الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر65

عبدالرحيم قروي

2024 / 3 / 27
الارشيف الماركسي


اصول الفلسفةالماركسية
الجزءالثاني
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
تعريب شعبان بركات
الحلقةالخامسة والستون
المادية التاريخية
تابع

3 – البرجوازية والأمة
تتخذ المسألة القومية عدة أوجه حسب الطبقات التي تثيرها والوقت الذي تثيرها فيه. فيجب، كي تفهم هذه الأوجه المتعددة، أن تدرس الأمة كحقيقة تاريخية.
ا – تكوين الأمم البرجوازية
لم تهبط عناصر الأمة – وهي اللغة، الأرض، ووحدة الثقافة – من السماء، بل تكونت شيئاً فشيئاً منذ العصر السابق على الرأسمالية. وقد وجدت هذه العناصر بصورة بدائية، وكانت تكون في أفضل الأحوال، عوامل فعالة كاملة لتكوين الأمة المستقلة، مع توفر بعض الظروف الملائمة. لم تتحول هذه القوة الكامنة إلى حقيقة إلا في عصر الرأسمالية الصاعدة، بأسواقها القومية، ومراكزها الاقتصادية والثقافية .
قامت السوق إذن بدور فعال في نشوء الأمة، وهكذا نجد عند أصل الأمة نمو طريقة الإنتاج الرأسمالية، ووفرة المنتجات المعدة للتبادل، وازديادها، فكان لا بد من توفير الظروف الملائمة للتبادل المستمر، أي كان لابد من إيجاد السوق. كان يهم البرجوازية التاجرة تكوين الوحدة القومية. وهكذا ندرك الرابطة الموضوعية بين الطبقة والأمة. كتب لينين يقول:
لم يكن إيجاد هذه الروابط القومية سوى إيجاد الروابط البرجوازية .
نسمي أمماً برجوازية الأمم التي ولدت في عصر الرأسمالي الصاعدة، ونميزها عن الأمم الاشتراكية التي سوف نتحدث عنها في الدرس الرابع والعشرين.
ترفض المادية التاريخية القول بنظرية علماء الاجتماع البرجوازيين الذين يصورون الروابط القومية على أنها استمرار لعلاقات القبيلة وتعميم لها. إذ ليست القبيلة سوى مجموعة عائلات، وهي تتعلق بمستوى منخفض جداً لقوى الإنتاج. غير أنه وجب ازدياد هائل للإنتاج، لخلق سوق قومي، وقد تطلب ذلك نمواً متزايداً منظماُ للتبادل المناطق المنعزلة بعضها عن الآخر، والتي كانت تستهلك إنتاجها الضعيف لوحدها. ولا يمكن أن يكون هذا السوق إلا من عمل طبقة تعيش من التبادل، وهي البرجوازية التاجرة، تلك الطبقة الجديدة التي ظهرت داخل النظام الإقطاعي القديم.
ولقد دلل كل من كارل ماركس وفردريك انجلز، في القسم الأول من بيان الحزب الشيوعي , كيف أن نمو الإنتاج التجاري (الإنتاج المخصص للسوق) وعلاقات الإنتاج الجديدة داخل المجتمع الإقطاعي القديم، هما أصل الأمم. تجمعت في أمة واحدة مقاطعات مستقلة، متحالفة فيما بينها، لها مصالح وقوانين وحكومات، وتعريفات جمركية مختلفة، فأصبحت لها مصلحة قومية طبقية واحدة كما أصبحت لها جمارك واحدة .
ب – البرجوازية على رأس الأمة
أن تكون الأساس الاقتصادي للأمم البرجوازية هو، في الأساس، عملية تلقائية، غير أن تكون هذه الأمم نفسها ليس تلقائياً. ذلك لأن الطبقة الصاعدة، وهي البرجوازية، هي التي قادت، عن معرفة وعلم، تكون الوحدة القومية، ولم تكن جماهير الفلاحين الواسعة، التي لم تتضامن مع طريقة الإنتاج الجديدةـ تستطيع أن تقوم بدور الرائدة، غير أنها، لما كانت مرتبطة بالأرض، عصب الأمة، فقد ساندت البرجوازية لماذا؟ لأن تكون الوحدة القومية لمصلحة البرجوازية كان يضعف الطبقة الإقطاعية التي كانت تستغل الفلاحين.
قامت البرجوازية، التي تنظمت طليعتها في أحزاب سياسية، بنضال طبقي ضد الإقطاعيين، الذين كانوا يدعون للتجزئة، وكان هذا النضال يهدف إلى قلب الحواجز الجمركية الداخلية في البلاد وإقامة التبادل الحر بين مختلف مناطق البلاد، وتوحيد أرض الوطن وتوسيعها. ولقد وضعت أحزاب البرجوازية كما وضع فلاسفتها، من أجل ذلك، نظرية فكرية تطالب "بوحدة الأمة فوق الملك" مستبدين "بحب الوطن". ولهذا قامت الثورة البرجوازية في فرنسا، ضد علاقات الإنتاج الإقطاعية، وعلا الهتاف "تحيا الأمة". ولما كان النظام الإقطاعي قد أصبح لا يطاق بالنسبة لغالبية الشعب العظمى – من فلاحين، وصغار البرجوازيين والصناع اليدويين، والمثقفين، الخ... – فقد عزلت الإقطاعية وهزمتها، بعد أن عبأت جميع قواها، وأشرفت على توجيهها، فاستطاعت، بعد ذلك، أن توسع بدون عائق، صور الملكية البرجوازية (فتشمل الأرض مثلا) كما بعثت في الاقتصاد البرجوازي انتفاضة كبرى (الإنتاج والتجارة).
كانت البرجوازية الفرنسية تجسد، في هذا العصر، ضد الإقطاعيين الرجعيين، مصالح أغلبية الأمة. ولهذا كانت البرجوازية مخلصة للوطن أمام خيانة الإقطاعيين الذي أعلنوا الحرب على الأمة، آملين باسترجاع سيطرتهم المفقودة (مثال ذلك مهاجرو كوبلانس، والمؤامرة التي حاكها ضد الشعب الفرنسي لويس السادس عشر وماري أنطوانيت بالتحالف مع كبار إقطاعييي أوروبا). ولهذا ندرك أن نشيد الماركسيين (ولد سنة 1793) بمجموعه هو نشيد الثورة (ضد الإقطاعيين في الداخل) كما هو نشيد الاستقلال القومي (ضد استعباد الإقطاعيين البروسيين والنمساويين). كما ندرك أيضاً إعلان البرجوازية الثورية لحق الأمم في أن، تستقل بأمورها. وكان هذا دعوة إلى جميع البرجوازيين، في مختلف البلدان، في تحطيم نير الإقطاع في كل مكان.
غير أنه يجب أن لا ننسى – وهذا هو الشيء الأساسي – أن نضال البرجوازية القومي كان له دائماً أسباب طبقية. بيد أن، الطبقة البرجوازية هي بالضرورة طبقة مستغلة. ينتج عن ذلك أنه إذا كانت البرجوازية الثورية قد استطاعت أن تجسد مجموع مصالح الأمة فإن وطنية البرجوازية لا يمكن أن تكون إلا جانباً موقتاً من نضالها. إذ أن الجانب الرئيسي الدائم لنضال البرجوازية القومي هي النزعة القومية.
وقد أخذت تزداد أهمية هذا الجانب كلما عظمت، في وجه البرجوازية المستغلة، الطبقة المستغلة , ألا وهي البروليتاريا. النزعة القومية البرجوازية تتفق ومصالح الطبقة البرجوازية، إذ أن هذه النزعة لا تهتم بالفروق الطبقية داخل الأمة، وهي تدعو "للاتحاد المقدس" أي ربط مصالح جميع الطبقات بمصالح الطبقة المسيطرة وهي البرجوازية.تهدف إذن إلى فصل البروليتاريا عن نضالها الثوري ضد البرجوازية، ولهذا لا تستطيع البروليتاريا أن تتحرر من الاضطهاد الطبقي إذا لم تحارب النزعة القومية، وإذا تركت الأفكار القومية تنخر صفوفها. لأن البرجوازية، كي تخلد سيطرتها، تفرض على جميع الأمة أفكارها. وعندما يجب القول: "المصلحة البرجوازية" تقول: "المصلحة القومية". ولكن التحليل المادي يكشف عن الحقيقة وراء المظهر.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد