الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رد على من لا يستحق الرد !

جعفر المظفر

2024 / 3 / 23
سيرة ذاتية


كان بودي ان لا أخوض في هذا المضمار فأمره معروف لأن مكمِمي الأفواه من مدعي الإلتزام الإخلاقي العالي مسعاهم أن تشاركهم السجال لتجعلهم نداً لك وهم لا يستحقون ذلك, فبعد هذا العمر وتعب الطريق إن لم تساعدك عظامك على الوقوف مشرئباً فسيساعدك تاريخك أن تبقى مرفوع القامة كإبن العشرين.
في سباقه المحموم نحو الشهرة, وربما بواعزٍ من المشاغبة التي عرف بها, وربما أيضاً بدافع الحسد من نجاح الآخرين, يندفع فلان الفلاني في هجومه الشتائمي الذي يبثه علينا بشكل متلاحق من خلال تسجيلات مصورة مؤكداً فيها على ولائه للنظام السابق ولرئيسه الذي ذبح العراق وقدمه ضحية أحلام ثبت بطلانها بعد أن أكد صاحبها تخاذله المريع في لحظة الإستشهاد المطلوب.
ومضحكة هي قصة البطولات التي لم يرفع أي من دعاتها السلاح فتركوا بغداد عارية أمام جيش الإحتلال الذي دخلها وكأنه في نزهة ونحن الذين كنا نتصور أن جَزْراويها وعزتها ووطبانها وعليها المجيد سوف يفجرون أنفسهم ليعطلوا دبابات الإحتلال وليؤكدوا للعراقيين أنهم أصحاب مبادئ وعقيدة صادقة. وما زلت أتذكر تلك العجوز العراقية التي تفاجئت بالمواضع التي تركها الجيش الشعبي وصغار الحزبيين فارغة إلا من أكياس الرمل, وذلك قبل الغزو والإحتلال بثلاثة أيام فراحت (تردس) على طريقة أهل العمارة مغنيةً بحزن (هوستها) اللاذعة : حِزِبْكَمْ راح وظلّت كِوانِيّة. والكونية هي أكياس الرمل التي تموضع خلفها المقاتلون استعداداً لصد القوات الأمريكية المتوقع غزوها للعراق, والتي اختفى مقاتلوها قبل ثلاثة أيام من وصول الأمريكان إلى بغداد مما أثار حفيظة تلك العجوز العراقية التي لخصت إهزوجتها عمق المأساة.
لا بأس فثمة من ظل على موقفه إيماناً وصدقاً رغم أنه مُلامٌ أيضاً حينما يعبر عن إيمانه على طريقة العِزّةً بالإثم, فالنظام السابق ليس كله عيوب, خاصة حينما يُقارَن بالنظام الذي تلاه والذي كله عيوب. لكننا بذلك صرنا أمام خطئين, خطأ من يدعي أن الوقت لم يحن بعد لنقد تجربة النظام البعثي الصدامي, بإدعاء أن الوقوف عنده سيأتي لحساب النظام الحالي. وخطأ من يجعل مساوئ النظام الحالي وكوارثه غطاء ًلمساوئ النظام السابق, حتى كأنه يمكيج قبح السابق ببشاعة اللاحق.
ولعلي لا أنكر حق هؤلاء في التمسك بإجتهاد كهذا إلا إذا أنكروا حقي في الإجتهاد المعاكس, وظني أن رأيهم النقيض إنما يتأسس على حسن النيات لا على تعسكرات ملوثة, ومنها تلك الذي خلقته الطائفية النقيضة التي صعدت إلى السطح حال الطلب. هؤلاء كانوا أخوة لي وأصدقاء, وما يزال البعض منهم كذلك ما داموا مدفوعين بحسن النيات.
وقلت إنني لم أكن أنوي سابقاً الخوض في هذا المضمار, لكني أمام سوء الفهم وسطحية التفسير أجدني الآن في حلٍ من تلك النيات.
وبطبيعة الحال فانني أفعل ذلك ليس دفاعاً عن ذات متألمة, رغم أن ذلك هو حق مشروع, ولكن لظني بواجب رفع الإلتباس وارتباك الآراء والرؤى على صعيد إنتشار بعض المفاهيم العامة التي خلقتها المقارنات الشاذة بين عهدين كلاهما سيئين, لكن أريد لمن هو أقل سوءًا أن يكون فاضلاً !!.
وشأني مع أحد الزاعقين وهو كبيرهم , بِعِلْوِ الصوت وحدة النبرة, أنه يعيب عليّ الذم في النظام السابق بدعوى أنني كنت مستفيداً منه بعد أن اسبغ علي بنعمة التعيين معيداً في الكلية, ثم أرسلني مبعوثا للحصول على الإختصاص. وظنّه أن تجاوزي على ذلك إنما يأتي من باب نكران الجميل, وهو يتناسى أن ذلك لم يحدث من باب المِنّة, علي وعلى آخرين مثلي, وإنما لأن صدام حسين لم يرسلني مبعوثا على نفقته الخاصة أومن أموال أمه وأبيه وإنما من أموال دولة صادف أنه ترأسها بقوة الإنقلاب على رفاقه, ثم ولعلةٍ فيه, ظنّ أنه ملكها. بل لعلي سأكون مرتزقاً فعلاً لو إنني سكت عن أخطائه وجرائمه بدعوى أنه كان صاحب فضل علي.
وكان مما زعقه صاحبنا أنه ذكرني بمقالاتي في صحيفة الثورة وخاصة تلك التي كتبتها تحت عنوان (فلسطين والسراب الفارسي) في الأيام الأولى لإعتلاء خميني سدة الحكم في إيران عام 1979 محاولا من خلال ذلك أن يقول.. إذن هذا هو صاحبكم الذي كان قد قال وقال, ثم إذا به يتخلى عن كل ما كان قاله وقاله.
وكأنه أمسك الحقيقة من ذيلها فقد ظن هذا الزاعق, لِعلةٍ في دماغه, أن الموقف من فلسطين أو العراق لا بد أن يمر من خلال الموقف من صدام, وأن من يكره صدام لا بد وأن يكره فلسطين, ورأى أن العكس سيكون صحيحاً أيضا لأن صدام والعراق في ظنِّه هما تؤام من النوع السيامي. وفي ظنِّه أيضاً أن المقالة عن فلسطين ما دامت قد كُتبت في عهد صدام فلا بد وأن تجير بإسمه, فيكون التخلي عن الشخص هو كالتخلي عن القضية.
وقد تغافل هذا الصارخ عن حقيقة إنني مازلت متمسكاً ومعتزاً وفخوراً بتلك المقالات التي كنت أكدتُ فيها على رياء ونفاق النظام الإيراني استناداً على تحليل اشادت به غالبية المهتمين بحيثيات الصراع العربي الصهيوني.
ثم إذا بهذا التحليل وقد أثبتت الأيام صحته وعلو شأنه بعد أن تأكد فعلاً أن النظام الإيراني هو من أكبر المسوقين للقضية الفلسطينية, حتى كأني إذا ما أعدت كتابة الموضوع فسوف لن أغير من أفكاره الأساسية ولا حتى من العنوان نفسه.
أتذكر أن أحد الأصدقاء المقربين مني جداً والذي كان بعثيا بدرجة عضو فرع قال لي, وكنت ما أزال حينها بعثياً, وكانت حفلة تأليه صدام قد بدأت تواً : أن جميع العاملين في مكتب الإعلام وكوادر المهنة بدأوا يستعملون مفردات التأليه في كتاباتهم وأنت ربما الوحيد من بينهم من يعزف عن ذلك, وأتذكر إنني أخبرته حينها بأنني أكتب عن قضايا وطنية, وإن عدم مشاركتي موقف التأليه لا يعني أن لي موقفاً مضاداً من الرئيس بقدر ما يعني إنني ضد مبدأ التأليه الذي ربما يحتاجه البعض لتبييض تاريخه السياسي, إذ كانت أغلبيتهم, إن لم يكن جميعهم, قد عملوا سابقاً مع ما كنا نسميهم بالمنشقين الموالين للجناح السوري ولمجموعة صلاح جديد المتمردة على القيادة القومية, والذين تخلوا عن يساريتهم وعادوا إلى صفوف التنظيم القومي (اليمين بتسميتهم). أما بالنسبة لي, ولآخرين من أمثالي واذكر منهم هنا الأستاذ الشاعر حميد سعيد فنحن لم نكن بحاجة إلى هذا التطرف في الولاء لصدام لأننا لا نحتاج إلى غسيل لتاريخنا الحزبي السابق إذ لم نكن قد عملنا سوى في صفوف الحزب الذي أسموه باليمين ولم نكن نفسيا على الأقل مهيئين للمشاركة في حفلة التاليه المحموم.
وعلى المستوى الشخصي وإضافة إلى هذا المفصل النفسي على الأقل, إن لم يكن الأخلاقي أيضاً, فأنا لم أكن في الأصل إعلامياً وإنما كنت متطوعاً للكتابة, وبهذا فأنا لم أكن أنافس أحداً على موقع إعلامي, ولم أكن متطلعاً في الأصل لهذا الموقع, إذ كنت معتزاً بوظيفتي كعضو في الهيئة التدريسية في كلية طب الأسنان وفخوراً بها ولم أكن مثل صاحبنا الذي كان مجرد بائع صحف في كشك منحته إياه وزارة الإعلام تقديراً لجهوده في خدمة قائده الفذ صاحب المائة وعشرين لقباَ وهو الذي لا يستحق أن يوصف سوى بلقب واحد هو رجل الهزيمة والخراب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بالشعب جوالاته
صباح كنجي ( 2024 / 3 / 24 - 16:09 )
اضن باللهجة الشعبية اي اللهجة العراقية الشعبية هوست تلط السيدة ( حزبكم راح وظلت اجوالاته او اشوالاته) وهي رديفة لما ورد في مقالك...( حِزِبْكَمْ راح وظلّت كِوانِيّة )

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو