الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعر اللحم يجب ان لا تكون قضية تشغل حكومة العراق

محمد رضا عباس

2024 / 3 / 16
الادارة و الاقتصاد


هذه الايام انشغل المجتمع العراقي بارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق . لقد وصل سعر كيلو لحم الغنم (خروف) الى 25 الف دينار , وهو مبلغ باهظا لا يستطع فقراء العراق التعامل معه , الامر الذي أدى الى خروج دعوات تطالب الدولة بالتدخل وضبط أسعاره . الدولة من جانبها اخذت قرار تسعير كيلو اللحم في عدد من المحافظات العراقية , فيما خرجت فرق حكومية الى الأسواق لمراقبة الأسعار وعدم السماح لها بالصعود الغير منضبط .
قضية ضبط الأسعار من قبل الحكومة العراقية ليست بجديدة , حيث بدأت منذ عام 1963 ولم تنتهي حتى قرر صدام حسين بإلغائها بعد ان توصل الى نتيجة بان الدولة يجب ان لا تكون " دولة عطارين ". من عاش الفترة بين عام 1963 الى موجة خصخصة المشاريع الحكومية ( بيع المشاريع الحكومية الى القطاع الخاص) , في العراق , سوف يتذكر كيف كان يعاني من شحة المواد الضرورية ( السكر, البيض, حليب الأطفال , والقائمة طويلة) , مع تردي النوعية , وانتعاش السوق السوداء . كل هذه اعراض مرض سيطرة الدولة على الأسعار, و خاصة عندما تطول الفترة الزمنية وعدم مراجعتها. ولهذا السبب , شدد الاقتصاديون على منع تدخل الدولة في شؤون السوق الا في الحالات التي تستوجب بتدخلها : التضخم والركود الاقتصادي.
لماذا يجب ان لا تتدخل الدولة في إدارة السوق ؟ في قضية ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق المحلية العراقية , يعود الى زيادة طلب المجتمع العراقي على اللحوم يقابله عدم قدرة المنتجين لزيادة العرض منه والنتيجة هو ارتفاع أسعاره , حاله حال أي بضاعة تباع في الأسواق العراقية . وعليه , فان وضع حد اقصى لسعر كيلو للحم سوف لن يحل المشكلة , وانما سيعقدها وسيضطر نسبة كبيرة من العراقيين الإفطار في هذا الشهر الفضيل على شوربة العدس و الباذنجان المقلي بدلا من حضور لحمة الخروف . انها قضية جربت من قبل وفشلت فشلا ذريعا في الماضي . تحديد أسعار اللحوم في الأسواق تضر المنتج وهذا بالضبط ما ذكره جملة من القصابين (الجزارين) في المدن العراقية , معدل سعر الخروف الحي اصبح ما بين 300 و 900 الف دينار ( حسب نوعه و مصدره) , ولا بد لهم رفع سعر الكيلو منه حتى يغطي كلفة شراءه و ربح تغطي اتعابه .
ما العمل ؟ العراق يعيش تحت نظام " ديمقراطي " , يعني ذهب زمان " كن فيكون " , حيث يقرر السيد الرئيس في الليل ليصبح قراره قانونا في الصباح . الوقت وقت السماع ليس فقط من المستهلك وانما يجب السماع من البائع أيضا . نعم المستهلك ( المشتري) من مصلحته انخفاض الأسعار , ولكن ليس من مصلحة المنتج , وعليه على الدولة ان تخلق التوازن بين الرغبتين , رغبة البائع والمشتري .
كيف ؟ اللحوم الحيوانية ليست مادة تصنع , يزداد وينقص انتاجها حسب الطلب . كما وان تربية حيوانات الذبح تحتاج لأشهر حتى تكون جاهزة للذبح , وبذلك ليس من المعقول الانتظار . على الدولة القضاء على شحة اللحوم من خلال استيرادها . تماما مثل ما تستورد بقية الفاكهة والخضر . لقد اخبرني احد معارفي ان كيلو الطماطة في العراق هو الف دينار وكيلو اللفت 500 دينار و كيلو البطاطا 750 دينار . بكل تأكيد ان هذه المواد ليس من انتاج العراق وانما من انتاج دول الجوار , ولو كانت هذه المواد تنتج في العراق لما استطاعت نسبة كبيرة من العراقيين شراءها . لقد قرأت خبر مؤخرا بان 30% من الطعام في العراق يرمى في حاويات القمامة . لماذا ؟ لأنها رخيصة الثمن .
وعليه , اعتقد ان السيد السوداني يستطع تخفيض من درجة توتر الصائمين اللحميين عن طريق استيراد المواشي واللحوم , على ان تكون إدارة استيرادها وطرحها في الأسواق العراقية بيد ناس خيرة , تخاف الله وتحب الوطن وصاحبة سلطة . احد باعة الاغنام ذكر ان هناك إجراءات حكومية طويلة عريضة لسماح نقل المواشي من محافظة الى الأخرى . أتمنى ان تطبق هذه الإجراءات الطويلة و العريضة على من ينقل المخدرات من محافظة الى أخرى ومن جيران العراق.
وأتمنى على الإدارة الحكومية رفع علاوي بيع وذبح الحيوانات من الشوارع العامة , وخاصة بين مدينة الكاظمية وحي الجامعة , فقد أصاب بغداد القرف من منظر لا يألفه العالم الا في الدول الفقيرة . أتمنى ان يكون مجمع لهؤلاء الباعة في ساحة مناسبة تتوفر فيها الرعاية الصحية وتراقب من قبل مراقبين مختصين. العراق مليء بالعاطلين عن العمل وتعيين بعضهم ستكون رحمة من السماء تنزل عليهم .
أخيرا , اخبار كثرة سيول المطر هذه العام هي اخبار سارة لكل من يعيش في العراق , انسان وحيوان وشجر . وانا متأكد ان ازمة نقص اللحوم الحمراء سوف تنتهي بعد شهور قليلة نظرا لوفرة المياه و انتعاش المراعي . العراقي سوف لن يطول به الأمد بأكل لحوم غير لحم الغنم العراقي , ذو النكهة الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 ببداية ال


.. كلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في المنتدى الاقتصادي العالم




.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان