الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقديم موعد الرئاسيات الجزائرية.. خطوة استباقية لحسم الجدل

عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر

(Issam Bencheikh)

2024 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أد/ عصام بن الشيخ


أعلنت الرئاسة الجزائرية عن موعد (07 سبتمبر/ أيلول 2024) تاريخا رسميا لإجراء الانتخابات الرئاسية المسبقة، وجاء هذا الإعلان الرسميّ خلال الأيام العشر الثانية من شهر رمضان المعظم، والتي تتزامن مع عطلة مدرسية وجامعية تمتد إلى أسبوعين. قالت وكالة الأنباء الجزائرية APS أنّ الإعلان كان حادّا في شكله، متماسكا في مضمونه، ومتحكما في توقيته، وأنّه فاجأ الجميع، وتسبّب في ارتباك الخصوم، وحتى الحلفاء. في حين قالت جريدة الشروق اليومي أنّه ضرورة تكتيكية ضدّ التهديدات الخارجية. أما جريدة الخبر فقد آثرت تكرار برقية وكالة الأنباء، بأنّ التاريخ هو إعلان رسميّ لخروج الدولة من أزمتها، وعودتها إلى المواعيد الانتخابية الطبيعية التي سبقت مرحلة ما قبل الحراك.
تمّ تداول فكرة تبكير الموعد قبل بضعة أسابيع، باستخدام أحد بثوث اللايف على يوتيوب، وتمّ تدواله شعبويا في النقاشات الرقمية قبل الترسيم. ويمكن مناقشة ما صرّح به اللواء عبد العزيز مجاهد مدير مركز الدراسات الشاملة التابع لرئاسة الجمهورية الجزائرية، لبرنامج الفوروم بالإذاعة الجزائرية الأولى، بأنّه تصحيح لخطأ موعد انتخاب رئيس للبلاد، قد يتسبب انتخابه في نهاية السنة إلى تأجيل التوقيع على السنة المالية وتأخير صدور الميزانية السنوية في الجريدة الرسمية في موعدها، وما يمكن أن يحدث من سوء تسيير أو ارتباك في صرف أغلفة النفقات العمومية للتسيير والتجهيز في مواعيد تكميلية ضاغطة.
سينهي الرئيس الجزائري الحالي بعد ستة أشهر من اليوم عهدته الرئاسية الأولى، وقد اختارت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تاريخ (08 جوان/يونيو) المقبل لاستدعاء الهيئة الناخبة، وهو نفس تاريخ يوم الفنان الجزائري (التاريخ الذي أستشهد فيه الشهيد علي معاشي على يد قوات الاحتلال الفرنسيّ الغاشم). ويعتبر الموعد الانتخابي الجزائري موعدا بارزا في سنة 2024 التي أطلقت عليها مجلة فورين بوليسي الأمريكية "سنة الانتخابات الرئاسية" في أكثر من دولة عبر العالم. سنة صاخبة بأحداثها المقبلة، والتي ترتبط بالأحداث الحالية للحرب في أوكرانيا وقطاع غزة، وسيكون لنواتجها أثر مباشر على الحرب في المنطقتين الأوروبية والشرق أوسطية.
أنهت الدبلوماسية الجزائرية بنجاح في (02 مارس/آذار) الجاري، استضافة قمة منتدى الدول المصدّرة للغاز، وتداولت مصادر متخصصة في شؤون الدفاع والأمن كيف استخدم الجزائريون منظومة S500 الدفاعية وهي تستضيف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتأمين هذه القمة. كما بادرت البعثة الجزائرية في هيئة الأمم المتحدة باقتراح نصّ قرار في مجلس الأمن يهدف إلى إصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة بعد مرور 05 أشهر من القصف الصهيوني المستمر على المدنيين في قطاع غزة المحتلّ تسبّب الفيتو الأمريكيّ في إفشاله. وكانت الجزائر قد استغلت قيادتها للقمة العربية في دورتها 31 منذ (01 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022) لجمع الفصائل الفلسطينية بوساطة من الرئيس تبون، أتبعت باستضافة أبرز الفصائل الفلسطينية في الاستعراض العسكري الجزائري في (05 جويلية/ يوليو 2022). ومن الملاحظ أنها تواريخ تم اختيارها بعناية لدفع الفلسطينيين إلى إعادة قضيتهم الشرعية إلى واجهة الأحداث الدولية، خاصة بعد تصريح رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتن ياهو أنّه يقود حكومته اليمينية المتطرفة رفقة بن غفير وسموتريش، لعدم الاعتراف باتفاق أوسلو (13 سبتمبر/ أيلول 1993)، تحت مبرّر نجاحها في إقناع عدّة دول عربية بالتطبيع، في إطار صفقة القرن 2017 وما يسمى "اتفاقات أبراهام"، للدول العربية التي قررت الهرولة للتطبيع بشكل ثنائي، خارج مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية 14 المنعقدة في (28 مارس/ آذار 2022).
لم توفق الجزائر في فرض انضمامها لتجمع دول بريكس Brics لاعتبارات إجرائية، واكتفت بالانضمام لبنك بريكس كخطوة أولى إلى حينت توفّر شروط انضمامها الرسميّ، وقد تداولت بعض المصادر الدبلوماسية أنّ للرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون تأثير في تصويت الهند على اختيار دولة واحدة من افريقيا كعضو في بريكس. لكنّ الرئيس الروسي المعاد انتخابه لولاية خامسة، يوم الخميس (22 مارس الجاري)، فلاديمير بوتين، كان قد استضاف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في (16 جوان/ يونيو 2023) في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي، وأثنى على شجاعته في رفض الانصياع للعقوبات الغربية المسلطة ضدّ موسكو عقب الحرب الأوكرانية (24 فبراير/شباط 2022). لكن الرئيس تبون شكر الرئيس الروسي على الملأ لقبول الكريملين الروسي رسميا الوساطة الجزائرين بين موسكو وكييف، مكررا قوله أنّ جميع الحروب ضارة ولا منتصر فيها، وأنّ الجزائريين أحرار في قراراتهم، ولا يقبلون أية ضغوط تمارس عليهم.
من الواضح أنّ الضغوط متمركزة في السياسة الخارجية الفرنسية التي تتدخل مرارا وتكرارا في الشأن الجزائري بشكل سريّ أو علنيّ، فلقد فشلت الجزائر وباريس في تحديد موعد زيارة دولة يقوم بها الرئيس الجزائري إلى قصر الإيليزيه خلال 05 سنوات في وقت زار فيه ماكرون الجزائر لمرتين على الأقثل، كما لم تنجح الاتصالات السرية لإعادة العلاقات الجزائرية الإسبانية إلى سابق عهدها قبل إعلان الجزائر عن تجميد "اتفاق الصداقة وحسن الجوار" مع مدريد في (09 جوان/ يونيو 2022). وبانتهاء عقود الغاز الموقعة مع الرباط ومدريد تكون الجزائر قد استعادت اليد العليا في تحديد أسعار وكميات الغاز الطبيعي المصدّر نحو مدريد، ما يعني تغيّر مضامين اتفاقيات الغاز الطبيعي بين الجزائر ومدريد مستقبلا.
على الصعيد الداخليّ، ورث الرئيس عبد المجيد تبون تركة ثقيلة عن سابقه الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وذكّر الرئيس تبون في خطابه أمام غرفتي البرلمان في (25 ديسمبر/ كانون الأول 2023)، أنّ الوضع المالي للبلاد كان سيئا بسبب سياسات الطبقة السياسية الحاكمة التي تقضي حاليا فترات سجن قاسية في إطار سياسة ردع الفساد وإسترجاع الأموال المنهوبة، لكنه شدّد على رفضه المتكرّر الاستدانة من المؤسسات الدولية كما كانت تروج الحكومات التي سبقت وصوله إلى السلطة، ومن الواضح أنّ خطابه الثأريّ يمثّل "تصفية حساب" مع خصومه القابعين في السجون، خاصة أنّهم مرتبطون بطبقة من رجال الأعمال المتورطين في قضايا الفساد كبرى ترقى إلى جرائم مالية للكليبتوكراسي Kleptocracy، كانوا يضغطون للإضرار بالقطاع العام وتفريغ خزائن الدولة العمومية المخصصة للنفقات والتجهيز، غير آبهين بمصير الشعب الذي كان معرضا للتجويع وتكريس البؤس بسبب التوسع المتزايد لدوائر السلب والنهب الممنهج.
تفاخر الرئيس تبون بما تحقق من وفائه بوعوده الانتخابية ال54، بل وأضاف عليها إجراءات تكميلية أخرى لحماية المواد الغذائية من المضاربة، وحماية القدرة الشرائية للمستهلك، وزيادة أجور العمال بوتيرة متصاعدة وبطيئة، خشية الإضرار بالميزانية العمومية التي استعادت عافيتها باستخدام صندوق ضبط الموارد رغم خفض الضرائب والجبايات نسبيا. كانت فترة تسيير البلاد تحت رئاسة الرئيس تبون مقسّمة حسب وجهة نظر المعارض السياسي نور الدين بوكروح إلى 14 شهرا قبل مرض الرئيس تبون في فترة وباء كوفيد (لمدة 03 أشهر)، ثم 03 سنوات بعد مثوله إلى الشفاء، وإعادة مباشرته لمهامه الرسمية. أدرك الرئيس تبون أنّ هاجس غياب رئيس البلاد لا يزال يعيد إلى الأذهان غياب الرئيس السابق، فكان يتقدّم بخطاب رسمي وحورات دورية للإعلام لحلّ هذه المسألة كما وعد في برنامجه الانتخابي. كما اشتغل وزير العدل في حكوماته الثلاث بقيادة (جرّاد، عبد الرحمان، العرباوي) على استرجاع الأموال المنهوبة التي تجاوز رقمها 20 مليار دولار. وكان هذا الملف أحد المهمات المعقدة التي راهن عليها تبون لاسترجاع ثقة شباب الحراك، حتى لا يستغله خصومه. لكن بوكروح عاد لاستغلال نتائج إعلان الرئيس تبون حلّ الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري في (18 فبراير/ شباط 2021)، لتحريك الشكوك في أوساط الرأي العام الجزائريّ حول الفراغ البرلمانيّ، حين قال أن البلد عاش 03 فترات فراغ برلماني بين عامي (1965-1978) و (1992-1997) وبين (18 فبراير 2021 – 12 جوان 2021) وأن الجزائر الجديدة لن تنبثق عن الإصلاح الجزئي التدريجيّ بل عبر التغيير الشامل. لكن قرّاء مقالات بوكروح فهموا من رسالته أنّ التهجّم على سياسات الرئيس تبون في ظلّ سبات أحزاب المعارضة، يجب أن يتمّ من خلال التركيز على انتقاد محاكاتها الدقيقة لسياسات الرئيس الراحل هواري بومدين الصارمة ضد الفساد والجرائم المالية. وبالفعل، ركز قاضي إحسان وضيوف إذاعة راديو آم على هذا الانتقاد، بعد اتفاق الرئيسين تبون وإيمانويل ماكرون، على توقّف السفير الفرنسيّ بالجزائر عن استقبال رموز الحراك أمثال السياسيّ كريم طابو أو الصحفي خالد درارني الذي وصفه الرئيس تبةن رسميا في حوار صحفي بـ: "الخابارجي".
يمتعض الجزائريون عموما من ناقلي الاشاعات وناشري النكد العام، لكن تداول خبر تسبيق الانتخابات الرئاسية تم بالفعل قبل موعده وبشكل غير رسمي انطلاقا من بث عبر يوتيوب انطلاقا من الأراضي الفرنسية!. هؤلاء الثرثارون عبر القنوات غير الرسمية يتداولون أسرار الدولة غير آبهين بما يقوم به الذباب الالكتروني سواء من المخزن المغربي أو أية جهة معادية أخرى، وقد صرح الرئيس تبون ردا على سؤال لأحد المواطنين من الجالية الجزائرية في مصر بخصوص سرقة التراث الجزائريّ، بأنّ السارقين يعتقدون أن يقع عليه نظرهم في الجزائر هو ملك لهم وأنّ ما لم تراه أعينهم بالرؤية المجرّدة هم شركاء في حصة منه!. وهو ما يبرّر سحب السفير الجزائري وعدم تجديد عقود الغاز إلاّ بعد تسوية كافة الملفات العالقة لاحلال سياسات أكثر احتراما للجوار، مما هي عليه اليوم، خاصة بعد التطبيع الصهيوني، واقتناء برنامج بيغاسوس التجسسيّ، والاعتداء على الجار الصحراوي في الأراضي المحرّرة بإعلان اختراق اتفاق وقف اطلاق النار مع جبهة بوليساريو من قبل جيش هذا الكيان المجاور.
لا يمكنني أن أغفل أزمات نقص الكمامات والأكسجين في أزمة الإغلاق الدولي كوفيد-19، وكيف سيّر الرئيس تبون أزمة الحجر الصحيّ باستحداث لجنة علمية عليا وقيامه بحماية الجيش الأبيض للأطباء والممرضين بنصوص قانونية ومنح مادية استثنائية لمواجهة هذه الأزمة. كما كان تسيير مسائل الاكتفاء الذاتي للمواد الغذائية سواء من الحبوب والبقوليات وزيت المائدة والسكر، وهي مواد سيادية تم منع تصديرها بأمر رئاسي. أذّى الصدام خلال هذه الفترة إلى الإطاحة بعددم من الوزراء الذين أثبتوا فشلهم في التسيير، وخسر الرئيس أحد وزرائه المقربين الوزر كمال رزيق الذي تعرّض إلى هجوم غير مسبوق من قبل لوبي المصلحة من كبار التجار، والذي حرّك راديو آم للدفاع عن المضاربين الصغار الذين تمت ادانتهم بأحكام قاسية تصل إلى 10 سنوات سجنا بسبب احتكار هذه المواد الغذائية الأساسية.
لقي اللقاء الدوري الشهري للرئيس تبون مع الصحافة الوطنية استحسان الجمهور الجزائري خاصة حين استخدم اللهجة الجزائرية لهزّ أكتافه حول التهديد المزعوم لخليفة حفتر للجزائر، فهو يعلن وصوله إلى التعامل بفعالية مع 13 لاعبا دوليا متحكما في رقعة الشطرنج الليبية. فحين يقول "تشيك" فإنّ الشعبوية تصبح أداة مزدوجة للردّ على المناوئين بالجوار وطمأنة المحتارين داخل البلاد، على أنّ ملفات فاغنر قد نوقشت على أعلى مستوى مع الكريملين قبل المحاولة الانقلابية لبروغوجين، وأنّ اشتراط الجزائر خارطة طريق سلميّة للحلّ الدستوريّ وتحديد فترة انتقال وجيزة في النيجر ومالي وغانا وغينيا وبوركينافاسو، ورفض أيّ تدخّل عسكريّ جويّ فرنسيّ أو دوليّ في دول الساحل الإفريقيّ بعد اعلان الفرنسيين نهاية عملية برخان. وعليه، فإنّ حفتر مجرّد بروكسي مثله مثل الكتّاب المأجورين بجريدة العرب في لندن.
أعلن الرئيس تبون عن اتصال رئاسي ودفاعي على أعلى مستوى مع القاهرة قبل إعلان فوز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدة رئاسية جديدة في (18 ديسمبر/ كانون الأول 2023). لم تجد الجزائر طريقة لتوصيل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر معبر رفح خارج القنوات الرسمية المصرية، وقد تعرضت المستشفيات الجزائرية داخل قطاع غزة لتدمير كليّ من قبل الكيان الصهيوني. وتعاونت الجزائر مع دولة جنوب افريقيا التي تقدمت بدعوى رسمية لمحكمة العدل الدولية في (29 ديسمبر/ كانون الأول 2023) ضدّ الجريمة الصهيونية للإبادة الجماعية للشعب الفلسطينيّ في قطاع غزّة. ورسمها الرئيس تبون في خطابه أمام القضاة في (06 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023) أثناء افتتاحه للسنة القضائية (2023 – 2024)، والتي أضيفت لنص الدعوى القضائية لدولة جنوب افريقيا. كما استقبل الجزاائريون تصريح الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا التي تشجب حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين في قطاع غزة، لتستنفر جهود دول الجنوب العالمي ضد ممارسات الغرب الجماعي الداعم للكيان الصهيوني، للاستفادة منها ضمن الجهود الدبلوماسية الجزائرية في مجلس الأمن الدولي.
لا تختلف الجزائر عن الدول العربية التي تميل إلى الدبلوماسية كملاذ أخير لتجنّب توسيع نطاق الحرب ضدّ الكيان الصهيونيّ، كما يتكرّس عجز جميع الدول العربية باستثناء التدخل الميدانيّ ضدّ المصالح العسكرية الصهيونية عبر تدخل قوات حزب الله اللبناني، أو قصف السفن الصهيونية بوكالة من الحوثيين في اليمن. ويبدو أن رهان الجزائريين على عامل الوقت لإحراج الدبلوماسية الأمريكية كعضو غير دائم داخل مجلس الأمن، رفقة روسيا والصين، هو الطريقة الوحيدة للتصدي للإمبريالية الأمريكية المناهضة للحقّ الفلسطينيّ في السلام.
أكتب هذه المقالة أثناء تصويت مجلس الأمن على القرار الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ولحسن الحظ أنّ القرار قد تم الموافقة عليه بتصويت مؤيد لـ: 14 صوتا. أيدت روسيا والصين هذا القرار وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت عليه، وصرح الناطق باسم وزير الخارجية الصيني لين جيان: "تدعم الصين مشروع القرار هذا وتهنىء الجزائر ودولا أخرى لعملها الدؤوب في هذا المجال". كما أثنى الرئيس الجزائري على الجهد الكبير الذي تبذله البعثة الدبلوماسية الجزائرية في مجلس الأمن للدفاع عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
استخدم الرئيس الجزائري دبلوماسيين شرسين لقيادة وزارة الخارجية لبلده، السيد رمطان لعمامرة والسيد أحمد عطاف، والذين وافقوا على سياساته تجاه الرباط ومدريد ودول الجوار في الساحل الإفريقي، أو في تسيير الوساطة الجزائرية بعد الأزمة الأكرانية، أو لتسيير الخلافات الجزائرية الفرنسية المعقدة. يتأثر الجزائريون بهذه النجاحات ويتداولون نقاشات حولها في وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّ الذباب الإلكتروني من دول الجوار يحول هذا الفضاء الرقمي في تويتر وفيسبوك إلى مجال مسموم تمارس فيها حرب لا احتكاكية هجينة، لذلك راهن الفرحون بتأجيل اعلان ضم الجزائر إلى تجمع بريكس، على إعلان تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية إلى عام 2025. لكن الإعلان عن تبكير موعد هذا الاستحقاق يعلن عن انطلاق سباق محموم سيكون رموزه المتوقع مشاركتهم أمثال عبد الرزاق مقري وعبد القادر بن قرينة وعبد العزيز بلعيد، لكنني لا أتوقع مشاركة السيدة لويزة حنون بعد نكسة اعتقالها على اثر اتهامها بالتآمر على الجمهورية، وربما إقصاء عبد العزيز بلعيد الرئيس السابق لجبهة المستقبل عقب الانقلاب الداخلي الذي وقع عليه داخل حزبه. لكن المؤكّد، هو أنّ التهريج الذي سبق الانتخابات الرئاسية في (19 ديسمبر/ كانون الأول 2019) قبل خمس سنوات، بسبب ترشح ما يسميهم بوكروح "الطوايشية" أمثال السياسي رشيد نكّاز، لن يتكرّر مجددا، ليبقى الترقّب منصبا على قوى المعارضة وإمكانة ترشح سياسيين من جي ركيم طابو أو فضيل بومالة، وهي مهمة تقع على المحكمة الدستورية لحسمها دون تحيز.
صرح اللواء عبد العزيز مجاهد في فوروم الإذاعة الوطنية الأولى أنّ التاريخ ليكتب في صفحاته أنّ الرئيس تبون قد أسّس محكمة دستورية عليا تساهم في تحرير السلطة القضائية، وهي انجاز لا يقل عن تأسيس الرئيس الراحل هواري بومدين لأول برلمان جزائري في تاريخ الجزائر المستقلة، أو تأسيس الرئيس السابق اليامين زروال لنظام الغرفتين بتأسيسه لمجلس الأمة. لكن استمرار البرلمان الجزائري في ممارسة دوره كمجرّد غرفة تسجيل للتصويت على مشروعات القرار التي تقترحها السلطة التنفيذية، يؤكّد أن المجلس الأعلى للشباب أو السلطة المستقلة لمكافحة الفساد أو مرصد المجتمع المدني، ستكون مجرد هيئات لا سلطات، وأنّها مثل غرفتي البرلمان، مجرّد أطر وهياكل مؤسسية دستورية، معرّضة لهزات مستقبلا في حال استمرار دورها كهياكل غير وظيفية، توثّق مشروعات القوانين دون التحاكم إلى المحكمة الدستورية لممارسة الأدوار المأمولة منها.
حاولت الجهات المناوئة أن تصوّر عمر الرئيس الحالي 78 عاما كعائق دستوري مانع لترشحه مستقبلا، لكنّ السياق الدولي الضاغط يجعل هذه الأصوات خافتة، كما أنّ طرحها السطحيّ تحت شعارات قريبة من تلك التي ينشرها الذباب الإلكتروني المخزني، أقل جدية من النقاش الوطنيّ الجادّ مقارنة مع الوعي الذي بلغه الشباب الجزائريّ اليوم. ففي (05 جويلية 2023) أفرج الرئيس تبون عن عدد كبير من معتقلي الحراك، وترك مسائل التداول السياسي لمختلف الموضوعات بين الجزائريين أنفسهم تحت شعار "حنا في حنا".
من اللافت أن تثفق القنوات الإعلامية العربية العمومية والخاصة في أكثر من بلد عربي، على إطلاق أعمال إعلامية وفنية خلال شهر رمضان المعظم، لرفع مستوى الوعي ضدّ تداول المهلوسات والمخدرات، وتعاني الجزائر من هذه الظاهرة نتيجة انهيار الحدود الليبية التي أضافت عبء مكافحة دخول المهلوسات والأسلحة، إلى عبء مؤسسة الجمارك الجزائرية التي تضبط ساسل توريد الحشيش والأفيون الذي تغرق به المملكة المغربية الحدود الجزائرية. وكم هو مدهش أن ينشغل الذباب بمناقشة أبعاد وفاة الجنرال خالد نزار خصم المخزن والجهاديين، أكثر من مناقشة مسألة التطبيع بين المخزن وتل أبيب. كما لا يناقش الذباب المخزني مسائل نقص المواد الغذائية الأسواق وينشغلون بتحريض الرأي العام الجزائري ضدّ منح الرئيس تبون مساعدة مالية لدولة تونس الشقيقة، التي استفادت من الغاز الجزائري والأكسجين واللقاحات الخاصة بوباء كوفيد، بدعم جزائري.
من المؤسف أنّ الرباط رفضت المساعدة الإنسانية الجزائرية بإرسال رجال الحماية المدنية المتخصصة في انتشال ضحايا الزلزال، عقب وقوع زازال الحوز مراكش في (08 سبتمبر/أيلول 2023)، وكانت الجزائر قد شاركت في انقاذ ضحايا فيضان درنة خلال نفس الفترة (10 سبتمبر/أيلول 2023)، وحصلت الحماية المدنية الجزائرية على إشادة من الرئيس السوري أثناء عملها عقب زلزال سوريا في (06 فبراير/شباط 2023). فهل بقي من شعارات الأخوة العربية شيء والدول العربية منقسمة حول مساعدة قطاع غزة ورفض التطبيع؟.
في النهاية،
سيهتم بقراءة هذا المقال قليل من الجزائريين، وكثير من الذباب الالكتروني القادم من الدول المجاورة، والذين سيرفعون منسوب النشر لصالحي.. فشكرا جزيلا مسبقا على جهدكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس