الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله في الشارع

حسين عبدالله نورالدين

2006 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


كما وعد وهدد، أنزل حزب الله أشياعه ومناصريه ومؤيديه وأتباعه إلى الشارع. ودعا العماد ميشيل عون الجماهير لمواصلة الاعتصام بالشارع إلى حين إسقاط حكومة السنيورة.

طوال ساعات الاعتصام كانت هناك شعارات تحريضية مكشوفة ضد الحكومة تخللها خطبة رنانة من العماد ميشيل عون تلاها دعوة من احد نواب حزب الله للمشاركين بالبقاء معتصمين إلى حين أن يأمر رئيس الجهورية بحكومة جديدة.

كيف يمكن لهؤلاء الزعماء السياسيين من حزب الله وأمل وتيار ميشيل عون وغيرهم أن يواجهوا ضمائرهم إذ يصفون حكومة السنيورة بأنها حكومة غير دستورية وهم خلال حرب تموز كانوا يصفونها بأنها حكومة المقاومة السياسية. كيف لهم أن يصفوا الحكومة بهذه الصفات وهم أكثر من غيرهم يعرفون أن هذه الحكومة هي التي أنقذتهم وأنقذت لبنان من نتائج مغامرة حزب الله الفاشلة. كيف للسياسيين أن يغيروا عباءاتهم بهذه السهولة وهذه السرعة؟

من الواضح لمن استمع إلى هذا المهرجان التحريضي الذي نقلته محطة المنار وبعض المحطات اللبنانية الأخرى أن الشعارات التي أطلقت كانت شعارات بائسة ويائسة بلغت حد الإساءة الشخصية. والتهريج في الشعارات والدعوات إلى حد الابتذال. فإلى أين يريد حزب الله أن يأخذ لبنان والشعب اللبناني؟

في تموز الماضي اخذ الحزب لبنان إلى نفق مجهول أدى إلى دمار كبير وخسائر اقتصادية هائلة إلى جانب الخسائر البشرية التي لا تقدر بثمن.

بالأمس، عندما وجه أمين عام حزب الله ندائه إلى جماهيره ومناصريه للنزول إلى الشارع كان واضحا من خطابه انه لا يقول كلامه من قلبه. كان يفتقد الحماس الذي عرفناه فيه. لم تلمع عيناه أو تتحرك لحيته. ربما كان يوجه تعليماته للأتباع والمريدين نتيجة تعليمات جاءته من الخارج. من دمشق أو طهران كما هي العادة فبدا وكأنه يتحدث بشيء غير مقتنع به، تماما كما يعيد المتهم الاعترافات المفروضة عليه بالقوة. ربما أن السيد حسن نصرالله هذه المرة يعرف نتائج ما يفعل ويستطيع أن يرى الدمار الذي يحدق بلبنان جراء هذا الفعل الأهوج الذي يناصره فيه العماد عون، والمير أرسلان، والداعية فتحي يكن والوزير السابق سليمان فرنجية، وبعض السياسيين اللبنانيين الذين باعوا ضمائرهم للخارج. من اجل هذا كان كلام السيد نصرالله بالأمس باهتا خاليا من الحيوية المعهودة فيه.

ولكن هل ستظل الحكومة اللبنانية صامتة حيال ما يجري من إعاقة للحياة العامة والحياة الاقتصادية للبنان؟ أمام لبنان خيارات محدودة جدا أهونها سيجر البلاد إلى صراعات دموية. والتساؤلات المشروعة التي يتم تداولها هي ماذا سيكون رد فعل رئيس الوزراء فؤاد السنيورة وقد سمع شتمه بأذنيه. الوضع متأزم وأي غلطة مهما كانت بسيطة ستشعل الفتيل الذي لا يتمنى احد أن يشتعل. الجيش اللبناني في الشارع أيضا والأحزاب الأخرى تسن سلاحها بانتظار لحظة مناسبة.

من المعروف في الديمقراطيات العريقة انه عندما تقوم شريحة كبيرة من الشعب بمطالبة الرئيس أو رئيس الوزراء بالاستقالة وبمسيرات شعبية كبيرة فان الرئيس أو رئيس الوزراء يتخلى عن منصبه نزولا عن رغبة الشعب. لكن الأمر في لبنان مختلف. فهذه المطالبات باستقالة الحكومة ليست ذات هدف ديمقراطي نظيف. بل يقبع خلفها نوايا وأهداف وأسباب مشبوهة أولها وآخرها الارتهان لقرار الخارج هروبا من استحقاقات سوف تكشف المستور. فإسقاط الحكومة أن حدث هدفه إسقاط استحقاق المحكمة الدولية، وإخفاء الحقائق، وإيقاع لبنان ف دوامة جديدة وتضييع الحقيقة التي يبحث عنها لبنان من أكثر من ستمئة وستة وخمسين يوما.

الخوف أن يستقيل السنيورة فعلا من باب انه يريد حقن الدماء، ويقع لبنان في الفراغ الذي سيؤدي إلى الصراع الذي لن يفيد منه احد سوى قوى الخارج. الأسوأ أن تفقد السلطة اللبنانية أعصابها وتأمر بتدخل الجيش لتفريق المعتصمين وبالنتيجة تتهيأ الفرصة للتدخل الخارجي مجددا. فتصدق نبوءة نصر الله الذي قال وعدتكم بالنصر دائما واعدكم بالنصر مجددا وهي المقولة التي ظل المعتصمون يسمعونها. ويكون النصر الجديد هو التدخل الخارجي من جديد. لكن التدخل الخارجي هذه المرة لن يكون سوريا فقط ولحماية فئة ضد فئة، بل سيكون تدخلا دوليا يفتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط ويخلط الأوراق ويعيد رسم الخرائط.

بات واضحا أن ما يريده حزب الله هو إقامة لبنان مختلف يكون هو صاحب الكلمة العليا فيها بحكم انه يملك السلاح ويملك ما يسمي شرعية المقاومة وبالتالي فان كلمته تكون سامية على كلمة غيره من الأحزاب والقوى السياسي. فلا يبدو أن هناك أهدافا واضحة محددة ذات معالم سياسية يمكن قياسها تطالب بها المعارضة في لبنان. فهذه المطالب الغوغائية بإسقاط الحكومة تظل بلا معنى إذا كانت نتيجتها مجرد استبدال شخص بشخص. لم تعلن المعارضة أن لديها برنامجا سياسيا واضح المعالم. هي مجرد اتهامات لا يمكن إثباتها بان حكومة السنيورة تأتمر بأمر السفير الأميركي، فماذا ستفعل أي حكومة قادمة غير الذي تفعله حكومة السنيورة الآن؟

الصوت العالي والتغني بالمآثر الوطنية والشعارات التي تدغدغ عواطف الجماهير لا تكفي لبناء موقف صحيح. ففي النهاية الشعب يريد شيئا ملموسا وإذا ما سقطت الحكومة اللبنانية فإنها ستكون آخر حكومة يعرفها لبنان لان بعدها ستكون هناك حكومات ورئاسات متنافرة ومتناحرة يكون ضحيتها المواطن المسكين الذي يتاجر بقوته السياسيون الساعون لأهداف آنية لا تخدم مصلحة البلاد، ويغوص لبنان في نفق مظلم قد لا يجد منه مخرجا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة