الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كَذَا رَأَيْتُهُمْ يَفْعَلُونَ بِي فِي جَنَازَتِي

عبد الله خطوري

2024 / 3 / 14
الادب والفن


رَأيتُني شُعاعًا يسيح بين آلأشعة في آلفضاء .. رأوني غضا غرّيرا يلعب فُويْق صهوة حصان يطير في آلسماء .. رأيْتُني طيفا شفيفا يُومِض بين حيوات تلألأ بنور ليس يشبه ما يَعْرِف الأنام من أنوار .. رأيْتُني هالة من مُحال تسبح بلا رقيب بين حيوات تشرق بسَنًى ليس يُرى .. رأيتُني حُلْما من حُبور جَسور يُشْهر تباريحَه في جوف آلزؤام .. رأوني طفلا أخرقَ أحمقَ أهوكَ لا عقالَ لعقله آلمخبول .. رأوني عنيدا لَجوجا مشاكسا عليه أن يتمثل لِما يُنْصَحُ ويُقال، لِما يُؤْمَرُ به أو يُنهَى عنه .. حَيَّدْ سْيينْ طورى بَلاكْ غَرَاشْ أطُّوطيتْ اتركِ الجوادَ لحاله كُنْ عاقلا احترمْ المقام استحِ ممّن يكبرونك سنا إيني نعامْ إي يَمّاشْ تَلَّا تَقَّارَاشْ .. قال أكثر من قائل .. (١) سمعتُ فهمتُ هَززْتُ كتفيّ غير مبال .. لَمْ أعبأ لم أهتم لمْ أشأ الإذعان لأحد ... رأيتُني أراها تلك الأرواح الراحلة، أراني وإياهم تصهرنا الأتربة، تشكلنا ذوات أخرَ في عوالم بلا بداية في آلبداية بلا نهاية في آلنهاية .. بيني وبين آلدنى مفازاتٌ فارغة، وفلواتٌ من خواء، وبيدٌ من نجودٍ، وفياف من وهاد، وشعابٌ بلا مسالك في آلمسالك .. يتكلمون يرفعون أصواتهم ها هنا .. ها هناك .. لا أسمع غير آﻷفكار تخطر في عناني أبصرُها داخلي مُجَسَّدَةً بعين من أعين تخرج بالآلاف من محاجري مرفرفة بلا جناح .. أبصرُ أكَمَات غَنَّاء، رُكامات من رماد، هجعات يرقد فيها مَنْ هُم في آلحياة، ويقظات يصحو فيها آلنائمون مِن سباتهم تحت آلتراب .. رأيتُني ألمحُه صوتا يصدح في دركات آﻷرضين في معارج آلسموات .. ويحك إنْسِيّ .. يهمس آلطيف يجهر ينبس .. ما كان أجهلك .. أكنتَ تخال آلخلْقَ متروكا لمُحال، أكنتَ تحسب آلخفق خلوا ليس يوجد فيه غير رسومكم ورموسكم، أكنتَ تظن آلموجودات حفنة من تكتكات آﻷحقاب تترى لزوال .. يا هذا، لَمْ تولد من عدم في هباء في فراغ في سديم في خواء بلا غاية أو معنى، أوَلَمْ تَرَ كيف تُخْرَمُ آﻷعمارُ آلغضَّة تذوي تذبل في جأش مُهودُها يُطَوَّحُ بها في منحدرات آلسهوب وقيعان آﻷخاديد آلعامرة بالجماجم وآﻷشواك والديدان .. أين تُراها راحتْ رحلَتْ .. يا أنتَ يا أنتم .. تعمقون حَفْرَها آلحفرَ كيما لا تعثروا لها على أثر، تذرون آلرماد على آلرماد على موق آلعيون كيما لا تروها تتفسخ تتهرأ، أوَما درى في خلدكم حيثما وليتم وجوهكم ثمة خطوات ترجرج تُحَيْتَ أقدامكم .. الأرض أُمٌّ رَؤوم خَرَجْتَ منها كما خرج منها غيرك حضنتك آوَتْكم جميعكم، فإذا بك كأسلافك كأخلافك بذرة في بدن في صلب بين ترائب في رحم في مجال في زمان في مكان في أمد في أجل مسمى يقضي نحبه آيبا سيعود إلى نشأته آﻷولى كَرَّةً أخرى لا تمل أميمتُه تلقي به في آلعَنان يكشف يكتشف يرى ما لا يُرى تاركا حيزا من رمق لبقية آلبقية تأتي ستأتي .. أعمالكم غراسكم ترنو إليكم تعي نفسها وتعيكم .. انظر إليها، ما أكثرها، ما أقلكم، ما أعظمها، ما أهونكم .. لا تشح بمحياك عنها يا هذا، لا تأخذك لحظة آلدنى بدناها وإنْ رحبت .. لا تتوغل في حظيرة وَهْم مَعيشٍ وإن صَفَا .. إياك إياك آلانكباب، إن لك موعدا وإياها وإياهم وإيانا مهما حاولتَ لن يخلفك لن تخلفه، فآرفع هامتك افرد قامتك استوِ سمهريا شامخا غص مغاوصك ضاحكا ساخرا لا تبال بالأيام بآلليالي .. اغمضْ عينيك آستبصرْ آستشرفْ آرتقبْ آحتسبْ انتشِ في خيال .. اِنتبهْ .. اِنتبَهْتُ .. فِقْ .. أفقتُ .. فركتُ محجريَّ .. ملمومِينَ كانوا، محتشدين لازالوا حول الحفرة يُسَوُّونَها بعدما فرغوا من الجنازة .. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم منَ آلأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ .. جعلوا يرددون .. فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ .. يرفع أبي عقيرتَه بحماس، يجهر بالفواصل، يضغط على أواخر الآيات، يقف يسترد النفس الجاهش شاهقا بدموع عصية تأبى أنْ تُساعِفَ، ترفض أنْ تُكْشَفَ أو تُعْرَفَ وهُمْ يُخْرجون المرحومَ من نعش القبيلة يدنونه من آلحفرة .. كذا قلتُ في سري كذلك خمنتُ .. سبحان الله .. سمعتُ مَنْ حَفَر يرددون .. لم نجد صعوبة في تهيئة الرمس، بمجرد أن ضربنا ضربة أولى حتى توغل الفأس عميقا محدثا غورا شاسعا رغم أن معظم تضاريس الجبانة من الحجر الصوان، فما هي إلا هنيهات حتى تحول المكان سلسبيلا طيعا معدا للدفن بالتمام بقدرة القادر العلام .. أما كيف آنْتَحَوْاهذا الجانب من المقبرة دون غيره، فسببه تعليمات ألَحَّتْ عليهم من لدن خاطر خطر للجميع في لحظة واحدة جعلوا يقرون يُؤَمِّنون يتفقون هنا هنا في هذه الربوة سيكون مرقده هنا سيكون ميلاده .. كذا سمعت كذا أبصرت كذا رأيتهم يفعلون بي في جنازتي ...

☆ترجمات :
١_حَيَّدْ سْيينْ طورَى بَلَاكْ : ابتعدْ من هناك الآن
_ غَرَاشْ أطُّوطيتْ : إياك تسقط
_إيني نعامْ إي يَمّاشْ تَلّا تَقَّارَاشْ : استجبْ لنداء والدتك انها تدعوك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ