الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب الايراني في العراق الذي دام عاما كاملا -3

مكسيم العراقي
كاتب وباحث واكاديمي

(Maxim Al-iraqi)

2024 / 3 / 17
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


10—الانقلاب الدستوري!

انشئت امريكا المحكمة الاتحادية العليا عام 2003 بعد الاحتلال, على اساس ان البلد سيتم فدرلته وشرذمته, وان المحكمة ستكون امينة على سيادة القانون!!
وصدر قانونها في عام 2005, قبل اقرار الدستور بالقانون رقم 30, الذي منح المحكمة صلاحيات كبرى.
وقد استثمرت ايران كالعادة ذلك القانون, وجاءت بمن تريدهم لاصدار القرارات المناسبة لمصالحها كما سنرى.
فبحسب المادة 92 من الدستور
اولا :- المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا واداريا .
ثانياً:- تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الاسلامي وفقهاء القانون، يحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم ،وعمل المحكمة ،بقانون يسن باغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب .

ولم يسن القانون للان مع قوانين اخرى مهمة جدا في تعطيل للدستور وجعله انتقائيا!
ارتكبت المحكمة كوارث كبرى منها:
سماح المحكمة, بادارة مدحت المحمود, بإعادة تعيين المالكي رئيساً للوزراء في عام 2010 على الرغم من فوز إياد علاوي بأغلبية الأصوات في انتخابات اذار 2010. وفي تفسير غريب للدستور قررت المحكمة أن الكتلة الفائزة في الانتخابات هي التي تتشكل قبل او بعد الانتخابات!
وكان ذلك تفسيرا ايرانيا بحتا فقد هددت ايران بتدمير العراق ان وصل اياد علاوي العلماني للسلطة.
وقد رضخت امريكا وعلاوي, بعد ان خدعوا علاوي بان يتراس مجلس السياسات الاستراتيجية مع صلاحيات واسعة, ثم انقلبوا عليه, وتعرض للتهديد والابتزاز وربما رشوى كبرى لترك المسالة وغادر العراق.
وتم تسليم العراق لايران في اخطر لحظة مفصلية في تاريخ العراق والشرق الاوسط.
هذا الرجل, المالكي, لعب دورا حاسما في دفع المشروع الايراني قدما للامام باموال ودماء ومستقبل العراق كما راينا وسنرى في المقالات القادمة.
في عام 2017، أصبح فائق زيدان رئيساً لـ مجلس القضاء الأعلى، وهو الهيئة التي تشرف على معظم السلطة القضائية وتمنحه نفوذاً معيناً على المحكمة الاتحادية العليا المستقلة نظرياً. وبلغ نفوذه مستوى جديدا في عام 2021، عندما أُرغم منافسه الوحيد المتبقي في المناصب القضائية العليا وهو رئيس المحكمة الاتحادية العليا مدحت المحمود، على التقاعد قسراً. بموجب تعديل على "القانون رقم 30 الذي فرض حداً جديداً لسن قضاة المحكمة الاتحادية العليا وبينما كان زيدان اداة ايرانية حاسمة, فان مدحت المحمود اظهر تعاطف ما مع مقتدى الصدر!
وكان ذلك التعديل في القانون الذي أدى إلى اخراج مدحت المحمود، أرسى أيضاً مبدأ التوازن الطائفي في تشكيل المحكمة الاتحادية العليا!، مما أدى إلى زيادة عدد القضاة الشيعة (شيعة ايران هنا).
مع ملاحظة ان حدود السن لايشمل رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء وقد جاء للمنصب كهول فعادل زوية من مواليد 1942 واصبح رئيس مجلس الوزراء في عام 2018 عن عمر 76 عاما, وجلال طالباني من مواليد 1933 تولي رئاسة الجمهورية من 2005 الى 2014 لعمر 81 عاما, وتوفي في عام 2017 وشيعته الاحزاب الكردية والفارسية بعلم كردي وليس عراقي وليس في بغداد العاصمة!
في تجارة منحطة يتميز بها رجال العهد الجديد واحزابهم! لان الرجل كان رئيسا للعراق وليس رئيسا لاقليم كردستان وحتى لو كان فان الاقليم جزء من العراق ويجب ان يكون العلم العراقي فوقه! وقد حكم العراق تحته!

واستغل زيدان لاحقاً سلطته الجديدة لتنفيذ تغييرات قضائية رئيسية وتسهيل القوانين التي من شأنها تعزيز سلطته ونفوذه (1) كمثال:
1. أنشأ مجلس القضاء الأعلى لجنة وتم منحها صلاحيات واسعة لترقية وتمديد ولاية ونقل وإحالة القضاة والمدّعين العامين إلى التقاعد، مما أعطى زيدان بشكل أساسي صلاحية تعيين وإقالة جميع قضاة البلاد.
2. استخدم نفوذه للتأثير على عملية اختيار أعضاء المحكمة الاتحادية العليا، بما في ذلك تعيين رئيس المحكمة الاتحادية العليا الجديد جاسم محمد عبود، الذي يشتهر بولائه لزيدان.
3. عندما اجريت انتخابات اكتوبر 2021 بعد مطالبات ثورة اكتوبر 2019, تضمنت استعدادات الحكومة إصلاح المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وسرعان ما استغل زيدان هذه العملية وحرص على أن يتكون مجلس المفوضية من قضاة لكي يتمكن هو ودائرته من التأثير على القرارات المهمة السابقة للانتخابات.
مع ان وجود قضاة هو امر جيد جدا, ولكن استغلال الامر هو غير الجيد!

وفي الأسابيع التي تلت التصويت ، وجّه زيدان المحكمة الاتحادية العليا بأساليب مثيرة حقا, دعمت الاطار الفارسي.
وفي البداية، بدا أن المحكمة اتخذت موقفاً متوازناً من خلال إقرار النصر الانتخابي الذي حققته الكتلة الصدرية ورفضت تهم التزوير من الاطار!
ويحكم الاطار الان عبر انتخابات اعتبرها مزورة في البداية ورفع دعوى للمحكمة الاتحادية! فهل لاحد شرعية الحكم بعد انتخابات مزورة!!

ومع ذلك، لم يمضِ وقت طويل حتى أصدرت المحكمة الاتحادية العليا سلسلة من القرارات لصالح الإطار الفارسي.
القرار الأكثر أهمية كان يتعلق باختيار مجلس النواب لرئيس جديد للبلاد وهو اخطر فقرة بعد الانتخابات لان الاكراد اصروا على ان ينتخب الرئيس باغلبية الثلثين! ووضع ذلك في الدستور فاحكموا بذلك الطوقين طوق تغيير الدستور عبرهم وطوق منتجات الانتخابات!
وهذا يعني ان مفتاح حكم البلاد سيكون بيدهم!
وقد قبلت ايران ومنتجاتها في العراق ذلك خشية عودة البعث لحكم العراق حتى يتمركون في السلطة وعند ذاك هناك حديث اخر!

أخذت المحكمة شرطاً قائماً منذ فترة طويلة بالحصول على أغلبية الثلثين من الأصوات، ثم حرّفته إلى شرط نصاب الثلثين!!.
ووفقاً لهذا التفسير غير المسبوق، يجب أن يكون ثلثا اعضاء مجلس النواب على الأقل حاضرين في الجلسة للتصديق على التصويت لمنصب الرئيس، وهذا القرار مكّن الكتلة الموالية لإيران من العمل كأقلية معرقِلة من خلال مقاطعة جلسات مجلس النواب.
ولم يحدث ذلك من قبل في كل انتخابات سابقة!!
وهذا دليل خطير اخر على الحاجة لدستور كامل لامنفذ فيه للاستغلال والتاويل والالغام التي وضعت فيه, من اجل استغلالها حسب موقف الاطراف الحاكمة!

ماحدث بدوره مهد الطريق لانسداد سياسي, وكان على الصدر المطاولة او اظهار مرونة زائفة حتى يتمكن ومن ثم ينقلب عليهم كما انقلبوا على الكل دائما وحسب الموقف!!!
ولكنه وبعد تهديدات وتدخلات وهلوسات امر باستقالة الصدريين في البرلمان, مع انهم مسوولون امام الشعب نظريا وليس امام الصدر.

واصدرت المحكمة الاتحادية قرارات تبدو انها وطنية ولكنها كانت تمثل انتقاما من حلفاء الصدر فقط – بعد ان تم خداعهم او اجبارهم على التحالف مع الاطار التنسيقي ووفق شروط مجحة بالعراق- او لمنفعة ايران ومنها:

1. -في شباط 2022، أعلنت المحكمة أن قانون الموارد الطبيعية الذي أصدرته حكومة اقليم كردستان العراق عام 2007 غير دستوري من اجل الضغط على الاقليم للتحالف مع الاطار! الذي تم بتكليف شياع السوداني بعد القراربرئاسة مجلس الوزراء في اكتوبر 2022.
2. في كانون الثاني 2023، قضت المحكمة بعدم دستورية التحويلات من الموازنة الاتحادية إلى حكومة الاقليم.

3. وفي أيار2023 ، نقضت محاولة تمديد ولاية مجلس نواب حكومة إلاقليم.
4. في 4 أيلول2023 ، ألغت قانون التصديق على الاتفاقية العراقية الكويتية لعام 2012 لتنظيم الملاحة البحرية في ممر خور عبد الله العراقي المائي. وقد رفع القضية نائب من كتلة حقوق وهي فرع انتخابي لميليشيا كتائب حزب الله احد اذرع ايران والمصنفة على قائمة الإرهاب الأمريكية.
وجاء القرار ليس لمصلحة العراق وان كان هو في مصلحة العراق تماما!!
بعد ان قدمت حكومة المالكي تنازلات مخزية امام الكويت بعد ان دفعت الكويت المليارات من الدولارات لاعضاء في حكومته! (1)
ولكنه كان في اطار مطالبة ايران بجزء من حقل الدرة وهو حقل عراقي اصلا.
وعدم ترسيم الحدود سيعقد اتفاق السعودية مع الكويت على ملكية الحقل.
وصمت السوداني عن تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية!

5. في 14 تشرين الثاني 2023 نحت الحلبوسي عن رئاسة وعضوية البرلمان وهو في المنصب من عام 2018, بعد أن اشتكى عليه أحد أعضاء تحالفه السياسي، تقدم، لدى المحكمة بتهمة تزوير كتاب استقالة لصالح المدعي, وتم طرد الطرفين!

ويلاحظ إن المحكمة الاتحادية والقضاء الدستوري العراقي بشكل عام دائما ما يشهدا تغييرا في توجهاتها وقراراتها مع تغيير هيئاتها!
بعد تغيير كافة أعضاء المحكمة وإحالة القضاة السابقين على التقاعد وتشكيل هيئة قضائية جديدة، وجد أن هناك اختلافاً في منهج المحكمة الجديد وما يتعلق بتوجهات المحكمة السابقة، ما أدى إلى تباين القرارات التي أصدرتها المحكمة الحالية عن التوجهات السابقة، وتصدي المحكمة للعديد من القضايا والأمور والفصل بها، بينما كانت سابقاً تمتنع عن الفصل بها!
(3).


المصادر:
المصدر 1
4 كانون الأول 2023 - سيلين أويسال
فهم قرارات "المحكمة الاتحادية العليا" المسيسة في العراق | The Washington Institute

المصدر 2
عام 2018 قبل قرار المحكمة الاتحادية
الشيخ الحبيب: أنا كويتي وأعترف بأن خور عبد الله عراقي
فساد حكومة المالكي, تمدد الكويت على الارض والمياه العراقية, والتضييق على الصيادين العراقيين!
الشيخ الحبيب: أنا كويتي وأعترف بأن خور عبد الله عراقي (youtube.com)

المصدر 3
23 تشرين الثاني 2023
المحكمة الاتحادية العليا.. متى أنشئت وما مهامها؟ | شفقنا العراق (shafaqna.com)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط