الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3 ـ قراءة في المشهد الغزازي

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 3 / 27
القضية الفلسطينية


لا نبالغ في القول أن سيرورة الحرب المستمرة في قطاع غزة و انعكاساتها في البحر الأحمر و شرق المتوسط ، توحي بان التطورات لا تتقرر في ميدان المعارك فحسب و إنما في دوائر الهيمنة الامبريالية اساسا ، و تحديدا الولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية الملتحقة بقافلتها في إطار الحلف الأطلسي ، و بدرجة أدني في المحافل الدولية من خلال الأمم المتحدة ، و التكتلات الاقتصادية الإقليمية . بتعبير آخر ، توحي هذه الحرب بأنها فصل في صراع الامبريالية الأميركية ضد امبريالية صاعدة ، فمن المعروف أن الامبرياليات لا تتعايش معا ،هذا من جهة أما من جهة ثانية فإن زمانها محدود.
اللافت للانتباه ،أن جيشا يوصف بأنه يماثل جيوش الدول الكبرى ، استدعى بالإضافة إلى عديده ، جنود الاحتياط ، ليضرب منذ ستة أشهر حصارا مميتا حول قطاع غزة الذي لا تتعدى مساحته مساحة ناحية إدارية أو قضاء في دولة عادية ، و لكن سكانه الذين يفوق عددهم مليوني نسمة ، يكوِّنون كثافة سكانية في الكلم² هي من بين الأعلى في العالم ، بحجة القضاء على فصائل مقاومة شعبية يمتلكون قدرات بشرية و مادية و عسكرية محدودة ، فيستخدم الطيران الحربي و المركبات المدرعة والمراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية إضافة إلى أحدث وسائل التنصت و الملاحقة الإلكترونية . و لم يكتفي بهذا كله ،فيلجأ أيضا إلى أسلوب " تجفيف الماء كي يموت السمك " ، حيث حبس الماء و الغذاء والوقود و الدواء عن جميع السكان و دمر المستشفيات و المدارس والأبنية السكانية ، فصار الناس جوعي ، عطشى ، يقرصهم برد الشتاء ، هائمين بلا مأوى تحت القصف ، كالقطعان " البشرية " يأمرهم العسكر الذين تولّجوا في أغلب الظن أمر الحد من عددهم أو ترحيلهم أو إبادتهم ، بالتنقل من مكان إلى آخر ، بانتظار خلق فتحة لإبعادهم من خلالها نحو سيناء .
و ما يثير الذهول و الرهبة هو أن أجهزة الدولة الصهيونية لا تساهم و حدها في هذه السيرورة الجهنمية و إنما ترافقها أجهزة الولايات المتحدة الأميركية و دول حلف الأطلسي ، إعلاميا و ديبلوماسيا و عسكريا في الميدان ، إلى جانب دول الخليج النفطية ، و جميع الدول "العربية و الإسلامية "التي تقيم علاقات طبيعية مع الدولة الإسرائيلية ، دليلا دامغا من وجهة نظرنا على أن حرب غزة هي في جوهرها حرب من أجل استمرارية الإمبراطورية ، أي بكلام أكثر وضوحا و صراحة ، هي أكثر من حرب ضد جماعات من المقاومين ، هي أكثر من حرب ضد سكان قطاع غزة الذين يقول الرئيس الإسرائيلي " أن ليس بينهم لأبرياء "، و إنما هي حرب إمبريالية من أجل تثبيت الهيمنة على بلاد الهلال الخصيب ، لدرجة تحاكي مستوى ارتهان دول شبه جزيرة العرب .
مهما يكن تتواصل الحرب على سكان قطاع غزة منذ ستة أشهر دون أن يحقق الإسرائيليون و حلفاؤهم في الحلف الأطلسي ، و المتواطئون معهم ، المحليون و الإقليميون ، الأهداف التي يريدون بلوغها ، و لكن بالضد من ذلك ، حصدوا الفضيحة نتيجة سقوط الأقنعة حيث انكشفت طبيعتهم العنصرية و قدرتهم على الكراهية و الخيانة ، لحد ارتكاب فظائع الأفعال إرهابا و إبعادا و إبادة .
استنادا إليه ، من البديهي و المنطقي ، أن هذه الحرب لن تتوقف قبل نهايتها ، أي بانتصار الامبريالية الأميركية ممثلة بدولة إسرائيل في الهلال الخصيب أو بهزيمتها و تراجعها . لقد استطاعت هذه الأخيرة حتى الآن ، بالتعاون مع حلفائها في دول الغرب الأطلسي من إشباع ادمغة الناس بواسطة سردية ملفقة عن الإرهاب و الاغتصاب و القتل و الذبح و الحرق ، لتغطية حرب الإبادة ، و لكن هي بحاجة أيضا ، بعد الحرب ، إلى شروط تتيح لها إنتاج سردية " المنتصر" تبريرا لإبادة " الحيوانات البشرية ، تجويعا و تعطيشا و تشريدا " !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة الرابعة | دفن جثمان بدر بن عبد المحسن في الرياض.. وارتف


.. ما السر وراء اختيار الرئيس الصيني فرنسا وصربيا والمجر في جول




.. مصادر العربية: مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة آخرين بمعبر كرم


.. فضيحة تجسس جديدة تهز ألمانيا.. اختراق 6 آلاف اجتماع أمني للج




.. نشرة الرابعة | -البدر- يكتب بيته الأخير ويرحل.. وجثمانه يوار