الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفول المدمس !؟

حسن مدبولى

2024 / 3 / 20
الادب والفن


ظل الفول بأنواعه المختلفة على مر العصور هو الأكلة الشعبية الأولى التى لايمكن أن يستغنى عنها فقراء المصريين بالإضافة إلى العدس و الخبز البلدى ، وكان المصريون يتفننون فى إستنباط العديد من صنوف تقديمه وتناوله على موائدهم البسيطة، بداية من الفول الأخضر(الحراتى) مع الجبن القريش او القديم ،إلى الفول النابت الذى كان شهيرا على الموائد أيضا قبل أن يختفى ، وكذلك الفول المدشوش الذى يدخل فى صناعة الطعمية ( الفلافل) أو البصارة ،لكن الصورة الأشهر للفول على الموائد المصرية كانت وستظل هى الفول المدمس الذى يعرفه الجميع ، وكان المصريون يتفننون فى تقديمه بالزيت الحلو والزيت الحار والزبدة،وكذلك بالبيض المقلى والبعض كان يضيف إليه الخضروات مثل الفلفل الأخضر والطماطم ،
وكان قدوم شهر رمضان المبارك يعنى اول مايعنى تعديل ميعاد تقديم وجبة الفول المدمس من الإفطار صباحا، إلى وجبة السحور ليلا ، وفى احيان كثيرة كان يقدم عند وجبة الإفطار عقب آذان المغرب،
وبالطبع نال الفول المدمس مانال الكثير من السلع الغذائية الخاصة بالفقراء ، فقد إرتفع سعر كيلو فول التدميس من عشرة جنيهات إلى ما يزيد عن ستين جنيها ( أغلى من سعر كيلو السكر ) وهو ما أصاب غالبية المصريين فى مقتل، بعد أن كانوا يسدون رمق الأطفال بطبق الفول الشهير،
وقد تفنن المطربون الأصلاء كمحمد قنديل وصلاح عبد الحميد وسيد إسماعيل وأسماعيل شبانة فى الغناء للفول المدمس بإعتباره غذاء الغالبية العظمى من المصريين ، كما قد قدم الشاعر الكبير طاهر أبو فاشا برنامجا غنائيا قديما بعنوان
" المدمس" غناء محمد قنديل وأسماعيل شبانة ( شقيق عبد الحليم حافظ) وألحان محمد صبره، يبدأ البرنامج بحوار ساخر وجدل هزلى بين الصديقين عبد الكافى وعبد الشافى حول كيفية كتابة كلمة مدمس وهل هى بالسين أم بالثاء ، فيتدخل صديق ثالث لينبههما أن الأهم من الإستغراق فى إعداد الأبحاث حول طبيعة إسم الفول هو المسارعة لوضع أبحاث علمية لتطوير الانتاجية الزراعية منه، أو فى كيفية مكافحة الآفات التى تضربه وتصيب حقوله بالبوار،
وأخبرهما أن اصل التسمية يعود إلى مصطلح فرعونى قديم وهو " المتيمس" أى المدفونة أوانيه فى الوقود أو المكمور، وفقا لطريقة طهى الفول المدمس المتوارثة،
وأخبرهما أن المدمس كان وجبة المصريين البسطاء ،لكنها كانت محرمة على الكهنة ، وذلك حتى جاء أحد الكهنة باكيا ليعترف امام الكاهن الأعظم انه تناول المدمس وارتكب الخطيئة، وأدان كاهنا آخر معه، فاستدعى الكاهن الآخر فطالب بمحاكمة زميل ثالث، وظل الامر يتطور حتى تبين أن الكاهن الأعظم نفسه كان يتناول الفول المدمس خلسة، فهاجمه صغار الكهنة بحوار رائع يؤكد ان لا تحريم بدون نص، كما انه من العار على الحكام ممارسة ما يعاقبون الآخرين على فعله ،
وهكذا تم الإعتراف بالمتيمس أو المدمس ،كما تم السماح بوضع صور سنابله على المعابد ، وإستمر طعاما رئيسيا لبسطاء المصريين كبديل لهم عن اللحوم والأسماك ، وظل هكذا حتى إرتفعت وتضاعفت أسعاره ، فبات هو الآخر عصيا عسير المنال مثله مثل العدس الذى كان البعض يضيفونه إلى الفول عند تدميسه لتزداد قيمته الغذائية ،
وكل عام وأنتم بخير !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا