الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمانة الغناسيقية ونهيق التجديد

حسين مسلم
موسيقي ، وباحث وكاتب في شأن الموسيقى العراقية

(Hussein Muslm)

2024 / 3 / 12
الادب والفن


لقد مرت الأغنية العراقية بكثير من المنعطفات التاريخية والتي غيرت بعضاً من ملامح الثيمة الغنائية بشقيها النغمي والإيقاعي والأدائية بشقيها الصوتي والمزاجي، وأسفر ذلك عن وجود نغمات وأطوار ومقامات وضروب إيقاعية جديدة، ووصلت إلينا بشكلها الحالي كما عرفناه وسمعناه.
لقد تم اختراع الفونوغراف (جهاز تسجيل واستعادة الصوت) في عام 1877 "وقد رجح بعض الباحثين إلى أنه دخل وصل إلى بغداد قرابة عام 1893" وفي وقتها سجل بعض المطربين والمطربات تسجيلات غنائية قصيرة وذلك لأن التسجيل كان صعب في تلك الفترة إلى قرابة عام 1918 حيث تمكن بعض المطربين والمطربات من التسجيل في بغداد ومن خلال ذلك أخذ الغناء العراقي ينتشر في كل مدن العراق وبعض الدول عن طريق التسجيلات الصوتية للمطربين.
إن ما يهمنا في ما ذكرناه عن الفونوغراف والأسطوانات الصوتية هو أن قبل ذلك التاريخ لم يكن هنالك تقنية لتسجيل الصوت!، أي أن ما استمعناه من الغناء العراقي هو حديث التسجيل! وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الأمانة الغناسيقية في حفظ الغناء العراقي وصونه ونقله ب أمانة.
قبل ظهور التسجيلات كان الغناء العراقي يحفظ في الدواوين والمقاهي وجلسات السمر والأفراح والأحزان، أي يتناقل شفاهياً من شخص لآخر ومن مدينة إلى أخرى، ومن المعروف عن الغناء العراقي أنه متوغل في هذه الأرض منذ القدم، أي أن هنالك عناء في المحافظة عليه من الشوائب النغمية والأدائية، وهذا ما تحدث عنه الفنان يوسف عمر وبعض الفنانين أيضاً حول إدخال كلمات فارسية وتركية في المقام العراقي، وكذلك في غناء الدشت على الطريقة الفارسية وليست العراقية.
إن الأمانة ليست بالسهلة أبداً وخصوصاً لو كانت تُعنى بثقافة شعب! فما بالك بـ أن هذه الأمانة لا يمكن تقليدها ولا يتمكن أدائها إلا من عاش في هذه المنطقة؟.
لقد تعامل الفنانون القدماء وبعض المعاصرين بحرص شديد مع هذه المادة الغناسيقية ولذلك كانوا أمناء في نقلها إلى أجدادنا وآبائنا والينا نحن، فقد حرص بعض قراء المقام في تسجيل المقامات العراقية دون التلاعب بها،
وقد كان الفنان الكبير محمد القبانچي يبتكر بعض المقامات ويضيف إلى بعضها في ما يتناسب مع أهمية المقام وروحه الداخلية، كذلك قد أضاف بعض القراء إلى المقام العراقي في الحدود المذكورة.
مثل قراء المقام عمل مطربي الريف والفرات والبادية والغربية ومطربي الشمال، فلقد أضافوا بما يتناسب مع ما يغنون دون المساس بجوهر غنائهم الأصيل، حتى أنهم قد تذكروا ألواناً من الغناء كانت قد اندثرت وأحيوها من جديد وأحياناً بثوا فيها روح المواكبة، مثل المرافقة الموسيقية والإيقاعية، ففي فترة من الزمان لم يكن الجميع يمتلك الآلات موسيقية أو إيقاعية فكان يرافق الغناء بعض ( الونّانة ).
ظهر منذ فترة ليست بالقصيرة بعض من يحاول المساس بهذا الإرث العظيم دون مراعاة تاريخيه وبيئته وغير هذه الجزئيات الكثير، وعندما نحاول أن ننبههم إلى خطأ ما قد اقترفوه يكن جوابهم أنه (تجديد) (حداثة)، وكأن الحجة جاهزة دوماً.
على سبيل المثال لا الحصر
حاول بعض الموسيقيين إضافة موسيقى الهارموني إلى الأطوار الريفية وتحديداً طور (المحمداوي)... عجيب!
أين طور المحمداوي إذا أضفت له (هارموني)!.
وحاول البعض أن يغير من ضروب إيقاع أغنية ما مثل (أغنية الهجر مو و عاده غريبه) من ضرب إيقاع الجورجينه الثقيل إلى ضرب إيقاع السامري!
وقد حاول البعض إدخال أساليب الغناء الأجنبي مثل الروك والجاز والبوب والراب إلى الغناء العراقي!
أتساءل دائما لماذا هذا التشويه؟
لماذا هذا الانتقاص من إرث شعب؟
لماذا لا يمتلك البعض أمانة حقيقية عندما يصبح فناناً؟
لماذا من ينبهكم يكون جوابكم له حداثة وتجديد؟
أتساءل دائما وسأبقى، لماذا نشوه ارثنا؟
تلاعبوا بنتاجكم بعيداً عن إرثنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد