الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على الأحزاب الأوروبية الرئيسية أن ترفض الشعبويين المتطرفين

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2024 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة / محمد ناجي

عندما يتعلق الأمر بالسياسة على مستوى الاتحاد الأوروبي ، فإن الناخبين الرئيسيين يشعرون بالاستياء الشديد من تعاون أحزابهم مع المتطرفين والمستبدين المحتملين .

ومع التوقعات بتحقيق اليمين المتطرف الشعبوي مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران 2024 ، سيواجه تيار يمين الوسط السائد خيارا مصيريا . هل يجب عليها أن تنبذ هؤلاء المتطرفين ، أم أن تخون مبادئها وتحتضنها ؟

على المستوى الوطني ، أجابت أحزاب يمين الوسط بالفعل على هذا السؤال ــ فبعضها يفرض طوقاً ضد التعاون مع المتطرفين ، في حين ينضم البعض الآخر إلى ائتلافات . ولكن من الغريب أن العديد من الأحزاب الرئيسية التي رفضت التحالف مع المتطرفين في بلدانها الأصلية تبدو راضية تماماً عن التحالف معهم على مستوى الاتحاد الأوروبي ، من خلال الأحزاب الأوروبية والمجموعات السياسية في البرلمان .

فلماذا هذه المعايير المزدوجة ؟

من المحتمل أن يرجع هذا إلى اعتقاد هذه الأحزاب أن ناخبيها سوف يتفاعلون بشكل مختلف مع مثل هذا التعاون على المستوى الأوروبي . ورغم أن العديد من الأمثلة المحلية تشير إلى أنهم كانوا على حق ، فإن التحول يلوح الآن في الأفق .

لنأخذ على سبيل المثال تجربة الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا (CDU) : لقد حافظ حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لفترة طويلة على خط أحمر صارم ضد التعاون مع اليمين المتطرف محلياً . وفي المناسبات النادرة التي تم فيها كسر هذا الخط الأحمر ، كان رد فعل الناخبين سلبيا للغاية ــ على سبيل المثال ، الإطاحة بأنيجريت كرامب كارينباور من رئاسة الحزب في عام 2019 . علاوة على ذلك ، تذكرنا المظاهرات الحاشدة الأخيرة ضد صعود اليمين المتطرف في ألمانيا بمدى أهمية هذا الخط الأحمر .

ومع ذلك ، فإن نفس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) الذي تعامل مع اليمين المتطرف باعتباره ساماً محلياً ، تحالف بسعادة مع حزب فيدس اليميني المتطرف الذي يتزعمه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والذي أصبح سلطوياً بشكل متزايد في حزب الشعب الأوروبي (EPP) لمدة عقد من الزمن - ولا يبدو أن ناخبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) مهتمين لذلك .

ومع ذلك ، هناك دلائل تشير إلى أن ردود أفعال الناخبين تجاه مثل هذه التحالفات البغيضة على مستوى الاتحاد الأوروبي ربما بدأت تتغير . ويبدو أن الأحزاب الرئيسية - وليس فقط تلك التي تنتمي إلى يمين الوسط - قد تبدأ على نحو متزايد في دفع ثمن سياسي لتحالفها مع المتطرفين في بروكسل وستراسبورغ .

جاءت العلامات الأولى لهذا التغيير في عام 2021 ، عندما تحرك حزب الشعب الأوروبي أخيرا للإطاحة بأوربان ، مما دفعه إلى القفز قبل أن يتم دفعه . وبعد عقد من الدفاع بوقاحة عن الزعيم المجري في حين كان يعمل على تآكل الديمقراطية في بلاده ، فإن ما جعل حزب الشعب الأوروبي ينقلب ضده في نهاية المطاف هو أن التراجع في المجر أصبح مهماً بالدرجة الكافية بالنسبة لعدد من الأحزاب الأعضاء في حزب الشعب الأوروبي إلى النظر إلى التحالف باعتباره عائقاً انتخابياً .

في وقت لاحق ، على الجانب الآخر من الطيف السياسي ، قام حزب يسار الوسط للاشتراكيين الأوروبيين (PES) استبعد حزبه السلوفاكي (Smer) وزعيمه الاستبدادي روبرت فيكو في أكتوبر 2023 . وجاء التعليق مباشرة بعد الإعلان عن أن (Smer) سيشكل حكومة مع حزب يميني متطرف.))

تشير السرعة النسبية التي تصرف بها حزب الاشتراكيين الأوروبيين PES إلى أن بعض الأحزاب الأوروبية على الأقل أصبحت أكثر حساسية للتكاليف المحتملة التي قد تترتب على سمعتها نتيجة للتحالف مع المتطرفين والمستبدين المحتملين على مستوى الاتحاد الأوروبي . وتقدم دراسة قمنا بنشرها مؤخراً مع الزميلين ميشيل فينزل وبيت ريجر أدلة قوية على أن الأحزاب الأوروبية الرئيسية من الأفضل لها أن تقاوم مثل هذه التحالفات .

واستناداً إلى تجربة استطلاعية شملت أكثر من 8000 ناخب في ألمانيا وإيطاليا ، بحثت دراستنا فيما إذا كان الناخبون العاديون فشلوا في الرد على تعاون أحزابهم مع المتطرفين على مستوى الاتحاد الأوروبي ، لأنهم لم يهتموا بمثل هذه الترتيبات ، أم ببساطة لأنهم لم يفعلوا ذلك لأنهم لم يهتموا بالاطلاع عليها .

وتؤكد نتائجنا أن معظم الناخبين لا يعرفون سوى القليل عن هذه التحالفات ، إذ لم يتمكن 72% من المشاركين في الاستطلاع حتى من تحديد الحزب الأوروبي الذي ينتمي إليه حزبهم الوطني . ولكن بمجرد أن أدركوا أن الحزب الذي يدعمونه كان يتعاون مع حزب يميني متطرف أو حزب استبدادي ، وجدنا أن 65% يعارضون مثل هذا التعاون ، وقال 41% إنهم من غير المرجح أن يصوتوا لحزبهم في الانتخابات الوطنية المقبلة .

وتتناقض هذه النتائج بشكل لافت للنظر مع المواقف بشأن التعاون مع حزب وسطي في نفس الحزب الأوروبي ، وقال 9% من المشاركين في الاستطلاع إنهم سيعارضون ذلك ، وقال 11% فقط إنهم من غير المرجح أن يصوتوا لحزبهم نتيجة لمثل هذا التحالف .

في الواقع ، وجدنا أن ردود فعل الناخبين تجاه الأحزاب الرئيسية المتعاونة مع المتطرفين في بروكسل كانت سلبية بقدر ما تفاعلوا معهم في الحكومات الائتلافية في الداخل . وبينما وجدنا أن الناخبين من التيار السائد يتفاعلون بشكل سلبي مع التعاون مع الأحزاب المتطرفة بجميع أنواعها ، فإن ردود أفعالهم تكون أكثر سلبية عندما تتحالف أحزابهم مع أحزاب اليمين المتطرف .

لسنوات عديدة ، كانت الأحزاب الأوروبية الوسطية المفترضة قادرة على تمرير الحكام المستبدين والمتطرفين دون أن يلاحظ ذلك ناخبيها من التيار السائد . ولكن مع ظهور قضايا التراجع الديمقراطي وصعود الأحزاب الشعبوية بشكل علني في جميع أنحاء القارة ، أصبح هؤلاء الناخبون أكثر اهتماما بالشراكات البغيضة على مستوى الاتحاد الأوروبي ــ ويبدو أنهم لا يحبون ما يرونه .

وعلى الرغم من ذلك ، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الهوية والديمقراطية اليمينية المتطرفة أو اليمين المتطرف والقوميين والمحافظين الأوروبيين والإصلاحيين قد يظهرون كثالث أكبر مجموعة في البرلمان الأوروبي الجديد . وهذا يعني أنه في حين من المرجح أن يحتفظ الائتلاف الوسطي المكون من حزب الشعب الأوروبي ، وحزب الاشتراكيين الأوروبيين ، ومجموعة التجديد الليبرالية بأغلبية ضئيلة ، فإن قبضتهم على السلطة ستكون ضعيفة ، وسوف تؤثر قوى اليمين المتطرف الشعبوية بشكل متزايد على السياسة في بروكسل وستراسبورغ .

ومع صعود اليمين المتطرف بهذه الطريقة ، فإن إغراء أحزاب يمين الوسط للتحالف معهم على مستوى الاتحاد الأوروبي سيكون أكبر من أي وقت مضى . ولكن كما يشير بحثنا ، ينبغي لهم أن يقاوموا هذا الإغراء ليس فقط لأسباب أخلاقية ، بل أيضا لأسباب استراتيجية . إن الوعي العام بمثل هذه التحالفات آخذ في التزايد ، والناخبون العاديون يكرهونها بشدة .

ببساطة ، من المرجح أن تدفع أحزاب يمين الوسط ، التي تتحالف مع اليمين الشعبوي المتطرف ، في السعي إلى السلطة أن تدفع الثمن في الانتخابات المقبلة ، وفي حالة القيام بذلك في المستقبل .

ر. دانييل كيليمن - جامعة جورج تاون .
جوناثان ب. سلابين - جامعة زيوريخ .

12 مارس 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل