الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موازنة إسرائيل الحربية لعام 2024

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2024 / 3 / 13
الادارة و الاقتصاد


موازنة إسرائيل الحربية لعام 2024:
تقليصات لكل البنود عدا الاستيطان وجمعيات اليمين المتطرف
نهاد أبو غوش*
من المفترض أن تسعى الحكومة الاسرائيلية في الحادي عشر من آذار إلى مصادقة الكنيست بالقراءة الثالثة على موازنة العام 2024، والتي هي موازنة حرب، وسط خلافات شديدة بن الحكومة والمعارضة ، وكذلك بين أطراف الائتلاف الحكومي، فضلا عن الخلافات المهنية بين معدي الموازنة والقيادات المسؤولة عن إقرارها وبين الدوائر المهنية المتخصصة من خبراء ومصرفيين واقتصاديين ورجال أعمال.
ظاهريا يمتلك الاتئلاف الحكومي أغلبية مريحة للمصادقة على الموازنة، لكن النقاشات والخلافات لم تتوقف حتى الآن، فنفقات الحرب زادت عن التوقعات، بسبب طول أمد الحرب، كما تستعر الخلافات بين مختلف الوزراء والكتل والأحزاب بسبب حرص كل طرف على الحيلولة دون تاثر القطاع الذي يمثله.
خلفت الحرب آثارا اقتصادية ومالية هائلة سواء تلك المباشرة مثل مصاريف القتال من أسلحة وذخائر وطلعات جوية، واستدعاء مئات آلاف جنود الاحتياط، وإجلاء نحو مئتي ألف من سكان غلاف غزة والشمال، ونفقات استضافتهم في فنادق ومنتجعات على نفقة الحكومة، وانهيار قطاعات اقتصادية مهمة كالزراعة والبناء والسياحة والنقل الجوي والتعويضات التي تقدمها الحكومة للأفراد والشركات. إلى جانب الخسائر المتوقعة على المديين المتوسط والبعيد وأهمها تراجع الاستثمارات الأجنبية وبخاصة في قطاع التكنولوجيا (وهو اتجاه تراجعي كان قائما قبل الحرب بسبب الانقلاب القضائي)، وتوقعات بانخفاض ملموس للفرص الواسعة التي كانت اسرائيل تعوّل عليها نتيجة للتطبيع والانفتاح على العالمين العربي والاسلامي، فضلا عما تتركه صورة اسرائيل الجديدة على العالم واحتمالات إدانة اسرائيل واتساع الدعوات لمقاطعتها وفرض العقوبات عليها.
تقدر نفقات الحرب التي تكبدتها اسرائيل حتى الآن، وسوف تتكبد المزيد منها خلال الفترة بين 2023-2025 بنحو 220 مليار شيكل، أي أكثر من 60 مليار دولار. وعلى الرغم من قوة الاقتصاد الاسرائيلي النسبية، حيث أن حجم الناتج المحلي الاجمالي بلغ في نهاية 2022 نحو 525 مليار دولار، مع معدل دخل فردي يزيد عن 50 الف دولار في العالم (البنك الدولي)، وبالتالي قدرة الاقتصاد الاسرائيلي على احتمال هذه الخسائر، فإن حجم الخسائر يمكن أن يبتلع جزءا كبيرا من انجازات الاقتصاد الاسرائيلي خلال السنوات الماضية، ويهدد بعض أوجه الرفاه التي يوفرها الاقتصاد، وما يزيد من تفاقم المشكلة طريقة ادارة حكومة التطرف اليميني التي دخل أقطابها في مفاوضات عسيرة من أجل الحفاظ على التنفيعات التي تقدمها أحزابها لجمهورها الانتخابي الضيق كما يفعل كل من سموتريتش وبن جفير تجاه الأموال المخصصة للاستيطان، وكذلك حزبا شاس ويهدوت هتوراة للمصاريف المخصصة للجمعيات والمدارس الدينية اليهودية.
وشهد الربع الرابع من العام 2023 الذي وقعت فيه الحرب، انكماشا للاقتصاد الاسرائيلي بنحو الخمس (19.4%)، ما أدى إلى انخفاض النمو السنوي للاقتصاد الاسرائيلي إلى 2% فقط قياسا بنسبة 6.5% التي سجلت في العام 2022. ومن مظاهر الأزمة الاقتصادية الحادة انخفاض الصادرات بنسبة 18.3% خلال العام نفسه، وانخفاض الواردات بنسبة 42.2% (ويعزى ذلك جزئيا لإلغاء كثير من شركات الشحن والطيران رحلاتها إلى اسرائيل، وارتفاع كلفة النقل البحري بسبب التوترات في البحر الأحمر. ومن الضربات الموجعة كذلك انخفاض نسبة الاستثمار الأجنبي بنسبة 70% وهو اتجاه كان قائما قبل الحرب واتسع بشكل دراماتيكي بعد الحرب.
الخطوط العريضة لموازنة العام 2024 كانت قد أقرت خلال الحرب وشملت زيادة عن السنة السابقة بمقدار 70 مليار شيكل، وكذا فإن محموع التقليصات في موازنة العام 2024 سيصل إلى 137 مليار شيكل (حوالي 38 مليار دولار) .
وقد اقرت الحكومة اقتطاع نسبة 5% من موازنات جميع الوزارات وفق آلية قانونية ثابتة، ومنع وزير المالية سموتريتش جميع الوزارات من الإنفاق من الموازنة الجديدة قبل الإقرار النهائي لها، ولكنه في الوقت نفسه أبقى الموازنات المخصصة للاستيطان كما هي، وقلص الموازنات المرصودة للوسط العربي (كمخصصات مكافحة الجريمة وتطوير القدس) بنسبة 35% أي سبعة أضعاف ما تعرضت له بنود الموازنة الأخرى.
خلال مفاوضات إعداد الموازانة، عانى محاسبو الدولة أكثر ما عانوه من معارضة وتعنت الوزارات التي يشرف عليها الوزير المتطرف ايتامار بن جفير، الذي رفض اقتطاع اي جزء من موازنة الوزارات التي يشرف عليها وزراء حزب عوتسما يهوديت، لذلك عمد معدو الموازنة إلى تقديم رشوة جانبية: إجراء الخصم على موازنات الوزارات وتقديم دعم للجمعيات الأهلية التي تتبع لهذه الأحزاب! وبالنتيجة خرج جميع وزراء الحكومة غاضبين من اجتماعات مناقشة الموازنة باستثناء وزراء اليمين المتطرف الذين انتصروا في معركة الحفاظ على امتيازات جمهورهم وناخبيهم.
وأثارت طريقة إعداد الموازنة وأولويات الأنفاق احتجاجات عدد كبير من الاقتصاديين والخبراء الذين اتهموا الحكومة بمراعاة الاعتبارات الحزبية والائتلافية على حساب الاعتبارات الوطنية والأمنية، ففي رسالة وقعها 300 خبير من بينهم بينهم يعقوب فرانكل محافظ البنك المركزي، وغوش انغريست حائز جائزة نوبل للاقتصاد، وعدد كبير من أساتذة الاقتصاد، ومن شغلوا منصب المحاسب العام للدولة، خاطبوا رئيس الوزراء ووزير المالية بأنهم لا يفهمون حجم المشكلة الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد الاسرائيلي، ويجب عليهم ان يتصرفوا بطريقة مختلفة. ودعا الموقعون إلى تخصيص الأموال للمصاريف الضرورية التي فرضتها الحرب ووقف تمويل التحالف على حساب تعويض أضرار الحرب ومساعدة الضحايا.
* مركز تقدم للدراسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف هي العلاقة بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية؟


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة


.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24




.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و