الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين الشعب والرعايا

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


للأسف بعض " اليوتوبرز " وللأسف ، فقدوا هذه الأيام أعصابهم ، وأخاف ان يصيبهم مرض السكري اللعين ، حين شرعوا ومن دون واعز أخلاقي ولا ضمير ، يكيلون السب والشتم وبالكلام النابي ، لما سموه " شعب " ، وما هم في الحقيقة غير رعايا تجسد على ارض الواقع ، ومن خلال المعيش اليومي المنحط ، الحياة الرعوية للرعايا في دولة لن تكون غير دولة رعوية ، فالرعايا لا يمكن العثور عليها ، الا في دولة على رأسها راعي كبير تتمسك به الرعية ، وتتبرك من أهدابه وبركاته الربانية ، التي لا عالقة لها بقواعد الشعب في الدول التي بها شعوب وليس بها رعايا . فسب وشتم الرعايا وبالكلام النابي ، لأنها لم تثر على راعيها الراعي الكبير ، رغم عيشها المتدني ووضعها المأزم ، وهي متعودة على حياة الرعية ، وحياة المسكنة والدروشة ، وحياة الضنك والقهر ، وما بدلت عنهم تبديلا ، بل لو خيروها بين حياة الرعية الفاقدة لكل الحقوق التي ينوب في الظفر بها وحده الراعي الحاكم الكبير ، وبين حياة المواطنة وحياة الحقوق ، فأنها ستختار البقاء في كنف الراعي الكبير ،الان ما يربطهما اكثر من الحقوق والحق في المواطنة ، أي ان ما يربطهما هو الإرث التقليدي والطقوسي ، والانتساب الى دار النبي ، الذي وحده ببركاته حفظ الدولة الرعوية من الشياطين الرجيمين ، ومن الدخلاء المستوردين للفكر الملحد ، الذي يتأبط شرا وخطرا على القيم السلطانية ، التي تميز الدولة السلطانية الثيوقراطية ، عن غيرها من الدول ذات المرجعية الديمقراطية الاصيلة . فرفض فكرة الشعب والمواطنة ، والالتصاق بالحياة الرعوية في كنف الامير الراعي ، هو ما يجعل امير المؤمنين ، يحفظ رعاياه من خطر الجا يْحات ، والامراض الفتاكة ، وشح الطبيعة ، والجفاف ، والزلازل ، والفيضانات ... الخ . فدولة امير المؤمنين هي ارض دار الضمانة ، وسبعة رجال ، والاضرحة ، واولياء الله الصالحين ،.. تحميها الرعاية الربانية ، بركة الراعي الرباني الحاجب عن رعيته من كل الشرور التي تفتك اليوم بالشعوب .. فسب الرعية التي لم تثُر على راعيها هو اعتداء غير مقبول ، ومنذ متى ثارت الرعية على راعيها في التاريخ ، وواقعة الثائر الجيلالي الرّوگي المكنى ب ( بوحمارة ) ماثلة للعيان .. فاذا كانت الرعية هكذا على قدر من الاعتقاد الخرافي او الأسطوري ، وهي مؤمنة به حد الهيام ، في ربط علاقاتها براعيها الأمير.. ، فما دخل البعض في هذه العلاقة الربانية التي تحيل الى تاريخ الدولة السلطانية في المغرب ، تحيل الى تاريخ الدولة الدستورية والعصرية ، التي هي في الأصل امتداد من حيث الجوهر وليس من حيث الشكل ، بأصول ومشروعية الحكم في المغرب ، والتي لا عالقة لها بأصول ومشروعية الحكم في الدول الديمقراطية .. فسب الرعية لتمسكها بأصولها وبطقوسها وتقاليدها ، هو اعتداء ومحاولة دكتاتورية لتلبيس الرعية جلبابا لا يناسبها .. ومشكل هؤلاء " اليوتوبرز " ، انهم لا يفرقون بين الرعايا وبين الشعب ، كما لا يفرقون بين نوع الدولة التي توجد بها شعوب ، والدولة الوحيدة التي يوجد بها فقط الرعايا . وهذا بإجماع كل الرعايا ، أي بما فيهم الرعايا الممتازون Les supers sujets الذين يعطون مظهرا خادعا عن نوع الدولة السلطانية المتعارضة مع الديمقراطية ، ويزينون الواجهة اللاّديمقراطية للدولة المخزنية ، عندما يُجمّلونها ( تجميل ) ، بمساحيق مفضوحة امام الدول الديمقراطية ، التي ادان برلمانها الاوربي الممارسات الاّديمقراطية للدولة السلطانية الرعوية في مجال حقوق الانسان ، وفي ادخال الفساد المخزني لمؤسسات الاتحاد الاوربي ، وهو نفس البرلمان ينتظر ان تصدر منه ادانة اقوى ، خلال الشهر القادم لبرنامج Pegasus الذي لغم هاتف الرئيس Macron Emanuel ، وساسة فرنسيين ، وفخخ هاتف رئيس الحكومة الاسبانية Sanchez ، وهاتف وزراء اسبان اخرين . وهذا العمل الدنيء والمرفوض ، الذي يقوم به غير مارقun voyou ، وليس سياسي مسؤول .. واكيد هنا ، ان موقف Sanchez عند النظر في جريمة Pegasus ، سيكون مشابها لموقف Sanchez من قرار ادانة البرلمان الأوروبي للنظام البوليسي المغربي ، بسبب جرائم حقوق الانسان ، التي يرتكبها البوليس السياسي للسلطان العلوي .. فمادام ان قرار البرلمان الاوربي من جريمة Pegasus سيصدر بالأغلبية الساحقة ، فموقف Sanchez الذي سيصوت او يمتنع عن التصويت ضد القرار المقبل للبرلمان الاوربي ، سيكون صيحة في واد سحيق ، لن يؤثر على حجم التصويت ، ولن ينجي النظام البوليسي المغربي من الإدانة .. فالرعايا الممتازين من برلمانيين وصحافيين ، (و أساتذة ) جامعيين ، وأحزاب ... الخ ، الى جانب الرعايا القاعديين ، كلهم متشبثون ومتمسكون بأهداب الأعتاب الشريفة للدولة السلطانية المخزنية ، وكلهم يفتخرون وبطرق شتى بمخزنيتهم التي تربطهم بالراعي كأمير وكأمام ، أكثر منه ارتباطا بملك .. وكان لهؤلاء " اليوتوبرز " ان يتساءلوا . لماذا كل ساكنة المغرب هم رعايا ، وباختيارهم وبمحض ارادتهم ، حتى في ابسط سلوكهم . ولماذا يرفضون القيم الفلسفية والإنسانية التي أساس العلاقة بين المجتمع المدني ، والمجتمع السياسي ، والطبقة الحاكمة في الدول الديمقراطية .. أي لماذا يعشق المغاربة خاصة قبائل بنو هلال وبنو سليم العروبية ، وقبائل سوس بالجنوب ، والاطلس المتوسط والكبير ، واغلبية قبائل الريف ... الخ ، حياة الرعية ، ويرفضون حياة التحرر والانعتاق .. ومن دون نسيان الإرث الأيديولوجي الذي تصلب مع التاريخ ، منذ اول امبراطورية مغربية ، والى الدولة السلطانية العلوية .. ان من اكبر الأخطاء التي ترتكب في هذا الوضع ، هو حين يتم وصف الرعايا بالشعب ، وحين يتم تجاهل نوع الدولة التي بها الرعايا وهي الدولة الرعوية ، والدولة التي بها شعوب ، وهي دولة المؤسسات الدستورية التي تحكم دور الفاعلين السياسيين في المجتمع ، وتحكم وتحدد طبيعة العلاقة بين الطبقة السياسية عند توليها الحكم ، أي تسيير الدولة ، وبين الشعب الذي يتحكم من خلال صناديق الانتخاب والاستفتاء ، في تحديد من يحكم ، ومن سيمارس المعارضة المعترف بها دستوريا ، مع تحويل هذه المعارضة الى أحزاب حاكمة في الانتخابات المقبلة ، وتحويل الأغلبية الحاكمة الى اقلية معارضة دستورية . فالعالقة بين الشعب او الشعوب والحكم في الدول الديمقراطية هو الدستور ، في حين ان العلاقة بين الرعايا وبين الحاكم الراعي الكبير، هي علاقة تراث ماضوي ، وتقاليد مرعية ، وطقوس ما أتى بها زمان ، تكرس الحفاظ على الحياة الرعوية في دولة رعوية ، راعيها الامام المعظم ، وهو ضامن وحافظ سلامة الرعية ، طالما هي مرتبطة بالراعي المصبوغ بهالة ربانية ، وقرآنية ، ونبوية ، تعرب عن ملامحها البيعة التي يسديها الرعايا الممتازون ، للراعي كسلطان ، عند حفل الولاء الذي يصادف جلوس رئيس الدولة على العرش كأمير وراعي ، وليس كملك دهري .. كما تعرب عن مظاهرها هذه ، في الامر اليومي الذي يوجهه رئيس الدولة كسلطان من أهل البيت ، الى مشرعيه الموظفين السامين عند افتتاحه دورة الخريف التشريعية ، في الجمعة الثانية من كل شهر أكتوبر .. فبينما تجتهد القيم الفلسفية ، والإنسانية ، والديمقراطية ، والدساتير في الاستمرار في انتاج المواطن الذي يكون الشعب ، تجتهد القيم ، والتقاليد ، والطقوس السلطانية ، خاصة تلك التي يعكسها عقد البيعة ، في إعادة انتاج الرعايا العبيد ، وفي تعميق علاقة الرعايا الربانية بالراعي المنتسب لأهل البيت ، وليس بالدساتير التي تركز الدولة في شخص الأمير ، و تشخصها في الرعية الغير مهتمة بالدستور وبالدساتير .. وبالرجوع الى تاريخ الدولة في المغرب من الإمبراطوريات ، وصولا الى الدولة العلوية ، فما كان يحدد العلاقة بين الراعي والرعية ، ليس هو الدستور ، ان تاريخ الدولة المغربية كان يجهل شيئا يسمى بالدستور، حتى بداية الستينات التي انزل فيها الحسن الثاني اول دستور حرره أساتذة فرنسيين ك Duverger Maurice ، وكان اول دستور ممنوح فصل فيه الملك نظام الحكم على طريقة الدولة السلطانية التقليدية ، أي ان العلاقة هي بين السلطان الراعي الأمير ، وبين الرعية ، وليس مع الدستور الذي تجاهل أي دور للرعية في النسيج الاجتماعي السياسي للدولة السلطانية العصرية . فاين تصفحت الدستور ، ستجد فقط الملك / السلطان لا غير .. من هنا سنجد انه في الوقت الذي تتمسك الشعوب في الدول الديمقراطية بالمؤسسات وبالدساتير ، تتمسك الرعية في الدولة الرعوية بشخص وبأهداب السلطان ، صاحب البركة الربانية التي أنجته من انقلاب الطائرة في سنة 1972 ، وأنجته من انقلاب الضباط الوطنيين الاحرار في 9 يوليوز 1971 .. لذلك فالشعوب حين تنزل الى الشارع ، فهي تطالب بالمزيد من الحقوق ، وتطالب باحترام الدستور . وحين تنزل الرعية الى الشارع غاضبة ترفع شعار " عاش الملك " " عاش سيدنا " .. ولمعرفة الفرق بين الشعب وبين الرعايا ، لا نحتاج الى عناء تفكير ، او الى جهد في التحليل .. فيكفي القاء نظرة عن نوع الدولة السائدة والحاكمة ، حتى نخلص الى معرفة نوع البشر الذي يعيش بها ، هل هم حقا شعبا ، ام هم مجرد رعايا .. في الدول الديمقراطية التي تحتكم في العمل وفي الممارسة السياسية ، الى دساتير الشعوب التي تعطي المشروعية للشعوب في اتخاذ القرارات المختلفة ، حيث تخضع العلاقة بين الشعوب وبين الحكام لنصوص الدستور ، وللقوانين المنظمة التي ترفع من سمو الشعب على اية سلطة أخرى ، سنجد الشعوب هي مصدر الحكم ، ومنبع الشأن السياسي الذي يتقيد بها الحكام التنفيذيون والتشريعيون ، حيث يكون للرقابة القضائية دور في احترام وفي تفعيل الدستور ، بما يحافظ على الدولة الديمقراطية ككيان يصهر وحدة الدولة ، من خلال صهر وحدة الشعوب مصدر السلطة ومصدر الحكم .. وهنا فالغالب هو سيادة الدولة الاّئيكية التي تحتضن الجميع ، لا الدولة الدينية العنصرية التي تنتصر لجزء من الشعب ، على حساب بقية المجتمع الذي لا يدين بدين الدولة الحاكمة . لكن عندما نجد انفسنا امام دولة بطريركية ، رعوية ، ثيوقراطية ، سلطانية ، مفترسة ، ناهبة للمال العام ، ومفقرة للرعايا .. والدستور السائد هو دستور الحاكم الراعي الذي يختصر الدولة في شخصه لا في غيره .. الخ ، هنا سنصل بسهولة لمعرفة انّ من يسكن الدولة السلطانية هم رعايا عبيدا ، وليسوا بشعب . والحسن الثاني الذي كان مدركا بهذه الحقيقة التي يعشقها الرعايا عن طيب خاطرهم ، ومن دون جبر او قهر ، كان يستعمل في خطاباته التعبير الدال " رعايانا الاوفياء " . ومحمد السادس رغم انه استعمل تعبير " شعبي العزيز " في خطاباته ، فهو من حيث الجوهر والمضمون ، كان يعتبرهم رعايا وليسوا بشعب ، وهذا تؤكده الدولة الرعوية التي على رأسها ، ويؤكده اهمال الرعايا في القضايا الاستراتيجية ، كالتقدم بحل الحكم الذاتي في ابريل 2007 ، دون استشارة الرعايا باستفتاء ، وعندما اعترف بالجمهورية الصحراوية وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، ووقع بخط يده اعترافه في ظهير ( شريف ) نشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 . ومن خلال نوع الدولة السلطانية الحاكمة ، فالموجود بها هم رعايا وليسوا بشعب .. الشعوب تثور من اجل حقوقها ، وعندما تنزل الى الشارع ، فاحترام الدستور الفاصل بينها وبين الحكام الذين يحكمون نيابة عنها ، وباسمها .. لكن عندما تتضرر الرعايا وتنزل الشارع للاحتجاج ، ترفع شعارها الخالد " عاش الملك " ، "عاش سيدنا " ، رغم ان قضاء " سيدنا " ، وباسم " سيدنا " هو من اصدر الحكم بهدم المنازل ، وان بوليس " سيدنا " ... ، وقيّاد " سيدنا " ، وجدرمة " سيدنا " هم من ينزل هراوتهم على ظهور رعايا " سيدنا " .. فعندما تثور الشعوب في الدول الديمقراطية من اجل احترام الدستور ، يرتبط الرعايا في الدولة السلطانية المخزنية بشخص الأمير الراعي والامام ، برفعهم شعارهم " عاش سيدنا " ، رغم ان سيدهم غير مكثرة بأحوالهم التي تدمي القلب . فإذا كانت هذه هي الحقيقة ، التي تعكس طبيعة العلاقة بين الرعايا والراعي ، في الدولة الرعوية الطقوسية ، البطريركية ، الثيوقراطية ، البتريمونيالية ، المفترسة والناهبة لثروة الرعايا المفقرين ... فكيف يجرأ البعض على سب وشتم الرعايا لانها لم تثر على راعيها ، ولم تسقط الدولة الرعوية .. ولو لم تكن الرعايا تبارك كل ما يقوم به راعيها حتى ولو اضرها وآلمها ، هل كان لمحمد السادس ان يهاجر المغرب منذ اليوم الأول لتنصيبه ملكا / اميرا وإماما ، على دولة الامارة السلطانية ، دون اكتراث بالرعايا الجاهلة الفقيرة والمريضة .. ويتحداها بتجويعها في خطاب وجهه لها في اعز كارثة ( الوحش ) كورونا عندما قال لها " ليس لنا ما نعطيه لكم " ، ودعاهم الى تدبير امرهم المشفق عليه بنفسهم ، في الوقت الذي جمع صندوقه المسمى ب " صندوق محمد السادس " 34 مليار درهم " ، وجمع نفس الصندوق ماليين الدولارات واليورو ، وليشتري قصرا / في الدائرة السابعة بباريس ب 120 مليون يورو ، ويشتري جزيرة بالغابون Gabon Le للاستجمام والحياة المالحة ، كما اشترى جزيرة " بزنجيبار" ، والرعايا تتدور الجوع والمرض والفقر .. ان من ينتظر ان تثور الرعايا على راعيها وتسقط الدولة الرعوية ، سيكون بمن يضرب الخط ، وسيكون بمن يجهل اصل الدولة ، خاصة الدولة العلوية بالمغرب .. النظام لن تسقطه الرعايا المرتبطة براعيها الكبير .. النظام سيسقط بتسوسه من الداخل ، وهو في الطريق .. وسيقط من خارج المغرب من قبل الدول الديمقراطية التي تكره النظام المخزني .. وباب اسقاط النظام وهي جلية ، وسيسقط ، هو الصحراء اذا اضاعها ، وقد اضاعها .. والمجتمع الدولي كله يشتغل في هذا المضمار ، وحل تيمور الشرقية بعد اقل من سنتين ينتظر على الأبواب
ومرة أخرى هل يجهل الملك محمد السادس ، جرائم البوليس السياسي التي ترتكب باسمه ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل