الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مادونا الفوضوية- تدعى أنيتا غاربين ألونسو

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2024 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة / محمد ناجي

انتشرت صورة المرأة التي تحمل راية CNT-FAI * في جميع أنحاء العالم في عام 1936 . والآن أصبح لها اسم ، وحصلت "العامل Arbetaren " على إذن ممن لا يزال على قيد الحياة من أقارب المصور لنشر الصور الأخرى التي لم تكن معروفة من قبل .

لطالما كانت الصورة الأيقونية لـ "مادونا الفوضوية" محاطة بالغموض . الشيء الوحيد المعروف هو أنه تم التقاطها في لاس رامبلاس في برشلونة في صيف عام 1936 ، خلال الأيام الثورية الأولى للحرب الأهلية الإسبانية . ولكن في الآونة الأخيرة ، ظهر اسم المصور - والآن أيضاً اسم "مادونا" . تحدث ألبرت هيرانز إلى حفيد المصَور ، الذي تبين أنه يتمتع بمتابعة جيدة لنشرة (العامل Arbetaren ) و SAC .

برشلونة 1939 . بعد انتهاء الحرب ، أصبح النظام الجديد عديم الرحمة ، والجميع يحاول التكيف مع المبادئ التوجيهية الجديدة للديكتاتورية الفاشية . في محل تصوير مرموق يأخذ المصور أنطوني كامبانيا 5000 صورة سلبية من أول عامين من الحرب ويضعها في صندوق أحمر . ولا ينوي تسليمها إلى السلطات التي أمرت مصوري المدينة بتسليم جميع الصور التي التقطت خلال سنوات الحرب 1936-1939 .

وفي وقت لاحق ، سوف يخفي الصندوق في كراج منزله ، حيث سيبقى دون أن يمسه أحد لأكثر من أربعين عاماً . لم يعرض كامبانيا صوره أبداً . وكانت الحرب صدمة كبيرة بالنسبة له . لقد ترك وراءه تسجيلاً يتحدث فيه عن حياته وعندما يتحدث عن الحرب الأهلية يقول : "لقد كانت كارثة ، لا أريد أن أتذكر ..." .

مصور مشهور وله سر

- "قصة جدي هي قصة العديد من المصورين الإسبان بعد الحرب الأهلية ، الذين فقدوا الكثير" ، كما يقول توني مونيه عندما أتحدث معه . إنه في مينوركا ويسعده التحدث عن قريبه مع "Arbetaren" :
- "استخدمت الصحافة الدولية العديد من صور جدي ، وفي كتاب "خلف متاريس برشلونة" للصحفي في Arbetarens أكسل أوستربيرغ ، هناك بعض منها" .

كان أنتوني كامبانيا (1906–1989) مصوراً فوتوغرافياً مشهوراً ، وأحد أعظم المصورين في كاتالونيا .

- "في الثلاثينيات ، كان جدي معروفاً بفن التصوير الفوتوغرافي . كان لديه محل تصوير ، وقام بإعداد تقارير مختلفة والتقط صوراً مع جمعية التصوير الفوتوغرافي في برشلونة ، Agrupació Fotogràfica de Barcelona ، التي تحتفل هذا العام بالذكرى المئوية لتأسيسها . استخدم تقنية التصوير التي حاولت تقليد اللوحات المرسومة . كان يرسل الصور إلى العديد من المسابقات الدولية ، وكان أحد أشهر المصورين الإسبان في أوروبا في هذا النوع "، كما يقول توني مونيه . لكن لم يكن أحد يعلم بأمر الصندوق الأحمر .

الآلاف من الصور غير المعروفة - وصورة واحدة مشهورة عالمياً

بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً من وفاة أنتوني كامبانيا ، اكتشفت عائلته الصور غير المعروفة من الحرب الأهلية . ومن بين هذه الصور كانت الصورة الشهيرة امرأة الميليشيا واقفة على أحد المتاريس ، وهي واحدة من أشهر الصور على الإطلاق .

يتحدث توني مونيه عن كيفية العثور على الصندوق في عام 2018 :

- "كنا سنبيع المنزل في سانت كوجات ديل فاليس ، وطلبت مني والدتي أن آتي معها وأرى ما إذا كان هناك أي شيء نريد الاحتفاظ به . حينها وجدنا الصندوق الأحمر . لم يكن أحد في العائلة يعرف ذلك . لم يرغب جدي أبداً في عرض صوره منذ ذلك الوقت . وفي عام 1989 ، وهو العام الذي توفي فيه ، كان هناك معرض في برشلونة . لم يكن هناك سوى صورتين من الحرب الأهلية . لقد صوروا اثنين من رجال الميليشيات" .

عندما تعثر العائلة على الصور ، تتصل بصحفي من صحيفة La Vanguardia ومؤرخ من جامعة برشلونة لفحص الصور وإعطاء خلفية لها . وينتج عن ذلك كتاب ومعرض كبير في عام 2021 في المتحف الوطني للفنون في كاتالونيا . في المعرض ، تم منح صورة كامبانيا الشهيرة مساحة كبيرة .

"امرأة الميليشيا هذه هي عمتنا"

- "عندما رأيت الصورة لأول مرة ، تفاجأت كثيراً . صورة جدي" ؟ يقول توني مونيه : "لقد رأيت تلك الصورة مرات لا تحصى دون أن أعرف أنها صورته" .

وفي أحد الأيام الأخيرة من المعرض ، جاء أحد الموظفين إلى المتحف وأراد التحدث معه :
- "أنت ، هناك بعض الفرنسيين ، لا أعرف بالضبط ما يقصدونه ، لكنني أعتقد أنهم تعرفوا على شخص ما ويريدون التحدث معك" . كانا فرانسوا وليلي غوميز . فقالوا لي : هذه المرأة من المليشيا هي عمتنا . لقد كانت لحظة مثيرة ومؤثرة وخاصة . التقى أحفاد المصوِر والمصوَر لأول مرة .

بطلة الرواية في الصورة الأيقونية كان اسمها "أنيتا غاربين ألونسو" . تم التقاط الصورة قبل 85 عاماً ، والآن ، أخيراً ، عُرفت من هي امرأة الميليشيا وماذا حدث لها .

في خضم الثورة

- "التقط جدي الصورة في 25 يوليو 1936 ، بعد مرور أسبوع على إخماد الانقلاب العسكري . قالوا إن برشلونة عادت إلى طبيعتها ، وما كانوا يقصدونه هو أن الترام ، الذي تم تجميعه ، بدأ في العمل مرة أخرى . وكانت المدينة مليئة بالمتاريس . الشيء الوحيد الذي حدث ، ولم يحدث منذ ذلك الحين ، هو أن الفوضويين كانوا في السلطة . وكانت المتاريس رمزاً لذلك ، رمزاً لأمل ذلك الجيل في أن يتمكنوا من تغيير العالم . كانت هناك ثورة اجتماعية مستمرة ، وأعتقد أن هذه الصورة توضح ذلك" . (انسخ أو اضغط على الرابط في الأسفل - المترجم)**

https://media.arbetaren.se/wp-content/uploads/2024/02/06141014/Antoni-Campana-Anita-Garbin-Alonso-199.jpg?class=large
يقول توني مونيه حفيد المصور : "كانت المتاريس رمزاً للأمل في إمكانية تغيير العالم". الصورة: أنتوني كامبانيا

25 يوليو 1936 هو أيضاً اليوم الذي منح فيه كل من هتلر وموسوليني المساعدة العسكرية لجيش فرانكو . وفي الوقت نفسه ، أعلن الرئيس الفرنسي ليون بلوم أنه سيتبع خط بريطانيا ولن يتخذ موقفا مما يحدث في إسبانيا .

في برشلونة ، لا يعرف الناس أي شيء عن هذا ، العالم الجديد بدأ يتشكل .
- "يخرج جدي إلى المدينة للتصوير بكاميرا من ماركة Robot . وبدون الخوض في التفاصيل الفنية ، أستطيع أن أقول إنها كاميرا صغيرة كان يستخدمها عند التقاط صور قد تشكل خطورة عليه ، مثل الكنائس المحترقة ، والجثث المحنطة للراهبات ... الصور التي ربما لم ترغب الجمهورية في التقاطها" .

قريب من إطلاق النار

في التسجيل الذي تركه أنتوني كامبانيا ، الشيء الوحيد الذي يخبرنا به عن الحرب الأهلية هو بالضبط كيف جاءت الصورة :
- "كان يصور بعض المتاريس في شارع لاس رامبلاس ، عند التقاطع مع شارع المستشفى ، عندما رأى امرأة على المتاريس وبدأ في تصويرها . ثم أراد صبي يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً يحمل بندقية إطلاق النار عليه ، لأنه لم يُسمح له بالتقاط الصور . يقول توني مونيه : "في تلك اللحظة ، اعتقد جدي أنه سيموت" . (انسخ أو اضغط على الرابط في الأسفل - المترجم)

https://media.arbetaren.se/wp-content/uploads/2024/02/06141114/Antoni-Campana-Anita-Garbin-Alonso-208.jpg?class=large
كان المصور على وشك أن يُطلق عليه الرصاص ، قبل أن يُظهر بطاقة CNT الخاصة به . الصورة: أنتوني كامبانيا

تمكن أنتوني كامبانيا من الحصول على بطاقة عضويته في الكونفدرالية ، النقابية الأناركية ، التي كانت المرأة في الصورة ترفع رايتها . عندما رأى الصبي بطاقة العضوية ، هدأ ، لكنه اعتقل كامبانيا .

لاحقاً ، أوضح كامبانيا للمسؤولين أنه مصور صحفي ، ورافقوه إلى الاستوديو الخاص به للتحقق من ذلك . أصبحت الصورة بعد ذلك غلافاً لسلسلة من البطاقات البريدية ، "La lucha en Barcelona" (النضال في برشلونة) ، والتي نشرتها لجنة الدعاية التابعة لـ CNT-FAI .

- تم تنقيح الصورة . تمت إزالة الخلفية وتم كتابة الحروف CNT-FAI ، والتي لم تظهر بشكل جيد في الصورة الأصلية . هذه هي النسخة المنقحة التي تم نشرها مرات لا تحصى . لقد أصبحت صورة أيقونية لنضال الأناركيين ، للمرأة ... لقد كانت أيقونة بالفعل في ذلك الوقت ، ولكن الآن مع الإنترنت ...

الفرار مع عائلتها
العودة إلى عام 2021 واللقاء بين أقارب المصِور وامرأة المليشيا . في ذلك اليوم ، لم يكن فقط الاسم الذي تلقاه توني مونيه من أقارب أنيتا غاربين ألونسو ، بل حصل أيضاً على معلومات جديدة تعطي الصورة بُعداً آخر :

- كانت أنيتا حاملاً عندما التقطت الصورة . ليس فقط من أجل مستقبلها هي التي ترفع قبضتها المشدودة المليئة بالأمل ، بل إن مستقبل طفلها هو الذي تناضل من أجله !

إذن ماذا حدث لأنيتا غاربين ألونسو ؟ في نهاية الحرب ، في 10 فبراير 1939 ، عبرت الحدود إلى فرنسا مع عائلتها . يتذكر أقاربها أنها اضطرت إلى التخلص من بندقيتها . وانتهى بهم المطاف في أحد معسكرات الاعتقال التي أقامتها الدولة الفرنسية للاجئين الإسبان ، ولا تعرف الأسرة أي واحد منهم . ومن هناك تم إرسالها بعد ذلك إلى معسكر آخر مع نساء وأطفال آخرين ، حيث مكثت لمدة عامين . (انسخ أو اضغط على الرابط في الأسفل - المترجم)

https://media.arbetaren.se/wp-content/uploads/2024/02/06141810/Anita-Garbin-Alonso-familjens-arkiv-Beziers-03-1.jpeg?class=large
أنيتا غاربين ألونسو بعد عقدين من الزمن ، في بيزييه ، فرنسا . الصورة : خاصة

يقول توني موني إن شرح كيفية حصولها على الحرية أمر معقد بعض الشيء :
- "قبل الحرب ، كانت أنيتا متزوجة ولديها طفل واحد . ثم كان لديها عشيق ، عضو في الكونفدرالية ، وكان ابنه هو الذي كانت تحمله عندما التقطت الصورة ، والذي أصبح يسمى فلوريال . عضو الكونفدرالية هذا ، خوان بيريز جوزمان ، ذهب إلى المنفى خلال دكتاتورية بريمو دي ريفيرا وتزوج من امرأة فرنسية ، وهذه المرأة هي التي تمكنت من إخراج أنيتا والأطفال وشقيقتها من المعسكر .

كلاهما أخفى خلفياته

استقرت أنيتا غاربين ألونسو في بيزييه حيث عملت خياطة . التقت جوزيب لومبريراس ، الذي كان شيوعياً وعضواً في المقاومة الفرنسية . ثم أنجبت معه طفلاً آخر .

تنحدر أنيتا من عائلة فوضوية ، لكنها لم تخبر عائلتها أبداً عن حياتها في إسبانيا . ولو كانت تعلم أن صورتها أصبحت رمزاً مبدعاً للفوضوية ونضال المرأة ، فإنها لن تخبر عائلتها بها أبداً . توفيت في عام 1977 .

- "كان لجدي قول مأثور : لا أحد يستطيع إيقافي . كاد أن يفقد حياته بسبب صورة أصبحت أيقونية ، وبعد أسبوع باع مئات الصور إلى لجنة الدعاية التابعة لـ CNT-FAI . العديد منها ، غير موقعة ، تم ارشفتها في أمستردام في المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي ، IISH/IISG ، حيث يتم الاحتفاظ بجزء كبير من أرشيف الكونفدرالية CNT " .

لكن الأمر متناقض بعض الشيء ، كما يقول توني مونيه . بعد الحرب ، لم يُسمح لجده لأمه أنتوني كامبانيا بمواصلة عمله كمصور صحفي ، بل كان عليه أن يبحث عن وظائف أخرى في التصوير الفوتوغرافي . بدأ في صنع البطاقات البريدية ، وكانت السياحة صناعة واعدة ، وبمرور الوقت أصبحت شركته واحدة من أكبر الشركات في إسبانيا . هذا وصور كرة القدم ، لكن لم يمارس التصوير الفني مرة أخرى .

- "كان يحب المزاح ، وكان شخصاً سعيداً ، لكن في بعض الأحيان أعتقد أنه مثال نموذجي لكيفية التعامل مع الصدمات . وضع كل شيء في صندوق ، وأخفاه ونسيه" .

ألبرت هيرانز
تم النشر في 26 فبراير 2024
تم التحديث في 13 مارس 2024

* CNT-FAI
Federación Anarquista Ibérica أو FAI (الاتحاد الفوضوي الأيبيري) هي منظمة إسبانية لها علاقات وثيقة مع النقابة العمالية Confederación Nacional del Trabajo (CNT) . يتم اختصار اسم المنظمة إلى CNT-FAI نظراً للعلاقات الوثيقة بين المنظمتين . وكان للفوضوية دور أساسي ، سوية مع الاشتراكيين والشيوعيين ، في الحرب الأهلية الإسبانية 17 تموز/يوليو 1936 - 1 نيسان/أبريل 1939 . (المترجم)

** الصورة مهمة جدا ولها تأثير كبير في التعبير عن الفكرة وإيصالها بسهولة للمتلقي ، وفي المقال الأصلي عدد من الصور ، وبالنظر لعدم توفر خدمة نشر الصور في الحوار المتمدن ، لذا اخترت ان اضعها في المقال بواسطة الرابط ، على أمل أن تتوفر الخدمة في المستقبل . (المترجم)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار مساعي التوصل لاتفاق دفاعي بين السعودية والولايات الم


.. الصين تغزو الجانب البعيد من القمر.. ما القصة؟




.. فرار مستوطنين من حافلة بعد دوي صفارات الإنذار


.. أردوغان: حماس استجابت بإيجابية لعرض الرئيس الأمريكي عكس نتني




.. روبرت مردوخ يتزوج للمرة الـ