الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متلازمة ستوكهولم والمفقّرون الموالون لأنظمة القمع

ضيا اسكندر

2024 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


كثيراً ما نسمع بعبارة «متلازمة ستوكهولم» دون أن نعرف أصلها، ومن أين جاءت، وكيف ظهرت، وما هي أسبابها وأعراضها؟
تقول المصادر إن هذ المصطلح ظهر عام 1973، إثر هجوم قامت به مجموعة من اللصوص على أحد البنوك في العاصمة السويدية ستوكهولم، واحتجزت عدداً من موظفي البنك كرهائن لمدة ستة أيام، خلال فترة التفاوض مع السلطات. وخلال هذه المدة أصبح الرهائن متعلقين عاطفياً بالخاطفين، رافضين مساعدة المسؤولين، بل قاموا بالدفاع عن الخاطفين بعد انتهاء الأزمة، واشتهرت هذه التسمية عالمياً بعد هذه الحادثة بعد أن أشبعها بحثاً وتمحيصاً عدد من علماء النفس. والحقيقة أن الباحثين لم يتفقوا حول أسباب متلازمة ستوكهولم ولماذا يُصاب البعض بها دون غيرهم، لكن، بعض الاختصاصيين الذين فسّروا التعاطف والارتباط مع الخاطف أو الحاكم الظالم الآمر الناهي المتحكم بحياة البشر.. بأنه حل لمشكلة تعايش الضحية مع وضع تكون فيه مسلوبة الإرادة ومغلوبة على أمرها للحفاظ على حياتها وبقائها. ويعتقد علماء النفس الذين درسوا المتلازمة أن الرابطة تنشأ في البداية عندما يهدد الخاطف حياة الرهينة ثم يختار عدم قتلها، ويتم تحوّل ارتياح الرهينة عند انتهاء التهديد بالقتل إلى مشاعر الامتنان تجاه الخاطف لمنحه حياته أو حياتها.
تُرى، هل تنطبق متلازمة ستوكهولم على أولئك المفقّرين الخانعين من بعض الموالين للأنظمة الاستبدادية في العالم والذين اعتادوا القمع والذل لدرجة جعلتهم يخشون من التغيير حتى وإن كان للأفضل؟
فالمستبدّون وخاصةً في الشرق، أكثر من الهمّ على القلب. حيث يقومون بالتضييق على شعوبهم وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، لتتعدّى سلب حق إبداء الرأي والممارسة السياسية وصولاً إلى تصفية من يغرد خارج السرب. ومع ذلك، تجد الكثير من ضحاياهم يستبسلون في دفاعهم عن النظام القمعي والتمجيد له وذكر محاسنهم القليلة جداً، وكأنهم يعيشون في رفاهية دون الالتفات إلى مظاهر القمع والنهب والفساد الكثيرة، وفي الوقت ذاته، يقفون بالمرصاد، وبحالة عدائية شرسة غير مفهومة ضد القوى السياسية التي تمثّل مصالحهم وتدافع عنهم وتناضل من أجل حقوقهم. متناسيةً الكمّ الكبير من السلبيات والانتهاكات التي تعيشها في ظل تلك الأنظمة، في صورة تجعلك تنبهر لكل هذه الردود المؤيدة لسلطة كانت وما زالت ظالمة لشعبها! ما يجعلك تطرح العديد من الأسئلة في مخيلتك؛ هل هذا الأمر منطقي؟ ما الدافع الذي يجعل شعوباً تطبّل لحكامها الذين تفنّنوا في قهرها واضطهادها وإذلالها، على الرغم من أنها غير مستفيدة من الوضع؟ هل هي قصور في المعرفة والوعي نتيجة عقود من التجهيل والتدجين؟ أم خوف مزمن من مواجهة السلطات ذات التراث العنفي المرعب في قمع معارضيها، والخائفون لا يثورون عادةً؟ أم بسبب غياب القادة الرموز الملهمين (الكارزميين) القادرين على كسب ثقة الجماهير بسحر شخصياتهم؟ أم هي حالة مرضية تستوجب ترسانة من أطباء علم النفس لمعالجتهم؟ أم أن الاعتياد على المألوف والخوف من المجهول، والاعتقاد بأن تمجيد الظلم سيُنجي هذه المجتمعات من البطش، هو السبب؟
أذكر في هذه المناسبة بعض (الرفاق)، مِمّن اعتُقِلوا معنا لأسبابٍ سياسية، في نهاية العقد الثامن من القرن الفائت، والذين كانوا يستفزّونني بدفوعهم غير المنطقية وغير العقلانية عن النظام، لدرجة كنت أنتف شعري وأضرب رأسي بحائط الزنزانة من شدة غيظي، عندما كانوا يقولون بدفاعٍ أبله: «يا أخي والله بإمكان الأجهزة الأمنية أن تعدمنا وتذيبنا بالأسيد وتمحينا من على وجه الأرض دون أن يسمع بنا أحد، ومع ذلك يطعموننا ويسقوننا ويعتنون بنا دون أن ندفع ملّيماً واحداً، ثم آجلاً أو عاجلاً سيفرجون عنا ونعود إلى بيوتنا. وفي نهاية المطاف من حقهم أن يدافعوا عن مصالحهم ويبطشوا بمعارضيهم، ولو كنا محلّهم ربما لتصرّفنا مثلهم».
فتخيّلوا يا رعاكم الله!
خلاصة الأمر: ما أؤمن به شخصياً أنه مهما كان حجم الكوابح التي تواجه الغلابة، فإن الضغط الشديد على الشعوب سيوّلد الانفجار لا محالة. فللمواطن طاقة قصوى يستطيع أن يتحمّلها، لكن مع ارتفاع منسوب ضنك العيش الذي يواجهه، فإنه في لحظة ما سيبدأ الانفجار بلا مقدمات..
ومهما امتلكت الحكومات من أدوات قمع وبطش وعلا صوت الرصاص الذي بحوزتها، فإن صوت الشعوب هو الأعلى، خاصة إذا ما تعلق الأمر بلقمة العيش والبطون الجائعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة