الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حروف مفقودة وأمنية

أكرم شلغين

2024 / 3 / 27
الادب والفن


حملت سماعة الهاتف القديم المعلق على جدار الممر الرئيس المؤدي إلى الغرف الكثيرة في ذلك البيت الذي أنزل بضيافته واتصلت برقمها من جديد وقلت بثقة بالنفس: "أتمنى أن تصغي لي جيدا: إن كان النزاعات بين دول يمكن أن تحل فلماذا نحن لا نستطيع أن نحل نزاعا لا أساس له ونحن من تزوجنا بقناعة و بعد علاقة استمرت سنوات قبل الزواج....؟" تبدلت نبرتي وارتجف صوتي و استرسلت في الطلب والالحاح موضحا عدم جدوى المكابرة والمضي في طريق الخلاف ما دام هناك لا أساس للخلاف...! وكررت الكلام... وفي داخلي كنت أتساءل عما إذا كانت هذه الحروف الضعيفة قادرة على إحداث أي تأثير أو تغيير على عقل من اتخذت قرارا...كنت أكرر في الطلب وأتساءل إن كانت كلماتي تسقط على قلب شريكة أم على جدار حال من الحياة مثل ذلك الذي التقطت سماعة الهاتف عنه..! كانت تصغي وكأنها تريد أن تستمع أكثر لهذا الكلام لغاية في نفسها... كانت الصدمة واضحة في صوتي، فأنا لم أستطع تقديم الكلمات بثقة، بل بلغة الجرح والتشويه التي تعلّمتها من خلال اتصالاتي التي سبقت وعلى عدة أيام...وأنا على هذا الحال خرجت الصبية التي تنزل في نفس بيت الأصدقاء من الغرفة التي خصصت لها ونظرت لي قائلة أترغب بمشوار نتمشى به في شوارع المدينة أو في إحدى الحدائق القريبة؟ قلت نعم مع أنني لم أكن في أحسن احوالي النفسية...وهكذا خرجنا بعد دقائق معا أردت أن أتحدث إن كانت عطلتها موفقة في هذه المدينة وهي التي أتت من قارة أخرى...أجابت باقتضاب حول أسئلتي العامة وانتقلت سريعا لتحكي عن أنها كوّنت فكرة عمن أخاطبها على الجانب الآخر من الهاتف وأردفت متسائلة: "أتظن أن كل الأزواج أو الأحبة أو الأصدقاء حتى يحرصون هكذا على الاستمرار مع من تتعامل بهذه الطريقة...؟ ثم قبل أن تسمع محاولتي الإجابة أو تبريري نطقت بما كان محتبسا في صدرها وبينت أنها هنا في هذه المدينة بعد أن تركت صديقها الذي خانها وشاهدته بوضع يصعب الكلام عن تفاصيله في الخيانة...في تلك اللحظة يبدو أن قلوبا تفتحت لبعضها وصرنا نشعر بالقرب من بعضنا البعض...كنا نمشي ونحكي مررنا بأماكن كثيرة وتوقفنا ننظر للأبنية الجميلة وللأشجار والأزهار كانت تنظر لكل شيء وكأنها تريد أن تقول أريد أن أكون هنا وأبدأ من جديد...وبدوري كنت أريد أن أخرج من جو الإحباط الذي لم أعرف سببا له...كنت أمشي وأحكي وأستمع وأنظر وأرى الأشياء كلها جميلة وكأنني طفل أرى كل ما تقع عيني عليه للمرة الأولى فيبهرني...فجأة لمعت عيناها وقالت: "لندخل تلك الحديقة المدارية" فعلنا وتجلنا وعبثنا وفي داخلي كنت أتمنى لو أن الزمن يقف هنا وعند هذه اللحظات...توقفنا بجانب بركة صغيرة لمعت فيها أعداد لا تحصى من القطع النقدية صغيرة القيمة تفرش القاع...سألتها (وأنا ابن منطقة لا تعرف ذلك) عن المقصود، فأجابت: تناول قطعة نقدية صغيرة من محفظتك وفي سرك تمنى أن يتحقق ما تريد.. تمنى ذلك في سرك وأنت ترميها في الماء.. ولا تتفشي أمنيتك! ثم قالت: لنفعل ذلك في وقت واحد....! رمينا القطع النقدية الصغيرة و تمنينا في وقت واحد كل في السر!
بعد فترة كنا نمشي وسط شوارع ذات المدينة حينما سألتني:
ــ ماذا تمنيت ذلك اليوم؟ قلها دون تردد! فقلت:
ــ "تمنيت لو أننا نبقى معا هكذا و للأبد..."
ابتسمت معلقة:
ــ "هذه كانت أمنيتي أيضا".
..................................................

أود أن أنوه بأن هذه القصة هي مجرد تخيل ولا تعبر عن أي تجربة حقيقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا