الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة اللحظات المتسربة .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 3 / 23
الادب والفن


مقامة اللحظات المتسربة :
يقول خورخي لويس بورخيس: (( بعد فترة تتعلمين الفرق الدقيق بين الإمساك بيد وبين تكبيل روح, وتتعلمين أن الحب لا يعني الاتكاء وأن الصحبة لا تعني الأمان)) .

عندما سألناها : متى ينفذ الصبر ؟ أجابت : لأنه صبر فلا ينفذ , وعندما قلنا : متى يحدث أنفجار الروح ؟ قالت : عندما يكون هناك فتيلا غير مبلل , وحين تسائلنا : متى تنولين المراد ؟ ردت بأقتناع : حين يشاء الله, تذكرت حينها قول الأبيوردي :
(( تَنَكَّرَ لِي دَهْرِي وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي ...صَبورٌ وَأَهْوالُ الزَّمانِ يَهُونُ
فَباتَ يُرِينِي الضَّيْرَ كَيْفَ اعْتَدَاؤُه... وَبِتُّ أُرِيْهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكُون)).

كلنا يعرف ان قصيدة النثر تمثل ثراء في الخيال بما يوازي الواقع ولكن بتشبيهات لافتة , ولايحدها حواجز , ولايفهمها الا الراسخون في علم الكلمة والمعنى , ولا يقرأها الا من كان يتفاعل مع سحرها ويخوض في عباب معانيها , فهي بحر من كلمات وافلاك سابحات في فضاءات خارج حدود فلسفة الوجود , وفي نصوص شاعرتنا الرشيقة الأنيقة نلمس جمال غاياتها ألا اننا لابد أن نؤشر انه حين تتشابه آلام البطلات المتسربلات بالحزن, وتتوازى مسارات النصوص الغارقة باليأس , وتسيطر عليها عقد المستحيلات , وتغدو الانوار دائما بعيدة , والأفراح فقط في الخيال , والاقمار خابية بفعل غيوم الديم التي لاتمطر, كيف لنا أن نصف الكاتبة؟ وهي المتمكنة من الحروف والكلمات والتي تحمل أسلوباً شعرياً بلاغيا , استطاعت من خلاله أن تتوجه إلى أصحاب الذائقة الشعرية, في مفردات عذبة تخاطب الوجدان .

دعونا نتذوق هذا النص , سنجد انه في معبد الطهر تتطرز مناجاة العاشقين, وها هي البطلة تلعق نسغ التبعثر , ليروينا النص من صبابة عذب المنى وحرير المعنى وقدس العبارات, ألا تعرف البطلة ان الحرف نور والحرف نار ؟ نقبس من جمره قناديل الهوى ونعصر من خمره كؤوس البدايات فنحرق كالطيف جميع المسافات ؟ فكيف ينفذ خيط ابرتها وهي تسهر مع أرقها الطويل, والليل معراج السماء ومحراب التهجد والصلوات, وكيْفَ ينْبتُ الْعشْبُ ؟ وثمار مستحيلاتها متدليات , وغيمها لَا مطرَ فيهِ, لقد فاتها هذا القمر الذي تشكي له الظنون , لأنها تصحي متأخرة وتفوتها القبلات على خد القمر, يبدو انها صدقت عرافة ما , في زمن ما ,قالت لها إنّ الله ينام وعينيه نصف مغلقة في حضن الفجر, وعندما نقرأ النص نستنتج ان نهارات البطلة عذابات والليالى مضنيات, نكون كمن يطلب من جندي أن يطلق رصاصة في قلب الحقيقة حتى ينزف المعنى لتطغى بقايا ملح المعشوق فوق المدّ ولتزرع الخوف في مجذافيها وليفقأ البُعد مرارة صبرها, ولأنهم يقولون أنه لا يعرف أبجدية العشق ,بمعنى الجنون النبيل غير النساء ,وطائفة الأنبياء, وصناع الشعر وأرواح تسلقت لترتقي وجه السماء , وأن العشق حياة وأن العاشقين أول من يقدم يوم الحساب في قافلة
الشهداء , فلذلك نجد أن قلب البطلة رهين بينها وبين ماتصورته , وحين تبدو الأشياء بلونها العاري يلوح غسق المعاني مائلاً للمغيب ,والوقت بلون التراب المحمّروالدمع المالح ينادي أباه البحر ليعود اليه.
كتبت ميسون أسعد:(( للّيل ما أعطى , و للنّهار ما أخذ ولي نزف الطريق و رشفة الحلم)), حتى الصمت يتقن قراءة خطوط قلب بطلة النص بكياسة, فحافية القدمين هذه ضائعة التوقيت على رمل لحظات إنقضت في محاولة يائسة لمنع اللحظات الأخرى القادمة من التسرّب, وهي لاتعلم انه حتى الحلم خان وطنه, فما أسهل أن يخون القلب والنبض, كمْ أثقلتَ القلب سكرات الجدب , ومن الطبيعي ان يطلب الغفران لروحه العليلة بالحب, غفرانك يا إلهي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا