الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس للجهلاء في القضية أريفية

كوسلا ابشن

2024 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


القضية أريفية تختلف جذريا عن الأطروحة الإستعمارية العرقية لما يسمى ب"الجمهورية العربية الصحراوية" المزعومة, المبنية على العرق المتخيل "العربي" في أرض أمازيغية. أطروحة "الجمهورية", أنتجها العقل الأستعماري, وهي مزعزمة و وهمية, بمنطق التاريخ و الجغرافية و الانتروبولوجية و الإثنولوجية, لم يكن لها ماضي و لا حاضر و لا مستقبل. لم يعرف التاريخ دولة صحراوية مستقلة, فالصحراء عبر كل التاريخ كانت جزء من التراب الأمازيغي, جزء من الدولة المورية حتى إستعمارها من طرف الإسبان, وهي حاليا خاضعة للسلطة العروبية, هوية الشوفنيين المرتزقة.
فكرة "الجمهورية العربية الصحراوية " المزعومية, لم يكن لها وجود واقعي في التاريخ, خلافا لجمهورية أريف التي كان لها وجود واقعي و ليس وهمي, أسست في المجال الترابي أريفي, دولة مستقلة حرة حداثية, لها دستور وقوانين ومعايير و قواعد تعتمد في تسيير شؤون الدولة الدمقراطية. دولة قائمة بمؤسساتها السيادية, لها جيشها و مؤسساتها الإدارية و علمها الأحمر بمربع أبيض في وسطه النجمة السداسية و الهلال (رمز التعدد الإثني و الديني), دولة طبعت عملتها (المستقبلية), و هي كانت تتوفر على كل مقومات الدولة الحديثة. في بلاغ تأسيسها جاء فيه:" نحن حكومة جمهورية أريف, التي تم تشكيلها في يوليو 1921, نود إبلاغ الدول الموقعة على معاهدة الجزيرة الخضراء عام 1906 أن طموحاتها لن تنجح. لقد أثبت التاريخ ذلك لهم في الأيام الأخيرة. إنهم مخطئون إذا اعتبروا أن أريف جزء من المغرب. جغرافيا, جمهوريتنا جزء من أفريقيا. تختلف لغتنا بشكل فريد عن كل اللغات الأخرى, المغربية أو الافريقية أو سواها. نحن ريفيون ولسنا مغاربة البتة". و هذا تكذيبا لدعاة التضليل المروج لخرافة, أن الرئيس الخطابي كان وحدوي مع السلطنة العلوية. الرئيس خطف في مصر, و لم يكن حر في إدلاء بأفكاره, و عاش في الأسر حتى إستشهاده.
جمهورية أريف لم تأسس من فراغ أو كانت فكرة أجنبية, كما هي الفكرة العرقية " الجمهورية الصحراوية العربية", جمهورية للجنس العربي و ليس لغيرهم, الفكرة التي طبخت في قصر المرادية و ولدت من رحم ميت, و رغم ما وفره لها النظام العسكري الكولونيالي من ضخ الدماء في جسدها الشبه الميت, بالدعم مالي و الدبلوماسي و البشري, إلا أنها تفتقد الى المقومات الطبيعية و الشرعية للوجود.
جمهورية أريف لم تكن صناعة إستعمارية, تأسيسها أتى بفضل الإمتداد تاريخي عبر الإستقلالية الذاتية في العصور القديمة الى تأسيس إمارة نكور المستقلة سنة 710 م, مرورا على تأسيس إمارة إعراصن سنة 1636, وصولا الى تأسيس جمهورية أريف سنة 1921.
صرح الرئيس محمد عبد الكريم لمجلة المنار سنة 1926:" خلال يوليو 1921 أبلغنا سفراء بريطانيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا, في أنه أعلنا جمهورية أريف ونحن نخوض حربا رابحة ضد اسبانيا للدفاع عن استقلالنا, وسنستمر في ذلك حتى تحقيق السلام والحرية والإعتراف بإستقلالنا بما في ذلك جميع مناطق الجمهورية الممتدة من الحدود مع المغرب حتى البحر الأبيض المتوسط ومن ملوية إلى المحيط الأطلسي". تصريح الرئيس أنذاك كان واقعي, لكن الظروف المستجدة لم تكن في الحسبان. سقوط الجمهورية و فشل إستقلال دولة أريف نتيجة لأسباب موضوعية أكثر مما هي ذاتية, لم تكن الإمبريالية العالمية تسمح بقيام جمهورية تحررية مستقلة في منطقة ما يسمى بالعالم الثالث. فشل الوجود الفعلي, لكن مشروع الإستقلالية مازال حي في ذاكرة أهلي أريف. و هو المشروع الذي قدم أهل أريف دماءهم الزكية من أجل إنجاحه, عبر المحطات النضالية المجيدة, أبرزها إنتفاضة 1958-1959 و إنتفاضة 1984.
الجهلاء لا يفرقون بين المفاهيم, يصفون جمهورية أريف بالعنصرية و الشوفينية و الجمهورية العرقية العروبية الزعم بأنها تحررية, وهذا يدل على جهل معرفة المفاهيم. العنصرية هي إيديولوجية و سياسة القهر القومي القائمة على إستعباد الشعوب و إذلالها و الحث على العداء ضدها, فهي نظرية رجعية متطرفة. تتجسد العنصرية و الشوفينية في نظرية العروبة ( خير أمة) و النازية ( العرق الصافي و الأرقى) و الصهيونية ( الشعب المختار). من العنصرية و الشوفينية يستمد صناع "الجمهورية العربية الصحراوية" الوهمية, إيديولوجيتهم و سياستهم.
أريف هو مجال ترابي و ليس مفهوم إثني ضيق كما يظن الجهلاء, كما هو ليس مفهوم إيديولوجي عنصري يميز بين الأعراق. هو مفهوم جغرافي, أسس على أرضه جمهورية ليست عنصرية, تؤمن قيادتها بالتعدد و الإختلاف و التعايش السلمي بين الأجناس و بين الدول. جمهورية أريف دولة مستقلة معروفة الحدود, بمرجعية تقدمية و دمقراطية, تحترم الأقليات, لا تميز بين مواطني أريف حسب العرق أو الدين أو الموطن الأصلي, و خير دليل على ذلك, التشكلة الحكومية لدولة أريف التي كانت تضم على سبيل المثال, اليهودي أريفي, مسعود بناعين(الأمين العام للخزينة) و حسن عبد العزيز, دزايري الأصلي (نائب السكرتير الأول لجمهورية أريف). لم يعرف عن أهل أريف العنصرية و الشوفينية و العداء للأجنبي, بل عرف عنهم الكرم و التسامح و التعايش مع الآخر. عكس من يستمد مرجعيته من دعاة العنصرية و الشوفينية ( لا أترك في جزيرة العرب لا يهودي و نصراني), من يستمد وجوده من شرعية الغنيمة " السماوية", المحللة لإحتلال البلدان و تعريبها, و تحريم مقاومة الإحتلال المنتمي الى (خير أمة). التيار المتعصب للعروبة الإستعمارية يرى مقاومة أهل ريف للإحتلال العروبي و إستنكار إنتهاكات حقوق الإنسان في ريف, يعد فعل عنصري و شوفيني. لكن من يسعى الى تأسيس كيان إستعماري خاص لعرق معين (خير أمة) فهو تحرري و دمقراطي بفتوى الشزوفرينيا و هلوسة الشرعية الآلهية. الجهلاء يقيفون على رؤوسهم, و بهذا يرون الأمور معكوسة.
التراكم التاريخي لشرعية الإستقلال و الصراع الدائم بين القاهر الإستعماري و المقهور المستعمر (فتح الميم), من شرعن لإحياء مشروع إستقلالية أريف. لحركة التحرر إستراتيجية تناضل من أجل تحقيقها تقوم على العمل التكتيكي. التكتيك هو الأسلوب المنتهج لتحقيق الإستراتيجية, و خاصة في مسألة التحالفات. تكتيك "الحزب الوطني أريفي" (الذي أسس ببروكسيل و ليس دزاير), من مسألة التحالف مع النظام العسكري بدزاير, هو موقف خاص بالحزب, خطأه من صوابه سيبينه التاريخ. ما هو ضروري في ظل الصراع (الأنظمة الكولونيالية), الإستفادة من هذا التناقض قدر الممكن لصالح قضية التحرير. مسألة "الجمهورية العروبية" الوهمية القائمة على أساس عنصري, دخلت أروقة الأمم المتحدة, بفضل الدعم العسكري و المالي و الدبلوماسي لنظام الجنرالات. القضية أريفية حضيت بمساندة الرأي العام الدولي. تحركات الحزب الوطني أريفي, تظهر إرادة الحزب من خلال فتح التمثيلية الى تدويل القضية أريفية و إدخالها الى أروقة الأمم المتحدة بالدعم العسكري والدبلوماسي لحكام قصر المرادية (ضرب كلبين بحجر واحد).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو