الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اليوم العالمي للمسرح تُنار أضواء صالات العروض احتفالاً وتكريماً يليق بمبدعاته ومبدعيه

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2024 / 3 / 27
الادب والفن


في اليوم العالمي للمسرح، كتبتُ لجريدة طريق الشعب الغراء هذه الكلمة التي أجدها فرصة تجديد لقاء مع مبدعاتنا ومبدعينا في الوطن والمنطقة والعالم. فنحن لا نترك هذا التاريخ السنوي عابراً بل نراجع فيه مسيرة علو الصوت فيها رديفا لهدير مسيرة الشعوب ومحمولات قيم التنوير فكراً، فلسفةً ورؤى إبداعية لجماليات حيواتنا.. وهي فرصة ثانية للقاء مع جمهور المسرح كلمة بهية للحوار .. تحية لأهلنا جمهور الفرجة المسرحية


كل عام ومسيرة المسرح بأرجاء المعمورة في حيوية منصاتها بميادين الحياة حيث الاستقرار والسلم الأهلي واحتفالات الانتصار للإنسان المنعتق من عبودية الدجل وأباطيل المضللين فلتسطع أضواء مسارحنا تنويرا وكشفا عما يعتور الناس ولتعلو منصات المحبة والإخاء والمساواة والحرية، وليكن مسرحنا كما ولادته ومسيرته لآلاف خلت مسرحا للجمال والحب.. تيسير عبدالجبار الآلوسي
ارتبط المسرح مذ ولادته وحتى يومنا بجمهوره متفاعلا إيجاباً مع منجزه ومدركاً لمعطياته ودلالاتها ببنيتيها الجمالية والمضمونية بمساري السطحي والعميق للبنية، بل ولتعدد خطط الحدث الدرامي على وفق تعدد مسارات الصراع: أسسه ومخرجاته. ولهذا نجد اليوم، أنّ احتفاليات اليوم العالمي للمسرح كونها لا مجرد استعراض كرنفالي عابر بل التعبير الأعمق عن خطابات الحياة الإنسانية بمختلف مراحل العيش ومعالجات الحاضر واستشراف المستقبل.

وإذا كانت شعوب العالم المحتفلة بالمسرح تتبنى مراجعات عقلانية حكيمة مستفيدة من التجاريب فإننا لا نختلف عراقيا عنها في تبني تلك القراءة التي تكشف الثغرات وأشكال الخلل ووسائل استعادة النماذج الساطعة لمساهمات مسرحنا ومنجزه.

فبعد أكثر من عقدين على التغيير في بلادنا وحيث ناهزت المسيرة على ربع قرن من محاولات تلمس طريق التنوير ودمقرطة الحياة العامة بتفاصيلها يتطلع مسرحيونا بدءاً لانعتاق الخطاب المسرحي وتحرره في صياغة مادته جماليا مضمونيا وإلى توثيق المنجزين المعاصر وذاك الذي استقر في المكتبة الوطنية ومن ثمّ لاستثمار إعادة الإعمار في مرافق التعليم والثقافة ومجمل المؤسسات لتمتلك منصاتها المسرحية بجانب صالات العروض المستصلحة والجديدة ومنها إعادة إشادة مسرح أكيتو في حاضنته السومرية البابلية التاريخية ومسرحا وطنيا يباهي به في شرقنا الأوسط الجديد باستقراره وبأفق السلام فيه..

هنا يتبنى مسرحيونا حراكاً نوعيا يسمو بالفرجة المسرحية ليرتقي بها من حال من يريد فرض التلقي السلبي بكل تفاصيل عبثه ومحاولات استغلال المشاعر والانفعالات وتقييدها بسجن من خصال الأحزان واستدرار العواطف بإسدال ستائر سوداء، ليتم الانتقال بعناصر الفرجة إلى منطقة المشاركة الإيجابية في استكمال حلقات الحوار والوصول إلى موانئ إنهاء الصراع وحله لصالح الأنجع ولما يمكنه المساعدة في بناء الشخصية القادرة على صنع التغيير وإعمار الحياة وجوديا..

إنّ أكثر ما يحتاجه جمهور الفرجة عالميا ومحليا وطنيا هو تعزيز حملات السلام كونها الفضاء الذي يمكن للإبداع أن ينمو ببساتينه الفيحاء، وتلكم هي جوهرة حملات جمهور فعل البناء والتقدم وخطى التنمية حيث قدرات التأثير المتوافرة عند الشخصية الإيجابية؛ وهي حتما غير الشخصية المنكفئة على ما تتلقاه نتيجة نهج التلقين وترديد المقولات الجامدة المغلقة، التي تتلقفها ممزوجة بالتأثيرات الانفعالية الصارخة مما يستدر العواطف والانفعالات,,

وهكذا فنحن بمجابهة صور الخلق الإبداعي كتلك التي جاء بها أساطين مسرحنا بدءا بجورج الثاني وأندريه أنطوان وكوستانتين ستانسلافسكي حيث واقعية الاشتغال وخلق ما يطابق الحياة ولكن بما يريده خالق جماليات المسرح لتأتي رمزية بول فورت الشعرية الممزوجة بالواقعي وتغادر نحو رمزية جورج فوخس وجوردن كريج وتنويعات ألوان أضوائه ثم أدولف آبيا وأضوائه المسلطة على الجواهر لإبرازها وتأتي فنتازيا ماكس رينهاردت وواقعيته الخيالية لكن إلكساندر تايروف سيعود بالفرجة نحو ثراء الروح وآبيا وليقدم لنا لويس جوفيه موليير إنسانيا لا أخلاقيا عبر توجيه الممثل للأداء الحسي لشخصيته وتسمو إرادة جورج بيتوييف شعريا بخلاف جاستون باتي الذي استثمر التقنيات بنبضها الشاعري على أننا نغادر الممثل إلى تقديم الحشود والمجاميع بلقائنا مع أروين بسكاتور فنصغي لهدير المجتمع المعاصر وصراعاته بملحمية ستلتقي لاحقا ببيرتولت بريشت وسنمر طبعا ببيتر بروك وأنطون أرتو وغروتوفسكي بتنوعات غنية في تعدد مساراتها الجمالية..

وفي اليوم العالمي للمسرح لا ننسى عراقياً منجز العبودي وجلال وسامي عبدالحميد وقاسم محمد وصلاح القصب ويوسف العاني وعقيل مهدي يوسف وهم يبدعون قيم مسرحنا باستنطاق بعضهم للتراث ومجالسه ومناظراته أو إحياء آخرين لصور واقعه بعد تغييرٍ أو إصلاحٍ حيث تحطيم الوضعيات الأساس في تراجيديات درامية لمحمولات أزمات مجتمعنا وإصلاح تلك الوضعية في كوميديا واقعنا وسخريتها مما قد يجابه حال العراقي من ظروف..

المسرح اليوم غني عميق الفلسفة ثر الثقافة بقدرات تنويرها الفكري وإزاحتها كلكل ما خيَّم ويخيم على أجوائنا.. وإذا كان النظير يوم تأسس وانطلق قد ارتبط باحتفالات الشعب وطقوس حياته فإنه اليوم يصحح الموقف من رؤية تربطه بالعقائد والتقاليد واشتراطاتها القسرية من قيود ومن حال تجميد ليقدم منطق الحرية في احتفالية تنبض بهدير مسيرات جمهور شعوب العالم تتحدى التقييد والتجميد وتستعيد حقها في حيوية العطاء والإبداع..

فلنحتفل معا وسويا بهذا اليوم لا بسياقات سطحية عابرة بل بتبني منجز عصور المسرح والمسرحية بوصفه منجز البشرية وموئل إنتاجها ثقافة التنوير لعصر يسطع كما سطوع عصر التنوير والتقدم البشري قبل قرون..

وشعبنا أسوة بشعوب العالم يستجق ذاك الاحتفال الأبهى والأسمى.. وكل عام ومسرحنا بأروع منجزاته خير مساهم مع منجز البشرية ومسارحها باتساع وجودها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان العربي يحارب بالريشة والألوان


.. في حدث نادر.. خامنئي يؤم صلاة الجمعة ويخطب باللغة العربية




.. الطيب العوفي يقدم موسيقى -الديوان- في حفل باريسي


.. أغنية -حكاية متتنسيش- للفنان دياب




.. رد فعل أحمد زكي لما اتعرض عليه فيلم المصير ليوسف شاهين ??