الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس في الثقافة مقتطفات 107

آرام كربيت

2024 / 3 / 27
الادب والفن


الكائن المفكر هو كائن قلق، هو نتاج حركة المجتمع والعالم
الإنسان كائن احتمالي في كل المقاييس، هناك من يعيش حياته كلها على احتمال واحد، دون وضع احتمال أخر.
هناك آخرين يضعون عشرات الاحتمالات لكل خطوة يقدمون عليها في حياتهم.
الذي يفكر في احتمال واحد اعتبره إنسان دوغما، نظرته أحادية للتاريخ، للوجود، والحياة، من السهل سقوطه، بالاحرى أن التاريخ يستمر دونه.
المبدع هو الذي يضع الاحتمالات الكثيرة سواء للسقوط والنجاح، لكنه لا يستسلم، كلما وقع، عاود الوقوف على قدمية والبدء من نقطة الصفر، يصاحب هذا الكثير من التراكمات المعرفية.
هناك فارق كبير بين المتنوع والمحدود، بين العقل المنفتح والجاهل المغلق العقل.

الحب في كل لقاء هو اكتشاف المخبأ
في كل لقاء بين محبين، هناك نهم للاكتشاف، ومحاولة لا شعورية للدخول في عمق الأبدية والوجود.
عبر هذا الجسد، جسد الحبيب، ندخل إلى حدود اللامحدود، إلى ذلك المكان المترامي الأطراف.
إن حب الاكتشاف هو الغاية الحقيقية، محاولة الوصول إلى الشهوة الأولى، إلى الحقيقة، ومحاولة السباحة في الكون.
وجسد المحبوب مدخل إلى ذلك الضوء البعيد عن متناول اليد. بحث حثيث عن اللاشعور الذي يربط الإنسان بالوجود والكون.
ففي كل لقاء بين المحب والمحب، هناك جسد أخر، معرفة جديدة، تداخل وانفصال، اندغام وانحسار تقارب وتباعد ورغبة عميقة في الوصول إلى الحقيقة.
ففي هذا الجسد، الأبدية، نرى ذلك العالم الـ “لا مرئي” ولا نراه، قالت:
ـ جردني من ثيابي. نزع عني الحياء والخجل.
هذا الحياء هو الحاجز، الغلاف الحضاري، القناع الذي شوه الإنسان من داخله وخارجه، وجرده من إنسانيته، وحوله إلى كائن مستلب، يبحث عن الحرية في الـ “لا حرية”.

الله
كم كان جميلًا لو أن البشر لم يخترعوا الله، لربما بنوا لأنفسهم عالم مختلف، عالم مستقل عن وصاياه وتوجهاته.
لكن المنتج الحصري له لم يكن الراعي، أنما الفلاح، الرجعي، الذي يكره حركة الحياة وتغيراتها، الخائف أن تذهب الأرض منه، عبد هذا الكائن الوهم، الله، لأنه يعتقد أنه سيبارك حقله ويحمي مزرعته ومنتجاته المزروعة.
لقد فوت هذا الله علينا الاستقلال الذاتي، والإتكال على أنفسنا في بناء منظومة إنسانية خالية من الغيبيات والكذبات الكبرى.
ولربما جنبنا أنفسنا العبودية والاستلاب والخنوع والخضوع، ولربما ما دخلنا في معارك طاحنا وحروب مع أنفسنا لإعلاء شأنه، وشأننا، شأن الكذابين واللصوص وقطاع الطرق وأصحاب المال والسلطة.
السومريون لم يكن يعرفون الله، وحاولوا تفسير الكون، ووضعوا معايير أخلاقية لهم.
والأغريق أيضًا فسرونا الكون، بل ذهبوا إلى أبعد من هذا، قالوا أن الشمس والقمر والأرض اجرام سماوية، والعلماء القدماء وضعوا تصوراتهم عن الذرة والكون والكواكب وحسبوا محيط الدائرة وقاسوا محيط الكرة الأرضية وبعد القمر عن الأرض.
الأديان لم تعط لنا أي شيء مفيد سوى تصورات عامة لا تقدم ولا تأخر.
ولد الله سياسيًا، واستمر.
الله القومي، الله الموحد لجماعة بشرية معينة، ثم تحويله إلى عالمي.
إذا أزلنا الله من الثقافة العالمية ستنهار كل الثقافات، لهذا نقول عنه صناعة.
ولد الله سياسيًا، وتطور سياسيًا، فهو حمولة سياسية كثيفة جدًا، هو مقسم الأرزاق والمناسب والطبقات والدرجات، أنه فاعل في حياتنا اليومية خاصة في بلادنا.
لنتذكر أن الثقافة العالمية منتج حصري تابع لله والسياسة، وكل الأخلاقيات والمبادئ والقيم هي تابعة حصرًا له تاريخيًا.
لم يتحول الله إلى رمز أعلى إلا بعد ان ثبت قدميه في السلطة.
السلطة عامل وفاعل منظم ويحتاج إلى جهاز علوي منظم يرفده بكل الطاقات.
المقدسات ليست بريئة.

عالمنا كتل نار وعنف
سواء ندري أو لا ندري، نتلقى يوميًا كم هائل من العنف الممنهج، الذي نراه في وسائل الإعلام.
بالإضافة إلى الخوف من الأمراض الموظفة نفسيًا لتدمير الجهاز العصبي والنفسي للإنسان العادي أو عبر نشر الاوبئة أو الحروب بالإكراه أو عبر الحروب النفسية المتطورة الذي يبثها الإعلام في عمل ممنهج لتدمير النفس البشرية.
أو استخدام كل التكتيكات التي تجعل الإنسان ضعيفًا مهزوزًا معدوم الثقة بالنفس، لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ليصبح لقمة سائغة في يد صناع القرار

ساهمت الأسرة والشارع والدين أن يصبح خطاب الرجل خشنًا، قاسيًا فوقيًا، لغته ذكورية بحتة، لا مرونة فيها ولا حكمة ولا تواضع.
رأيت هذا واضحًا في السجن، ويمكن رؤيته في البيئات المكبوتة المقموعة، تكون فيه المرأة مجرد رقم وأداة لإنجاب الأطفال وتفريغ الطاقة الجنسية.
يصبح الرجل شفافًا رقيقًا ناعمًا عندما يريد الوصول إلى جسد المرأة، وعندما يشبع منها تنكشف شخصيته الحقيقية.
الشعوب المحترمة الحية تقرب المسافة بينهما عندما تساوي الرجل بالمرأة، ليس بالقانون وحده، أنما عبر التربية، وتعزيز ثقة المرأة بنفسها.
هذه الأيام خطابات المرأة أصبحت قريبة الشبه بالرجل، غابت عنها الشفافية والرقة والفرح والتواضع والحب.
إنها تبحث عن الجنس لإرواء الجسد للوصول إلى اللذة السريعة الخالية من الحب أو لنسميه دون حب.

في الأزمة تكتشف نفسك وعالمك
في الأزمات أو الأماكن الضيقة كالسجن أو الحرب أو الغربة يكتشف إنساننا الكم الهائل من الخراب الذي في داخله.
صوت الأم، هو الأكثر قوة من أي صوت آخر.
لهذا نحتاج إلى أم متعالية، إنسانة في المقام الأول، مثقفة، مطلعة على ثقافة بلدها والتكوين النفسي لإنسانه، وعلى كل الثقافات العالمية وخاصة في مجال علم النفس والأدب والفن والموسيقى قبل أن تنتج طفلًا وتطلقه إلى الحياة.
الأم المشوشة، المشتتة الذهن، الغير منضبطة والغير واعية لا تصلح أن تكون أمًا.
تصلح أن تكون أي شيء آخر على أن تكون أمًا.


الحرب
عن الحرب بين أوكرانيا وروسيا تحت الوصاية أو المظلة الأمريكية التي بدأت قبل سنتين وشهر.
بايدن مثله مثل كل القطاعات الأمريكية الفاعلة في الشأن العام السياسي، والاقتصادي، والثقافي على المستوى العالمي، إنسان قميء، تافه، بلطجي.
ليس في فمه غير كلمة العقوبات والتهديد والوعيد والشتائم.
يتكلم في أوروبا كأنه الممثل الوحيد لهذا العالم، نسي هذه الأبله الخرفان أن دولته لم تعد كما كانت قبل خمسة وسبعين سنة.
لم يتكلم عن الحل السلمي، المفاوضات، تقريب وجهات النظر، إيقاف الحرب، لم يتضامن مع اللاجئين والنازحين، لم يقل كلمة واحدة عن ظروفهم، مآسيهم.
ولم يقدم أي شيء للأوروبيين أو للأوكرانيين غير الخطابات التافهة، الأسلحة، الحرب، الاستعراضية بأسلوب عنجهي، متغطرس، لا يسمن ولا يغني عن جوع.
ليس لدي أي تصور عن عالم ما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، عن الانقسام الذي زرعه في العالم السياسي والاقتصادي العام.
لم يقل كيف سيتدبر الأوروبيين الغاز أو النفط، لتسيير حركة صناعاتهم وحياتهم، كيف سيتم تأمين القمح والدقيق لمواطنيهم، بعد أن تم قطع العلاقات في أغلب مجالات الحياة مع روسيا.
تبين لنا بالملموس أن العولمة سياسية قبل أن تكون اقتصادية، لأن ما فعلته امريكا من عقوبات اقتصادية ستجعل جميع الدول تلمس على رأسها، وستقول لنفسها:
كل المؤسسات المالية والبنكية والشركات الفوق وطنية هي أمريكية وسنخضع للقرار السياسي الأمريكي، إذًا اختلفنا معها.
قالوا سابقًا، أن التحويلات المالية لا تخضع للسياسة، بيد أنها خضعت اليوم، وسيفكر العالم السياسي في طرق أخرى للتحويلات المالية بعيدًا عن الولايات المتحدة، ودولارها، وشركاتها ال 400 التي انسحبت من السوق الروسية بناء على طلب الدولة الأمريكية.
نقول أن هذه العقوبات لن تطول، وهذا التجمع العشائري الذي ساد خلال الأيام الثلاثة الماضية عقب زيارة بايدن، سيفكك تحت ضربات الحاجة، وسيلجأ الأوروبيين إلى روسيا لتوريدهم حاجاتهم.
بالمناسبة طلع الفنان علي فرزات أقل سوء من الرئيس بايدن، لم يشتم كما شتم هذا الأخير، بيد أنهما من مدرسة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال