الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفل ومخاطر العولمة

مزن مرشد

2003 / 6 / 26
حقوق الاطفال والشبيبة




يتعرض الطفل العربي لتيارات وقيم ثقافية متباينة، وأساليب متنوعة في التفكير عبر القنوات الفضائية العربية وغير العربية وعبر الحاسبات الآلية،وتتباين قيمه الاجتماعية والبنيوية لمعيشته مع قيم العولمة الحديثة المنقولة إليه عبر الكثير من الوسائل والتي بات من الصعب السيطرة عليها. في الوقت الذي تنحسر فيه أدوار كل من الأسرة والمدرسة في التنشئة الثقافية. وإذا كان هذا يعرض الأطفال لأنماط ثقافية متباينة وأحياناً متعارضة مما يعرض مستقبل الثقافة العربية لمخاطر ذات صلة بجوهرها الروحي واللغوي، نتيجة لما يعيشه الأطفال العرب من مواقف صراع تزداد تأججاً بين وسائل مبهرة تستخدم في بث ثقافات مغايرة متنوعة المضامين والغايات وبين أساليب تقليدية غير قادرة على الصمود أو حتى جذب الطفل إليها. يحدث هذا في غياب خطة عمل ممكنة التنفيذ،بحيث نستطيع معها الاستفادة مما تقدمه وسائل الإعلام والاتصال من ايجابيات لأطفالنا مع ثقتنا بأن هذه الخطط البديلة مهيأة لجعل الطفل العربي قادراً على لاختيار الواعي لما يريده من هذا الكم من المعلومات بالتحديد،مستفيداً مما يتلقاه، محافظاً على هويته الحضارية ومقوماتها، ولعل من التساؤلات الحاملة لإشكاليات بحاجة إلى عمل علمي مخطط : كيف يتعلم الطفل لغة أجنبية تزداد الحاجة إليها في التواصل مع المعرفة والتقنية المعولمة، دون أن يخل هذا بتعلمه اللغة العربية التي هي أحد أهم مقومات ذاتيته الحضارية ؟ كيف يمكن أن نتيح للطفل التعامل مع الحواسب الآلية ووسائل الإعلام، خاصة التلفزة، دون أن ينعزل عن سياق التفاعلات اليومية مع أعضاء الأسرة بكل ما تحفل به تلك التفاعلات من مواقف للتعلم والتنشئة على القيم الأصيلة لحضارته، خاصة عمقها وجوهرها الروحي ؟ ومن هنا نلتمس الحاجة إلى وجود برامج مدروسة تهيئ لنا فتح المجال واسعاً أمام أطفالنا للانفتاح على هذا القادم وبعنف والاستفادة من إيجابياته ولغته وتقنياته وفي نفس الوقت حفاظه على كل ما هو أصيل في هويته العربية والمطلوب برامج موجهة ليس للطفل داخل الوطن العربي فحسب بل لكل طفل عربي حول العالم في أي مجتمع كان.
-تغيرات بنيوية:
 طرأت على أدوار الدولة تغيرات أثرت سلبا في دعمها للخدمات المختلفة وفرص التشغيل وفى الوقت نفسه لا يزال المجتمع المدني العربي يعانى من مشكلات ومعوقات إدارية وقانونية ورقابية ومالية. ولهذا كان ولا يزال الرهان على الأسرة العربية لتنمية خصائص الطفل والارتقاء بفرصه. غير أن الواقع المتغير للأسرة يؤشر إلى ضعف إمكاناتها وقدراتها على القيام بما هو معقود عليها من أدوار ومهام. فهي تتجه إلى الحجم الأصغر وتعاني في شرائحها المتوسطة والمنخفضة من مشكلات متعددة، في الدخل والسكن والقدرة على الوفاء بمتطلبات العلاج والتعليم نتيجة لخصخصة قسم لا يستهان به من هذه الخدمات فضلاً، عن بزوغ اتجاهات لتغير قيمها من الجماعية إلى الفردية، ومن الروحية إلى المادية، مما يجعل مسألة الأسرة العربية أحد المسائل التي بحاجة إلى عمل دؤوب وجاد لاستعادة أدوارها في التعلم الذاتي والتنشئة الحضارية، خاصة وأن مؤسسات أخرى دخلت معها في تنافسية غير مخططة لجذب الطفل والتأثير فيه، خاصة وسائل الإعلام التي يأتي في مقدمتها التليفزيون بإبهاره وجذبه للطفل منذ بروز قدراته الإدراكية المبكرة.
إضافة إلى هذا التأثير الخطير لعولمة الثقافة يبقى المفرز الأكثر أهمية من مفرزات العولمة وهو الفقر وتأثيره القوي على سير حياة وتطور الأطفال روحيا وفكريا وثقافيا فبالرغم عدم وجود بحوث ومسوح دقيقة حول تأثيرات الفقر على فرص إعداد الطفل العربي، إلا أنه يمكن في ضوء قراءة متأنية للبيانات المتاحة التوصل إلى بعض الاستنتاجات الحافلة بالدلالة من منظور مستقبل الطفل العربي ويهم في هذا السياق الإشارة إلى أن اقل تقديرات لأعداد الفقراء العرب وصلت إلى وجود فرد من كل خمسة أفراد يعاني من الفقر بمعيار الدخل.أما إذا اعتمدنا على مفاهيم فقر القدرات capability poverty والحرمان البشري فأن النسبة ترتفع إلى ما هو أكثر من خمس السكان. فحسب تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002، تصل نسبة السكان الذين لا يتوقع أن يعيشوا بعد سن الأربعين إلى 13% وتصل الأمية بين الذكور إلى 48.4 % وبين الإناث إلى 58.1% ولا تقل البطالة في معظم البلدان العربية عن 10% وتصل في بعضها إلى 30% وتصل نسبة الإعالة إلى قرابة 79%. وتتراوح نسبة الإناث العائلات لأسرهن إلى ما بين 16% - 20 %. لقد انعكست هذه الأحوال على أوضاع الطفل العربي وعلى فرص النهوض به وانعكست اكثر على الأحوال الصحية له فقد أنتجت الظروف الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية للأسرة العربية خاصة في البلدان المصنفة ضمن المستوى المتوسط والمنخفض في تقارير التنمية البشرية، مجموعة من المؤشرات الصحية اللافتة للانتباه : أن نسبة الرضع الذي يعانون من الهزال الحاد والمعتدل تتراوح خلال الفترة من 1995-2001 بين 1%-10% في كل من الأردن وتونس والبحرين والجزائر وسوريا وفلسطين وقطر ولبنان وليبيا ومصر والمغرب. وبين 10-17% في بقية الأقطار العربية. وان أمراض سوء التغذية والتقزم الحاد والمتوسط خلال الفترة المذكورة تراوح بين 8%- اقل من 20% في كل من الأردن الإمارات تونس البحرين الجزائر فلسطين قطر لبنان ليبيا مصر وما بين20% لأقل من 30% في كل من جيبوتي السعودية سوريا الصومال العراق عمان الكويت المغرب. وما بين 30%-52 % في كل من جزر القمر واليمن وموريتانيا ولا تزال معدلات وفيات الأمهات لكل 100.000 ولادة حية في عام 2000م75 ولادة في فلسطين و130 في لبنان 150 في الجزائر و390 في المغرب و370 في العراق و850 في اليمن و170 في مصر و520 في جيبوتي و1500 في السودان. ورغم ما طرأ من تحسن على معدلات وفيات الأطفال الأصغر من 5سنوات، فإنها لا تزال مرتفعة في عدد من الأقطار العربية مقارنة بغيرها من الأقطار العربية داخل الإقليم العربي وبأقاليم العالم الأخرى : فهناك دول عربية كان معدل وفياتها اقل من 30 في الألف وفقا لبيانات 2001 ليبيا وهناك مجموعة أخرى يتراوح المعدل فيها بين 30- اقل 60 في الألف كما في الأردن، الجزائر، فلسطين، لبنان، مصر، المغرب. أما بقية الأقطار العربية فقد كان المعدل بها اكثر من مائة حالة كما في جيبوتي والسودان والصومال والعراق وجزر القمر وموريتانيا واليمن.
 كما تؤكد المسوح والدراسات العربية انخفاض معدلات الاستيعاب في مراحل التعليم خاصة الأساسي في الأقطار العربية المصنفة ضمن الدول المنخفضة التنمية، فهي تصل في ضوء تقارير التنمية البشرية الدولية إلى 21% في جيبوتي، 34% في السودان، 41% في موريتانيا وحوالي 50% في اليمن. كما ربطت تقارير التنمية البشرية والمسوح الوطنية، بين التسرب والفقر – مصر والمغرب. وانتشار هذه الظاهرة بين أطفال الريف أكثر من الحضر، وبين الإناث أكثر من الذكور في الشرائح الدنيا في الريف والحضر.
ولا نستطيع أمام هذه الأرقام إلا أن نتساءل :
هل نقف مكتوفي الأيدي لنرى عالمنا الذي نحلم به ينهار أمام أنظارنا أم ننتظر لنصل إلى مرحلة وجب علينا فيها تعلم لغة الغرب لتتاح لنا فرص العمل داخل بلداننا لا خارجها أو لينتهي ما نسميه تراثنا وحضارتنا وهويتنا الثقافية التي لا نزال نعتز به








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس


.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان




.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي


.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن




.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك