي:
" لا تنسى كتابي عن الحلاج، سوف أرسل لك نسخة من أدلتي عن مسيحيته، ان كان بامكانك ان تصيغها لي بعربية جيدة،وان تنشر عنه مقالة لي بخطك في مجلة المشرق، سأكون سعيد بذلك.
ألم أقنع الاب شيخو بذلك؟".[ص146]
في إشارة الى لويس شيخو اليسوعي (1859-1927م) صاحب مجلة(المشرق) المعروفة، ثم يشير الى ان مجموعة نصوص مناجاة داود (على الاغلب مزامير داوود)،وضعت من الخركوشي مؤلف كتاب (تهذيب الاسرار) تحتوي أيضاً على خمسة عشر نصاً للمسيح ابن مريم، ثم يحاول الربط بين المؤثرات المسيحية على التصوف بمسيحية الحلاج، فيخاطب الاب الكرملي حول الحلاج بالقول:" أرغب أن أضع مبادئه حول أولوهية المسيح غير المتوقعة في الإسلام تحت الضوء – هذه المبادئ التي ولدت له من حاجة الى مرشد معصوم يمتلك (امتلاء روحياً) – كي لا يظل الطريق (الطرق الصوفية) انها مبادئ مثابة من قبل موت مشع على الصليب".[ص168]
وبما يبدو ذلك صحيحاً، وان كنت أرى في التقارب المسيحي – الصوفي ،أو التقارب بين الحلاج – المسيح،وبحث ماسنيون في شأن مسيحية الحلاج، وبحث الحلاج عن ولي معصوم، كان بتأثير الفكر الفارسي القديم ،الذي استقاه الحلاج ، من فكرة العصمة الشيعية والمهدوية معها، لأنهما تنبعان من سراج واحد.وهو يشير الى القونوي مؤلف سيرة الحلاج، والتي تعد النقطة الوحيدة التي يستطيع ان يحكم عليه من خلالها، ثم يشير الى ان مقالة الحلاج للبستاني الذي نسب اليه كتاب الديارات مشتقة من مؤلف مفقود حالياً، وهو (اخبار الحلاج) للقاضي أبي يوسف القزويني الحنفي في سنة 1059م،والذي سبق له وان وسع (اخبار الحلاج لابن باكويه، ت 1050م) ثم أضاف اليها تفاصيل أخرى من مصادر متنوعة، ثم ينشغل برسالة( ابن القارح) التي أشار اليها المعري في (رسالة الغفران)، ثم ينشغل بموضوع (حل الرموز) للمقدسي و(نشر المحاسن) لليافعي، و(بهجة الاسرار)للشطنوفي.. وغيرها من الرسائل والاشارات التي ربما توسع دائرة مسيحية الحلاج، ولعل عبارة المتصوفة(أنا الحق) هي التي تقربه من ذلك، لهذا ربط صلواته بإنجاز اطروحته حول الحلاج كان يعمل عليها منذ أربعة أعوام. وفي رسالة له بتاريخ 22/9/ 1922م يخاطب الكرملي قائلاً:
" سارسل لك عن قريب افتتاحية ديوان الحلاج"، ثم يعقب بعد ذلك بالقول:" وادعو الله بالاخص ان لا يساء الظن بعملي حول الحلاج، وان يجعل المسلمين يفكرون بسيدنا المسيح".[ص250]
-4-
اهتم ماسنيون، كعادة المستشرقين بالفرق والأديان المغلقة التي ليس لديها كتاب مقدس علني ومتداول، أو ذات التعبد السري الخاص ،وهي في الغالب الديانات الغنوصية ذات الطابع التأويلي؛ وبالذات الايزدية والصابئة، فما زالت تثار لحد الآن الكثير من الآراء حول هاتين الديانتين، ويقول ماسنيون عنها في رسالة له بتاريخ 22/10/1908م:
"ينشر أحد المحاربين هذه الأيام حول اليزيدية، وهي رؤية ملك طاووس لمكة ، المكتوبة من قبل الشيخ عادي[عدي بن مسافر]".[ص150]
وفي رسالة لاحقة جوابية مؤرخة في 5/7/1910م يقول فيها:
" إنّي ممتن لك كثيراً لما أمددتني به من معلومات عن عبادة اليزيديين للحلاج فهي في غاية الأهمية ،وقد انتابني شكّ من ذلك منذ ان اطلعت على حياة سيد أحمد البدوي، من طنطا(المتوفي في القاهرة حوالي العام 1576م) فهو لم يزر من مقامات الائمة سوى مقام الحلاج، ومقام عدي بن مسافر، يبدو ان الشيخ عادي قد ذكر في مكان ما في كتب اليزيدية بأن الحلاج كان قدوته".[ص177]
ثم يشكره في رسالة له مؤرخة في 28/7/1910م حول علاقة الحلاج بالايزدية ؛مشيرا الى ان الابجدية الايزدية مصطنعة، وليست طبيعية، لانها لم تكن مشتقة من السريانية ولا من العبرية، ولا من العربية، وهو يعتقد بان الشيخ عدي بن مسافر كان يتحدث الكردية، من هنا يرجح محمد بن يوسف الحلبي(التادفي) انهم يعودون الى الطريقة الصوفية التي أسسها الشيخ عدي، في كتابه(قلائد الجواهر)المطبوع في القاهرة سنة 1317هـ، وعلاقة الشيخ عدي ما زالت غامضة نوعاً ما بالايزدية.
والحقيقة يثير ماسنيون الكثير من الطروحات التي ليس لها إجابات واضحة، منها علاقة كتاب (الجلوة) الكتاب المقدس لديهم وبين عادي بن مسافر، لأن هذا الكتاب مدون باللغة الكردية؛ بينما لغة وأصول عدي بن مسافر هي اللغة العربية ،ولكن ظروفاً لحقت به فسكن معهم، فلما مات صار ضريحه محجاً ومقصداً لهم.
أما الصابئة ، فهي ديانة لها صلة بالفكر الهرمسي ،وقد أشار ماسنيون في رسالة له مؤرخة في 21/2/1911م الى علاقة الهرمسية المكرسة لتضليل الدنيويين والفضوليين ،والتي وجد انها صممت على نحو مغاير مع الشيخ عدي بن مسافر، وكانت المستشرقة الليدي دورور مهتمة بها ووثقت حياتهم وعاداتهم؛ ومن المحتمل انهم فئة آرامية كانت تعيش في العراق وحملت ثقافتها وحياتهم.
وهو يصف محمود شكري الآلوسي بالكاثوليكي المتشدد بمواجهة الشيعي الارثذوكسي، وهذا نابع من تصوره الخاص بالإسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم