الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل توقف واشنطن الحرب قسرا؟؟

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ه
على الرغم من اتفاق معظم الأطراف التي تقف وراء حرب الابادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة على اطالة عمرها والتمدد بها الى الاقصى، الا أنها تختلف فيما بينها على مستويي التأثير والأهداف المرجو تحقيقها، وأن هذا الاختلاف في الأهداف هو ما قد يعجل بوضع حد لهذه المأساة وربما حتى على نحو مفاجئ وسريع.
وقبل الوقوف على هذا التباين في الاهداف ومن هي الاطراف التي تقف وراء كل هدف لا بد من الاشارة الى ان المتفحص لشبكة تفاعلات المؤثرين في الحرب على غزة، يخرج بنتيجتين اولاهما ان الأطراف التي تلعب بمسارات الحرب اكثر من ان ُتعد باعتبار انها تتجاوز الحدود الجغرافية لميدان القتال كما تتجاوز حدوده الإقليمية لتصل إلى العالم باسره، وثانيهما ان قرار وقفها هو قرار أمريكي الى حد بعيد.
غير ان هذا التداخل في شبكة الفاعلين لا يخفي حقيقة ان هناك نحو ثلاثة أطراف اساسية شكل عدم تحقيق اي منها لأهدافه بيئة مناسبة لاطالة أمد هذه الحرب وتدمير المزيد مما تبقى من بنية القطاع وقتل اكبر عدد من الأطفال والنساء واعدام مقومات آخر فرص للوجود الاجتماعي، وان تحقيق اي طرف لاهدافه يمكن ان يطيح بتحالف اطراف الحرب ويضع حدا لها.
وفي هذا السياق فقد اظهرت مجريات هذه الحرب التدميرية ان رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو هو الطرف او اللاعب الرئيسي الاول الذي لا يرى باستمرار هذه الحرب والتصعيد بها بحثا عن انتصار يسوقه للاسرائيليينن سوى انها طوق النجاة الاخير الذي من شأنه ان يعيده لسدة الحكم في انتخابات مبكرة ستكون مؤكدة بعد انتهاء الحرب والهروب من مصيدة القضاء الذي تشير كل التوقعات بانه سيدينه بعدة تهم تجعله نزيل سجن طوال ما تبقى له من عمر.
اما الاعب الثاني فهو المؤسسة الأمنية الاسرائيلية بمختلف أفرعها وعلى رأسها الجيش الذي تنتظره لجان تحقيق للوقوف على أسباب الاخفاق الأمني الذي أدى إلى هجوم السابع من اكتوبر، وهو في هذا السياق يعد- اي الجيش- احد اكثر الأطراف حرصا على تحقيق انتصار حاسم يرمم به ما تبقى له من هيبة ويخفف من أعباء نتائج تحقيقات لجان التحقيق اللاحقة والادانات التي ستلحق عددا من قادته، وان كان هناك ما يشير الى نوع من الغطاء الأمريكي له من شأنه تخفيف حدة الانتقادات التى تنتظره وذلك لتحفيزه على المساهمة بخلق مسار للخروج من الحرب بثمن اسمه رأس نتنياهو بدلًا من رأس إسرائيل.
وأما الاعب الثالث والأهم فهو الولايات المتحدة التي بقدر ما جاء هجوم السابع من أكتوبر مفاجئا لها، بقدر ما دفعها لتحويله الى فرصة لإحياء الدور الوظيفي للشرق الاوسط في إطار رؤية جيوسياسية متكاملة، لاحتواء التوجهات الروسية الصينية وافراغ مبادرة الحزام والطريق من فاعليتها والالتفاف عليها من جهة ولربط الإتحاد الاوروبي طاقويا وعلى نحو نهائي بالشرق الأوسط واحتواء كل محاولات بوتين لأحداث اختراق على الجبهة الاوروبية من جهة ثانية.
والحقيقة ان إدارة بايدن ومنذ وصولها للبيت الابيض كانت تحمل تصورا مبكرا لهذه الرؤية تمثلت في سحب واشنطن دعمها لمشروع خط الغاز الإسرائيلي "إيست ميد" لنقل الغاز من حيفا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط الذي لا تتوفر له شبكة امان كافية، واستبدلت ذلك بانشاء منتدى غاز شرق المتوسط الذي من شأنه ان يوفر شبكة الأمان تلك التي يفتقدها المشروع الاسرائيلي من خلال تنويع وتوسيع عضويته التي شملت إلى جانبها كلًا من إسرائيل ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية واليونان وقبرص والإمارات العربية المتحدة.
وحسب عديد المصادر فان واشنطن لم تكن على يقين تام في قدرة شبكة الأمان هذه على القيام بحماية هذا المشروع دون انهاء حالة الاستثناء التي كانت تمثله غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية خاصة وأن كما كبيرا من غاز هذا المشروع هو غاز فلسطيني، يوفر ولاية قانونية للفلسطينين للاعتراض او الرفض .
وقد لوحظ خلال الأشهر الماضية التدرج الأمريكي بالإعلان عن النوايا الحقيقية من وراء استمرار الحرب وتدمير غزة تكللت مؤخرا بالاعلان عن عزمها اقامة ميناء بحري قبالة سواحل غزّة، وعن ممر بحري من قبرص إلى الكيان الصهيوني، ظاهره دوافع إنسانية اما حقيقته فهي أحياء مشروع منتدى غاز شرق المتوسط ورديفه التحالف الإقليمي للدفاع الجوي لبناء الناتو العربي وربطه كنظام أمني اقليمي بالاتحاد الاوروبي لتطويق واحتواء محاولات تمدد الصين وروسيا داخل الاقليم وربطه بآسيا وتحديدًا الهند عبر الممر الهندي الأوروبي لمواجهة الصين بشكل خاص.
والحقيقة ان الواقع يشي ببعض مؤشرات النجاح الأمريكي على هذا الصعيد حيث لوحظ في الآونة الاخيرة نجاح واشنطن بالدفع بالمصالحة التركية المصرية الى مستوى القمة بين اردوغان والسيسي - اللذان قالا ببعضهما مالم يقله مالك بالخمر- التي من شأنها ان تمهد لبناء شراكة بحرية طاقوية اسرائيلية تركية مصرية، وغير بعيد عن ذلك جاء التوقيع المفاجئ لوثيقة الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الاوروبي والتي تشمل التعاون في العلاقات السياسية، واستقرار الاقتصاد الكلي، والاستثمار المستدام والتجارة، والطاقة والمياه والأمن الغذائي، وتغير المناخ والهجرة.
هذه التطورات المتلاحقة التي أعلنت وغيرها من تلك التي لم تعلن بعد على جبهة الأهداف الأمريكية الاستراتيجية من شأن تثبيتها وتحولها لامكانية واقعية ان تدفع واشنطن لوضع حد للحرب على غزة ولو على نحو قسري ومفاجئ للاستثمار بدورها الانساني في وقف الحرب واغاثة سكان غزة لما يوفره لها ذلك من أجواء من الهدوء الايجابي لاستكمال بناء مشروعها الأمني في الاقليم الذي يعني نجاحه احتواء الشرق الأوسط وحماية أوروبا او منعها من اي تطلعات محتملة لاعادة أحياء شراكاتها مع روسيا، كما يشكل اضافة إستراتيجية لمقاربة احتواء النفوذ الصيني التي بدأت فعليا مع اتفاقية اوكوس للتحالف الثلاثي الأمريكي البريطاني الأسترالي لحصار المحيطين الهندي والهادي وتضييق سبل الحركة الصينية فيهما.
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان