الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس في الثقافة مقتطفات 93

آرام كربيت

2024 / 3 / 13
الادب والفن


عقدة الاضطهاد
عقدة الاضطهاد مرض لا شفاء منه، إذا اعطيته عينك سيطلب قلبك، روحك، مالك، أرضك، زمانك ومكانك.
إنهم لا يشبعون، لديهم قدرة على نهم كل ما يقع تحت أيديهم، الجوع نائم في دهاليز أعماقهم.
الذي يعاني من عقدة الاضطهاد في داخله كائن سلطوي قذر، مستعد أن يحرق الأرض كلها بمن عليها لتحقيق مصلحته.
هؤلاء مخيفون جدًا ومرعبون.
علينا الحذر من هؤلاء المظلومين، أن يتم معالجتهم قبل أن يأخذوا مواقع مهمة في الدولة والمجتمع.
لقد عانت منطقتنا من الخراب والتدمير على يد وعقل هؤلاء المرضى عندما وصلوا إلى السلطة، كجمال عبد الناصر والسادات ومبارك، وحافظ الأسد وصدام حسين ومعمر القذافي وجعفر النميري وحسن الترابي وعمر البشير، وفي الخارج كستالين وماو تسي تونغ، وكيم إيل سونغ وعجيانه، وغيرهم كثير.
ميزة الديمقراطية الإيجابي أنها تقصقص أجنحة هؤلاء المرضى.
بالمناسبة أغلب المؤمنين بالدين والقومية، لديهم عقدة الاضطهاد، لأن أيديولوجيتهم قائمة على الإحساس بالقهر والذل والحرمان والنبذ، لهذا فإن تماسكهم مرضي.

السجين السياسي
كما تعلمون أن المثقف، خاصة السجين السياسي، ذو تركيبة نفسية وعاطفية معقدة جدًا، لديه قدرة هائلة على التحكم في مشاعره وعواطفه وضبط انفعلاته وسلوكه.
عندما دخلت السجن في عمر 29 سنة، في العام 1987، كان لدى أغلبية السجناء القدامى مدد طويلة في السجن تمتد إلى سبعة أعوام.
والأغلبية كان قد قطع علاقته مع العالم الخارجي، على أساس شبه يقيني، أننا سنبقى في السجن طول العمر كله، ولن نخرج منه.
كان بيننا شيوعيون وأخوان مسلمين ونقابيون كنقابة المهندسين والمحاميين، وبعثيين، وناصريين، وكنا نزور بعضنا ونتحدث في الثقافة وأغلب مجالات الحياة.
وأغلبنا كان يراقب بعضه، ويسجل نقاط على بعضه، لهذا أستطيع القول ان الناس لم تعلن عن مشاعرها وعواطفها، تبقيه في مخدعها، ونادرا جدا تخرجها إلى العلن.
حتى المشاعر الطبيعية كالحنين للأولاد، للزوجة، للأهل كانوا نادرا يتكلمون عنه.
لهذا فإن لغتنا كان خالية من الأنثى، من المشاعر المعلنة.
سألتني مسؤالة الخدمات الاجتماعية عندما وصلت السويد في العام 2003، هل كان في السجن شذوذ جنسي؟ وأضافت:
هل تخجل من الحديث عنه؟
قلت مباشرة، لا. لا اعتبر هذا الموضوع معيب أو مخجل، هذه مسألة شخصية بحتة، لا أحبذها لكني لا اتدخل في هذا الأمر.
لكننني لم أر هذا الشيء على أرض الواقع، لا في الإشارات ولا في السلوك، ولم أسمع عن ذلك، أغلبنا كان يتحدث ويلتقي مع بعضه، ونعرف بعضنا، والمكان ضيق وفاضح، ولا يمكن إخفاءه فيما إذا كان موجودًا.
كان الأغلبية يقرأون، يكتبون، يلعبون الرياضة، وأحيانًا يتكلم عن المرأة بخجل، وقسم كبير منّا لم يكن له تجارب عاطفية عميقة مع المرأة، ولم يدخل عالم المرأة، ودخلوا السجن في أعمار صغيرة.
لهذا لم ار شذوذا سواء في الممارسة أو في الحديث او في الإشارات.
بكل صراحة كنّا أنقياء القلب والضمير، أقرب إلى الرهبان، وكان لدينا رغبة كبيرة أن نطور أنفسنا في المعرفة والثقافة كقراءة الشعر أو القصة القصيرة أو الرواية أو الكتب التي تتعلق بعلم النفس، والسياسة والتاريخ والفلسفة والدين.
كنّا أقرب إلى طلاب الجامعة، ولم نهدر أوقاتنا في الفراغ.

الثقافة بعد ترتيب انظام الدولي في القرن الواحد والعشرين، وبعد تعزيز الليبرالية المتوحشة، كتوحش ميلتون فريدمان
إنني أرى بعد أحداث الحادية عشرة من أيلول العام 2001 أن الثقافة تموت يوما بعد يوم.
وكأن هناك أيدي خفية تعمل في السر، تسهر على تدمير كل ما هو جميل في هذه الحياة، كالموسيقا والأدب والفن والجمال والحق والعدالة. وكل أنواع الإبداع.
وتدمير الحياة بشكل ممنهج.
بصراحة، إن انفصال الدولة عن مهمامها لمصلحة الاحتكارات العالمية ستلغي في الأيام والأعوام القادمة مفهوم الوطن والقومية والدين لمصلحة الإرهاب والخراب.
عمليًا انتهت الدولة كمفهوم، أنها تحتضر.
هناك مرضى، نرجسيون، مصابون بجنون الارتياب والشك، يقبضون على هذا العالم ولن يتركوه إلا مدمرًا بالكامل.

الثقافة
الثقافة هي التي تشكلنا, نأخذها على علاتها وكأنها لنا, ملك خاص, أو ملكية خاصة, وندافع عنها إلى حد الموت, بيد أنها خارج عنا, منفصلة عنا في الوقت التي تشكلنا على مقاسها, السؤال:
هل نحن ثقافة, اقصد, هل الإنسان لا قيمة له دون هذه الثقافة أم أن الثقافة الخائنة لنا هي ضرورة ودونها لا حياة لنا.
لماذا لا نبحث عن ثقافة تخصنا بدلا أن تأتي الينا من غيرنا, أجدادنا على سبيل المثال, وهل ما شكلوه صحيح أم فيه قهر وهزيمة وضياع.
الناس محكومون بالثقافة:
هل هم أسرى أم ضحايا؟ إن ينشأ الإنسان في بيئة تغذيه بالحقد والكراهية لكل مكون مختلف عنه؟ هل نعطف على أولئك الضحايا أم نرجمهم؟
كما هو معروف, الإنسان مقيد بحمولات ثقافية دون أن يدرك ذلك, ويدافع عنها إلى درجة الموت, في الوقت الذي يحتاج الى جهد عقلي للتخلص من العيوب الثقافية التي علقت به من الواقع.
الثقافة عبء, مرض, جاءنا من الماضي ملوثا بألف عيب وعيب, ونحن نستثمره في تدمير حياتنا ومستقبلنا.
إننا نتحرك في ظل ثقافة الأقوياء, النخب التي تحكمنا من داخلنا وتسيطر علينا.

مناجاة
آه.. آه يا أماه, لماذا أنجبت مولودك في بلاد الوجع والضياع. أية سعادة كان يحملها قلبك بين كفيك حين حلمت بمولود تنتظره المواجع. أنت تعرفين أن بلادنا بلاد عابرة للمتاهة والسراب, والقوافل الراحلة, بلاد مفتوحة على الريح والضباب والموت المنقوش على السلالم المعوجة والأغصان المكسرة. بلاد مفروشة على أكوام العواصف والهبوب المتناثرة المرمية هنا وهناك. لماذا كنت تظنين إنني مولود من الحب, أين كنت تريدين أن أقف, على أي رصيف من أرصفة العمر, في أية لحظة من لحظاته سأقدم كقربان مدمس, مسفوح الدم ومهتوك الروح والقلب مثل سنبلة جافة. هل كنت تعلمين على أي قربان كنت سأمدد, إذا, لماذا بقيت يداك مرفوعتان إلى السماء تناجي أن يخففوا عني استباحة دمي أمام أقدامهم
أوسخ شيء في هذه الحياة كلها أن تقدم على فعل قذر. وتتهم غيرك بها.

قبل خمسة عشرة سنة كتبت التالي:
ـ لا يمكن اسقاط الهلال الشيعي الممتد من ايران عبر سوريا وصولا إلى لبنان, لأنه ينسجم تماما مع فكرة صراع الحضارات الذي طرحته الإدارة الأمريكية, القائم على زرع الانقسام الاجتماعي والسياسي على طول الرقعة السياسية للمنطقة العربية والإسلامية.
وربما ينجح الحوثيون في اليمن في الوصول إلى السلطة, فتدخل المنطقة كلها في أزمة وجودية مستعصية, ربما تمتد إلى عشرات السنين من الزمن يصاحبها استنزاف الثروات والبيئة والمال والنفوس والقتل ولدمار والحروب.
يذهب ضحيتها البسطاء والمهمشون والفقراء.
وأريد القول, العيب ليس في الشيعة والسنة, إنه عيب السياسات.
أليست الرأسمالية هي من ينظم هذا العالم على أساس تخريبه من داخله.
الهلال الشيعي هو فعل سياسي، بمعنى، ليس بالضرورة أن يكون فيه أكثرية شيعة. إنه عمل، شغل وإنتاج سياسي قذر، من أجل تأزيم المنطقة ونهبه.

الأقليلة المالكة للمال والسلطة ينظمون العالم على أساس الفوضى المدمرة
هناك, 5 % , من البشر, يحوزون أو يملكون أغلب ثروات هذا العالم, والسلطة والنفوذ. ويحولون الباقي إلى مجرد أدوات, عبيد, ضحايا. هذا ليس جديدا, عمره عشرات الآلاف من السنين.
لنتخيل, لو غابت ال 5 % , النخبة المالية والسياسية عن المسرح العالمي, ماذا سيكون حال هذه الحضارة القائمة على هذه التراتبية العامودية الضيقة؟ وكيف سننظم حياتنا وعلاقاتنا ومستقبلنا؟
هل العبودية جزء من التكوين النفسي لنا, كبشر؟
وأريد التأكيد أن 5 % , أيضا, هم عبيد بصورة أخرى. فهم داخل الدائرة ذاتها. فمن يستعبد غيره هو عبد في تكوينه. هروب إلى الأمام.


وعاودت الرحيل. سمعت هسهسات الهواء وبقايا رياح شتائية حزينة.
وتذكرت أن الحياة كائن جميل, امرأة, سر.
وهناك، أيضًا الكثير من الوحوش الكبيرة يبترون أعضاء الأطفال والنساء. ويبتلعون كل شيء, بيد أننا جزء منها.
لولا الحياة والوجود والجمال, الجبال والأنهار والبحار لما كان لنا ذاكرة.
وجميع الكائنات ولدوا من ذاكرة غريبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟