الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:14081 الحكماء والعلماء والمثقفين بين الماضي والحاضر

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2024 / 3 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ستُهدم الحصون ،رأي غير ملزم.
الحكماء والعلماء والمثقفين هم نتاج بيئاتهم ومجتمعاتهم . فلا يمكن لحكيم أن يأتي بحكمته من خارج محيطه وما يعانيه هو أولاً ومجتمعه ثانياً ،وهكذا العالم .وأما العالم لايفترق عن الحكيم إلا بتلك المسافات الشاسعة التي يلتقي من خلالها مع منجزات غيره فيحاول تطبيقها عملياً وربما برع أفضل ممن ابتدأ بها .وهكذا المثقف عندما يأخذ من ثقافات الشعوب المحيطة به فتحدث المثاقفة بينه وبينها والطريقة التي أتاحت لانتشار مانسميه بثقافة هو التجارة والقوافل التجارية والنوم في الخانات فقد كانت سهرات الغرباء تقوم على المثاقفة بين مجتمعاتهم وما يختزنونه من علوم ومعارف وعادات وتقاليد .وهؤلاء الحكماء والعلماء والمثقفين كانوا في الماضي ويختلفون عن اليوم لأنّ أولئك عاشوا قبل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وقبل الهواتف النقالة والأقمار الصناعية التي تنقل لنا من أبعاد الكون بملايين السنوات الضوئية . أجل هؤلاء كانوا يعتمدون على مصادر كتب نادرة بل كانوا يتتلمذون في مدارس كان المعلم فيها يجمع بين كل العلوم ويُجيدها فكان حكيماً وعالماً في الرياضيات والهندسة والجبر ومعلماً للطبيعيات والفلسفات بمذاهبها ومناهجها لهذا سيكون من الصعب لو قارناهم مع حكماء وعلماء ومثقفي اليوم . فالهوة بينهما واسعة ولايمكن أن نقارن مصادر ثقافتهم وحكمتهم بأيّ وجه للمقارنة ،إنما يلتقون في استنتاج البديهيات والعلوم التجريدية ونتائجها الحتمية رغم اختلاف البيئات والظروف والأجواء .
ومن هنا أعتقد النقطة الثالثة في سياق هذه الجزئية هو أنّ الحكماء والعلماء والمثقفين والأنبياء تركوا رسائلهم ومضوا وعلينا أن نُفّعل الآثار الإيجابية لتك الثقافات وليس أن نعبدها على شكل طوطم.
فأيّ تراث ديني كان أم وضعي لا يوضع أمام النقد ومدارسه وبشفافية وعلمية وموضوعية فهو تراث سينهار لامحالة أمام بقية الماديات الملموسة. ومِنْ الأخطاء الكبرى التي يرتكبها أيّ شعبٍّ أو قومية ِ أو دين هو أن يكون صورياً تجاه تراثه لابل يحفظه كالببغاء دون أن يُعمل فيه العقل والمنطق. ويعتمد على تنفيذ واجباته من الطقوس وفي أعماق نفسه يرفضها لابل يشتمها في صدره .لكنه أمام الناس يتحدى العالم بها ويصنع من نفسه بطلاً أسطورياً.
ومهمته لا بل هكذا يراها هو أن يُبقي على موروثه وعليه أن يرسخه في مناهجه وبين أجياله ولايهمه أن يتدارس الأخطاء الكبرى ولا الصغرى .ومن هنا ولدت الشخصية الداعشية التي هي تراث وعقيدة والشخصية الداعشية كالنار الحارقة والخارقة لأيّ شخصية تُقدم نقداً لتراثها الروحي والديني وحتى القومي فذاك تحل عليه اللعنات وهو كافر وزنديق ورافضي بلا مقدمات والتهم جاهزة معلبة صنعتها عقول هؤلاء السذج الذين يعرفون لكنهم عبيد لتراثهم المليء بالأخطاء والمصيبات ومابين الحكماء والعلماء والمثقفين درجات وطوابق لايصلها إلا من تطهر من أدران الحقد والكراهية ونؤكد بقاء الخلافات والفروقات بين المجتمعات وهذه مبنية في جوهرها على المتناقضات في المجتمعات وسيرورتها ومابين العلوم والفلسفة التي تعيشها . ولكن خير الشعوب وأرقاها من وضعوا كل تراثهم أمام النقد لأن السير في الظلمة وعن عمد وقصد وإصرار هو الخيانة لنفسه وللعالم فلا أحد ينفي حق التدين ولكن تلك التعاليم التي تلتقي مع ثقافات الشعوب العاملة لتحقيق السلام والحرية للبشر كافة .
وللحديث بقية.
اسحق قومي.21 /3/2024م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت