الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فشلت العملية السياسية في العراق !!؟

ماجد لفته العبيدي

2006 / 12 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعتبر هذه القضية من اهم القضايا المحورية المطروحة في الوقت الراهن , وأحد أهم التساؤلات الملحة التي يطرحها المواطن العراقي على القوى السياسية العراقية , والتي تحتاج إلى البحث والتروي والعقلانية عند الإجابة عليها , ففي ظل تعقيدات الوضع السياسي الراهن ,الذي يدفع ثمنه المواطن العراقي المكتوي بنار الصراعات السياسية الطائفية والتصفيات الجسدية والأعمال الإجرامية والفساد والفوضى العارمة التي باتت السمة العامة للمشهد السياسي العراقي , كثرا ما يجري الخلط بين مجريات العملية السياسية , و العملية السياسية ذاتها , ببنيتها ومرتكزاتها واتجاهاتها , فلابد من التعريج على هذه القضية لرسم صورة للمشهد السياسي العراقي , بكل إشكالاته وإرهاصاته , ففي هذا المشهد نرى ان الكثير من الأحزاب والقوى على اختلاف أجندتها السياسية والفكرية , فقد حسمت خياراتها السلمية من خلال المشاركة في العملية السياسية الراهنة بكل تفاصيلها , واعتمدت أسلوب المقاومة السلمية للإنهاء الاحتلال وإعادة السيادة والاستقلال , وبناء دولة المؤسسات وسيادة القانون , من خلال بناء النظام الديمقراطي السياسي والاجتماعي , الذي يبنى على أساس التداول السلمي للسلطة وإشاعة الحريات العامة والحريات الفردية, والفصل بين السلطات الثلاث , وإعادة أعمار البلاد , والقيام بحزمة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي تسهم في حل ألازمة الشاملة التي يعني منها المجتمع العراقي .
واعتبرت المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية ,بائتلافها الواسع هي الوسيلة المشتركة والأداة التي يجري التعويل عليها لتحقيق هذا البرنامج الواسع الذي يهدف إلى استعادة الدولة لهيبتها وبسط نفوذها , وفرضها الاستقرار والأمن , ووضع برنامج لجدولة انسحاب القوات المحتلة بالتزامن مع بناء القوات المسلحة وإعادة الأعمار وحل كل الإشكالات الآنية التي يواجهها الشعب العراقي , من القتل على الهوية والإرهاب والفساد, وأزمة الوقود , والبطالة .....الخ من مفردات برنامج حكومة المالكي , ولكن هذا البرنامج لم يتحقق منه الكثير في الواقع العملي , فالعديد من القضايا لم تستطيع الحكومة حلها والكثير من المشاكل التي ورثناها من الديكتاتورية الفاشية لم توضع لها الحلول ولازال الكثير منها عالق على جدول إعمال الحكومة الحالية , بل استجدت قضايا ومشاكل دفعت الوضع السياسي إلى التأزم والتعقيد في ظل عجز الحكومة المتواصل وشلليتها الناجمة من ازدواجية نشاط أطرافها وعلاقتها المتشابكة مع الأطراف الرافضة للعملية السياسية , و الذي أعطى دفعا قويا لتصاعد نشاطات الجماعات الإرهابية والمليشيات والعصابات المنظمة , وفي ظل هذا الوضع المعقد أصبح التدخل الإقليمي , جزء اساس من الحلول السياسية الوطنية , ولم يعد هذا التدخل حبيس الاروقه الخلفية لوزارات الداخلية في دول الجوار , بل أصبح هذا التدخل , تدخلا علنيا ومتداولا في وسائل الأعلام , فقد نشرت الصحافة ووسائل الأعلام , اخبار عن المناورات ألتدريبيه للجيش السعودي للقيام بتدخل محتمل في العراق , وتدريب عناصر جيش المهدي في لبنان بالتنسيق مع حزب الله وإيران,والمعلومات الواردة عن تزويد الجماعات المسلحة بصورايخ سام المضادة للطائرات والصواريخ المضادة للدروع من قبل إيران وسوريا , والضغوطات التركية وتدخلها العسكري المتواصل في كوردستان العراق , ناهيك عن الدور الذي تلعبه الأردن والأمارات العربية المتحدة , وتاثرهما على الملف الأمني عبر استضافة بعض النشاطات الحكومية ونشاطات المعارضة السياسية .
وصار التعويل على تقسيم العراق ونسف المشروع الوطني , الورقة الرابحة لبعض الأطراف الإقليمية والدولية , تحت حجج كثيرة منها تفادي الحرب الأهلية , ووضع حد للتصفيات الطائفية والعرقية , وفرض الاستقرار في المنطقة , وغيرها من الحج الواهية التي تستند إلى بعض معالم الصراع الدائر بين اكبر كتلتين سياسيتين أساسيتين هما ( الائتلاف , والتوافق ) , الذي جري الفرز بينهما على أساس طائفي سياسي , واتخذ بعدا اجتماعيا بفضل الغطاء الديني للمرجعيات الدنية لبعض نشاطات أحزاب الإسلام السياسي , وكلا الطرفين يسعيان إلى فرض أجندتما على الواقع بمختلف الوسائل والسبل بمافيها استخدام الوسائل المسلحة , والتي تركت أثارها على الاستقرار السياسي وساهمت في إشاعة الانفلات الأمني وتعطيل عمل الحكومة ومؤسسات الدولة .
إن كل هذه الإرهاصات السياسية والإشكالات الشائكة التي تم ذكرها سالفا , جعلت من السؤال المطروح حول فشل العملية السياسية , سؤال وجيه ووارد !!؟
ولكن إلى جانبه يطرح تساؤل مشروع أيضا , و هو ماهو البديل لهذه العملية السياسية , وهل صحيح إن تنسف العملية السياسية التي أعطى العراقيين دماء كثيرة من اجلها , وهدرت ثروات طائلة فيها , ليعمل العراقيين من الصفر !!؟
إن الموقف من العملية السياسية , عمل على تقسيم القوى والأحزاب والجماعات بمافيها الجماعات المسلحة إلى قسمين , يختلفان اختلاف جذري بينهما وهما :
القسم الأول :الذي يرى في العملية السياسية غير ممكنة في ظل الاحتلال , ويعتبرها غير شرعية , وتصل بعض الجماعات التي تصنف في هذا الإطار , إلى استخدام وسائل التصفيات الجسدية السياسية والطائفية ضد خصومها , وتسعى إلى فرض نظام شمولي على شاكلة حكم الطالبان , وبعض اخر منها يعمل على أعادة البعثين ونظام صدام من جديد إلى السلطة بعد أجراء تحسينات شكلية على سياستهم السابقة , وهذه القوى في غالبيتها لا تملك مشروع سياسي واضح , وتخفي أهدافها الحقيقية خلف شعارات براقة كاذبة , منها كنس الاحتلال , ووحدة الوطن , وتطبيق الشريعة , ومعاداة الإمبريالية ... الخ , وتضم في صفوفها القوى التالية [ مجلس شورى المجاهدين _ القاعدة , جيش محمد , حزب البعث , جماعة العلماء المسلمين , جماعة الخالصي , بعض الجماعات اليسارية المحدودة , وجماعات عسكرية مسلحة , مليشيات عمورية . كتائب ثورة العشرين , الجيش الإسلامي , القيادة المؤقته للقوات المسلحة ]
القسم الثاني : يضم في صفوفه اغلب القوىوالاحزاب السياسية التقليدية التي كانت تعارض دكتاتورية صدام حسين ,و يضاف لها أحزاب جبهة التوافق التي خرجت من رحم حزب البعث , ما عدى الحزب الإسلامي العراقي ( الأخوان المسلمين ) , وتيار الصدرين , وهذه القوى ترى إن العملية السياسية هي الطريق الوحيد للإنهاء الاحتلال , وتختلف فيما بينها حول العديد من القضايا المتعلقة في بناء النظام السياسي المستقبلي , وبعض منها تداخل أجندته السياسية الوطنية مع الأجندة الإقليمية والتي تنعس أثارها السلبية على أدائه الوطني , وتشكل هذه الحالة السبب الرئيسي للازمة السياسية العراقية الراهنة .
إن تعطيل العملية السياسية وإعادة بنائها من جديد يصب في مصلحة المحتل الذي يستفيد من وجود الفوضى التي تخلفها هذه الحالة للإطالة أمد الاحتلال والتحكم ببلادنا وربطها بمعاهدات واتفاقيات ضد مصالحها الوطنية , وسوف يصب الزيت على نار الحرب الطائفية , ويقود إلى تمزيق الوطن وتقسيمه في نهاية المطاف , ومن هنا يجري السعي لطرح حكومة الإنقاذ الوطني بشكلها الانقلابي , للإجهاض المشروع الوطني الديمقراطي , ودفع البلاد نحو دمار الحرب الطائفية ومذبحة القتل على الهوية المقيتة ,وفي ظل هذه الأوضاع تقع على عاتق القوى الديمقراطية الوطنية مهمات متشعبة تتجسد في النضال المتواصل على عدة جبهات ,منها دعم العملية السياسية والسعي للإعادة هيكلتها لتكون أكثر فعالية , وفي نفس الوقت تعرية القوى والأحزاب والجماعات التي تتشابك مصالحها مع الجماعات الإرهابية والمليشيات , وعزلها عن المشاركة في العملية السياسية , وحشد القوى التي تسعى من اجل المشروع الوطني الديمقراطي في تحالف سياسي , يشكل القوى الرابعة في التوازن القلق الراهن للمكونات السياسية الثلاث المهيمنة على القرار السياسي في الائتلاف الحاكم .
وعلى الرغم من كل النواقص التي تعتري العملية السياسية الراهنة ,الاانها تبقى الأساس الذي يعتمد عليه للخروج من دوامة ألازمة العراقية الراهنة , عبر تفعيل برنامج المصالحة الوطنية , وحل المليشيات , وتطبيق برنامج الحكومة, وتحميل أطرافها مسؤولياتها واستحقاقاتها الوطنية , والتصدي للإرهاب وجدولة انسحاب المحتل واستعادة السيادة الوطنية والاستقلال الوطني , تلك هي العناوين البارزة التي تؤكد نجاح العملية السياسية واستمراريتها , وتقع الطريق على كل القوى الرامية إلى تعطيلها عبر فرض نظام شمولي جديد في بلادنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك


.. هل أصبح بايدن عبئا على الحزب الديمقراطي؟ | #أميركا_اليوم




.. مسؤولون أمريكيون: نشعر باليأس من نتنياهو والحوار معه تكتيكي


.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ ولماذا يفضلها ا




.. سرايا القدس تبث صورا لتفجير مقاوميها بكتيبة طوباس سيارة مفخخ