الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسألة الترابيةأي رأي للمجتمع في مستقبل القضية؟

أحمد الخمسي

2006 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



اليوم وغدا، نشاهد حلقة أخرى من برنامج زيارة خاصة من الفضائية القطرية »الجزيرة«، رفقة رئيس المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء

فلا يمكن استصغار الفرصة الإعلامية من هذا الحجم
إذ اكتسب سامي كليب سمعة في اختيار الضيوف وإعداد الملف قبل تنفيذ البرنامج

مع ما للتوقيت الجيد السبت والأحد من دور في توسيع دائرة المشاهدين
الأمر إذن يتعلق بقضية تشكل أحد العناصر الجوهرية في وجود الكيان السياسي لكل بلد : المسألة الترابية
لقد ظل الجزء الواسع من الطبقة السياسية المغربية غير مكترث بالأهمية القصوى للمسألة الترابية
والحال أن كل نظام سياسي عالم ثالثي يريد أن ينتقل من البنية المتخلفة المعتمدة على العنف وأجهزة استعمال العنف إلى البنية السياسية المؤسساتية المدنية المتحضرة الساعية إلى سلوك الحوار والسلم في حل التناقضات الاقتصادية والسياسية، لا بد أن يضع استراتيجيا لحل المعضلة الترابية، والتي ليست سوى مفصل معقد، يلخص علاقة التاريخ بالجغرافيا في نقطة الموقف السياسي لدى السكان في عين المكان
كما يلخص حالة السياسة الداخلية في علاقتها بالسياسة الخارجية جملة وتفاصيل متداخلة، وكيفية معالجة الدولة المعنية بالسيادة للملف
فإذا كانت الدبلوماسية والقوات العمومية من ثوابت الاختصاصات السيادية للدولة
حيث تلتصق دائما بمواقع القرار المركزي في كل دولة، سواء كانت دولة واحدة مركزية فرنسا نموذجا أو كانت دولة الجهات إسبانيا
أو دولة فيدرالية الولايات المتحدة والبرازيل الهند بلجيكا ألمانيا
، فمن الثوابت في أصول السياسة، أي شرعية الدولة في القرن الواحد والعشرين، أن تستند الدولة إلى شرعية المجتمع
وقد تابع الفيلسوف الأميركي فرنسيس فوكوياما، منحى تطور الديمقراطية الليبرالية السائدة اليوم
فاعتبر انتقالها من ثلاث دول سنة 1790، الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا، إلى 60 بلدا سنة 1989، لحظة كتابة »نهاية التاريخ والإنسان الأخير«

بينما أصبح اليوم حوالي 90 بلدا يستعمل الاقتراع العام الشفاف بلا عقدة بين المنتصر و»المنهزم في الانتخابات، قصد فرز القوة السياسية المؤهلة لتمثيل المجتمع في حل القضايا الكبرى السيادية والقضايا السياسية التراكمية
أي البحث عن السبل الهادئة لتقوية خبرة السكان وفتح الفرص أمامهم وتوسيع قائمة الاختيارات المهنية بما ينمي لدى الفرد مؤشر الشعور بالحرية في الحال والأمل في المستقبل
ونعلم أن النظام الديمقراطي الليبرالي الذي يقوي ثقة السكان في الدولة التي تحكمهم، يمنح فرصة الحل الملائم للمسألة الترابية بلا مضاعفات ذاتية، تحرم الدولة من إمكانية اختيار حلول أفضل، قد تغير الانتماء السيادي لجزء من التراب، مع تحسين الوضع الاعتباري للدولة أو عكس ذلك، قد توفر للدولة ما تدعي امتلاكها من الحيز الترابي دون أن يمتلك المتنفذون ولا السكان الحصة الموازية للمساحة الترابية من الاعتبار السياسي الدولي بالنظر إلى العوامل الأخرى
فقيمة مملكة الدنمارك، ليست في إرغام جزيرة غرينلاند الكبيرة أكبر جزيرة في العالمعلى التبعية السيادية للدنمارك الصغير
بل عظمة الدنمارك في المرونة الديمقراطية التي ساعدتها على تقبل بضعة عشرات الآلاف من سكان جزيرة غرينلاند البقاء تحت سيادة التاج الدنماركي رغم تصويتهم ضد العضوية في الاتحاد الأوربي نظرا لوجودهم الممتد للنصف الشمالي من القارة الأميركية
وبالتالي، لم يفقد الدنمارك سيادته على الجزيرة »للقشابة الواسعة« التي اكتسبها من خلال نظامه الديمقراطي
الحالة نفسها مع أستراليا وكندا، وهما الدولتان اللتان تكتسبان قيمة في الترتيب الدولي على الصعيد الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي والعسكري في الغرب، لم يختر مواطنوهما الاستقلال عن التاج البريطاني مرات عديدة في الاستفتاء العام

بل أكثر من ذلك، وبفضل الجاذبية الديمقراطية التي اكتسبتها أنجلترا، فقد غطت على وجهها الاستعماري، إلى درجة تمكنت المملكة المتحدة من معالجة أوضاع استعمارية بالديمقراطية، فربحت ملفاتها
مثل الحالة التي يميل فيها سكان جبل طارق المحتل إلى البقاء ضمن صفة المواطنين الإنجليز
إن التنمية البشرية الحقيقية كاختيار تاريخي طويل الأمد في الغرب، والتي أفرزت الديمقراطية السياسية والتراكم الاقتصادي والحرية الفردية والتوازن الاجتماعي بين مختلف الفئات
والمناطق هي التي أكسبت إنجلترا شكسبير وبرنارد شو وشارلي شابلن والبيتلز والراحلة ديانا وأنطوني غيدنز وآدم سميث وريكاردو وفريديريك أنغلز وفيكتوريا الثانية

تلقيح وعي وتصور الطبقة السياسية بأفكار وتجارب الشعوب الناجحة في البناء الديمقراطي والاستقرار السياسي، هو مبتدأ تجديد مسيرة الحل السياسي في الأقاليم الصحراوية
فالمشكل موروث من الحرب الباردة
وقد أصرت الشقيقة الجزائر على بناء سياستها الخارجية وفق ميزان قوى مغاربي
فاعتبرت نقطة الارتكاز في الإبقاء الايديولوجي على صورتها المتبقاة من حرب الاستقلال هي إضفاء نموذج ثورة على الصعيد العالمي لتسويق مفاوضاتها بين الأطراف المتناقضة المصالح أميركا روسياالصينأوروبا في تجارة البترول والسلاح والتحالفات، وفق قواميس متناقضة دون حرج الأبناء بناء على تضحيات الآباء، في استعمال مرن ومتكامل لصيغ المرونة مع الكبار وافتعال المبدئية مع الجيران بما ينفع القادة المتبقين من فرن الحرب البارد دون اعتبار تعقيدات العلائق بين الشعوب في المنطقة في الزمن المقبل
وعلى العكس من ذلك، فإن الأفكار التي يمكن أن نتدبر الحل النهائي للمسألة الترابية بواسطتها، يجب أن تتحرر من رصيد الحرب الباردة
ولو أننا نعلم، أن كلا من المغرب والجزائر في أعلى مواقع الطبقة السياسية من بنى أمجاده الفردية ضمن معطيات الحرب الباردة
فقد يفكر بمستجدات العولمة
وقد يحاول تجاوز ذهنية الحرب الباردة، لكنه يبقى منجذبا لنفسية الحرب الباردة
النفسية التي أصبحت جزءا من الكيان الفردي ضمن السياق والمرجعية والهوية، مما يترك مقومات الشرعية رهينة بهذا النوع من الأصولية الفردانية والنزعة السلفية الوضعية المكتسبة إن صح التعبير
من هذه الزاوية يعتقد الناس أن الإصرار على وضع مسافة من المركزية ضمن الرصيد السياسي الفرنسي مجرد فوبيا تجاه فرنسا
بينما الأمر أكثر من ذلك، فتقليب الحل الديمقراطي بين المركز والمناطق والجهات، زاوية أخرى ديمقراطية للتثوير ضمن الاستمرارية
واللغة الفرنسية التي تبوأت جزءا من هوية النخب الفاعلة في مراكز القرار، تكفي لفرنسا
كما ينظر إلى ضرورة إعادة النظر من طرف المغاربة في العلاقة مع الجزائر، من حيث تجربة الثنائي الفرنسي الألماني نواة في الاتحاد الأوروبي بمثابة فكرة مستوردة
لكن الواقع عودنا أن الغرب قادر على خلق قواعد عامة للتجارب العالمية
من حيث تكامل الأدوار بين البلدين، مع إمكانية تلبية الأنا الجماعية لبلد معين
فالقوة السياسية والعسكرية لفرنسا مقابل القوة الاقتصادية والتكنولوجية لألمانيا، جعلت منهما قادرين على إنتاج فكر متحرر من عقدة الغالب والمغلوب
رغم كون فرنسا عجزت دائما عن الانتصار بمفردها على ألمانيا، كما عجزت ألمانيا دائما عن نسج تحالفات دولية لتطويل مدة الانتصار بمفردها على فرنسا
أما إذا امتلكت النخبة في البلدين بعد النظر التاريخي واستثمرت لفائدة الأجيال المقبلة، عبر بناء أسس وحدوية عبر شراكات ثم تعاون ثم اتحاد عقلاني يفي بالمصالح مندمجة في المبادئ الوحدوية
فالحديث عن الصحراء ومستقبل المسألة الترابية في المغرب الكبير، يستحق أن تنفتح على آفاق أرحب بسعة أحلام الشباب
إن الأفكار العملية التي يتخيلها المغاربة أرضية مقنعة مفيدة ضمن مؤسسة المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء، من شأنها التزود بأفكار استراتيجية حول بناء المنطقة ككل
مع المبادرة بالتقدير الايجابي للأوضاع لدى الآخرين بما لا يصادر احتمالات التطور الديمقراطي الممكنة
وضمن الأفق الاستراتيجي استحضار التجارب المتنوعة في الكرة الأرضية لمعالجة المسألة الترابية
طيلة القرن العشرين، ثم نأتي لما استجد من مفاعيل التأثير على الوحدات الترابية الموروثة عن الاستعمار، قصد توفير طرح منفتح على الطموح المغربي في تقديم النموذج الأمثل للاندماج في تيار المستقبل العالمي
يضمن الاستمرارية من حيث صيغة التوافق والإجماع
ويفتح بابا لولبيا مثلث الانفراجات بالتناوب على كل من المسألة الترابية والمسألة الديمقراطية والمسألة التنموية
ليتمكن كل ذي مصلحة من مصلحته
إن التجربة المغربية في خوض الجرأة الإعلامية كفيلة بذر الأفكار في مجال كان محنطا داخليا تفوح رائحة »الغمال« من أوراق ملفه، بسبب انغلاق الأروقة السياسية واكتنافه بالظل وحرمانه من أشعة الشمس
أما وقد انخرط قطاع الإعلام في النقاش بحرية حول مختلف الملفات
فمن المفيد الانشغال بالمسألة الترابية، ليس بتوليد اللغة إنشاء
بل بوضع التجارب العالمية على الطاولة لتبيان مستجدات وخصوصيات الوضع عندنا في هذا الملف الذي يمثل مؤشرا على التقدم الفعلي الذي يتابع العالم مختلف أوراقه في مختلف القطاعات والرهانات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً