الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبعاد الحرب على قطاع غزة

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 3 / 19
القضية الفلسطينية


ألمحنا في مقالات سابقة ،مثل عدد من الكتاب المتابعين ،إلى أنه من المستحسن في تكوين فهمنا لما يجري في قطاع غزة خصوصا و في الضفة الغربية أيضا ، أن نأخذ بعين الاعتبار فرضيات أوسع من القضية الفلسطينية بما هي صراع ضد استعمار استيطاني صهيوني صِرف ، كونها مشروعا أوروبيا غربيا أو أطلسيا مثلا استنادا للدور الأساس لهذه الأطراف في إنشاء دولة إسرائيل و تطويرها و تمددها . من البديهي في هذا الصدد أن الحرب على قطاع غزة تسلط الضوء على هذا المعطى كما انها تنسف من وجهة نظرنا دعائم ركائز نظم الحكم في الدول العربية حيث يستهدف المشروع الاستيطاني بلدانها ، المقصود هنا مصر و بلدان الهلال الخصيب ، نظرا إلى أن الحكم فيها يكاد لا يعرف نوعا من الاستقرار إلا بالتنسيق مع متعهدي المشروع الاستيطاني الصهيوني و رضاهم . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فلا نبالغ في القول أن أمورا أخرى تكشفت أيضا و أتضحت . أهمها بحسب ظننا أن جزءا من ثروات دول عربية أخرى يصب طوعا أو كرها في ميزانية تمويل تنفيذ هذا المشروع ، إلى جانب دول غيرها ، محاصرة أو مدمرة ، لأنها قابلة لان تكون رافضة له و داعمة لمقاومته.
هذه توطئة أملتها في الواقع المشاهد االظاهرة أمامنا أمامنا ، نلخصها هكذا:
ـ يتناهى إلى العلم أنباء عن انفراجات مالية في الاقتصاد المصري ، نتيجة مساعدات من دول خليجية ، ودول الإتحاد الأوروبي بالإضافة إلى منح وقروض دولية .
ـ تتولى مصر و قطر البحث عن قواسم تصلح لتوافق على هدنة مع الولايات المتحدة واسرائيل ،في حين أن السعودية صامتة ، و الجزائر مغيبة أو أن جيرانها يشاغلونها من جميع الجهات .
ـ تظاهرات استعراضية في سماء القطاع، بمشاركة أميركية وفرنسية ، بموافقة إسرائيلية ، يقوم بها الطيران المصري، الأردني ، المغربي و الإماراتي تتمثل بإلقاء طرود من المواد الغذائية فوق رؤوس المجوّعين و المعطشين و المشردين في قطاع غزة . في الوقت نفسه تسمح السلطات الإسرائيلية بدخول بعض شاحنات المساعدات إلى القطاع حيث يقوم العسكر بإتلاف حمولتها امام المتلهفين لإطعام أطفالهم
ـ قصف متواصل على لبنان و اليمن و سورية .
ـ نلاحظ أيضا ، إلى جانب هذا كله ، أن روسيا اتخذت مواقع عسكرية لها في سوريا ، لا شك في أن دافعها لذلك هو جيو استراتيجي كسرا للطوق الأمني و الاقتصادي الذي تحاول فرضه دول حلف الأطلسي ضدها . الأمر الذي يشكل في نظرها خطرا يعادل الخطر الذي استشعرته في أوكرانيا و جعلها تلجأ للحرب إبعادا له .
ـ لا بد أخيرا من الإشارة إلى التنافس بين الهند و الصين ، فهذه تعمل لتحقيق " طريق الحرير " مرورا بإيران و الهلال الخصيب و صولا إلى سواحل المتوسط ، و تلك دشنت طريق الهند حيفا التجاري عبر الأمارات و السعودية و الأردن فميناء حيفا .
ـ لا نجازف بالقول أيضا أن منافسة أخرى تجري لاقتسام إرث " الدولة العربية الكبرى" الموعودة ، بين أيران و تركيا .
يحق لنا إذن من هذا المنظار ، أن نصف الحرب على القطاع بثلاثية الأبعاد :
ـ ذات بعد محلي ، بما هي صراع بين السكان الأصليين من جهة و مستعمرين استيطانيين من جهة ثانية غايتهم طرد هؤلاء السكان أو إبادتهم . يتمثل ذلك في الراهن بجعل قطاع غزة مكانا غير صالح للعيش . فلا جدال أن إسرائيل لم تستهدف فصيلا مقاوما و انما استهدفت جميع الفلسطينيين ، بعد أن نعتتهم بالحيوانات و منعت عنهم الغذاء و الماء .
ـ ذات بعد إقليمي يتمظهر بالاختلاف بين المجال الذي تتحرك فيه أيران و ذلك الذي تمارس فيه تركيا دورها .
ـ يتمثل البعد الدولي ، بالخطوط التي يشكل تجاوزها في نظر روسيا خطرا عليها من جهة والتفاف دول الأطلسي حول إسرائيل إلى حد و قف مساهمتهم في ميزانية الأطلسي ، إنكارا لقضية اللاجئين الفلسطينيين التي تنتظر حلا لها منذ صدور قرار التقسيم . علما أن هذا الإنكار بدأ يتجسد في حروب محو مخيمات اللاجئين التي و قعت في لبنان و سورية والعراق مثلا ، كما يتجسد اليوم بالدمار الشامل و بالمجازر التي راح ضحيتها إلى الآن عشرات الألاف من الضحايا نتيجة قصف الطيران العسكري و نتيجة للحًصار التمويني في إطار سيرورة تحاكي التطهير العرقي التصفية الجماعية ، تصديقا لما قالها شاعر المارتنيك ايميه سيزير ، أن هيتلر يسكن البرجوازي ، مدعي التدين ، مدعي صون الإنسانية ،في أوروبا و أميركا الشمالية . و لعل أبلغ دليل على هذا هو قبول دول الغرب الأطلسي لسردية ، دون نقاش ، بالرغم من تناقضاتها و انهيار أجزائها تباعا مع مرور الأيام .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال