الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف قضت حرب غزة على السلم العالمي ؟

محمد رضا عباس

2024 / 3 / 13
القضية الفلسطينية


حرب غزة قضت على كل اهداف الأمم المتحدة و الأفكار الغربية التي سوقت منذ عقود , مثل الديمقراطية , حق تقرير المصير , و حقوق الانسان . دول عظمى وقفت مكتوفة الايدي امام إسرائيل وهي تمطر أبناء غزة بالقنابل الذكية والغبية حتى وصل عدد شهداءها اكثر من 31 الف واكثر من 80 الف جريح. نحن نتكلم عن قطاع لا يتجاوز مساحته 365 كيلو متر مربع , ونفوسه2.1 مليون , وبذلك من السهل علنا الاستنتاج ان كل مواطن في غزة خسر واحدا او اكثر من اهله او معارفه . البعض منهم خسر افراد عائلته بالكامل. و لا ادري ما ذا يبقى للإنسان وهو يخسر افراد عائلته الواحد بعد الاخر , غير الحقد والكراهية ضد دولة اخرجته من ارضه , وتريد محو ذكره.
حديثنا ليس حول غزة , فلها الله , ولكن حديثنا عن ما هي تأثيرات هذه الحرب المستقبلية على السلم في العالم ؟ لقد قلت في أعلاه ان اول ضحايا هذه الحرب هو المفاهيم الغربية التي يريد الغرب نشرها في العالم , ومنها الديمقراطية و حقوق الانسان . لا اعتقد ان بقالا في مصر او في السودان او في لبنان سوف يشتري هذه العناوين , بل سوف يضحك منها , وحسب ما عبر عنه احد المواطنين العرب الذي ظهر على احدى الفضائيات العربية , فانه سوف يضرب بجزمته على راس كل شخص يتحدث عن حقوق الانسان . حقوق الانسان أصبحت عصا ضد أي رئيس دولة لا يرغب له الغرب.
اهداف الأمم المتحدة أيضا في مشكلة كبيرة . كان الناس ينظر الى هذه المنظمة على ان اهم اختصاصاتها هي فض النزاعات الدولية , واعطت لنفسها الحق بتشكيل جيش لمحاربة كل دولة تعتدي على دولة أخرى . فعندما غزا صدام حسين دولة الكويت شكلت الأمم المتحدة قوة عسكرية من 36 دولة من اجل طرد جيش صدام من الكويت وارجاعها الى ابناءها . حرب غزة كشفت ان تجمع الجيوش لمحاربة دولة معتدية لا يطبق على جميع المعتدين ! الا عندما يكون المعتدي ليس مدعوما من دولة عظمى . اما اذا كان هذا المعتدي مدعوم من دولة عظمى او دول عظمى , كما هو الحال مع إسرائيل , فلا خوف عليها , لها الحرية بخرق كل شرائع الأرض والسماء بدون حساب. بل اكثر من ذلك , يعاقب كل من يصرخ من شدة المه وهو يرى تساقط القنابل على سكان مدنيين لا حول ولا قوة لهم سوى تمسكهم بارضهم التي ولد فيها اجداد اجدادهم عليها .
يأخذنا هذا التمادي بالقتل وانتهاكات حقوق الانسان في غزة وبدون محاسبة او حتى التنديد به , بالقول , انه اذا سكت العالم عن المجازر في غزة , فما المانع ان يسكت عن مجازر مشابهة أخرى في الشرق الأوسط وعلى يد نفس الجزار؟ الغرب ومنذ فترة يخطط الى تقسيم دول الشرق الأوسط الى دويلات صغيرة متحاربة , ولديه خرائطها , الجزيرة الى ثلاث دول , العراق الى ثلاث دول , سوريا الى أربعة دول , لبنان الى سبع دول , طرد الفلسطينيين من جميع فلسطين واسكانهم الأردن , وبذلك يتحقق حلم برنارد لويس المعروف بصهيونيته وكراهيته للعرب والمسلمين .
طبعا تقسيم المقسم سوف لن يكون صعبا ولا يحتاج جيوش من خارج المنطقة لتحقيق حلم إسرائيل او برنارد لويس , فهناك بشر حمقى من اهل المنطقة يمكن استخدامهم لتحقيق الحلم .
وبالطبع هذا يقودنا بالقول ان على الدول العربية الوطنية وغير الوطنية , الديمقراطية وغير الديمقراطية , الملكية و الجمهورية تسهيل أمور شعبهم , العمل من اجل حفظ كرامة شعوبهم , توفير فرص عمل لهم , ونشر روح الوطنية بينهم . صدقوني لو ان صدام حسين نشر روح المواطنة وليس روح حب القائد بين العراقيين لما سقطت بغداد بدبابتين امريكيتين . لقد سقطت بغداد ذات السبعة ملايين بدبابتين فقط , فيما فر الرفاق الى ارض الله الواسعة بعد ان وجدوا انفسهم وحيدين في المعركة ليس لهم من ناصر .
حرب غزة يقودنا للقول , ان ما حدث بها من خرق جميع قوانين الأرض والسماء قد يحدث لأي دولة اخرى . وبذلك يجب على الدول التي ينقصها السلاح والعتاد تأجيل خططها التنموية الاقتصادية الى اشعارا اخر .
وبما ان توريد السلاح اصبح أداة ضغط بيد صناعه , فمن الاحسن تنويع مصادر السلاح . فاذا امتنعت دولة من تصدير السلاح فمن الممكن تعويض نقص السلاح من دولة أخرى.
الجميل في هذا العالم هو التحويل , وان كان بطيء ولكن بخطى ثابته , نحو تعدد القطبية , وبذلك سيسهل على الدول الضعيفة الاحتماء بالدول القوية .
ونتيجة تراكم السلاح عند الأمم , فسوف تكثر النزاعات الإقليمية ,و سيجد العقلاء من العالم صعوبة القبول بهذا الوضع , ولكن هذه نتيجة سكوت العالم عن معتدي . العودة الى زمان الحرب الباردة , حيث ينقسم العالم بين اسير للعبودية والأخرى الى الحرية والانعتاق . واذا شكل انهيار الاتحاد السوفيتي انتصار للمفاهيم الحرية والديمقراطية , فان هذه المرة , سيكون الانتصار للسيادة الوطنية والاحترام المتبادل بين الأمم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا