الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النداءت المضيئة لرقي الانسان

مهدي النجار

2006 / 12 / 9
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن


النداءات المضيئة لرقي الإنسان

"المصابيح متعددة، لكن النور واحد، ان هذا النور ياتي من الاقاصي"
العارف جلال الدين الرومي
منذ التاسيسات الأولى للخليقة،ومنذ ظهور الإنسان كنوع
عاقل وسط عدد هائل ومتنوع من المخاوف والتحديات والارتباكات والالتباسات،شرع هذا النوع المتميز يقاوم أنماط التوحش من داخله و من حوله،يقاوم الانصياع لظروف القسوة وشروط القهر ،أثناء حيرته وامتعاضه ودهشته خلبت أسماعه نداءات ضئيلة تتصاعد بخفوت من كل جهات الأرض ،يطلقها حكماء بدائيون ،يحرضونه على أن يتوغل في الحياة كثيرا ولا يفسد بها،يحرضونه على أن يبتدع لنفسه عيشة افضل بلا توحش ولا كراهيات،يدعونه لان يرتقي ويتخلص من رداءات الغابة.
وضعت تلك النداءات الإنسان في مركز اهتماماتها وكان الشيء المهم لديها في ركام الوقائع والأحداث هو أن تعرف كيف تكتشف الطرق والوسائل التي تؤدي إلى ترقية الإنسان العاقل واعلاء شانه، ثم ظهرت في هذه النداءات المضيئة قيم روحانية جديدة لم تكن معروفة من قبل إلا قليلا يتعزز بها العقل والحب ، العقل أولا وقبل كل شيء،يقول مسكويه:
(مثل العقل في النفس كمثل العين في البدن ونقول أيضا،مثل العقل في النفس مثل الربان في السفينة) ،بعدها تعالت نداءات الديانات الأصلية تحث البشر على عمل الصالحات،حملت في طياتها مبادئ أخلاقية ذات طابع كوني،كتلك الوصية التي يخاطب بها السيد المسيح عليه السلام حواريه:
"انتم ملح الأرض،ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح" إنجيل متي/5
كذلك يستفز الناس بهذا النداء الرائع:
"فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم أيضا
بهم لان هذا هو الناموس والأنبياء" إنجيل متي/7
أو كتلك الآية القرآنية التي تتحدث ببلاغة عالية عن مبدا أخلاقي يشمل الإنسانية جمعاء:
"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
هذا المبدأ الأخلاقي وحده يكفي لكي يوجه سلوك البشر وحياتهم الشخصية في المجتمع.
لم تنفك النداءات الدينية الخلاقة من رسم الأمل للإنسان وهو يتخبط في ظلام بهيم وعجز رهيب،الأمل بالخلود،الأمل بالحرية ،الأمل بالعدالة،الأمل بتصالح الإنسان مع ذاته،أنها نداءات هداية وتذكير وتبشير: "فذكر إن نفعت الذكرى" ،وصفت الأنبياء والمرسلين بالمبشرين والمنذرين والمذكرين وليس بالجبارين أو المتسلطين أو المسيطرين: "وما نرسل المرسلين إلا ُمبشرين ومُنذرين فمن آمن واصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" الأنعام/آية 48 .
لا مكان للعقل مع الكراهية وأنماط ممارساتها العدوانية،العنف المادي:القتل والإبادة وتدمير الحياة،والعنف المعنوي:تشويه سمعة الآخرين والنيل من معتقداتهم وآرائهم،يترعرع العقل وينشط في فضاءات الحب والتسامح وبالعكس يتقهقر ويتضعضع في مناخات التخويف والإقصاء:
"هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم،ليس
لاحد حب اعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لاجل أحبائه" إنجيل يوحنا/الإصحاح الخامس عشر.
كان الحوار والجدل وبصورة أساسية التعقل والحكمة من صلب النداءات الدينية الخلاقة ومناهجها لقيادة البشر إلي حياة ارحب واامن:
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي
هي احسن إن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعم بالمهتدين" النحل/آية 125.
حاشا سبحانه وتعالى أن يخول أحدا لينوب عنه في (محاكمة)الناس وقهرهم وإقصائهم أو إقامة الحد عليهم وذبحهم كي يتخلوا عن ثقافتهم(ينبوع مركز ذاتهم) بل العكس تمنح الكتب السماوية أوسع المجالات لاختيارات البشر:

"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"الكهف/29 .
لم يكونوا على حق أولئك الذين يسحبون النصوص المقدسة ويروضونها لأغراضهم الشخصية والعقائدية بعيدا عن المعنى الحقيقي الكامن في النص وبعيدا عن المشروطيات والظروف التاريخية مُستغلين ما يمتلكون من ممارسة ودربة في ألاعيب الكلام ،انهم لا يريدون التكيف والاندماج وسط التطور الهائل للحياة والمجتمعات،بل يديرون التاريخ إلى الوراء،إلى أزمنة سحيقة كأنهم يسيرون بتاريخ مقلوب وليست أمامهم مهمات غير انتهاك تطلعات العقل وخنق نسمة الحرية داخل الإنسان،إنما أولئك الذين يمجدون العقل دون ملل ولم يتوصلوا أبدا إلى تحريره من هيمنة الوهم والتشدد والتعصب والعنف فعن أي عقل يتحدثون؟!!
ـــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا