الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب العربية المحاصرة المحبطة وحرب عزة

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2024 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الشعوب المحبة للعدل والسلام، الرافضة لجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة، تتظاهر بعشرات ومئات الألوف في معظم عواصم ومدن العالم دعما للفلسطينيين، وتضغط على حكومات بلادها المتورطة بتلك الحرب بعدم المشاركة فيها، أو تطلب من حكومات بلادها اتخاذ مواقف واضحة ضد إسرائيل والضغط عليها لوقفها، بينما الشعوب العربية المحبطة المحاصرة المقهورة في معظم الدول العربية ممنوعة من التظاهر، أو حتى من رفع الأعلام الفلسطينية، أو من ارتداء الكوفية الفلسطينية لإظهار دعمها لغزة والمقاومة.
حرب غزة فضحت المستور، وأسقطت أوراق التوت التي كانت تغطي عورات معظم الأنظمة العربية العميلة التي فقدت كرامتها ومصداقيتها منذ عقود طويلة مضت بسبب قهرها لشعوبها، وتآمرها على الأمة العربية، ورضوخها للإملاءات الصهيونية والأمريكية؛ واكتفائها بالتصريحات الجوفاء، ولم تحرك ساكنا ضد جرائم الإبادة الجماعية للفلسطينيين والتدمير المنهجي التي ترتكبها دولة الاحتلال، ولم تجرؤ حتى على انتقاد مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية في هذا العدوان.
لكن المدهش والمخيب للآمال هو موقف معظم الشعوب العربية من هذه الحرب البربرية الصهيونية! فبعد مرور ما يقارب ستة أشهر على اندلاعها فإن الشعوب العربية لم تتمكن من كسر حاجز الخوف من الأنظمة الفاسدة الانهزامية التي تحكمها، واقتصرت ردود فعلها على مظاهرات في بعض المدن، وفشلت في كسر حاجز الخوف، ولم ترتقي لمستوى الحدث بتوجيه الانتقاد العلني لقادة دولها ومطالبتهم بوقف التعامل مع دولة الاحتلال ودعم غزة والمقاومة، وأخفقت في الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الداعمة للعدوان بمحاصرة سفاراتها وتهديد مصالحها في المنطقة.
فما الذي حدث للشعوب العربية التي كانت تتحدى الأنظمة العميلة وتعتز بانتمائها القومي ورغبتها بتحقيق الوحدة العربية في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؟ وهل نسيت شعوب دول الخليج التي طبع قادتها مع العدو أو صمتوا على جرائمه في غزة مساهمة الشعب الفلسطيني الهامة في بنائها وتطويرها؟ وأين شعوب مصر والعراق والمغرب والجزائر وتونس والسودان إلخ؟ فباستثناء ما تقوم به المقاومة في لبنان والعراق، وما يقوم به الشعب اليمني من دعم للفلسطينيين ومشاركته الفعلية في التصدي للعدوان، فإن ما قامت به الشعوب العربية لا يرتقى لمستوى خطورة وأهمية الحدث؛ فالجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة ليست ضد الشعب الفلسطيني فقط، وإنما هي ضد الأمة العربية ومستقبلها ووجودها، وهي جزء من الاستراتيجية الصهيونية التوسعية، أي إن فلسطين هي خط الدفاع الأول عن الأمة العربية، وإذا تمكنت دولة الاحتلال من هزيمة المقاومة واحتلال عزة وتصفية القضية الفلسطينية، فإن ذلك يعني أن احتلالها لدول عربية أخرى سيكون شبه مؤكد، وإن امبراطورية بني صهيون من الفرات إلى النيل ستكون في طريقها للتحقيق الفعلي.
لا شك أن فشل الشعوب العربية في تنظيم نفسها، وإخفاقها في نصرة الفلسطينيين وقضايا أمتها نتج عن تراكمات سياسية متشابكة أوجدتها الأنظمة العربية المتعاقبة التي عززت الانقسامات القطرية والسياسية والدينية، وحرمت الانسان العربي من الحرية، وأرهبته، وأحبطته ببطشها وتسلطها ومخابراتها، وجهلته بمناهج مدارسها وجامعاتها، وعلمته الخذلان والنفاق بوسائل إعلامها وجهود كبار الموظفين، ورجال الدين، والوجهاء، وشيوخ العشائر المنافقين المنتفعين منها!
لكن حرب غزة قدمت دليلا حيا للشعوب العربية وللعالم أجمع على ان الشعب الفلسطيني لن يستسلم، ولن يتخلى عن حقه في وطنه أبدا، وسيكون لها تداعيات هامة على صعيد مستقبل العالم العربي لأنها أثبتت للشعوب العربية أن دولة الاحتلال التي تدمر غزة وتهدد الوجود الفلسطيني برمته تهدد أيضا وجودهم جميعا، وان المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية هي الاستراتيجية الوحيدة الناجعة القادرة على إيقاظ الشعوب العربية، وتمكينها من المشاركة في التصدي لدولة الاحتلال وإفشال مخططاتها التوسعية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات