الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليد العاملة في شهر رمضان

طلعت خيري

2024 / 3 / 15
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


لم يمر الإسلام السياسي على تشريع قراني إلا وقلب موازينه رأسا على عقب ، حاشرا نفسه بمفاصل الحياة كلها ، وطامسا لمعالم الثقافة القرآنية ، ومفسدا للتشريعات ، ومربكا للفطرة البشرية المنسجمة مع النشاط العملي للطبقة العاملة ، التي تعتمد على الأجور اليومية لسد النفقات المعيشية ، وبغض النظر عن حلول شهر رمضان في الصيف أو الشتاء إلا ان آلية الإمساك والإفطار لا تنسجم مع أوقات الراحة والنوم للاستعداد للعمل في اليوم التالي ، لكثرة القيود والأغلال التي شرعت في شهر رمضان كالسحور وأوقاته ، وبالرغم من ان القران أجاز للذين لا يطيقون الصيام بسبب الأعمال الإنشائية أو الصناعية بتقديم فدية طعام عن كل يوم صيام ، إلا ان الإسلام السياسي شدد على الصيام ، مجيزا الإفطار فقط للمرضى والشيخوخة ، متجاهلا طبقات كادحة وفقيرة غيابها عن العمل يوم واحد ، يؤثر على المستوى المعيشي

قبل تحديد شهر للصيام ، ترك الله للمؤمنين حرية التنظيم الذاتي للإمساك والإفطار ، فمروا بحالة من الفوضى بسبب الصيام العشوائي ، فبعضهم أطال الإمساك وآخرين قصروا الإفطار ، وحرموا على أنفسهم الجماع ، فظهرت الخيانة للصيام ، فمنهم لم يتحمل الجوع والعطش فافطر، ومنهم لم يتحمل الكبت الجنسي فافطر، وللتخلص من الصيام العشوائي المربك ، حصر الله الصيام في شهر رمضان ، مع تحديد وقتي الإمساك والإفطار ، من الأخطاء التي وقع بها الإسلام السياسي ربط وقتي الإفطار والإمساء بصلاتي الفجر والمغرب علما انه لا يوجد ربط عقائدي ولا تشريعي ولا زمني بينهما ، كما ان أوقات الصلاة أوقات تنظيمية اختيارية لم يتدخل القران فيها ، لان الله ترك آلية التنظيم للمؤمنين أنفسهم للتنسيق بين الصلاة والعمل والنشاط المعيشي ، ضمن مواقيت يتفق عليها الجميع ، هذا بالنسبة لسكان المدن ، ولكن هنالك حالات استثنائية ، مثلا مجموعة من العمال سواء ان كانوا يعملون في قطاع خاص أو عام أو شركات ، أوقات الصلاة التي حددتها الأوقاف والشؤون الدينية لا تتلاءم مع طبيعة عملهم ، فبإمكانهم اختيار أوقات أخرى ان كان هنالك وقت ما يؤثر على راحتهم أو ساعات نومهم ، مثلا صلاة الصبح بدلا من الساعة الربعة صباحا ، يمكن أدائها في الساعة السابعة صباحا، بشرط إجماع كافة المصلين على ذلك الوقت

كما قلنا ان ربط وقتي الإمساك والإفطار مع صلاتي المغرب والفجر غير صحيح ، لو وضعنا مقارنة بين الاية التي حددت وقتي الإمساك والإفطار، وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ، وبين وقتي صلاة الفجر والمغرب لوجدناهما في تناقض زمني مع الإمساك والإفطار ، نقوم بمسح ميداني لجغرافية معينة حدد لها الإمساك والإفطار وصلاة الفجر ، الإمساك الساعة الخامسة صباحا ، صلاة الفجر الساعة 5:12 دقيقة ، شروق الشمس الساعة 6:30 دقيقة ، نلاحظ ان الفرق ما بين الإمساك وشروق الشمس ساعة وثلاثين دقيقة ، هذا وقت طويل جدا ، والسبب لان الإمساك ربط مع صلاة الفجر، علما ان الوقت الفعلي للإمساك ، بعد صلاة الفجر بساعة واحدة ، وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ من الفجر ، أضاف الإسلام السياسي للإفطار فقرة جديدة إلا وهي السحور، محددا لها وقتا ومقسما إياها الى شرب الماء ، والإمساك ، بالإضافة الى الفقرة الشعبية المزعجة المسحراتي الذي يبدأ بقرع الطبل من الساعة الثالثة بعد منصف الليل ، الى وقت الإمساك ، نأتي الى الإفطار ، ان ربط الإفطار مع صلاة المغرب غير صحيح المفروض ان يكون بعد مغيب الشمس ب 20 دقيقة حسب الاية ، ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ، نجد ان المذهب السني قدم الإفطار وأخر الإمساك عن وقته ، بينما المذهب الشيعي ابقى الوضع على ما هو عليه

مجموعة من الأحاديث المكذوبة على رسول الله التي شرعت السحور قبل صلاة الفجر

1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تسَحَّرُوا؛ فإنَّ في السَّحورِ بَرَكةً ))
2- وعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حَدَّثَه: ((أنَّهم تسَحَّروا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ... ))
عن عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فصْلُ ما بين صيامِنَا وصيامِ أهْلِ الكتابِ؛ أَكْلةُ السَّحَرِ))
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حدَّثَه ((أنَّهم تسَحَّروا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ، قلتُ- أي أنَس-: كم بينهما؟ قال: قَدْرُ خَمسينَ آيةً
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نِعْمَ سَحورُ المؤمِنِ التَّمرُ ))

ان وقت اليقظة الذي يستقطعه الصائم من راحته ونوميه ليلا استعدادا لفقرة السحور، يقارب الثلاث ساعات ، ذلك مما جعل اليد العاملة غير قادرة على أداء نشاطها العملي خلال النهار ، لأنها لم تأخذ الوقت الكافي للراحة والنوم أثناء الليل ، كما ان فقرة السحور والمسحراتي قلبت الروتين اليومي للنوم فأصبح النهار ليلا ، مما اضطر بعض العمال الى ترك العمل خلال الشهر ، وما لاحظته على بعض العمال الذين يعملون معي في المهن الصناعية ، وخاصة منهم ، الملتزمون بفقرة المسحراتي والسحور ان أدائهم المهني ما عاد بالمستوى المطلوب ، لقد أصابهم الملل والنعاس والشرود الذهني وخمول الذاكرة أثناء العمل النهاري ، وان انتباههم الى مخاطر الآلات والمعدات لم يكون بوعي كامل ، كما ان قدرة الذاكرة على تحفيز العقل على إتباع وخطوات العمل المتسلسلة في التصنيع لم تكن بالمستوى المطلوب ، ذلك مما أوقع البعض منهم في أخطاء أثناء العمل

الحل : إلغاء فقرة السحور ، وترك الفترة ما بين الإفطار والإمساك للاختيار الذاتي للطعام والنوم والراحة ، بما يتلاءم مع الراحة الجسدية والعقلية والنفسية استعدادا للعمل، وهذا ما أكد عليه التنزيل تاركا وقت الإفطار للاختيار الذاتي دون الإشارة الى السحور ، وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ

مصدر الأحاديث
الدرر السنية في فضل السحور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي