الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوى قضائية دولية ضد الحكومة الامريكية لتعمدها ارتكاب جريمة تدمير المواقع الاثرية العراقية – 12

سعد السعيدي

2024 / 3 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


هذه المقالة تتعلق بالاضرار التي تسببت بها قوات التحالف الاجنبي للمواقع الاثرية في العراق. سنذكر فيه فقط ما يتعلق بموقعي بابل واور الاثريين. استندنا في المعلومات الواردة في المقالة على كتاب (تدمير الارث الثقافي في العراق) الصادر العام 2008 والذي ساهم في كتابته والاشراف على نشره نخبة من متخصصين معروفين في مجال الثقافة والآثار من العراق والعالم. من هذا الكتاب اعتمدنا على المعلومات الواردة في الفصول 13 و 16 حول موقع بابل و 14 حول موقع اور الاثريين مما اختصرنا منها من تفاصيلها الكثيرة. كتب هذه الفصول على التوالي خبيرة الآثار د. مريم عمران موسى عضوة المؤسسة العامة للآثار والثراث ومديرة موقع بابل الاثري، ود. زينب البحراني استاذة مادة آثار وتاريخ فن الشرق الادنى في جامعة كولومبيا الامريكية، وعبد الامير الحمداني المفتش في دائرة الآثار في محافظة ذي قار (انظر اسفل المقالة).

في نيسان العام 2003 وبمجرد انتهاء الحرب قامت قوات التحالف بقيادة الامريكيين بتحويل موقع بابل الاثري جنوب بغداد الى معسكر لها سمته معسكر (ألفا)، حيث بقيت فيه حتى كانون الاول من العام التالي 2004.

تسببت هذه القوات باضرار مباشرة جسيمة للموقع من خلال الاعمال التي قامت بها هناك. فقد باشرت الى حفر الكثير من الخنادق باعماق مختلفة في عدة اماكن من الموقع او المدينة الاثرية باستخدام المعدات الثقيلة. وهذا مع العلم بان موقع المدينة باكمله هو موقع اثري ذو اهمية كبرى لاحتواء ارضه على الكثير من بقايا الآثار مثل قطع الفخار المختلفة وقطع الاختام من فترة الملك نبوخذنصر.

وقد استخدمت اتربة تلك الخنادق لملء اكياس كبيرة استخدمت في إنشاء حواجز للمعسكر. كذلك فقد اجريت اعمال تسطيح لارض الموقع قبل فرشها بالحصى والرمل باستخدام آليات ثقيلة. وقد تسببت هذه الاعمال في تدمير اية قطع اثرية كانت توجد في التربة تحتها. ثم جرى وضع آليات ثقيلة بعضها تزن الطنين في الموقع ادت حركتها الى تدمير وتكسر وانخساف ارض الموقع في الاماكن التي مرت بها.

تقول د. زينب البحراني حول موقع بابل بانها لم تجد في العام 2004 ولا حتى شخصا واحدا من قوات التحالف ليوضح لها عمن اعطى اوامر احتلال الموقع الاثري او سبب احتلاله. وانها بعدما فضحت الامر في الصحافة حينها ظهر كلاما عن حماية الموقع. وتقول بان الاضرار التي اصيب بها الموقع كبيرة لا يمكن اصلاحها. واردفت قائلة بانه حتى لو كان الامر يتعلق بالحماية فكان يكفي وضع حراسا له حوله. وهو ما سيكون اجدى من تجريفه بالبلدوزر واقامة اكبر مقر قيادة عسكري في المنطقة فيه. وتضيف الخبيرة قائلة انه حيثما ترك القصف الجوي تلك المواقع سليمة تسبب الاحتلال الامريكي بتدمير هائل لها.

وتقول البحراني بان موقع بابل لم يكن الوحيد الذي جرى تحويله الى موقع عسكري. إذ ان سبع او ثمان اماكن اثرية اخرى في البلد قد تعرضت منذ العام 2003 الى مثل هذا الاستخدام بمعية قوات التحالف. احدها هو مركز مدينة سامراء التاريخي حيث يوجد المرقد العسكري الذي بناه ناصر الدين شاه.

وكانت الخبيرة البحراني قد وضعت في بداية فصلها في الكتاب عن فرانز فانون مقدمة حول طبيعة الاستعمار. إذ اوردت بان الاستعمار لا يكتفي بمجرد السيطرة على الشعب وإفراغ عقله من كل شكل ومضمون. بل انه وبنوع من المنطق المنحرف، يتجه إلى ماضي الشعب المضطهد، فيشوهه ويدمره.

اما موقع اور الاثري فقد قامت قوات التحالف الامريكية والايطالية والرومانية واخريات العام 2003 بتعريضه للاضرار اكثر مما تعرض له منها فترة النظام السابق. إذ كثيرا ما كان يتجول افراد تلك القوات فيه دون يضبطوا انفسهم. وعدا عما تسببوا به من اضرار من خلال بنائهم لقواعد عسكرية جديدة قربه حينها فضلا عن استخدامهم لتلك التي بناها النظام السابق، فقد تسببوا من خلال قيادة الآليات الثقيلة فيه والمشي فيه باحذيتهم الثقيلة بتغيير بعض معالم الموقع، ومع هذا تدمير آثارا وقطع اثرية ما زالت مدفونة في التربة. كذلك فقد تسببوا بتعريض سلم الزقورة الاثرية للاضرار ومعها بقايا طابقها الثالث. وغير هذا فمن خلال استمرار القوات الامريكية في بناء منشآت جديدة في منطقة ضمن الموقع تبعد حوالي 1500 متر الى الجنوب منه تسببوا في تدمير آثار تلك المنطقة الى الابد.

استنادا على كل ما تقدم وعلى النتائج التي افضى اليها هذا التدمير المتعمد لآثار بلدنا لابد من اطلاق دعوى قضائية دولية ضد حكومة الولايات المتحدة الامريكية لتعمدها بطريق جيشها وقوات التحالف الاخرى التي كانت تعمل بامرتها، ارتكاب جريمة تدمير المواقع الاثرية العراقية والتي تعتبر اساس الارث التاريخي والثقافي العراقي. وهو ما يشكل جريمة حرب في القانون الدولي. ولابد من الفرض في الدعوى على الامريكيين دفع التعويضات المالية عن هذا التدمير المتعمد والواضح.



مصدر معلومات المقالة:

كتاب (تدمير الارث الثقافي في العراق) الصادر العام 2008 باللغة الانكليزية عن دار بويدل وبرُوار. اشرف على نشره بيتر ستون وجوان فرشخ بجالي. كتب مقدمته الكاتب البريطاني روبرت فيسك ويحتوي على 28 فصلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة