الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس لَجوجَة (2)

يحيى علوان

2024 / 3 / 19
الادب والفن


ما لَكَ ، يا شبيهي في المرآة ، تُحملقُ فيَّ ..؟!
أَتُراكَ أنتَ أنا ، أمْ أنا أنتَ..؟!
* * *
غالباً أُراودُ فِكرةً شاردةً عن نفسِها ، فتروح تَقِدُّ حروفي من قُبُلٍ ..
أُلاحقها حتى تنصاعَ ، فنعيشُ "الخطيئةَ" سويّةً ، نحترق ونُغنّي "نشيد الفرح" قبلَ أنْ نَقَعَ في كمينِ الصمت..
* * *
أخّرتُ زماني بما إختزلتُ من العمر ، كي لا أجيءَ قبلكم فترمونني بشُبهة الشيخوخة والتخلُّف عن "روح العصر"!!
* * *
حارسُ الشرَرِ في الحلم أنا ،
ربما تنسى الشرارةُ نفسَها ، تَتَقادمُ فتنتهي إلى ومضةٍ خجولة ،
.. مَنْ يدري إلى أيِّ شيءٍ ستصيرُ في وحلِ الطاعة والإنضباط ؟!
* * *
سُئلَ حكيمٌ صيني عن ألذِّ الأشياء، فقال ، ثلاثاً :
- شُربَةُ ماءٍ بعد عَطشٍ مديد،
- كِسرةُ خُبزٍ بعد جوعٍ طويل ،
- رعشَةٌ بعد طولِ"إمتناع"!
* * *
الأفكار لا تأتي أسراباً ، بل فرادى ، دون تخطيطٍ مُسبقٍ أو إستدعاء ! لا تطرقُ بابك ! بل تُومض مثل شهاب..
عليكَ أنْ تكونَ ماهراً يعرفُ كيف يصيد الشُهُبَ قبلَ أنْ يحترقَ الشهاب ويختفي !
كنْ مستعداً للإمساك بخيطها / الفكرة /، وهي لمّا تزلْ "خاماً"ساخناً، فقد تستبطنُ شيئاً ربما لم تفكر به أو ظلَّ حبيس اللاوعي ..
لا تتركها تفلتُ منك ! فتروح تشتغل عليها ، تصقلها وتخلِّصُها من الشوائب ، تُضيفُ لها من مخزونك المعرفي والثقافي العام ،
تجلوها غيرَ مرّة ، حتى تستقرَّ وتصبحَ قابلة للتداول والتأمُّل ..
لكن هذه "الوصفة" لا تتحقّقُ دوماً بهذا اليُسر ، الذي وصَّفتُه !
فما أكثرَ ما ضاعَ مني من أفكار وصياغاتٍ ، تحضرُ بشياطينها حين أستلقي في السرير..
ولمّا تلوحُ غيمات النعاس ، تُغويني فكرةٌ تلمض في رأسي ، أصوغها فتعجبني .. أُكررها مراتٍ!
لكنني أتكاسلُ عن النهوض لتدوينها ، مخافةَ أنْ يطير النعاس ولا يأتي إلاّ في دورته التالية بعد ثلاثِ ساعات !!
أُراهنُ على أنها ستظلُّ في الذاكرة حتى أستيقظ ! لكن هيهــــــــــــــــــ ات.. تكون قد تبخّرت !!
* * *
هي مجرد نقطة. قد تكون سقطت سهواً ، أو صدفة ! لكنها تستحضر معنىً آخر ، غيرَ مقصودٍ أيضاً ..
لا بلْ قد تُحيلُ الكوكبَ العاطلَ إلى دورانٍ لم يعرفه الفَلَكيّون..
هي مجرد نقطة لا غير ! قد تفضحُ البعضَ عندما يشيرون يساراً ، لكنهم ينحرفونَ يميناً..
وحين تستعلم ، مستغرباً، يأتيكَ الجوابُ جاهزاً :
[ ثمّةَ ضرورات حياتية، أنتَ لا تفهمها.. متى تَرعوي وتغادر وَلدَنَتِك؟!
نحنُ نوازنُ شَهدَ التأمُّل بجرعةٍ من خَلِّ الممارسة حتى يستقيم المرتجى ..]!!
* * *
جريحٌ حيْ مشكلة ! لكن الأمرَّ منه جرحٌ حَيْ !
* * *
يا أُمةَ الله ! حبلٌ رَبَطَنا بأُمِّنا ، وبحبلٍ آخرَ شَنَقتنا، فأضحينا ركناً صغيراً للتعازي في ميتةٍ لم نَمُتها..!
* * *
الثيّباتُ يختزلن لغةَ الصلاة.. يعتصرنَ جُمّارَ الجسد المركون..
فما توالدت المعاجم من الإشاعات ، ولا تكسَّرَ الماء من أسمائه !
* * *
يا مَنْ بصهيل المرآةِ يمسحُ وَجهيه، أَتريدني أنْ أُعينكَ على خيانةِ وجهٍ ؟!
* * *
"إبصقْ عني ، فَديتُك !
مُندحرونَ لا يخجلونَ من الإحتفال بهزائمهم ، ضيوفَ شرفٍ على موائد المنتصرين !!"
* * *
قرَّرَت الآلهة أن تكتبَ مذكراتها بنفسها ، لأنها لا تركُنُ إلى ما يسطره المؤرخون..
إذْ يزجّونَ الأزمنةَ في "سجنٍ" يسمونه "تأريخاً"!
لكن الآلهةَ ستتركُ شيئاً من الغموضِ ، يُحيِّرُ الفلاسفة !!
* * *
أَتَلَصَّصُ على نفسي.. ماذا تراها فاعلة الساعة ..؟
سنمشي جنب بعضٍ مثل طيفين ، أنا وظلّي ، عانقتني فكرةٌ، مشيتُ معها، تركتُ نفسي على سجيَّتها .. الريحُ تُمشِّطُ الشَجَرَ..
بدخانِ سجائري أرسمُ أَشباحي الأليفة .. أُحاورها ، أُعنِّفها.. وحين تبكي أُجفِّفُ دمعَها بحنان، وأذهبُ للنومِ حزيناً .
* * *
منذ ما يزيد على نصف قرنٍ ، تورّطتُ بغواية المفردة، ولا أدري إلى اليوم، إلى أين ستقودني؟!
رغم معرفتي أنَّ الكتابة هي الحصن الأخير لمنْ لا يملك القدرةَ على التغيير، إلاّ البطيء جداً ،
في عصرٍ يجري فيه القتلُ والموت بسرعةٍ هائلة..!
فرُحتُ أُؤَلِّبُ المفردات والمعاني على مصادرها..
أُدغدغها كي تُفصحَ عمّا لمْ تُدوِنه المعاجم والفهارس..!
* * *
الفضاء العام، ملكٌ للجميع ، لا يحقُّ للفرد أنْ يعبثَ به تحتَ أية ذريعة كانت !
بدايةَ السبعينات من القرن المنصرم ، كنتُ أتمشى في مدينة لايبزك ، مع صديق، في مركز المدينة قرب الجامعة.
رميتُ بعقب السيجارة في الشارع..! بعد خطوات ربتَ برفقٍ على كتفي رجلٌ مُسنٌّ، بدا عليه يكظم غيظاً ،
لكنه رغم ذلك ألقى تحية باردة. كان يحمل بين إصبعيه العقب الذي رميته ، سألني ممتعضاً : "أتعرفُ أيها السيد كم هو عدد نفوس لايبزك ؟"
أجبته نصف مليون نسمة..! فقال"لنفترض أنَّ نصف هذا العدد من المدخنين. لو أنَّ كلاً منهم يدخن عشر سجائر في اليوم ،
يرمي بها في الشارع ، مثلما فعل جنابكم ! أتدري كيف سيكون حال المدينة ؟! ببساطة ستكون خــ...! طاب يومك "
إنكمشتُ بداخلي خجلاً. بقيت تلك الحادثة قرطاً لن أنساه أبداً !
حادثةٌ أُخرى بقيت جرساً في ذاكرتي. كنا في الترام ببرلين ، في محطة صعدت مجموعة صاخبة من الزعران ،
كلٌ يحمل زجاجة بيرة ، وراحوا يتبادلون كلماتٍ بذيئة ، بل نابية تخدَشُ الحياء ، فأنبرت لهم مجموعة من الركاب طالبوهم بالهدوء
وترك العبارات النابية .. وإنْ لمْ يرُقْ لهم ذلك فلينزلوا من الترام في المحطة التالية.. وان عليهم أن يحترموا باقي المسافرين...
إستعدتُ تلك الحادثة قبل أيام أثناء متابعة برنامج "كاميرا المدينة" في إحدى الفضائيات. رَصَدَت الكاميرا إمرأةً شعبية تأكل موزاً .
رمَت قشرة الموز في الشارع فسألها الصحفي :" خاله ليش ذبّيتي الكشر بالگاع ، متخافين واحد يزلگ بيه وتنكسر رجله لو أيده؟!"
فردّت عليه "بأريحية!" [چا هِيّه غير حِريَّه ! .. گبل من چان صديِّم ، كِلْ شَيْ ممنوع .. هَسَّه حِريَّه مَحّد إله غرض بالوادم ] !!
* * *
أعرفُ أنَّ الوطنَ لم يعد موجوداً إلاّ في مخيلتي.. وما دام هناك، فهو إحتمالٌ واقعي بالعودة ..
لكن الأشنعَ أنْ يُلغى من خيال الناس .. مسعايَ أنْ أَفتحَ ثغرةً في جدار اليأس !!
* * *
س: لماذا أنتَ مُتبرّمٌ من الحاضر؟!
ج: لأنني أضيقُ بحاضرٍ يتطلّبُ من المستقبل أنْ يعيدَ إنتاج الماضي !!
* * *
ليست الحرية في تغيير الواقع ، إنْ كان ذلك مُستطاعاًّ !
بلْ في أنْ لا تسمحَ للسائدِ بتغييركَ كما يهوى !
فلتكن شمسُ المستحيلِ شمعتَك ، لا تسعى إلى شيءٍ تافه !!


* * * * *








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع