الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة إلى مصر

خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)

2024 / 3 / 19
الادب والفن


في منتصف عام 2012 أتيت من إمريكا زائراً لأقاربي كانوا قد أتوا إلى مصر فارين من الحرب بسوريا. عندما وصلت إلى المطار، وقفت في طابور طويل، وكان الضابط يشير لكل فرد أين يتوجه. نظر في جواز سفري ثم نظر إلي وقال قف هناك يافندم. وسألت: أين هناك. فأشار إلى زاوية. وقفت لايقل عن نصف ساعة أنتظر الضابط حتى ينتهي من فحص معلوماتي ويسلمني الجواز ويسمح لي بالمرور. أقتربت منه بعد نصف ساعة وسألت: إلى متى يجب أن أنتظر ياأستاذ.. قال: خليك مكانك يا فندم. بعد خمس دقائق، أعطاني جواز سفري وتوجهت خارج المطار، فعسى أن يكون قريبي ينتظرني فنذهب معاً. لكن لم أر أحداً في الخارج، فأتصلت به وأخبرته بأني وصلت وأنا أنتظر خارج المطار، فرد بأنه على الطريق مع السائق.
في الخارج، جلست مع حقيبتي أنتظر قريبي حتى يصل. كنت اتشاغل بهاتفي، وفجأة اقترب مني رجل سمين أشعث الشعر يحمل في يده محرمة يضعها على جرح في خذه، أما وجهه فقد تبادر لذهني أنه خرج من السجن لتوه، ثم سألني دون ينظر إلي: عاوز تكسي يافندم.. فأجبت على الفور: لا .. شكراً.. أني أنتظر قريبي..
رفع المِحرمة مرة أخرى إلى خده يجفف جرحاً، وتصورت أنه قد أكل ضربة بمطوة أو سكين من شخص يماثله في الشكل. غادر لكن ليس بعيداً، ثم رجع إلي مرة أخرى وقال لي وهو ينظر إلى مكان ما: يافندم.. أنا أوصلك للمكان اللي أنت عاوزو..
وهنا تذكرت أحد الأفلام القصيرة للأديب المصري الرائع – أسامة أنور عكاشة – عن شخص يغيب عن بلده في أحدى دول الخليج ويعود بعد سنين ومعه ماجناه بعرقه وكده، لكن في الطريق ينهب قطاع الطرق كل مامعه من مال، ولا أتذكر إذا قتلوه أم لا.. وقلت في نفسي هذا الرجل القبيح لاشك أنه يماثل قطاع الطرق الذين كتب عنهم عكاشة. قلت له مرة أخرى: أشكرك يامعلم..
وهنا أرتكبت خطأ كان يجب أن لا أقع فيه، فتابعت بقولي: وإذا لم يأتي قريبي.. سنتكلم بالتوصيلة ...
تلفت حوله كأنه لص، ثم مشى إلى باب المطار الخارجي. شعرت بالإرتياح. لكنه رجع مرة أخرى وسألني وهو ينظر إلي هذه المرة قائلاً: يافندم أنا بوصلك بعنايّ والله.. قلت: لا حول ولا قوة إلى بالله... ياعم قلت لك أنتظر قريبي ومعه التاكسي.
مشى بعيداً وهو مازال يجفف جرحه.. . أخيراً، أتي قريبي وكنت سعيداً برؤيته. وعلى عجل، وضع حقيبتي في مؤخرة السيارة ثم أنطلقنا. لا أتذكر كم من الوقت مضى قبل أن نصل إلى مدينة ستة أكتوبر. وبدأ السائق الذي أتى مع قريبي حديثه يسألني من أين جئت وكم من المصاعب واجهتني في المطار، ثم اخذ يتكلم عن المشاكل التي تواجه سائق التاكسي، فقال ضاحكاً بأن الدولاب أنفجر معه وهو على الخط الأوستراد ولولا رحمة الله ولطفه لكان من عداد الأموات. في تلك اللحظة، أخبرته عن صاحب التاكسي في المطار وعن شكله، فرد علي بأن ذلك الرجل من المؤكد ينتمي للنشالين وليس للسوّاقين ثم ذكر لنا أنه تعرض لمجموعة من النشالين وهو يأخذ بعض الزبائن إلى إحدى قرى الصعيد، وفي الطريق حاولوا السطو عليه بالسلاح. ثم قال بحزن بأنه خسر يومها كل ماجناه خلال النهار.. وتابع: الناس مابيعرفوش أني أعمل مدرس في النهار وسائق بعد الظهر كي اربي اولادي.. الدنيا صعبه يافندم.
عندما وصلنا، استقبلني اقاربي بالترحاب وكانوا قد أعدوا وجبة غداء دسمة. ثرثرنا بأمور الدنيا وسهرنا في ذلك اليوم حتى الصبح نتذكر الأيام الخوالي ونتحسر على مامضى. في الصباح ذهبت في جولة صباحية استكشافيه في مدينة ستة اكتوبر، ومررت بجانب مسجد الحصري وكان ذو بناء جميل وتصميم رائع، ثم عرجت على المحلات مقابل المسجد ورأيت الباعة المتجولين، فمنهم من يبيع سندويش الفول. كان هناك محل يبيع الكوشري. وتوقفت عند ذلك المحل واشتريت طبق كشري، ولم يكن بالجودة التي توقعت وتذكرت كلام صديق مصري حين قال لي أن الكشري أتى مع الإحتلال الإنكليزي خاصةً مع الهنود الذين يخدمون كمشاة في الجيش. في سوريا يوجد أكلة مشابة لهذه الأكلة إسمها مجدّرة، وأظن أن هذه المجدّرة أطيب من الكشري - وهذا ليس من باب التعصب للأكل السوري - بل ما من أحد أكل هذه المجدّرة إلا وحمد منها وأثنى عليها. كان هناك في 6 اكتوبر مطعم سوري واحد أسمه، على ما أعتقد – ست الشام – أو شيء من هذا القبيل، وكان الوحيد يبيع الشاورما والفلافل، لكن لم تكن الفلافل والشاورما بالجودة التي في سوريا.
في يوم الجمعة ذهبت إلى مسجد الحصري ولم أستطع الدخول لشدة الإزدحام، فجلست في الخارج مع الجالسين. أخذ الخطيب يدعو للرئيس مرسي بطول العمر والتوفيق ويعينه على قيادة مصر، والناس تردد وراءه –آمين-.
ذهبنا في نزهة إلى مدينة الإسكندرية، وأكلنا في أحد المطاعم وكانت الخدمة جيدة، والناس يتميزون باللطف والإبتسامة، على عكس شعب القاهرة، فهم في الغالب واجمين لايتحدثون للغرباء كثيراً. تذكرت كتاب جمال حمدان حول عبقرية المكان والأعمدة السبعة للشخصية المصرية للكاتب – ميلاد حنا- إذ أن المكان له تأثير على بناء شخصية أبن المدينة سواء في القاهرة أو الإسكندرية.
أتذكر عندما ذهبنا للإهرامات، قال لنا صاحب جمل هناك بأن الرئيس مرسي غير مؤهل لقيادة مصر. وسألته لماذا: قال مرسي على الكرسي بيرسي. أي باحث عن السلطة وليس خدمة الشعب المصري.
مكثت في مصر 10 أيام، كانت رحلة جميلة، ومصر فيها من التاريخ والتراث مايجعلها الرقم الأول في السياحة في العالم، لكن مع الأسف، لم يكن هناك تنظيم في الأماكن السياحية أو حركة البائعين المتجولين العشوائية عند الإهرامات، فقد كانوا يتعاركون ويشاجرون مع السيّاح الأجانب.
أخيرأ، إذا ذهبت إلى مصر سواء للسياحة أو الإقامة تشعر بأنك في بلدك. فالشعب المصري شعب حي طيب ومضياف ويتقبل الغرباء، ولاشك أنك تعرف أن مصر هي أم الدنيا.
آذار 19 - 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ام الدنيا
سامر درويش ( 2024 / 3 / 19 - 19:01 )

صدقت استاذ خليل. فإن مصر أكثر بلد فيها تاريخ ولكن الفساد فيها عظيم


2 - الحقيقه
على سالم ( 2024 / 3 / 20 - 00:41 )
من المؤكد ان مصر المسكينه ضحيه على مدار السنيين والاوقات , مصر هى ضحيه الحكم العسكرى المجرم البلطجى السادى الحرامى البشع والذى اختطف مصر على غره منذ اكثر من سبعين عام سوداء , عصابه اللواءات المنحطه هم لصوص وقتله ومجرمين وشبيحه انجاس وعربجيه اوغاد , هم عديمى التربيه والمنشأ والاصل , هم طفيليات عفنه ظهرت على السطح ولاهم عندهم الا البلطجه والعربده والاستبداد والسرقه ؟ عليهم اللعنه اينما حلوا


3 - شيك ب 7 مليار يورو للرئيس السيسى
Magdi ( 2024 / 3 / 20 - 09:22 )
شيك ب 7 مليار يورو للرئيس السيسى
أذاعت القناة الأخبارية الفرنسية
Lci
فيديو نرى فيه رئيسة الكومسيون الأوربية
Ursula von der Leyen
تسلم الرئيس السيسى شيكا ب 7 مليار يورو لمكافحة الهجرة غير المشروعه .
علقت صحفية القناة على هذا الخبر متسائله :
أين تذهب هذه الأموال علما أن مصر مديونة ب 160 مليار يورو ( من سوف يسدد هذه الديون ؟) والأمارات اشترت فى مصر أراضى ب 30 مليار يورو.
واضافت الأتحاد الأوربى لا يقوم بواجبه مكتفيا بإعطاء شيكات لتركيا ولتونس ومصر..ولم تسأل : أين يذهب دخل قناة السويس + تهريب الأثار...
تحياتى .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki


4 - ؟؟؟
جوان علي ( 2024 / 3 / 20 - 18:48 )
طال عمرك يا صاحب تعليق رقم 3 .. ضحكتني .. وحاولت تخيل اورسولا فون دير لاين التي ليس لديها صلاحية كتابة شيكات وهي تعطي السيسي الشيك وهو يضعه في جيبه .. هراء طبعا .. وحرت اين اصنف هذا التعليق فوجدت الباب الانسب هو كلام قهاوي .. تفاصيل اتفاق الشراكة معلن ويمكن الرجوع اليه .. قروض ومنح وعلى مدى ثلاث سنوات .. ومعلومة اخرى مهمة لكل من يهوى ذكر ديون مصر .. ديون مصر ملاليم مقارنة بديون الدول الاوربية وفي مقدمتهم فرنسا وايطاليا والمانيا (تحديث 2024: أدى الضعف الاقتصادي في ألمانيا إلى جانب زيادة الإنفاق بالفعل إلى تجاوز الدين الوطني علامة 2.5 تريليون يورو) .. تحياتي


5 - الهجرة غير المشرروعة وديون مصر
Magdi ( 2024 / 3 / 21 - 08:37 )
الهجرة غير المشرروعة وديون مصر
الخبر المشار إليه فى ت 3 أذاعته قناه فرنسية أخبارية
Lci
الم يعطى الاتحاد الأوربى مليارات لتركيا لوقف الهجرة غير المشروعة ( سوريين ) وأعطاء مليارات لتونس لنفس الغرض ( هجرة الأفارقة ) للمغرب .. ؟
من قال لك أن أورسولا ليس لها صلاحية أعطاء شيكات وهى تتصرف بتفويض من الاتحاد الأوربى بصفتها على قمة جهازه الادارى .؟ وكانت معها رئيسة وزراء إيطاليا
Giorgia Meloni
أقرأ فى جوجل المقال كاملا :
La présidente de la commission européenne, Ursula Von Der Leyen a conclu dimanche 17 mars un accord dit stratégique avec l’É-;-gypte du maréchal al-Sissi pour un montant de 7,4 milliards d’euros
من قال لك أن ديون مصر ملاليم ؟ هل قرأت مقالات أ .محمد حسين يونس وتعليقات الغاضبين معه ؟
تحية .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki


6 - محمد حسين يونس وديون مصر
Magdi ( 2024 / 3 / 21 - 10:20 )

محمد حسين يونس وديون مصر
أقرأ ما كتبه أ محمد حسين يونس فى مقاله
عندما باع عواد أرضة :
مهما حاولت أن تقنعني بأن هذه القصور و المقرات الفاخرة التي يبنيها النظام في كل مكان ..ويشحت و يستدين من أجلها إنما هي من أجل (مصر ) فانا غير موافق
أقرأ أيضا مقاله :
هزمنا في كل مكان ذهب إليه الجنود
أموالنا سايبة وبيت المال نهيبة ينفق منه ( الحاكم ) كما يحلو له لمداراة فشل مغامراته...حتي لو إقترض ديون متلتلة . ( لم يقل أ . محمد حسين يونس: ملاليم )!
--
أكتب فى جوجول :
Ursula von Leyen Geogia Meloni Egypte
وسوف تجد إعطاء الرئيس السيسى أكثرمن 7 مليار يورو مقابل وقف الهجرة غير المشروعة.
مما أثار أستهجان الصحفية الفرنسية ت 3.: أين تذهب هذه الأموال ؟
تحية .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki

اخر الافلام

.. فيلم -البقاء على قيد الحياة في 7 أكتوبر: سنرقص مرة أخرى-


.. عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا




.. جندي عظيم ما يعرفش المستحيل.. الفنان لطفى لبيب حكالنا مفاجآت


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر محمد عبد القادر يوضح إزاي كان هن




.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت- الشاعر محمد عبد القادر -